الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كيف يجرؤون

19 أغسطس 2015 23:18
هناك أمور كثيرة لا يسهل فهمها، لكنك مرات تتغاضى عنها بسبب قد يكون منطقياً أو قد يكون عشوائياً، لكنّ أموراً أخرى هناك لا يمكن تجاهلها إن شئنا ذلك أو أبينا، وليس المقصود هنا أمور تتعلق بالماورائيات أو بأسرار لا يقوى أحد على كشفها أو عيوب لا يجرؤ أحد على فضحها، بل أمور تدخل في يومياتنا من بوابات الأسئلة الساذجة والبسيطة الخالية من أي حاجة إلى تفسير يفوق التصور أو القدرة على الاستيعاب والاحتواء.. ومن هذه الأسئلة مثلاً: - كيف يجرؤ شاعر على حشر نفسه في خانة الشعراء، وهو لا يفقه في الشعر شيئاً ويظن بحوره مكاناً للسفر والمراكب أكثر منه مكاناً للقوافي المتدلية كدوالي العنب؟ - كيف يجرؤ ملحن على وضع موسيقى لا إحساس فيها، تتشابه مع ألف لحن سمعناه خلال السنوات العشر الماضية وسنسمعها خلال السنوات العشرين المقبلة؟ - كيف يجرؤ مطرب أو مغن أو مؤد على تأدية أغنية مستهلكة ركيكة بائدة لا جديد فيها ولا معنى ولا صورة تستأهل آهاً صاخبة من فم ملآن؟ - كيف تجرؤ فتاة على الدلال في مشهد غنائي مصور لا تملك فيه إلا ما خف حمله من ثياب وما توافر من هز خصور وعناقات وإغراءات؟ - كيف تجرؤ مؤسسة إعلامية على بث أغنيات مصورة لا شيء فيها من تقاليد الشرق ولا شيء فيها من حياء الزمن الجميل، ولا شيء فيها من الرقي، ولا شيء فيها يزيد على الشعر سطراً وعلى الغناء صوتاً وعلى اللحن نغماً، وكل ذلك من أجل حفنة عملات تتفاوت في قيمتها من بلد إلى آخر؟ وأخيراً.. كيف يجرؤ جمهور أن يصفق لكل ذلك، وفي ظنه أن ما يسمعه يُطرب وما يراه يُنعش وما يتراءى أمامه هو من إبداعات العصر؟! ليس غريباً ما نشهده في بعض مجتمعاتنا العربية من انحدار أخلاقي، وما نراه في بعض أوطاننا من انهيار سياسي وإرهاب، فالأدب والثقافة والفن هم مرآة الأمم، والشاهد الباقي على تلك الأمم عبر العصور، ولا ننسى أن ازدهار التمايز العربي اقترن بالمتنبي وأبو تمام وجميل بثية والفرزدق وزرياب والفراهيدي والمئات غيرهم من المبدعين، وحين غاب الإبداع عن أراضينا وقعنا في حفرة الفن القبيح. مريم العبد - أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©