الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سلامة المنذري.. ذاكرة متنقلة تحفظ خرائط ودروب العين

سلامة المنذري.. ذاكرة متنقلة تحفظ خرائط ودروب العين
21 يناير 2013 20:42
اتجهت سلامة المنذري إلى دراسة الجغرافيا في جامعة الإمارات، وخططت بجدية خلال مراحل الدراسة، لتكون بين صفوف المميزين في كتيبة خدمة الوطن، من خلال عملها محللة للخرائط والأرشيف في إدارة البيانات المكانية في قطاع تخطيط المدن والمساحة التابع لبلدية العين، مما أهلها لتكون ذاكرة للمكان تعرف معالمه ودروبه، بجانب مشروعيها، الأول من نوعه عالمياً، أطلس المعالم الجغرافية للمكفوفين، والثاني يتعلق بإدخال أماكن وجود خيم إفطار الصائم التابعة للهلال الأحمر على خريطة العين التفاعلية. غدير عبدالمجيد (العين) - حول تخصصها الجامعي وسبب اختيارها له، تستهل سلامة المنذري حديثها: منذ صغري وأنا أهوى مادة التاريخ، وكنت أفكر بأن أكمل مشواري الجامعي بدراسته، لكنني لم أجد التشجيع من أسرتي لاعتقادهم بأن مجالات العمل به بعد التخرج محدودة، وفي الوقت ذاته نصحني بعض الأقارب بأن أختار تخصص نظم المعلومات الجغرافية، لما له من صلة بالتطور العمراني، الذي تشهده الدولة بصورة مستمرة، خصوصا بعد أن أنهي السنوات الأربع لدراستي الجامعية، فأخدم بلدي وأجد أمامي مجالات واسعة من فرص العمل، فاستخرت الله وقرأت عبر الإنترنت عن هذا التخصص والتحقت به عبر دراسته في جامعة الامارات. ميول جغرافية وتضيف: على الرغم من عدم وجود أية ميول جغرافية، إلا أنني بعد أن درست التخصص أحببته وتعلقت به كثيرا، وبعد التخرج كان حلمي أن أتوظف في بلدية العين، ولعدم وجود شواغر حينها تقدمت لعدة وظائف عبر معارض التوظيف ولم يحالفني الحظ، وبعد مرور عام من انتظار الوظيفة فكرت بأن أتدرب في قسم الخرائط والأرشيف في إدارة البيانات المكانية في بلدية العين بصورة تطوعية، فأكتسب خبرة عملية تساعدني بإيجاد وظيفة، وبعد أن قدمت أوراقي قبلت وشرعت بالتدريب لمدة 5 شهور متواصلة. وتشير المنذري إلى أنها أثناء التدريب تعلمت أشياء كثيرة لم تتعلمها من خلال الدراسة الجامعية على يد موظفات ذوات خبرة وكفاءة، وعرفت من إدارتها أنها أول موظفة متدربة تعطى مهمات كبيرة كالموظف الرسمي مما يدل على ما لديها من قدرات ومهارات تستحق الوثوق بها، وبعد مضي فترة التدريب عينت المنذري عام 2011 في الإدارة ذاتها، ولكن ليس في قسم الخرائط والأرشيف، الذي تدربت فيه بل في قسم نظم المعلومات الجغرافية. وعن طبيعة عملها في هذا القسم الذي عملت فيه لمدة عام تخبرنا سلامة: مهمتي كانت تتعلق باستخدام الحاسب الآلي في تجميع وتحليل ومعالجة وعرض البيانات المرتبطة بمواقع جغرافية، لاستنتاج معلومات ذات أهمية كبيرة تساعد في اتخاذ قرارات مناسبة ، بالإضافة إلى الربط بين البيانات المكانية والوصفية، والقدرة على التعامل مع عدة طبقات من البيانات في وقت واحد، والقدرة التحليلية، والمساهمة في دعم اتخاذ القرار. الموظف الشامل وتلفت سلامة إلى تطور الحاجة إلى نظم المعلومات الجغرافية بسبب التطور الذي نشهده في التخطيط العمراني وحماية البيئة واستخدامات الأراضي وغيرها، وبسبب قدرتها على تنظيم وتحليل المعلومات الجغرافية. وانتقلت سلامة المنذري منذ عام 2012 ولغاية يومنا هذا للعمل في قسم الخرائط والأرشيف لتعمل محللة خرائط وأرشيف وذلك لرغبة الإدارة بتحقيق مفهوم الموظف الشامل، حيث اختلفت مهامها في هذا القسم، وتقول عنها: أقوم بإصدار خرائط متنوعة وتزويد المؤسسات الحكومية والخاصة والاستشاريين بها كل على حسب حاجته، باستخدام برنامج الجيوميديا، فعلى سبيل المثال قد تطلب الشؤون الاسلامية والأوقاف خرائط محدثة لأماكن المساجد وأساميها وإحداثياتها لتستفيد منها في معرفة الأماكن الخالية من المساجد، في حال رغبة أحد الأشخاص أو الجهات ببناء مسجد في مكان ما وغيرها من الوظائف التي تؤديها الخرائط التي نزودهم بها،، وبسبب التطور العمراني الذي تشهده مدينة العين فيلزم ذلك أن نقوم بتحديث دائم لخرائطنا عبر تعديلها بحذف أو إضافة أي معلم جديد يبنى أو يزال عن أراضيها، حيث يقوم قسم المساحة وهو قسم آخر في إدارتنا إدارة البيانات المكانية بمسح جغرافي للمكان الذي تم التحديث فيه، وتزويدنا ببياناته الرقمية لندخلها إلى النظام الإلكتروني ونجري التحديث المناسب للخرائط في ضوئه، ونتواصل مع الجمهور أو المؤسسات التي تطلب تلك البيانات الرقمية في حال رغبتها بإنشاء مبان جديدة ونحو ذلك، فنزودهم بالمطلوب على هيئة خرائط. وتذكر سلامة أنه يوجد لدى قسم الخرائط والأرشيف الكثير من الصور الجوية والأقمار الصناعية، التي تعود لعام 1960 ولغاية عام 2012، وبسبب هذه الكمية الهائلة ترتب الإدارة مشروع أرشفتها، لتسهل عليهم أي موظفي الخرائط والأرشيف عملية الوصول إلى الموقع المطلوب، وستقوم المنذري وفريق عمل قسم الخرائط والأرشيف خلال المرحلة اللاحقة على حد تعبيرها باستخدام أحدث البرامج المتخصصة في معالجة الصور الجوية والأقمار الصناعية. مميزات وحول المميزات التي تنطوي عليها مهنة محللة الخرائط والأرشيف وما يكتنفها من صعوبات تقول: مهنتي بعيدة كل البعد عن الملل والروتين، وذلك لأننا نقوم بتحديث الخرائط بصورة مستمرة فنشعر بالتجدد والتغيير، كما أنها مهنة محفزة على الإبداع والابتكار، حيث إن على كل موظف أو موظفة أن يتفنن في رسم الخرائط مستخدما أسلوبه الخاص ولمساته الفنية في وضع الخطوط والرموز وانتقاء الألوان، على الرغم من أن الأداة واحدة وهي نفس البرنامج الإلكتروني الذي يرسم به الخرائط، مما يبث بيننا روح المنافسة في الأداء والجودة، وبما أنه يوجد بيني وبين الخرائط علاقة تفاهم ومحبة فأشعر بكثير من المتعة وأنا أرسمها وأحس وكأنها تنطق وتحاورني وتبادلني المحبة، أما الصعوبات فلا أعتقد لها وجود خصوصا أنني تدربت على برامج مشابهة لرسم الخرائط في الجامعة وأمتلك مهارات لا بأس بها وتتطور يوما بعد يوم. وتجزم سلامة المنذري بالدور الكبير الذي لعبته التكنولوجيا في تطوير مهنة محلل الخرائط والأرشيف، حيث كان عمله في السابق يدويا، يرسم الخرائط على الورق، أما الآن فأصبحت هناك برامج حديثة على الحاسب الآلي سهلت عمل الموظف وجعلت رسمه للخرائط أكثر جودة ودقة ووفرت عليه الكثير من الجهد والوقت، وأعانته على تطوير مهاراته وإطلاقها نحو عالم الإبداع والابتكار، خصوصا أنه يوجد لدى القسم ميزة جميلة وهي وجود مكتبة إلكترونية للخرائط يندرج تحتها جميع الخرائط التي تم رسمها. مجسات ملموسة دليل آخر على أن البيئة التي تعمل فيها سلامة المنذري تحفز الموظف على الإبداع والابتكار وهو تشجيع إدارتها لها على تنفيذ مشروعين من وحي أفكارها، تحدثنا عنهما: مشروعي الأول مشروع أطلس مدينة العين للمعالم الجغرافية الرئيسية للمكفوفين وهو الأول من نوعه على مستوى العالم، وجاءت فكرته عندما كنت في طريقي إلى العمل شاهدت حافلة لذوي الاحتياجات الخاصة كتبت عليه عبارات تدعو الناس إلى التبرع لهم، فخطر في ذهني أن أقوم بعمل أساعدهم من خلاله ليس له علاقة بالمال بل له علاقة بالعلم الذي تعلمته، وذلك بعمل خرائط للمكفوفين تساعدهم على تكوين صورة أوضح عن الواقع أو المجتمع من حولهم عبر تحسس الأماكن والطرق والتضاريس التي تضمها تلك الخرائط، وتوجهت إلى أحمد الشامسي رئيس القسم واقترحت عليه الفكرة، فاستغرب منها وقام بعمل بحث على محرك البحث جوجل ولم يجد أي خرائط تتجه لهذه الفئة من المكفوفين، فرحب بها، وشرعت بالتجهيز لها. وتسترسل: كونت بداية فريق عمل مكون مني ومن رئيس القسم أحمد الشامسي ومتدربة في القسم اسمها عوشة الظاهري، وزوينة العلوي من مركز المكفوفين في مؤسسة زايد العليا للرعاية الإنسانية وذوي الاحتياجات الخاصة بالعين، والموظف الكفيف محمد اللوقة، وذلك بعد زيارة قمت بها وزميلتي عوشة إلى المؤسسة لمقابلة مجموعة من المكفوفين، وطرح الفكرة عليهم وتلمس مدى حاجتهم إليها، وفعلا وجدنا التشجيع التام منهم، وزرت مكتبتهم فوجدت فيها مصاحف وقصصا بلغة «برايل» لكنني لم أجد أية وسيلة جغرافية بهذه اللغة، بعد ذلك قمنا بعمل مجسم لخريطة ثلاثية الأبعاد تحتوي على مجسمات ملموسة تعبر عن معالم مختلفة بمدينة العين مثل حديقة الحيوانات والمطار ومبان أخرى، ووضعنا من هذه المجسمات المتوزعة في الخريطة مجسمات أخرى أصغر حجما في مفتاح الخريطة، وأجرينا تجربة عملية لكفيف قام بقراءة الخريطة عبر هذه المجسمات ومسمياتها بصورة صحيحة. خيم الإفطار بالنسبة للمشروع الثاني الذي ابتكرته المنذري في إطار عملها يكمن في مساعدة الهلال الأحمر والشؤون الاسلامية والأوقاف وذلك خلال شهر رمضان الفضيل للعام الماضي، حيث قامت بإدخال أماكن وجود خيم إفطار الصائم التابعة للهلال الأحمر ومواقع مندوبي جمع التبرعات الخيرية وهواتفهم، ومواقع مجالس الذكر الخاصة بالنساء وتحديثها على خريطة العين التفاعلية لتسهل على الجمهور الوصول إلى مبتغاهم وتسهم في منع الازدحام على واحدة من تلك الأماكن. ومن الجدير ذكره أن سلامة المنذري تدرس حاليا الماجستير في جامعة العين للعلوم والتكنولوجيا تخصص الإدارة والاقتصاد وذلك لأنها وبحسب ما أفادت ترغب في تطوير مهاراتها التجارية وتكتسب خبرات جديدة تفيد في التطور والازدهار الاقتصادي التي تشهده الدولة، وتطمح أن تكمل الدكتوراه في تخصص الجودة لتتمكن من تحقيق معايير الجودة في كل أمور حياتها. أطلس المكفوفين أشارت سلامة المنذري إلى أن أطلس المكفوفين يضم أكثر من 20 صفحة تضم مجموعة خرائط متنوعة مثل خريطة واحات مدينة العين وخريطة المناطق الجبلية وخريطة المناطق الحضرية للقطاعات وخريطة المناطق الزراعية وحدود قطاعات مدينة العين وغيرها، وقد تم عمل نسختين من هذا الأطلس، وستيتم مستقبلا عمل نسخ أخرى باللغتين العربية والإنجليزية وتزويد الجهات والمؤسسات التي تحتاجه بها لتعم الفائدة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©