الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نعيمة الشيشيني تستلهم التجريد من الفنون الإسلامية

نعيمة الشيشيني تستلهم التجريد من الفنون الإسلامية
23 أغسطس 2011 22:47
مجدي عثمان (القاهرة) - كان لاهتمام الفنانة التشكيلية نعيمة الشيشيني وتأثرها بالنماذج المتنوعة للتراث العربي الإسلامي من خلال بحثها في خزائن الفنون الإسلامية خاصة المخطوطات، أثر كبير في إيجاد نوع من التوافق والترابط بين أسلوبها التجريدي الانفعالي، ومراحل تطور تجربتها الفنية المعاصرة من خلال الاستلهام من عناصر التراث الإسلامي، وقيمه الجمالية التي تبتعد عن نقل العنصر بشكله المميز، حيث تفرق بين الاستلهام الذي يعتمد على الفهم التحليلي للتراث الإسلامي من دون الارتباط بحرفية عناصره، والنقل أو الاستنساخ. وتقول نعيمة إن منهج الرؤية لديها كان يدور في السنوات الأولى من تجربتها الفنية في إطار تصور خاص مرتبط بحركة الكائنات والموجودات في الطبيعة‏ وكيفية استخلاص الشكل الموحي المجرد لهذه الكائنات والموجودات، فكان استيعاباً لحركة الشكل علي السطح المصمت في دائرة لونية تصبغ الأشكال والمنحنيات والخطوط الموحية لخلق عالم خاص‏ لا توجد فيه خطوط مستقيمة‏ وهو التحام حقيقي بالحس الداخلي ‏مع تصور جديد لشكل الطبيعة‏.‏ الفكر الصوفي وتضيف أن تلك الرؤية قد تطورت إلى إطار الفكر الصوفي الإسلامي وفنون الشرق في القرون الوسطى والتي تشبعت بها من خلال دراساتها ومتابعتها لمنابع هذا الفكر في مصر وأسبانيا وتركيا، حيث كانت دراستها للفنون الشرقية في القرون الوسطي والإسلامية خاصة‏‏ بمثابة إطار إيجابي مكنها من أن تحقق من خلاله مدخلاً موضوعياً لتجربتها الفكرية التشكيلية مع المقارنة التراثية في الفن الإسلامي‏.‏ ?وتؤكد نعيمة الشيشيني أن العنصر والحركة واللون في أعمالها الفنية تمثل وسيلة الاتصال بين التصوير المعاصر الذي تقدمه، والفن الإسلامي الذي يشكل ميراثاً حضارياً مهماً في المجتمع المصري خاصة،‏ وأن منابع التصميم لديها تأتي من تلك الحشوات والمساحات ذات الأشكال الهندسية المتنوعة بما تتضمنه من خطوط عربية في المساجد والقباب والعقود‏، والكسوة لمقام أحد أولياء الله بألوانها الزاهية، وزخارفها ومنمنماتها، ورائحة البخور، وأصوات الاذان، والزجاج الملون، والمنابر وزخارفها الخشبية، وتصاوير كتاب كليلة ودمنة، والآيات القرآنية المنقوشة بالخط الكوفي المزهر، والمشربية والموشحات والحضرة الشريفة. منطق الحركة وتقول إنها اتخذت من تحليلها لمنطق الحركة في الفن الإسلامي أساساً تتطلع فيه إلى إكساب عناصرها منطقاً معاصراً للحركة استهدفت من خلاله الحفاظ على تواصل إنساني يتسم بالصوفية‏، كما كانت الاستلهامات التعبيرية والأصول اللونية في تجربتها‏ عاملاً قوياً في تأسيس ملامح الشخصية التي بدت بها أعمالها مميزة عن غيرها‏،‏ وأن تجربتها الفنية تهدف أيضاً إلى تبسيط القوالب المتعارف عليها أو المستقرة لعناصر الفن الإسلامي بغرض تسهيل عملية تذوق التراث لدى المتلقى، والتعاطي مع الصيغ الجديدة المطروحة من الفن التشكيلي المعاصر. وارتبطت نعيمة الشيشيني بالفن الإسلامي منذ أوائل عام 1976، بعد أن حفظت القرآن الكريم، من خلال بحثها عن “الكائن الحي ودوره في التصوير الإسلامي”، والذي مكثت من أجله ما يقرب من العامين في تركيا بدعوة من جامعة إسطنبول، وكان لهذه البعثة أثرها في إنتاجها بعد ذلك، حيث استدعت إيحاءات الخطوط والكلمات والزخارف الإسلامية، ونسجتها في المنظر الطبيعي السكندري الملامح، مما جعل الفنان العراقي نوري الراوي يقول عن لوحاتها “من بساتين ابن الرومي وحدائق المتيمين من الشعراء”. وتقول إن مشكلة البحث كانت أن أغلب المعلقات المرسومة قد اندثرت، بعد أن تم جمع الأحاديث كلها منذ القرن الـتاسع الميلادي، الثاني الهجري، وأن ذلك القرن شهد قمة المد العلمي والثقافي والأدبي في الفن الإسلامي، وظهور العلماء المسلمين المشاهير أمثال الخوارزمي، وانتهت فيه كل إشكاليات التصوير من المنظور بجميع أشكاله الهندسي والهوائي والفكري، وكذلك التشريح والكيماويات المستعملة في صناعة المواد الملونة. أضافت الشيشيني أنها من خلال المنهج العملي تأكدت من أن الفن الإسلامي كان يزيد ولا يلغي، أو أنه يطور ما قبله من فنون المنطقة، وتحدثت في بحثها عن تلك الإضافات في كل مدرسة، تبعاً للمراحل الزمنية وتتابع الأجيال، مشيرة إلى أن موضوعات المخطوطات الإسلامية التي وجدتها في القرن الـ 16 كانت أدبية وعلمية ودينية، وأنهـا إلقـت محاضـرة للمقـارنة ما بـين القـرن الـ 16 في الغرب وأعمال الفنانين أمثال ميكلانجلو ودافنشي اللذين يمثلان قمة فن عصر النهضة وأنهما استلهما من الفن الإسلامي كشكل وليس كاعتقاد، وبين قمة الفن الإسلامي في تركيا آنذاك، وطبقت عليهم نظريات اللون وأسس التصميم والمنظور وغيرها، تلك التي أخذتها من خلال ما تركه الطبري والكندي، وأوضحت مدى استفادة الغربيين من النظريات العربية. وأكدت أن الإسلام لم يأت بفن، وإنما بفكر، وهو ما غلف الأشكال الفنية التي كانت مستتبة في البلدان التي فتحها المسلمون، وحافظوا على سماتها، فاتخذت أسلوباً مختلفاً تبعاً للمعتقد والفكر الإسلامي، الذي أساسه الوحدانية، وعدم التجسيم والمنظور المختلف كالمنظور المتتالي أفقياً المشابه للفرعوني، والتكوين الدائري الذي يوضح الفكر الإسلامي، فهو يؤكد أن الله واحد والكل يشع منه ويعود إليه، والدائرة ليس لها بداية أو نهاية، ومركز الوسط هو المطلق. عفوية الإبداع وقالت إنها بعد مرور عام ونصف العام في تركيا ومشاهداتها للمخطوطات الإسلامية، وزياراتها للأماكن الدينية، واطلاعها على الفن الإسلامي عن قرب، أصبحت تلك هي الرواسب الثقافية لديها، فأخرجتها في أعمالها بعفوية وبلا قصد، وأن الله ألهمها وهداها لهذا الشكل من الإبداع، وأنه لا يوجد ما يسمى الزخرفة الإسلامية، فالزخرف هو نبض الحياة والطبيعة. وأضافت أنها في أولى مراحلها الفنية كانت ترسم الأحاسيس الإنسانية، ثم بعد المنحة في تركيا بدأت “رحلة الشكل مع ثقافة الشرق”، وأن المرحلة الثانية هي “رحلة أخرى للشرق”، ثم انتصار الطبيعة، وأخيراً مرحلة “الوجد” الذي تعتبره قمة التصوف، بعد التشبع الديني، مؤكدة أن الفن الإسلامي يهتم بالجوهر وليس المظهر؛ ولذلك فإن الوجد أعلى مرتبة من مراتب التصوف. الحدس والإحساس واللاوعي أوضحت نعيمة الشيشيني أن الفن الإسلامي قائم على الحدس أو الإحساس الأول، ثم الإدراك، الذي يدخل منطقة العقل فيعطي أوامره لليد فتنتج ذلك الفن، وأن البعض قد يرى في أعمالها تشابها مع الكتابات والآيات القرآنية، ولفظ الجلالة، ولكنها لا تقصد ذلك، حيث لا يكون لديها فكر مسبق عن شكل العمل الفني، وإنما يخرج من اللاوعي، وأن الفن بالنسبة لها احتياج تمارسه، وبالخبرة يتم تعديل الإسقاط الأولي مع إفادتها من الرواسب المخزنة في عقلها لكل مشاهداتها وأهمها الفن الإسلامي فتتغير أشكال عناصرها، التي تخرج على اللوحة بتلقائية من خلال الإحساس.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©