الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

الأرقام القياسية بين «النضوج» وكسر «القواعد الطبية»

الأرقام القياسية بين «النضوج» وكسر «القواعد الطبية»
23 أغسطس 2011 23:58
نيقوسيا (أ ف ب) - قصة الأرقام القياسية ومدى صمودها والطموح الدائم لتعزيزها من قصة الحركة والنشاط والافتتان بالقوة والعضلات والقوام الممشوق أو الرشيق والبنية المصقولة. هي باختصار قصة الطموح الدائم إلى الأفضل وتخطي القدرة، والحافز المتقد. فقد عرف الانسان الحركة منذ القدم. وأفادت دراسات بأن كوكب الأرض احتوى حركة الحيوانات في التاريخ السحيق. لكن في المفهوم الانساني شكلت الأرقام والتطلع إلى إنجاز أفضل تحديا شخصيا وتحديا للآخر. وفي المقارنات الأخيرة، بلغ معدل سرعة العداء الجامايكي اوساين بولت حين حطم الرقم القياسي العالمي لسباق 100 متر في بطولة العالم في برلين عام 2009 مسجلا 58: 9 ثانية أي ما يعادل سرعة 45 كلم في الساعة. لكن معدل سرعة الفهد هو اكثر من ضعفين (110 كلم/ساعة). وفي الماء، لا تتعدى السرعة البشرية معدل 15 كلم في الساعة، بينما تصل سرعة اسماك كبيرة الى معدل 140 كلم/ساعة. تطور تاريخي وفي معرض تحليلاتهم، يعزو علماء السرعة الطبيعية الهائلة للحيوانات إلى تطور تدريجي استلزم ملايين السنين. في المقابل، فإن الالتزام بشعار الأسرع والأعلى والأقوى يتطلب التخصص والاحتراف والاستعانة بالعلوم والابحاث لبلوغ “اقصى الممكن”، والحصول على أفضل النتائج من خلال وظائف الاعضاء. ولعل مقولة أن الأرقام وجدت لتتحطم في مسابقات ألعاب القوى والسباحة ورفع الاثقال والرماية والتزحلق السريع على الجليد.. تعزز ما يدور في محور المنافسات الرياضية والفلسفة القائمة حولها عموما. ولعبت التكنولوجيا دورا مؤثراً، لا سيما خلال العقود الأخيرة، في بلورة هذه الصورة المتماهية مع الشهرة والثروة. ففي عام 1972 حقق الدراج البلجيكي ايدي ميركس رقما قياسيا ضد الساعة على متن دراجة عادية بلغ 431ر49 كلم. واستخدم البريطاني كريس بوردمان دراجة بمقود مائل عام 2000 ليجتاز 375ر56 كلم على مضمار في مانشستر. لكنه لم يتمكن من نسخ رقم ميركس بأكثر من 10 امتار على متن دراجة أقل تطوراً في العام التالي وعلى المضمار عينه. لباس السباحة ومكن لباس السباحة الثوري المصنوع من مادة البوليوريتان الذي راجت موضته عامي 2008 و2009، من تحطيم 25 رقما في 26 سباقا أولمبيا، وبالتالي كتب سجل الأرقام القياسية من جديد. وشبهت تلك الموضة بـ”ثورة” بولت في الـ100 متر، لكن تصاعد الجدل حول الفوائد التسويقية والسعر المرتفع لهذا اللباس الذي “يوفر تقدما تكنولوجيا ونفسيا”، ما حدا بالسباحين لمقارنة هذا اللباس بسيارة فورمولا واحد. في المقابل تطرح أرقام صامدة منذ سنوات واقعا مغايرا، مثل رقم سباق 800 متر للسيدات (28: 53: 1 دقيقة) المسجل باسم التشيكية (التشيكوسلوفاكية) يارميلا كراتخفيلوفا منذ عام 1983. الخلايا الأنثوية ويتجدد الحديث عن الخلايا الأنثوية الخالصة في أجسام رياضيات خصوصا في حقبة الكتلة الشرقية التي استخدمت سلاح التفوق الرياضي لدعم صورتها الخارجية وتأكيد صوابية نهجها. واللافت أن 12 من الأرقام القياسية الصامدة تحققت قبل عام 1990 أي في مرحلة الكتلة الشرقية و”الملغومة بالمنشطات”، فضلا عن “ظاهرة” الصراع بين الأميركي كارل لويس والكندي بن جونسون، و”انجازات” العداءة الأميركية فلورنس جريفت جوينر في 100 متر و200 متر، واولى بوادر البروز الصيني وظهور عداءات المسافات المتوسطة والطويلة اللواتي سيطرن على الساحة في مطلع عقد التسعينات (كان غذاؤهن يحتوي على مكملات من دم الديدان والسلاحف...). وما تقدم وبعد افتضاح أمر كثر من الابطال ومن يقف خلفهم من مديري ومدربين، اقترح هلموت ديجل رئيس الاتحاد الألماني لألعاب القوى نائب رئيس اللجنة الأولمبية في بلاده، اعتماد سجل جديد للارقام القياسية، بحيث تكون لكل قرن أرقامه وباعتبار أن بعض الأرقام “الاسطورة” تحبط العزيمة وتعزز عدم المساواة، ما يشكل ناحية سلبية تثبط العزيمة. لكن اقتراح ديجل لم يحظ إلا باصوات 19 مندوبا في الاتحاد الدولي. وفورة الأرقام القياسية تشكل في جانب موازٍ عامل جذب في اللقاءات الدولية كي تستقطب المعلنين وتمتلىء المدرجات وتنفذ التذاكر، من هنا كثرت الاستعانة بـ”أرانب السباقات” أو “طرائد”. ومثلا، يفاخر القائمون على لقاء أوسلو الدولي أنه شهد تحطيم 50 رقماً عالمياً ما بين 1924 و2008. كما تبتكر أساليب وأفكار مثل اطلاق تحديات ثنائية محورها “نجوم الساعة” بدأت في عصر كارل لويس ومستمرة مع ظاهرة بولت، أو اطلاق سباقات غير مألوفة مثل التتابع 4 مرات 800 متر، أو حشد كوكبة ابطال في سباق واحد قادرين على تحقيق أرقام نوعية. إنجاز بولت ولعل النموذج الخارج عن المألوف هو العداء بولت تحديداً ذو القامة الممشوقة (96: 1 متر)، الذي كسر قاعدة أن “الطول الفارع للعداء يعيق قوته الانفجارية عند الانطلاق وردة فعله المباشرة”، وباعتبار أن تناغم الخطوات مع ايقاعاتها لا ينتاسب دائماً، غير أن بولت هو مختلف واستثنائي. ويبلغ طول خطوة بولت اثناء السباق 80: 2 متر، علماً بأن إيقاعها لا يختلف عما هي عليه عند المنافسين. من هنا المعادلة المثالية: اجتيازه مسافة 100 متر بـ 5: 41 خطوة بحيث وصل معدل سرعته إلى 72: 44 كلم/ساعة بين الـ 60 والـ 80 متر. في حين لم يستطع “كبار” سبقوه من السوفييتي فاليري بورزوف (بطل 100 متر و200 متر في دورة ميونيخ الاولمبية عام 1972) إلى الأميركي جاستين جاتلين مرورا ببن جونسون وكارل لويس ودونوفان بايلي، تجاوز الـ 5: 43 كلم/ساعة. وبناء عليه، أصبح ما حققه بولت في الدورة الأولمبية في بكين عام 2008 ثم خلال بطولة العالم في برلين 2009 موضع دراسة وتشريح علميين. فقد حسن في 3 سباقات حطم خلالها الرقم القياسي للـ 100 متر عامي 2008 و2009 بـ 16 في المئة من الثانية، أي 7: 1 في المئة أفضل من أسلافه جميعهم بدءاً من الأميركي جيم هاينز صاحب الرقم القياسي عام 1968 (95: 9 ثانية) إلى الأميركي موريس جرين (79: 9 ثانية عام 1999). وفي ضوء دراسة لاندرو تاترين من جامعة اكسفورد، استناداً إلى نتائج دورة أثينا الأولمبية عام 2004 وما قبلها، لن تبدو السرعة القياسية محصورة بالرجال. توقعات مستقبلية يقدر أن تكون بطلة الـ 100 متر في أولمبياد 2156 أسرع من نظيرها الرجل، متوقعاً أن تسجل 08: 8 ثوانٍ في مقابل 10: 8 ثوان (علماً بأن الرقم الأقصى لم يتخط الـ 40: 9 ثانية، وفق تقديرات دراسات أخرى نشرت خلال الأعوام الماضية). وعموماً فإن إنسان ما قبل التاريخ “نيياندرتال” كان أسرع من بولت كما ورد في كتاب لماك اليستر، وذلك بسبب حاجته إلى الحركة لكسب لقمة عيشه، على عكس “الحياة الهائنة” التي نعيشها وافقدتنا 40 في المئة من قوة تحملنا إذ باتت عظامنا تحمل ثقلاً عضلياً أقل وزناً. فالإنسان الأول كان يجري خلف طريدته قبل 20 ألف عام بسرعة معدلها 37 كلم/ساعة على أرض غير مستوية وموحلة، أي أسرع من معدل بولت (45 كلم/ساعة) حين حطم الرقم العالمي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©