السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

النزاعات الترابية في آسيا

13 أغسطس 2012
تشيكو هارلان طوكيو الجـزر والجزيـرات المتنـازع عليهـا فـي آسيا هي بشكل عام مجموعة من النتوءات المتواضعة غير المثيرة للانبهار. ذلك أن معظمها عبارة عن قطع صخرية في مهب الريح وبعيدة عن اليابسة. وتحتوي إحدى هذه الجزر على منارة، لكنها غير مأهولة. إلا أن هذه الأراضي الصغيرة، والتي تمتد من جنوب شرق آسيا إلى شمال شرقها، هي محل نزاعات شرسة بين بلدان تحركها المشاعر القومية وتعطش متزايد إلى الموارد الطبيعية الموجودة قبالة سواحلها. وبينما وعدت الولايات المتحدة بلعب دور أكبر في آسيا، يقول بعض الخبراء إن الأراضي تمثل أكبر مصدر ممكن للنزاعات، إلى جانب كوريا الشمالية. والنزاعات الترابية تشمل قرابة اثني عشر بلداً في ثلاثة بحار رئيسية على الأقل، وقد فجرت شبكة متقاطعة من النزاعات في بعض من أكثر خطوط الملاحة البحرية ازدحاماً. وهذه النزاعات ليست مترابطة جميعاً، لكن بعض المحللين يقولون إن عدداً من البلدان المهمة في آسيا -الصين واليابان وكوريا الجنوبية والفلبين- اتبعت خلال الأشهر الأخيرة نسقاً مماثلا، محولةً خصومات تاريخية قديمة إلى أولويات وطنية، مما يؤدي إلى تصعيد التوتر وزيادة احتمالات نزاع مسلح صغير النطاق. وتُدفع البلدان إلى المطالبة بهذه الأراضي النائية وسط البحر جزئياً بسبب حاجتها المتزايدة إلى احتياطيات النفط والغاز في المياه من حولها. فاليابان، على سبيل المثال، تخشى من نقص في الطاقة في وقت تتخلى فيه عن الطاقة النووية. والصين، المسؤولة عن خُمس استهلاك الطاقة العالمي، تتسابق من أجل زيادة نصيبها في وقت يتطور فيه اقتصادها. وفي هذا الإطار، يقول روري ميدكالف، مدير الأمن القومي بمعهد لاوي الموجود مقره في مدينة سيدني الأسترالية: "إن موارد الطاقة باتت تمثل على نحو متزايد موضوعا دقيقا هنا"، مضيفا: "من وجهتي النظر الصينية واليابانية بشكل خاص، هناك شعور جديد بالحاجة إلى أمن طاقي. لا أحد من هذه البلدان يرغب في التخلي عن المطالبة بأراض يمكن أن تكون فيها احتياطيات كبيرة من المحروقات". والبلدان تحركها أيضاً حركات قومية قوية، وإن كانت صغيرة أحيانا. قومية ازدادت وتأججت بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي، كما يقول بعض المحللين، لاسيما في الصين حيث يستطيع مئات الملايين من مستعملي الإنترنت تقاسم آرائهم، وحيث بات من الصعب تجاهل المشاعر العامة. والجدير بالذكر هنا أن بلداناً مثل كوريا الجنوبية والصين مقبلة على تغييرات في تشكيلة قيادتها هذا العام، ما يجعل المسؤولين الحكوميين حذرين ومتخوفين من التراجع عن المطالبة بهذه الجزر والظهور بمظهر ضعيف. وفي هذا السياق، يقول بروس كلينجنر، الباحث والخبير في قضايا شمال شرق آسيا بمؤسسة "هيريتدج فاوندايشن: لقد رأينا على مر التاريخ بلدانا تخوض الحرب بسبب أراض تبد بلا قيمة، لكنها تراب البلد، مضيفاً: "حتى إذا بدا أنه من غير المنطقي أن تجازف البلدان وتواجه خطر اندلاع حرب بسبب بضع صخور... فإن ذلك هو ما يحدث". أبرز النزاعات الحالية تدور بين اليابان وكوريا الجنوبية، الصين واليابان، الصين وعدد من بلدان جنوب شرق آسيا لاسيما الفلبين وفيتنام. والصين، بإنفاقها العسكري المتزايد وقوتها البحرية، كثيراً ما يشار إليها من قبل بعض الزعماء الأجانب على أنها القوة الإقليمية التي تتنمر على جيرانها، حيث تدفع حدودها وتعمد إلى ترهيب الجيران الأصغر. غير أن بلداناً أخرى ترد على ذلك بإظهار القوة، حيث قامت عدد من بلدان جنوب شرق آسيا بتجديد تحالفاتها مع واشنطن وإجراء مناورات عسكرية مشتركة. كما قامت اليابان بعملية إعادة تنظيم لجيشها بهدف تحسين دفاعها عن المياه المتنازع عليها. وفي شهر يوليو الماضي، طلب الرئيس الفلبيني بينينيو أكينو الثالث من برلمان بلاده الموافقة على عملية تطوير كبيرة للجيش تشمل اقتناء مقاتلات وطائرات هيليكوبتر حربية جديدة يمكن أن تستعمل للدفاع عن مناطق متنازع عليها في بحر جنوب الصين. وقال أكينو في هذا الصدد: "إذا دخل أحدهم حديقة منزلك وقال لك إنها ملك له، فهل ستسمح بذلك؟"، مضيفاً: "ليس من الحق أن يتخلى المرء عما يملك". بيد أن تدبير النزاعات الترابية أضحى موضوعاً مشحوناً بالنسبة للزعماء الآسيويين. فإحدى الخطوات التي قوبلت بانتقادات كثيرة جاءت يوم الجمعة الماضي عندما قام الرئيس الكوري الجنوبي لي ميانج باك، في ما يبدو محاولة لتحسين شعبيته المنخفضة، بزيارة دامت 70 دقيقة بواسطة مروحية إلى جزر دوكدو (أو تاكيشيما)، التي تطالب بها اليابان أيضاً. وقال "لي" على الجزيرة، التي وضع فيها إكليلا من الزهور أمام نصب تذكاري للكوريين الذين ماتوا دفاعاً عن الأراضي: "دوكو هي أراضينا بكل صدق". وفي رد فعله على هذه الزيارة، قال وزير الخارجية الياباني كويشيروا جمبا: "لماذا قام بهذه الزيارة في وقت نحن بحاجة فيه إلى بحث مواضيع من زاوية واسعة؟"، مضيفاً: "إنه أمر مؤسف للغاية". ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©