السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تمكين المرأة... وإلهام الإرادة

24 أغسطس 2011 00:21
عملت عام 2007 كمدربة مع مشروع WEPASS الذي طوره صندوق الأمم المتحدة للسكان والهيئة الوطنية اللبنانية للمرأة. وهدف المشروع تمكين المرأة الريفية في لبنان، وقد تم تطبيقه في عشر قرى في جنوب لبنان والبقاع. وقد طُلِب مني تطوير وتطبيق جلسات تدريبية حول وضع الميزانيات المنزلية للنساء في القرى المختلفة. وسار المشروع جيداً. وقد أجريت ثلاث ورشات عمل في كل قرية، وتم تعليم النساء المشارِكات المفاهيم الأساسية للإيرادات المتغيرة والثابتة، والنفقات المتغيرة والثابتة، والدخل. وحصلن على المهارات المالية لتطوير ميزانية أسرية والحفاظ عليها. وكنت مقتنعة بعملي إلى أن وصلنا قرية تم فيها اختيار نساء للمشروع، ولكنهن لم يأتين. وبدلاً من هؤلاء النساء حضرت نساء أخريات أميات لا يستطعن القراءة أو الكتابة. وفي اليوم الأول لم نتمكن أنا ومنسقّة المشروع من تدريبهن لأنهن أميات. وقد شعرت بالإحباط. وكانت جميع الكتب والموارد غير قادرة على مساعدة هؤلاء النساء اللواتي لا يملكن سوى مهارات محدودة ولكنهن مصممات على التعلُّم. ولكنهن طلبن منا تدريبهن على شيء ما -أي شيء. وكن يعملن مع أزواجهن في الحقول، يزرعن المحاصيل ويقمن بالأعمال المنزلية كذلك. وقد أردن أن يتعلمن، وأصررن على المشاركة في التدريب بطريقة ما. وعدت إلى بيروت في تلك الليلة مع منسقة البرنامج. وحاولنا أثناء رحلة العودة أن نجد شيئاً نعلّمه لهؤلاء النسوة، إذ أن تعطشهن للتعلّم وتصميمهن قوي إلى درجة أنه كان من المستحيل أن نستسلم لفكرة عدم تدريبهن. وقضينا الأسبوع التالي نبحث ونتكلم عما يمكن أن نفعله، إلى أن توصلنا إلى فكرة. لقد فكّرنا بحقيقة أنه على رغم كونهن أميات، إلا أن بإمكانهن جميعاً أن يرين؟ لماذا لا نستخدم الصور والألوان لتعليمهن على الأقل معنى المصاريف الثابتة والمتغيرة وكيف يمكن توزيع دخلهن حسب ذلك. قضينا أسبوعاً آخر نعمل على إعداد مغلفات ملونة وأوراق وملصقات عليها صور مختلفة. عدنا بعد أسبوع إلى القرية، وسار الاجتماع بشكل ممتاز. تمكنا من خلال استخدام الرموز الملونة والصور من تعليمهن الفرق بين النفقات الثابتة والمتغيرة والإيرادات والتوفير. تمكنَّ من تحديد أنواع معينة من النفقات والإيرادات باستخدام الصور اللاصقة. وتعلمن أيضاً كيفية توزيع دخلهن على النفقات والتوفير باستخدام المغلفات المرمّزة بالألوان. والآن أفكّر، عندما تعود بي الذاكرة إلى ذلك المشروع بعدد المرات التي تقول فيها هذه المشاريع التخطيطية إن التخطيط المسبق مهم جدّاً من أجل النجاح. أوافق مع ذلك بشكل كامل. فقد سارت ورشات العمل التسع في القرى التي زرناها حسب ما كان مخططاً. إلا أن التحدي الذي واجهناه أنا ومنسقة البرنامج في هذه القرية العاشرة استحق ألف جلسة من التخطيط المسبق. وكان بإمكاننا التراجع بحجة أن هذا النوع من المشاريع الذي كنا نجريه يتطلب مشاركين يجيدون القراءة والكتابة. ولكننا لم نفعل ذلك. لماذا؟ لأن النظرة في عيون النساء كانت تقول "نريد المزيد من التعلم". وعندما جلسنا في اليوم الأول وشرحنا لهؤلاء النساء لماذا لا يصلح المشروع المخطط له معهن لم أرَ اليأس أو خيبة الأمل. رأيت نظرة تقول على رغم التحدي: "افعلوا شيئاً لأجلنا. نريد أن نتعلم". ولذا قمنا بعمل ذلك. لقد جعلتني مراقبة هؤلاء النساء يعملن مع المغلفات الملونة والأوراق والصور اللاصقة، أدرك أنه لا توجد هناك حواجز أو معوقات يستطيع أحد أن يضعها أمام التصميم، حتى لو كانت الأمية نفسها ضمن تلك المعوقات. لما زينون ثابت كاتبة لبنانية ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند» الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©