الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حذر أوباما.. نسيان للتضحيات الأميركية!

حذر أوباما.. نسيان للتضحيات الأميركية!
9 سبتمبر 2014 11:56
لعل إقرار الرئيس أوباما مؤخراً بأنه ليست لديه استراتيجية للتعامل مع تهديد تنظيم «داعش» الإرهابي، الذي يسيطر في الوقت الراهن على مساحة شاسعة من الأراضي في الشرق الأوسط، يعتبر هو أحدث رسالة تذكير بأن الولايات المتحدة باتت الآن في فترة من العزلة، أو بعبارة أدق، في حالة من العمى الاختياري! وقد امتدح بعض المنتقدين أوباما بسبب صراحة حديثه، ويقولون إنه يتوخى الحذر، وكأن البديل الوحيد لنهج «جورج بوش» المندفع هو الاقتداء بأسلوب «جيمي كارتر» المتباطئ. ولكن غالبية المراقبين يقرُّون أيضاً بالحقيقة التي كشف عنها محررو مجلة «الإيكونومست» قبل أشهر من نقل تصريحات الرئيس المحبطة عبر الأثير، إذ قالوا إنه: «رئيس الولايات المتحدة عندما يتحدث بحذر شديد، فإن العالم يسمع صوت التردد خصوصاً عندما يتعلق الأمر بقضية جوهرية لأي قوة عظمى ألا وهي: رغبتها في القتال». ومن دون قيادة الرئيس، فكيف تعرف الدولة الهدف الذي تقاتل من أجله والعدو الذي تقاتله؟ بيد أن تردد أوباما في استخدام القوة الأميركية ليس مفاجئاً ولم يكن مخيباً لآمال كثيرين أيضاً، فالأميركيون لم ينتخبوه «على رغم ميله للحذر» وإنما لأنه كذلك. وقبل عام واحد فقط، أظهر استطلاع للرأي أجراه مركز «بيو» للأبحاث أن نحو نصف الأميركيين أرادوا أن تراعي الولايات المتحدة وتهتم بمصالحها دولياً، في إشارة إلى أن تقلص الدور الأميركي في الشؤون الدولية قد وصل إلى حد بعيد جداً. ولكن في ضوء الممارسات المخيفة الأخيرة التي ارتكبها تنظيم «داعش» الإرهابي، وهو يعتبر أكثر تطوراً وأفضل تمويلاً من أي جماعة متطرفة أخرى عرفتها الولايات المتحدة والدول الغربية، حسبما أفاد وزير الدفاع الأميركي «تشاك هاجل»، فقد بات الشعب الأميركي قلقاً من سياسة عدم التدخل ويعرف أنها توازي أيضاً في خطرها سياسة التدخل المفرط، ولاسيما في ضوء ميل التنظيم لقتل الأميركيين والأوروبيين وغيرهم. وتظهر أحدث دراسة أجراها مركز «بيو» أن أكثر من نصف الأميركيين يعتقدون أن سياسة أوباما الخارجية ليست صارمة بما يكفي، وهو شعور عززته بلا شك تصريحاته غير الملائمة على رغم صدقها الأسبوع الماضي. وقد بدأ الأميركيون يدركون حجم التهديد الذي يواجهونه جراء ظهور تنظيم «داعش» من خلال عمليات قتل النساء والأطفال في العراق وسوريا وقطع رأسي صحافيين أميركيين بطريقة وحشية على يد مسلح ملثم يتحدث بلكنة بريطانية. ولكن أعضاء الإدارة، والرئيس على وجه الخصوص، طالما علموا طبيعة التهديد الذي يمثله هذا الجيش الإرهابي المنظم على الولايات المتحدة وحلفائها. وعليه، فإن التقارير التي تفيد بأن أوباما حصل على تفاصيل دقيقة ومعلومات مخابراتية محددة بشأن تفاقم خطر تنظيم «داعش» قبل عام من سيطرته على مدينة الموصل العراقية، تدق جرس الإنذار بشأن تقاعسه عن التحرك في الوقت المناسب وإخفاقه في وضع استراتيجية واضحة وتطبيقها بشكل كامل. وأما شعار «قلق الشعب الأميركي من الحرب» فقد بات ترنيمة إعلامية مكرورة، وهو يمثل بصورة ما مبرراً للتخاذل. ودعونا نستشهد هنا بمقولة الكاتب «بيجي نونان»: «إن الأميركيين يحذرون من الحرب أو يحترسون منها بشكل كبير، وهو ما ينبغي أن تفعله أي دولة كبرى، خصوصاً بعد حربين تم خوضهما وإنهاؤهما بصورة غير متقنة في العراق وأفغانستان». ولكن بالنسبة لأولئك الأميركيين الذين خدموا على جبهة القتال في كلتا الحربين -سواء في وظائف مدنية أو عسكرية ومن بينهم أنا وزوجي- فإن تضييع فرصة استكمال النجاح الذي حققته خطة زيادة القوات التي أرسلت إلى العراق، والإهمال المتعمد للتهديد الناشئ على الحدود السورية، يعتبران خيانة لتضحياتهم. ولو أن إدارة أوباما بذلت جهوداً دؤوبة واستراتيجية -وإن كانت محدودة- قبل أعوام مضت عندما كانت خيارات التدخل لا تزال كثيرة، لأمكن ردع تنظيم «داعش» والحيلولة دون وصوله إلى حد الهيمنة على مساحة شاسعة من الأراضي على الحدود العراقية السورية. ولكن بدلاً من ذلك، وجدنا أنفسنا في وضع ربما يكون الخيار الوحيد المتاح فيه هو انتظار الخطوة التالية المميتة من قبل عدونا، ولا تزال استراتيجيتنا غائبة على رغم ذلك. ولطالما تورطت الولايات المتحدة في دائرة الانخراط الخطير في الحرب، وما أعقبها من تخلٍّ كامل عن أكثر المناطق خطراً وزعزعة للاستقرار في العالم، وهو أمر لم يبدأه الرئيس الحالي أو حتى السابق، ولكن قدِّر لأوباما أن يرثه ويتحمله ويتعامل معه. ولذا ينبغي أن تتضمن استراتيجية أوباما النهائية، التي تحدث عنها في قمة حلف شمال الأطلسي المنعقدة بمقاطعة «ويلز» البريطانية، هجوماً عسكرياً ودبلوماسياً قوياً ضد تنظيم «داعش»، بما في ذلك تقديم تسليح أفضل للقوى الحليفة على الأرض. وعلى إدارة أوباما أن تحصل على تفويض من قبل الكونجرس لاستخدام القوة وقيادة بقية دول العالم -من الجبهة هذه المرة- في محاولة لتدمير وليس فقط احتواء التهديد الإرهابي. وما لم تتضمن الخطة المرجوة جل هذه الأمور، فإن الرئيس الأميركي سيورث التهديد لخلَفه في البيت الأبيض الذي سيكون قدره هو أيضاً التعامل مع تفاقم خطر تنظيم «داعش». يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©