السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الجرائم الإلكترونية تغزو المجتمع المصري بسلاح الإنترنت

الجرائم الإلكترونية تغزو المجتمع المصري بسلاح الإنترنت
20 نوفمبر 2010 20:22
خمسة عشر عاما مرت على دخول الكمبيوتر والإنترنت الحياة اليومية للمصريين كانت للتجربة رغم إيجابياتها الكثيرة، جوانب مريرة فهناك تلال من قضايا الجريمة الإلكترونية في محاكم الجنايات والأسرة وغالبية مرتكبيها من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و35 عاما لعدم إدراكهم خطورة أفعالهم وجهلهم بوجود قوانين تجرم تلك الأفعال. يقول اللواء محمود الرشيدي، مساعد وزير الداخلية المصري ومدير إدارة المعلومات والتوثيق، إن الجرائم الإلكترونية في المجتمع المصري في تزايد مستمر لاسيما جرائم السب والقذف والتشهير والتي تستحوذ على نصيب الأسد حيث يبلغ معدلها 48.5 في المائة من جملة تلك النوعية تليها بلاغات سرقة البريد الإلكتروني وانتحال الصفة بنحو 32.2 في المائة وبلاغات النصب والاحتيال عبر شبكة الإنترنت بنحو 19.3 في المائة، موضحا أن تلك النسب من الجريمة الإلكترونية مرتفعة للغاية ولذا يجري في مصر حاليا الإعداد لقانون جديد لمواجهة تلك الجرائم بالتنسيق بين وزارات العدل والداخلية والاتصالات. قائمة المتضررين أظهرت دراسة لوزارة الداخلية المصرية أن قائمة أكثر الفئات تضررا من الجرائم الإلكترونية ضمت أساتذة الجامعات والأطباء والمهندسين ورجال الأعمال وتراوحت وسائل الأضرار بهم بين استخدام البرامج المقلدة وفتح رسائل مجهولة المصدر أو التردد على المواقع الإباحية وغرف الدردشة المشبوهة على الشبكة الدولية لأن مثل هذه المواقع تنطوي على العديد من الأساليب الاحتيالية. وأقدمت وزارة الداخلية المصرية على تخصيص خط هاتف ساخن “رقم 108” لتلقي أي بلاغات أو استفسارات أو شكاوى خاصة بالجرائم المعلوماتية كي تحول دون وقوع المزيد من الأبرياء في شركها وفقد أموالهم خاصة مع تزايد عدد مستخدمي الإنترنت في مصر لنحو‏15‏ مليونا بنسبة ‏20 في المئة من مستخدميه في الوطن العربي‏. وتعج ملفات أقسام الشرطة والمحاكم في مصر بالعديد من قضايا الجريمة الإلكترونية ومنها قيام شاب من مدينة الأقصر بالنصب على مهندس بالقاهرة والاستيلاء على تسعة آلاف دولار أميركي، وكشفت التحقيقات عن أن المتهم أرسل إلى المجني عليه رسالة على بريده بموقع الفيس بوك ادعى فيها فوز المهندس بجائزة المليون في مسابقة الفيفا “الاتحاد الدولي لكرة القدم” وقدرها 900 ألف دولار أميركي. فاتصل به المجني عليه وطلب منه أن يحضر إليه ليتأكد من شخصيته. وقدم المتهم للمهندس بطاقة عليها خاتم السفارة الأميركية بالقاهرة تفيد بأنه يعمل موظفا بالسفارة، وطلب من المجني عليه 9 آلاف دولار للانتهاء من رسوم حصوله على الجائزة، فاقتنع المهندس وأعطاه المبلغ وفي اليوم التالي اتصل به فلم يرد وبحث عنه في كل مكان فلم يجده فأدرك أنه تعرض لعملية نصب فأبلغ مباحث الأموال العامة التي ألقت القبض على المتهم أمام احد الفنادق بوسط القاهرة. أشهر الجرائم أدين طالب بإحدى الجامعات الخاصة بالقاهرة بنشر صور إباحية ومعلومات خاصة عن زميلة له بنفس الجامعة على شبكة الإنترنت بعد تراجعها عن الارتباط به فقرر الانتقام منها واستغلال صورها الشخصية التي بحوزته بتركيبها عبر الفوتوشوب على أجساد عارية ووضعها على شبكة الإنترنت مع معلومات عن حياتها الشخصية، كما أرسل هذه الصور والمعلومات إلى والدها عبر النت وتم القبض على المتهم وعاقبته محكمة جنح مستأنف النزهة بالحبس 6 شهور. كما ألقت أجهزة الأمن المصرية القبض على عاطلين بمدينة حلوان كونا تشكيلا عصابيا بالاشتراك مع ثالث بمدينة الإسكندرية الأميركية للنصب على المواطنين والحصول على مبالغ مالية منهم نظير بيع كروت شحن والأرقام السرية الخاصة بإحدى الألعاب الأميركية المتداولة عبر مواقع الإنترنت وتجاوزت المبالغ المتحصل عليها 120 ألف جنيه خلال أربعة شهور فقط. ويوضح الدكتور عادل الغنام، رئيس مجموعة الصناعة في غرفة تكنولوجيا المعلومات بالقاهرة، أن تطور العملية المصرفية الإلكترونية دوليا ومحليا أدى إلى ظهور نوعية جديدة من جرائم النصب والاحتيال وأشهرها جرائم بطاقات الدفع الإلكتروني المزيفة والمزادات الاحتيالية وفرص العمل والاستثمار الوهمية والطرود البريدية الخادعة وجوائز اليانصيب الوهمية والاتصالات الهاتفية الخادعة. ويضيف “هناك أنواع أخرى من جرائم الاحتيال الإلكترونية وهي عمليات السطو الإلكتروني على ماكينات الصرف الآلي، وجرائم التصيد من خلال إنشاء صفحة إنترنت مشابهة تماما لموقع أحد البنوك الكبرى تتضمن رسالة احتيالية تطلب من المستخدم تحديث بياناته الشخصية والمصرفية بزعم حدوث خلل في نظام المعلومات في البنك وأن الأمر يتطلب تحديث بيانات العملاء خلال فترة زمنية محددة وإلا تعرضت حساباتهم للإلغاء، وهناك أيضا رسائل البريد الإلكتروني الخادعة والتي تتضمن عرضا بتحويل عدة ملايين من الدولارات الأميركية إلى حساب الضحية لدى أحد البنوك مقابل نسبة منه ويطلب من الضحية إرسال مبلغ معين تحت زعم أنها رسوم إجراءات التحويل”. نواح تشريعية يؤكد الغنام أن هناك قصورا في بعض النواحي التشريعية يجعل المجرم يتنصل من العقوبة من خلال الثغرات حيث لم تصدر قوانين جديدة تلائم نوعية الجرائم التي قد يتعرض لها رواد شبكة الإنترنت، مشددا على أهمية التعاون بين منظمات المجتمع المدني والمؤسسات التعليمية ووزارة الداخلية لمكافحة جرائم الإنترنت لاسيما مع تزايد الملمين بقواعد برمجة الكمبيوتر وتصميم المواقع على الإنترنت مما يمثل خطورة بالغة في حال انحراف بعضهم عن المسار الصحيح واستغلال التكنولوجيا استغلالا سيئا وغير قانوني يكون من شأنه ازدياد جرائم النصب والسطو على الأموال من خلال الإنترنت. ويؤكد د. حمدي عبدالعظيم، خبير الاقتصاد والعميد السابق لأكاديمية السادات للعلوم الإدارية والاقتصادية بالقاهرة، أن جرائم السطو والسرقة الإلكترونية باتت مصدر خطر بالغ على حركة التجارة العالمية ككل وليس على التجارة العربية وحدها، موضحا أن البنوك والشركات الكبرى في أوروبا وأميركا تفقد سنويا نحو 50 مليار دولار لقيام القراصنة بتصيد زبائن المصارف والشركات، بإرسال رسالة إلكترونيه مزيفة تدعوهم لزيارة موقع مزيف، حيث تتم سرقة أرقام حساباتهم وكلمات المرور السرية لهم، مما أدى إلى تنامي فقدان الثقة من قبل مستخدمي الشبكة وخوفهم من استعمالها في أي من أمور البيع والشراء وخطورة التعامل ببطاقات الائتمان كي لا يقعوا ضحية لص محترف ويفقدوا أموالهم. ويقول إن خسائر المنطقة العربية من الجرائم الإلكترونية تقدر بمليار دولار سنويا نظرا لقلة المتعاملين بالبطاقات الائتمانية وهي نقطة وإن كانت تبدو جيدة الآن فإنها سيئة للغاية في المستقبل فوفق دراسات اقتصادية عالمية، فان التجارة الإلكترونية تحقق معدل نمو من 13 إلى 15 في المائة‏ سنويا في حين أن نمو التجارة التقليدية يتراوح بين‏1‏ و‏2 في المائة فقط. رأي الشرع يرى الدكتور نبيل حلمي، أستاذ القانون الدولي والعميد السابق لكلية الحقوق جامعة الزقازيق، أن مصر مثل بقية الدول العربية لم تنتبه مبكرا لمخاطر الإنترنت ولم تضع القوانين المناسبة للجرائم المعلوماتية التي ترتكب من خلالها تجاه الأفراد والمؤسسات. ويلفت إلى أن العقوبات التي تفرض على المخالفين الآن موجودة في القانون الجنائي التقليدي ويتم تكييف القضية التي تضبط بما يناسبها في القانون فالمشرع إلى الآن لم يضع قوانين تناسب ما بات يعرف بالعالم الافتراضي وان وجد نص قريب من الفعل المرتكب فان العقوبة المنصوص عليها لا تلائم حجم الأضرار المترتبة على جريمة الإنترنت ولذا فان اتجاه الحكومة المصرية إلى إصدار قانون خاص بالجرائم الإلكترونية يعد خطوة في الاتجاه الصحيح. ويدعو حلمي المشرع المصري والعربي إلى أن تكون التشريعات الجديدة ملمة بكافة ما يواجهه رواد شبكة الإنترنت الآن من مخاطر مع ضرورة الاستفادة من تجارب الدول التي سبقتنا وأخذ ما يناسبنا منها لمواكبة العصر والحيلولة دون تفشي تلك النوعية من الجرائم. من جهته، يؤكد الداعية الإسلامي يوسف البدري أن السرقة هي السرقة سواء كانت بواسطة الأيدي والسطو التقليدي أو باستحداث طرق تكنولوجية عصرية بواسطة الكمبيوتر والإنترنت ويستحق مرتكبوها العقوبة الحدية التي نصت عليها الشريعة الإسلامية لقوله تعالى في سورة المائدة: “وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ”. ويؤكد أن جريمة السرقة الإلكترونية أو الاحتيال والنصب من خلال النت تتضمن عدة جرائم مجتمعة، ففيها اعتداء على حسابات البنك أو على الشركة أو على الأفراد، والتلصص على سرية البطاقات والفواتير، وما يتبعها من الاستيلاء على أموال الناس بغير حق وهناك أيضا استخدام نعم الله مثل الإنترنت والبصر والذكاء في معصية الله تعالى، والإضرار ببني البشر.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©