الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

«جنود الشيطان» يزرعون صناديق الموت..!

«جنود الشيطان» يزرعون صناديق الموت..!
27 ديسمبر 2017 12:22
دينا مصطفى (بيروت) بماذا يختلف «حزب الله» عن «داعش» في إراقة الدماء، وكلاهما فعلياً يخدم أجندة إرهابية واحدة مسؤولة عن مقتل وجرح وتشريد عشرات، بل مئات الآلاف من المدنيين. وإذا كان الباطن في الثاني المندحر في سوريا والعراق لم يخدم سوى إيران التي أمنت وحدها شرور هذا التنظيم الإرهابي المروع، فإن الأول ظاهراً وباطناً لم يكن سوى مرتزقة دامية لـ«ولاية الفقيه» ناشراً في خدمته جنود الشيطان وتجار الموت من سوريا والعراق واليمن إلى البحرين والسعودية والكويت. «نيويورك تايمز» شبهت مؤخرا «حزب الله» الإرهابي بمرتزقة إيران للهيمنة على الشرق الأوسط، مؤكدة تورطه المباشر في حروب دعم نظام بشار الأسد في سوريا، وخدمة طائفية ميليشيات «الحشد الشعبي» في والعراق، ودعم انقلاب ميليشيات الحوثي في اليمن. وكشف تقرير لمعهد «واشنطن إنستيتوت» ارتكاب الحزب فعلياً جرائم حرب في سوريا. ومع إصراره على المضي في خريطة الدم بتأكيد من زعيمه حسن نصر الله «جندي ولاية الفقيه»، يدفع الثمن الباهظ عائلات وأسر عناصر الحزب الذين تعودوا اللباس الأسود وجدران الشوارع من ضاحية بيروت الجنوبية إلى الجنوب اللبناني والبقاع الغربي تكاد لا تخلو يومياً من صور قتلى حروب إيران بالوكالة وسط شعور متصاعد بالمرارة والغضب والحزن. «الاتحاد» تفتح ملف تداعيات دخول «حزب الله» حروب إيران بالوكالة في سوريا والعراق واليمن، وترصد ردود فعل أسر القتلى في الشارع اللبناني، وترصد آراء الخبراء في تآكل شعبية الحزب داخل لبنان، وإلى أي مدى وصلت خسائره بسبب عدم التزامه بالقرار السياسي اللبناني بشأن النأي بالنفس عن الصراعات في المنطقة، وتبعية الحزب لإيران التي تلعب بنيران الطائفية مهددة بحرب في المنطقة تأكل الأخضر واليابس. «داخل بيوت الأرامل والثكالى» الدخول إلى بيوت أرامل وثكالى «حزب الله» لم يكن سهلاً على الإطلاق. والحوار معهن دونه شروط وعقبات كثيرة. معظمهن حانق على ما يجري، لكنهن لا يبحن بمكنوناتهن، فبعضهن اعتبرناه تدخلاً في شؤونهن الخاصة، والبعض الآخر رفضنه، وأخريات قبلنه، ولكن وفق نقاط أبرزها عدم التدخل في السياسة، واختصار الحديث على النواحي الدينية والأخلاقية، والبعض منهن طالبن بتصريح من الحزب.. «الاتحاد» تجولت على الرغم من المخاطر والعقبات في شوارع الضاحية الجنوبية في بيروت لترصد بعض الحكايات ممن فقدن أحباءهن في حرب لا ناقة لهن فيها ولا جمل. أكثر من امرأة فقدت زوجها أو ولدها في المواجهات المستمرة على أكثر من جبهة خارج لبنان، حمّلن «حزب الله» المسؤولية عن خسارتهن، لكن مع التسليم أيضاً بقضاء الله وقدره. الحاجة أم أحمد (أرملة وثكلى) اختصرت كلامها بالقول، «إنه قدر الله، ونحن نسلم بذلك.. بيده الحياة والموت، وهو يعطي الروح ويستردها متى يشاء. فإذا جاء ّ قدرنا لا يؤخر ولا يقدم ساعة واحدة». سألناها ماذا تقولين عن مقتل ولدك وزوجك في الحروب بالوكالة؟. فأجهشت بالبكاء وصمتت قليلاً، ثم قالت «ليس باليد حيلة أترحم عليهما وأزورهما دائماً»، إنه قدر الله. وأنا سلمت أمري لله». ثم سألناها هل أنت آسفة على مشاركتهما في المعارك، فردت بإعادة السؤال قائلة «وهل ينفع الأسف؟. وتابعنا سؤالنا، وكيف تستمرين في الحياة بعد رحيلهما؟، فقالت «أربي أولادي، وهم خمسة صبيان وثلاث بنات، وأسعى جاهدة لتعليمهم». ثم سألناها، ومن يقدم لك المساعدات، خصوصا تكاليف التعليم؟، فردت قائلة «سألتني عن المساعدات!، هي لا تسمن ولا تغني عن جوع. ولولا مساعدة أهلي وبعض المحسنين، لا نستطيع العيش بكرامة.. أفهم من سؤالك ّ ماذا يقدم الحزب.. يقدم القليل القليل وعلينا توفير الباقي.. ونحن نرفض القول بأن الحزب يقدم كل شيء، هذا كلام غير صحيح». أما صديقتها أم يوسف فاستبقت سؤالنا بالقول: «كنت أتمنى أن يستشهد زوجي، وولدي خلال حرب يوليو 2006 على أرض جنوبنا الغالي». فسألناها «أفهم من كلامك بأنك غير راضية عن مقتلهما خارج لبنان؟»، فأجابت بلهجة التحدي، «نعم أنا حزينة دائما على فراقهما، وجرح عميق في صدري ّ لا يندمل، وصورة إعادتهما معا في صندوقي خشب جثتين هامدتين، تبقى حاضرة في مخيلتي طوال الوقت». سألناها هل أنت نادمة على مشاركتهما في الحرب؟، فردت «الندم لا يفيد والمكتوب على الجبين ليس منه مهرب.. زوجي كان ركن البيت الذي انهار بموته وأطفالي يسألون: أين بابا؟ لماذا تأخرت عودته من السفر؟ وأنا لا أجد الجواب.. أحاول إخفاء الحقيقة عنهم لأنهم أطفال، وعندما يكبرون سيعرفون كل شيء». واعتذرت عن عدم الرد على أي سؤال آخر. نرفض الحروب في دول الجوار وبكت الأرملة «منى» عندما سألناها عن زوجها كيف قتل وأين، وقالت «كانت له الحرية التامة، وهو يقرر ما يفعله دون مشورتي.. كان في عز شبابه.. ضاعت كل الأحلام والآمال، وأصبحت وحيدة بلا رفيق». وسألت الحاجة أم فؤاد من أنتم؟، فقلنا (نحن صحفيون)، فقالت ماذا تريدون؟، قلنا (نرغب في معرفة كيفية مقتل زوجك!؟)، فردت «قتل خلال مواجهة مع الدواعش في حرب القلمون.. كنت أتمنى أن يستشهد في الحرب ضد إسرائيل في جنوب لبنان لينال أجراً، لأن الجهاد ضد العدو الحقيقي للبنان يعتبر مقدساً». واكتفت الأرملة «أم إسماعيل» بالقول «حبذا لو مات زوجي في مواجهة العدو على حدودنا الجنوبية، لأنني أرفض القبول بالحروب العبثية التي يدور رحاها في دول الجوار. ولم ولن أرسل أحداً من أطفالي في المستقبل إلى أي حرب شبيهة.. هذا كل ما عندي ولن أقول أكثر.. وانسحبت سريعاً». بينما رفضت شقيقة القتيل «سمير» السماح لنا بالدخول إلى المنزل لمقابلة والدتها، طالبة الحصول على إذن مسبق من «حزب الله». فعدنا أدراجنا. وتساءلت ابنة القتيل أيمن «اسم عسكري»: لماذا قتلوا أبي؟.. قدمنا مئات، بل آلاف الضحايا كرامة من؟. هل يمر طريق القدس في القلمون وحلب وسواها؟. الوجهة يجب أن تكون جنوباً، وليس شرقاً وشمالًا. وأضافت: «يبدو أنهم لا يعرفون الجهات الأربع، فقضية فلسطين ضاعت في بوصلتهم». سألناها هل أنت حانقة على ما يجري من حروب إقليمية؟، فردت بالقول «طبعا.. كيف لا، وضحايانا يسقطون كل يوم بالعشرات. فقدنا خيرة شبابنا ورجالنا في حروب الآخرين، وما زلنا ندفع الثمن». وأضافت: «فقدت والدي الذي ترك جرحاً في قلبي لا يندمل مهما طال الزمن، فقد ذهب إلى الحرب دون أن يودعني، وفوجئت بمن جاء يقرع جرس منزلنا ويقول نحن آسفون.. أيمن قتل». وأجهشت بالبكاء، وقالت: «إنه اليوم الأسود في حياتي.. نحن لسنا سلعة تباع وتشترى، فكل قطرة دم سالت من جسده تساوي كل أموال العالم». وتابعت: «الكلام لا يفيد وعلينا قول الحقيقة التي يعرفها الجميع والمثل الشعبي عندنا يقول (الآباء يأكلون الحصرم والأبناء يضرسون). فلا شيء يعوضني عن خسارة والدي الذي عاد في صندوق خشبي.. يكفي.. يكفي.. الحقيقة تجرح، وجرحنا عميق». ودخلت صديقتها في الحوار «من باب الإيضاح»، كما قالت رافضة ذكر اسمها، وقالت: «لا تستطيع الكلمات التعبير عن شعور الأهل بالحسرة والحزن على فقدان الغوالي.. شعور غريب عند الإنسان عندما يفقد حبيباً أو قريباً إلى الأبد». وسألناها: «هل فقدت أحد أفراد عائلتك في هذه الحرب؟، فردت، «نعم فقدت شقيقي الذي ذهب من دون علمي، ولو كنت أعرف وجهة سفره، لمنعته عن ذلك بالقوة. وأقول للذين يعنيهم الأمر.. نحن لا نخاف من أحد، والحقيقة يعرفها كل لبناني وهي، لا جدوى من الحروب العبثية، فالصغار يموتون، والكبار يقبضون أثمانهم». فسألناها ومن هم الذين يقبضون الثمن؟، لترد قائلة: «هناك أصحاب القصور يعيشون برغد ويتمتعون ولا يأبهون لأرواح البشر». الآنسة «ابتسام» قالت: «خالتي أم مجاهد فوضتني الحديث عنها، وأريد أن أعرف منكم عن ماذا تبحثون؟. فقلنا «أتينا لنستمع إليكم، إذا كنتم تؤيدون ما يجري في الحرب؟، وما هي أهمية سقوط آلاف الضحايا من دون أفق سياسي، أو هدف معلوم». فأجابت: «نحن نكره هذه الحرب لأنه في حال وضعت هذه الحرب أوزارها، الرابحون فقط هم الكبار وحدهم، ونحن ندفع الأثمان». فسألنا «وهل للقتلى أثمان مادية؟، والمقابل ماذا؟». فأجابت «أجل.. الكبار يعرفون ذلك.. إنها عبارات رنانة نسمعها من أفواههم وهم يسلمون القتلى إلى عائلاتهم». ودخلنا أحد الأحياء الشعبية، فقوبلنا من إحدى السيدات الغاضبات، بسيل من الكلام الجارح. وتجمع الناس حولنا، وعندها آثرنا الانسحاب بسرعة. وفي طريق مغادرتنا، خرجت فتاة بين الحشود وقالت لنا: «لا تؤاخذوها على كلامها لقد علمت قبل قليل خبر وفاة قريبها ولا تدري ماذا تقول». فأكملنا طريقنا لتجنب ما لا تحمد عقباه. ومن بيروت إلى جنوب لبنان توقفنا في أكثر من مكان لاستطلاع آراء الأهالي. فرفض الكثير منهم الكلام، وقال أحدهم: «إذا كان الكلام من فضة، فالسكوت من ذهب». فبادرته بالسؤال: ماذا تقصد؟ فأجاب: «نحن نبكي ونحزن على موتانا، والحسرة في قلوبنا مهما طال الزمن. والكبار يهللون، ونحن نسأل ماذا حرروا؟ هل حرروا القدس مثلا من الاحتلال؟.. إنه العبث واللعب في الماء العكر، جميعنا ذاهبون إلى المجهول». وحدثنا رجل عرف عن نفسه باسم «أبو علي» قائلاً: «ولدي علي تلميذ جامعي، قطع دراسته وأوهمنا بأنه حصل على منحة جامعية تخوله بالتخصص خارج البلد فوافقت على ذلك، وبعد سفره بيومين، رن جرس الهاتف، وعندما رفعت السماعة قال أحدهم ابنكم قتل في المعارك في سوريا.. كان الخبر فاجعة كبرى، وأصيبت والدته بانهيار عصبي حاد». غضب في الشارع ولكن.. خارج الضاحية، يمكنك الشعور بحالة من التوتر والقلق عند التحدث في الشأن السياسي، فهناك الكثير من الغاضبين جراء مشاركة «حزب الله» في الحرب السورية وتدخلاته في العراق واليمن والبحرين والسعودية، ولكن لا أحد يريد التحدث، فجميع من تحدثنا معهم غير راضين عن ذهاب الحزب في حرب بالوكالة، ويشعرون بالمرارة لأن الوضع الاقتصادي والسياسي اللبناني متأزم ووجود الحزب في سوريا جزء من المشكلة وعقبة في طريق الحل. «أبو غسان» سائق يسكن بالضاحية الجنوبية، قال: «إنه جعل بناته الأربع يهاجرن إلى إحدى الدول الأوروبية هرباً من الأوضاع في لبنان عامة وحيث يسكن بشكل خاص»، وقال: «إنه نادم على العودة إلى ما أسماه بالسجن الكبير الذي يعيش فيه، حيث كل الحركات مراقبة.. قال لي إن الكثير من سكان الضاحية، ولاسيما من الطائفة الشيعية غير راضين عن ممارسات الحزب سواء في الداخل اللبناني أو في تدخله السافر في سوريا وتأليب المشاعر الطائفية في المنطقة. وأضاف: «إنهم يتحدثون بذلك خفية ولا يستطيعون الجهر بذلك خوفاً مما يمكن أن يحدث لهم إن جهروا بذلك». وأضاف: «إن الكثيرين يعبرون عن غضبهم بعد أن تسببت ممارسات الحزب وتدخلاته في سوريا بتحويل لبنان إلى بلد أزمات يديرها ويعاني منها في الوقت ذاته». فالسوريون وصل عددهم إلى 5 ملايين كما قال وليس مليونين كما تقول الأرقام الرسمية، ناهيك عن الإيرانيين والعراقيين وغيرهم من الجنسيات الذين احضرهم الحزب ليندمجوا في مليشياته المقاتلة في سوريا أو تلك التي تجوب شوارع الضاحية». وتابع الرجل الذي رفض نشر اسمه: «إنه اصبح لا يدري هوية هؤلاء الذين يطوفون الضاحية التي اعتادها سكناً طوال حياته، وهم يجوبون الشوارع على دراجاتهم النارية صائحين في هذا ومهددين ذاك، والكل يخشى أن يتعامل معهم خشية العواقب». وأضاف: «إنه يتمنى أن يعود لبنان إلى الصورة التي كان يعرفها قبل ثلاثين عاماً عندما غادر إلى أوروبا بصحبة بناته، والتي عاد إليها عندما تقدم به العمر، أملاً في أن تكون مستقراً لما تبقى من سنوات العمر، لكنه الآن عازم على بيع كل ما تبقى له، و العودة إلى الحياة كمهاجر مثل بقية اللبنانيين». وقال أبو أحمد (موظف بإحدى الشركات السياحية ويقطن بالضاحية): «إنه غاضب من أفعال حزب الله داخل وخارج لبنان، فالأوضاع تزداد من سيئ إلى أسوأ». وأضاف: «يمكنك مشاهدة جنازات الضحايا بشكل دائم في الجنوب اللبناني، والحزن الذي أصبح يخيم على الضاحية في حرب لا تهم اللبنانيين أبداً». ورأى «أن المشكلة في الفقر المدقع، فالناس لا يجدون قوت يومهم، ولا وظائف ولا شيء، وعندما يطلبهم حزب الله للذهاب إلى سوريا، يقبلون لأنه لا خيار آخر أمامهم». وأكد أن الحزب قد خسر من دخوله سوريا كثيراً، ففقد شعبيته في لبنان، وحتى شعبيته داخل الحزب، فجروح أهل القتلى لا تهدأ، وفقدان ابن أو زوج أو أب ليس بهين. وقالت أم فادي: «إنها تعرف أعضاء في حزب الله ذهبوا إلى الحرب في سوريا والعراق وتركوا عائلاتهم وذويهم ولم يعودوا منذ شهور، وعائلاتهم يطلبون منهم العودة، ولكنهم لا يستطيعون. فسألتها ولماذا لا يطلبون من الحزب عدم إشراكهم، فقالت: «لا يستطيعون، فالحرب أنهكت الجميع وألقت بظلالها على اللبنانيين كما السوريين». فيما قالت نجلاء: «إن شعبية حزب الله تتآكل في لبنان، والشباب اللبناني لا يريد إلا الحصول على وظائف والحياة الكريمة، فأرزاق الناس ضاقت إلى حد كبير نتيجة الوضع الحالي الذي لا يمكن أن يستمر». وأضافت: «إنهم يحاولون التأثير على الشباب برفع الشعارات الدينية والأفكار التي تؤثر في عقول الطلاب ممن يؤمنون بوجوب سماع أوامر قادتهم». لافتة إلى أنها غير موافقة على توغل «حزب الله» في سوريا. ثم أنهت حديثها بالقول «لدينا ما يكفي من المشكلات في لبنان». الباحثة اللبنانية بمعهد واشنطن للدراسات حنان غدير لـ «الاتحاد»: أيديولوجية «حزب الله» و«داعش» متشابهة والمستفيد إيران أبوظبي (الاتحاد) «إن نساء حزب الله لسنا سعيدات بهويتهن الطائفية اليوم، ويردن استرجاع الهوية اللبنانية».. هذا ما قالته الباحثة اللبنانية حنان غدير، وهي تروي لـ«الاتحاد» ما سمعته خلال مقابلتها العديد من نساء «حزب الله» اللائي وجدتهن غير مرتاحات لما يفعله الحزب، وداخلهن صراع قوي، خاصةً في هذه المرحلة. وأضافت الأستاذ الزائر بمعهد واشنطن للدراسات بالولايات المتحدة الأميركية «هناك صراع داخل كل فرد فيهن، وأصبح لديهن صراع يدور حول السؤال التالي «الطائفة أم الوطن ؟». وأضافت: «قوة إيران وحزب الله لا تعنيهن في شيء لأنها غير منعكسة على حياتهن اليومية، فهناك جرائم بالضاحية أكثر من أي وقت مضى، وهناك مخدرات، وموت أزواجهن وأبنائهن كان الطامة الكبرى، فهو موجع لهن بشدة، وهن غير مقتنعين بنسبة مائة في المائة بالحرب في سوريا، كما أنهن لا يتقاضين التعويض المناسب على موت فلذات أكبادهن، فبدأ بذلك الغضب الصامت المتصاعد بشكل كبير». وتابعت: «إن أزمة النساء تتفاقم لأنهن لا يستطعن فعل شيء لأبنائهن، لا يستطعن الحلم بمستقبل أفضل، وليس لديهن تصور كيف ستكون حاله أبنائهن في ظل توغل «حزب الله» في سوريا وموت العديد من أبنائهن هناك. وأكدت أن الشكاوى تزيد كل يوم، فهناك مقاتلون يريدون الهروب من سوريا وغيرها من البلدان التي تحارب فيها مليشيات حزب الله بالوكالة دون هدف واضح والرجوع إلى لبنان، وهناك آخرون يبحثون عن حلول فهم لا يريدون حروبا بالوكالة، أو أن يتركوا حزب الله بشكل نهائي، ولكن ليس أمامهم بديل في الوقت الحالي فهم مرغمون، وأسرهم تحتاج إلى الراتب الشهري من الحزب.. هناك غضب كبير، خاصة بعد معارك حلب، ومقاتلو الحزب بنسبة 30 % يسيرون على قاعدة «مرغم أخاك لا بطل». وأضافت أن هناك العديد من النماذج المنشقة الآن، فهناك العديد من النساء اللاتي انفعلن كثيراً بعد وفاة أبنائهن في الحروب بالوكالة، والغضب الصاعد من وراء ذلك ستكون له عواقب كبيرة، فمن يظهرون على قنواتهم يكذبون ليل - نهار، ويلقنونهم ما يجب أن يفكروا به.. كذابون ولا يستطيعون الوقوف أمام أم فقدت ابنها في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل. وتابعت: «إن البروباغندا الإعلامية للحزب بعيدة عن الواقع تنشر الأكاذيب وتزور الواقع وتزيف الحقائق لتضمن وفاء أعضاء الحزب». وأضافت: «يقومون بمنع أي تقارير حقيقية من داخل مجتمع حزب الله لأنهم لا يريدون إظهار التفكك في المجتمع أو بين أعضائه من السيدات اللاتي طفح بهن الكيل». وقالت غدير: «إنها تتابع موضوع نساء حزب الله، وقامت بإجراء العديد من الحوارات معهن، ولذا أقدمت على كتابة دراسة جامعة شاملة لإلقاء الضوء أكثر على الموضوع، خاصة لأنه مهم جداً. فالحزب مثل أي مؤسسة أخرى، حيث الأجيال القديمة استحوذت على نصيب الأسد من مواردهم المالية والمكافآت وغيرها من الحوافز المادية، وهذا يختلف تماماً عن الجيل الجديد الذي لا يدين بالولاء نفسه، ولم يأخذ حقه من الحوافز المادية داخل الحزب، وبالتالي إذا ما توفى أحدهم أثناء الحروب الكثيرة تحصل أسرته على مستحقات مادية وتعويضات بسيطة، غير أن من يقاتلون في التنظيم الآن أكثرهم من المرتزقة، ولا يخضعون لتدريبات وليس معهم ما يكفي مادياً، وحتى أن هناك أخباراً منتشرة هنا وهناك أن منهم صبايا وأطفالاً صغاراً ممن يتم إرسالهم إلى سوريا خصيصاً. وأكدت أن المقاتلين الجدد أغلبهم يأتي من مناطق فقيرة وهم محتاجون مادياً، غير أن أدمغتهم مغسولة من الأيديولوجية التي تملأها من أنهم يريدون الدفاع عن الحق ونصرته كما يقال لهم، غير أن نسبة البطالة بهذه المناطق كبيرة، فالاختيار الوحيد الذي أمامهم هو هذه الوظيفة. وأضافت: «الوطن بالنسبة لهؤلاء هو الحزب، فما يسمعونه في قنواتهم، ومن قادتهم كفيل بغسل أدمغتهم، فهذه هويتهم الوحيدة، وما يريده الحزب وما يتطلع إليه وما يخطط له، وما يرغب فيه، هذه هي الخطوط العريضة التي تحتل أولوياتهم، وما يترتب عليها من أيديولوجية كيف سأحمي نفسي وطائفتي تأتي قبل كيف سأحمي نفسي ووطني، وبالتالي هذه المعتقدات يستغلها الحزب في تنفيذ مطامعه سواء كان داخل لبنان أو خارجها. وشبهت غدير الذين يحاربون مع «حزب الله» بمن يحاربون مع «داعش»، وقالت: «إيران ترغب في التأثير كلياً في المنطقة، وبالتالي كلما زاد نفوذها في المنطقة كان ذلك أفضل لها، وبالنسبة للحزب فإن الإيراني من طائفتهم أقرب لهم من اللبناني من طائفة أخرى، وهو ضد كل منطق المواطنة، ومعنى كلمة وطن وما يتبعها من معتقدات وآراء». وتابعت: «إن الأوطان في منطقتنا أصبحت بالطائفة وليس بالجنسية»، وأشارت إلى أن الطائفة ككل ليست مطلعة على ما يجري في العالم بشكل كافٍ، فهي لا تستمع إلا لخطابات حزب الله وقادة الحزب وحسن نصر الله، وبالتالي لا تعرف ما يحدث بالعالم سوى من خلال قادتها. وأشارت بأسف إلى أن هناك العديد من الأشخاص من هويات عدة في لبنان، حسب الطائفة والمعتقد والهوية. الولاء لإيران أكبر من الولاء للبنان وقالت غدير: «إننا نعيش الآن في عصر شعاره أن الهوية الشيعية عند أعضاء حزب الله أقوى من الهوية اللبنانية بكثير، وهناك تداعيات كبيرة، فولاء أعضاء الحزب لإيران مرجعهم الأساسي أقوى من ولائهم للبنان. وحذرت من استغلال إيران وحزب الله للظروف التي نعيشها الآن لتجنيد وحشد المزيد من الأعضاء لتحقيق خططها في المنطقة من تدخل سافر في سوريا والعراق واليمن. وقالت: «إن الهوية الشيعية عند حزب الله تعتمد على ولاية الفقيه التي تقوي كثيراً من هذه الهوية وتشعل الانتماء إليها، متذرعة بالخوف غير المنطقي الذي يرسمه الحزب من السنة الأكثرية في المنطقة، وبالتالي، فالهوية الإيرانية هي المحرك الأساسي لكل أفعالهم ومخططاتهم، ومن خلال ما يقال لهم في القنوات والخطب أننا يجب الالتزام بهذه الهوية لأنهم أقلية في المنطقة، يجعلهم صيداً سهلاً للذهاب إلى القتال في سوريا وغيرها من المناطق التي تخدم إيران أولاً وأخيراً باعتبارها المستفيد الأول من زيادة الفرقة بين الطوائف المختلفة في لبنان وطمسها تماماً. فلم يعد هناك ما يسمى بالهوية اللبنانية، وما فعلته إيران وذراعها حزب الله أشعل الفتنة الطائفية بين اللبنانيين. وأضافت أن أكثر النقاط إثارة هي تحول السيدات اللاتي توفي أزواجهن إلى عرائس لمقاتلين آخرين! وقد يعد هذا من أكثر الأشياء الاستفزازية التي تحدث داخل الحزب! وهذا شبيه جداً بما يحدث داخل داعش حيث الأيديولوجيا متشابهة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©