الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شركس: الصديق الوهمي يدخل حياة الطفل خلسة

شركس: الصديق الوهمي يدخل حياة الطفل خلسة
20 نوفمبر 2010 20:29
الصديق الوهمي قد يمثله الطفل برمز ما كقطعة خشبية، أو يسقطه على إحدى إلعابه المفضلة، أو يظل مجرد شخصية تسكن عالم الخيال، وقد يكون أحد الشخصيات الكرتونية أو العامة التى يعجب بها الطفل فيتخيل وجودها في حياته، وقد ينزعج الأهل من هذا الصديق، ويتساءلون: متى وكيف دخل حياة ابنهم؟ هل تعد هذه الظاهرة مؤشر تقصير تربوي في حق الطفل؟ هل الوضع يحتاج إلى استشارة؟ هل نعترف بهذا الصديق ونتعامل معه؟ أم ننكر وجوده؟ هل لهذا الصديق أثر ضار على حياة الطفل؟ هذا ما تحاول الدكتورة هبة شركس، استشارية نفسية وأسرية وخبيرة تربوية، ومدربة معتمدة وعضو هيئة تدريس بالأكاديمية الأميركية للعلوم والتنمية أن تعالجه في هذه السطور. تقول هبة شركس: عادة ما يظهر الصديق الوهمي في سن من ثلاث إلى خمس سنوات وهي مرحلة الطفولة المبكرة والتي تتميز بالخيال الجامح، ويشكل اللعب الإيهامي فيها مساحة كبيرة من حياة الطفل، وعندها يتسلل هذا الصديق إلى حياة الطفل ليجسد فيه خيالاته فيتخذ منه وسيلة لاكتشاف الواقع وليس الهرب منه، وينمي من خلاله مهارات التواصل الفعال، وينتقل الطفل بصحبة هذا الصديق من الأنا والتمركز حول الذات للتفاعل مع الآخر وفق رؤية الطفل الخاصة ودون قيود اجتماعية صارمة. يزيدهم اقناعاً لقد أجريت دراسة علمية في أستراليا حول الصديق الوهمي وأثره على مهارات التواصل لدى الأطفال، في دراسة مقارنة بين مجموعة من الأطفال الذين لديهم صديق وهمي ومجموعة لا يملكون هذا النوع من الصداقات، لتكشف أن الأطفال الذين يبتكرون مثل هذه الصداقات أكثر إقناعاً أثناء الحوار مع الراشدين من غيرهم، وعلى هذا فإن هذه الظاهرة هي حالة طبيعية يمر بها بعض الأطفال أصحاب الخيال الخصب دون غيرهم ولا تدعو إلى القلق وليس لها أي دلالة على تقصير تربوي، وعلى المربي التعامل مع هذه الظاهرة ببساطة ومرونة فنتجاوب مع الطفل في خيالاته حيناً، ونتجاهل هذه الخيالات أحياناً أخرى، ليبدو الأمر طبيعياً تماماً، هذا وقد أظهرت أبحاث بريطانية أن طفلاً من كل خمسة أطفال يتخذ صديقاً وهمياً أي أن ما يعادل 20% من الأطفال يستخدم هذا النوع من الصداقات لتطوير مهارات التواصل والاستمتاع بأوقات فراغه ووحدته، وغالباً ما يتصف مثل هؤلاء الأطفال بالإقبال الاجتماعي. قلق لا تنفي شركس أن هناك مخاوف تترتب على ذلك وتقول: الخوف يكمن في اختفاء الصداقات الحقيقية وانخراط الطفل في هذه الصداقة دون سواها.والانتقال من الصديق الوهمي إلى الصديق الرقمي عقبة تؤخر النمو، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن الطفل يسير من عالم الخيال إلى الواقع، ومن عالم الأنا إلى النحن بخطوات ثابتة نحو النضج، ولكن مع ظهور عالم وسيط بين محطة الانطلاق المتمثلة في الخيال والأنا وبين محطة الوصول المتمثلة في الواقع والمجموعة، إنها محطة العالم الرقمي، محطة يتوقف عندها الطفل عندما يجيد مهارات استخدام الحاسوب ليعقد صداقات بديلة، عن الصديق الوهمي، ولكنها لاترتقي إلى مصاف الصداقات الحقيقية والواقعية، بل تؤخر الانخراط الواقعي في المجتمع، وتوفر وسيلة سهلة تؤمن رضا اجتماعيا للطفل. كما تجنبه العديد من الصدمات والمشكلات التي قد تواجهه في الصداقات الواقعية، والتي من شأنها تقوية عوده وبناء شخصيته الاجتماعية بشكل سوي، وعلى هذا فإن الخطر لا يكمن في الصديق الوهمي الذي يعد ظاهرة طبيعية، مالم يكن الصديق الوحيد، ولكن في الانتقال من الصديق الوهمي إلى الصديق الرقمي داخل غرف الدردشة والاستكانة. عند هذه المرحلة، وعدم تجاوزها استسهالاً من بعض الأطفال واستمتاعاً من البعض بعقد عدد غير محدود من الصداقات دون أي التزامات اجتماعية. ومن هنا نحث الوالدين على ملاحظة الحياة الاجتماعية للطفل، ومراقبة نموه ومساعدة أطفالهما على تكوين صدقاتهم بشكل يتناسب مع شخصياتهم، ويسمح لهم بالنمو والنضج الاجتماعي، ومعرفة حاجات وخصائص النمو الاجتماعي لدى الطفل، حيث يحتاج الأطفال بعد عامهم السادس، مرحلة الطفولة المتأخرة، إلى اللعب الجماعي والانتقال بين الأدوار أثناء فترات اللعب والتحلي بروح الفريق، وتعد هذه المرحلة حجر الزاوية الداعم لبعض القيم كالتعاون واتباع النظم والقواعد. عزلة تقول شركس إن الاكتفاء بالصديق الوهمي أو الصديق الرقمي يعوق عملية النمو، حيث تؤكد أنه يحدث لدى الطفل ما يسمى بالتأخر أو التخلف الاجتماعي الذي يصيبه بالعزلة والوحدة، ويحد من عالمه ويضعه داخل قالب اجتماعي يصعب عليه فيما بعد الخروج من هذا القالب والانطلاق نحو الآخر، وتضيف في نفس السياق: إن الأطفال مختلفون في احتياجاتهم الاجتماعية وقدراتهم على تكوين الصداقات، والأطفال الذين يمرون بمرحلة الصديق الوهمي أكثر احتياجاً من غيرهم للصداقة، وأكثر انطلاقاً نحو الحياة الاجتماعية، ولهذا يجب على الآباء والأمهات مراعاة احتياج الطفل، وتركه يستمتع بصديقه الوهمي في مرحلة الخيال الخصب، ومن ثم توفير فرص للطفل للتمتع بصداقات حقيقية إذا ما اجتاز هذه المرحلة ودخل عامه السادس ليضمنوا له نمواً سوياً. اقتباس: الخطر لا يكمن في الصديق الوهمي الذي يعد ظاهرة طبيعية، مالم يكن الصديق الوحيد، ولكن في الانتقال من الصديق الوهمي إلى الصديق الرقمي.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©