الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

سالم بن حم: زايد خط بعصاه مدناً تنبض بالحياة في قلب الصحراء

2 نوفمبر 2006 01:32
القائد بدّل زمن الشدة إلى رخاء وعطاء لكل عهد من عهود البشرية ما يميزه وغالبا ما تكون الانجازات العظيمة هي التي تخلد سيرة الإنسان وعبقريته والشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ''طيب الله ثراه'' من بين أبرز القادة الذين احتضنهم المكان في جميع عصوره وفتراته فأحبه المكان بل عشقه وأخرج له جميع مكنوناته حتى صار هواؤه يبث هذا الحب وهذا العرفان لكل ساكن على هذه البقعة الوفية· رحل زايد عن المكان لكنه بقي في كل قلب في كل نبض في كل زاوية من زوايا الوطن·بنى زايد الخير الإمارات ليبقى فيها ما بقيت الحياة وليظل في عيون الإماراتيين أينما ولوا أنظارهم· يصادف الثاني من نوفمبرالذكرى الثانية لرحيل قائدنا ووالدنا ومعلمنا·وبهذه الذكرى نتواصل مع ذاكرة رجال عاصروا مراحل التكوين الأولى التي بدأت على يدي المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الذي ببعد نظره وحكمته خط بعصاه مدنا على الرمال لنراها بعد فترة قياسية حقائق متجسدة في دولة هي اليوم مفخرة لكل العرب ·ونقابل بكل تقدير ومودة ووفاء في هذه المناسبة أولئك الرواد ونسجل حقيقة ''زايد·· تاريخ إنسان وحضارة وطن'' من خلال الاستماع إليهم مباشرة وهم يتحدثون عن ذكراه العطرة وتجاربهم مع القائد والمعلم والأخ وننقل عنهم بدايات مهمة في تاريخ الإمارات وهو التاريخ الذي عاصره جل من التقينا بهم·الشيخ سالم بن مسلم بن حم واحد من هؤلاء، في محياه ترى تاريخ وطن وفي سماحته تكتشف شعبا تربى على مكارم الأخلاق والشهامة· يتذكر بن حم في مجلسه بالعين المؤسس الشيخ زايد قائلا ''في ذاكرة التاريخ هناك رجال نثروا عطرهم حبا للغير ومساعدة الآخرين ورغم ذلك هناك جوانب في حياتهم تعيش في الظل لا يدري بها أحد سوى المقربين منهم''·ويسترجع بذاكرته الزمان والمكان قائلا: كان المكان يتيم المعالم موحش القسمات· صحراء شاسعة ذات تلال وكثبان خادعة كسرابها·كانت شمس الصحراء هي الشيء الوحيد تقريبا الذي يشعر الإنسان بالتغيير عندما تطل بسرعة من الشرق وترحل بطيئة كغلي المرجل ثم تتوارى بعد يوم سحيق بالحر والعرق· كان الوقت عصيبا والزمن جائرا علينا والمرحلة عنوانها'' الشدة'' لم يغيرها إلا زعامة زايد لنا ومعدن الرجال يظهر عند الشدائد وزايد عمل بإخلاص وبذل الجهد وأجزل العطاء ووضع هدفا استراتيجيا يبدأ بخطة عمل تطرح مسائل النجاح والفشل ليقود بنجاح أكبر وحدة عربية في التاريخ الحديث· الحاضر والمستقبل وأكد أن زايد الخير عقل استشراف الحاضر والمستقبل البعيد وبعد اكتمال الوحدة الوطنية وتسمية دولة الإمارات العربية جاء الفصل الأهم والأصعب كيف يتم تدبير المال للإعاشة والبدء بالتوطين وفتح المدارس وصرف رواتب العاملين· ومع الأمل بوجود مصدر كبير للدخل جاءت قراءته لعالمه في تلك اللحظة ماهي الإمبراطوريات الآفلة والقادمة وكيف ستتغير موازين القوى العالمية ومن لديه القدرة على فتح الميادين التجارية والبحث في باطن الأرض عن الثروات· وكان أن تم الاكتشاف والاستخراج للنفط ليسد أول الثغرات في مصادر الدخل وتبدأ قصص أخرى في الدمج بين المدني والبدوي ووضع أسس الدولة الحديثة في إنشاء الوزارات والدوائر والربط بين الجهات المتباعدة مع العاصمة في حكم واحد ونظام واحد ·وأضاف: ما بين الميلاد والموت··رحلة عطاء طويلة، قطعها الشيخ زايد ''طيب الله ثراه'' بنى خلالها آمالا كبيرة بينه وبين نفسه والآمال الكبيرة تبدأ بأحلام صغيرة لقد كان يحلم ببناء مجتمع جديد تختفي منه تلك المعاناة مجتمع فيه المدرسة،العيادة·السكن النظيف ومضة الكهرباء والماء النقي كان يتأمل أبناء البدو والمزارعين والصيادين ويتخيل بينهم الطبيب والمدرس والمهندس والضابط·وتابع: كان زايد يرسم في ذهنه صورة مجتمع تضيئه شمس الحضارة وتغمره الرفاهية حتى قبل إن يتدفق النفط من جوف الأرض في أبوظبي وكان يحلم بجيل ينهل من العلم حتى الارتواء· الحلم والحقيقة: ويسترجع بن حم ذكرياته مع الشيخ زايد قائلا: كان كثيرا ما يقف وليس من حوله شيء ثم يقول لنا كلمات كانت غريبة علينا في ذلك الوقت فقد كان يملك في فكره وصدره أعظم شيء كان فكره يعرف الطريق الصحيح وصدره يحتضن آمال أمته ثم ما نلبث بعد زمن طال أو قصر أن نرى الكلام الغريب حقائق شاخصة أمام عيوننا· وبهذا الخصوص يتذكر خمسينات القرن الماضي عندما كان الأهالي يحتفظون بأموالهم في المنازل داخل قطعة من القماش حيث لا وجود للبنوك في تلك الفترة إلا أن الشيخ زايد قال له ''يا سالم سيأتي وقت نقودك لا تحملها معك في حلك وترحالك بل ستجدها أمامك''·وأردف قائلا: ذهب بي خيالي في ذلك الوقت أن هذا الأمر صعب إن لم يكن مستحيلا· ومع مرور الأيام صدق كلام زايد لأنه كان يرى ما لا يراه الآخرون وتحقق كلامه حيث انتشرت البنوك في الدولة وتعددت أنواع المعاملات البنكية بما فيها التحويلات الخارجية· رحلات خارجية وقال: رافقت الشيخ زايد في حله وترحاله في الوطن وخارج الحدود منذ بدأ الشيخ زايد أول زيارة له إلى بريطانيا عام 1953 ومنها إلى دول أخرى كأميركا ولبنان والعراق ومصر وسوريا والهند وإيران فتعرف على العالم الخارجي وأصبح لديه رؤية واضحة وزادت من قناعته بمدى حاجة البلاد إلى التنمية والتطور واللحاق بركب الحضارة والتقدم· واضاف بن حم ''الشيخ زايد شخصية تلاقت فيها الأبوة والرحمة مع الحزم وإحقاق الحق فصنع تاريخا مضيئا يجب أن نعرف أسراره ولابد من ديمومة إعادة قراءته لأنه شخصيتنا وثبات وحدتنا وبالتالي لا يجوز أن تنعزل الأجيال عن قصة مجد صنعها رجل فذ استطاع أن يجعل هذا الكيان أسطورة عمل فريد ووحدة رائدة''· ومضى يقول: ربما يكون أهم جانب في شخصية هذا الرجل الفريد هو بساطته وتواضعه الشديدان وهما خصلتان استلهم منهما أسلوبه في إدارة شؤون الحكم وتمثل هذا التواضع في أنه لم يكن يدعي عصمة من الخطأ ولا تكبرا وترفعا يبعده عن رعيته· ويستحضر الرجل قائلا: يعجز القلب واللسان عن وصف تواضع الشيخ زايد ''رحمه الله'' فكان يقود سيارته في شوارع وطرقات العين بنفسه ولم يكن يرافقه أي حراس أو سيارات حراسة وعندما يرانا يوقفها ويترجل للسلام علينا ويأمرنا أن نركب معه ويطلب منا إما أن يأخذنا لوجهتنا أو إذا كان لدينا وقت يطلب منا الذهاب معه للقصر من أجل الحديث عن أحوال المواطنين والبلد ويصر على أن نتناول طعام الغداء أو العشاء معه· وأكد أن زايد كان يهتم كثيرا بمعرفة أحوال الأهالي وأوضاعهم ويصر في جولاته التفقدية أن يسير أمام المنازل الشعبية وفي أوقات مختلفة حتى يرى بأم عينه الأوضاع المعيشية للشعب وكان يلتقي بكل من يراهم أمام منازلهم ويتحدث معهم ويستمع لطلباتهم بدون تذمر أو تملل ويأمر بتنفيذها·وأضاف ''زايد سخر حياته لتأمين الاستقرار والرخاء لشعبه دون كلل أو ملل''·وقال بن حم: كانت العين والمناطق التابعة لها عبارة عن صحراء قاحلة وأرض جرداء إلا أنها شهدت ثورة خضراء ونهضة حضارية هائلة بفضل الاهتمام والرعاية الكبيرة التي أولاها فقيد الوطن والأمة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان لمشاريع تطوير العين منذ أن عين حاكما عليها عام ·1946وتابع: كان رحمه الله يتوقف عند الأشجار المهملة واليابسة ذات اللون الأصفر ويعتني بها ويخدمها ويعلمنا طرق ريها وتسميدها وكيف نعتني بها ونرعاها ويأمر بتوصيل الماء لها قبل إن يغادر المكان ويتوقف عند شجرة أخرى آيلة للسقوط فيقومها ويربطها ويوصينا خيرا بمثل هذه الأشجار قبل أن يغادر المكان · المشاركة الوطنية وأردف قائلا: بالرغم من أن المواطن يستطيع أن يشارك ويصل بصوته ومطلبه عبر مؤسسات الدولة المختلفة إلا أن الجولات السنوية التي سبقت هذه المؤسسات واستمرت بعدها ستظل دوما لها خصوصيتها لأنها أعمق بكثير من مجرد لقاء أنها حالة انصهار وتوحد في بوتقة سياسية كبيرة يوضح القائد من خلالها أبعاد ما يجري محليا وإقليميا ودوليا ويحدد أولويات العمل الوطني ومتطلبات التنمية· وفي ما يتعلق بمواقفه السياسية والوطنية قال: إن شعوب الأقطار العربية والإسلامية كافة تشهد لزايد بأن اهتمامه بتأمين الرفاهية لشعبه لم يشغله أبدا عن أمته العربية والاهتمام بأمورها وقضاياها فكان من أكثر الداعمين لقضايا العروبة· التضامن: وأضاف بن حم: كان دور الشيخ زايد فاعلا في تقوية روابط الأخوة ووشائج القربى على الصعيدين الإقليمي والدولي والعربي فضلا عن إسهاماته المثمرة في بناء علاقات دولية قائمة على الاحترام المتبادل بين الشعوب ومرتكزة على مبادئ الحق والعدل والمساواة· وقال ''آمن زايد بأنه لا نصر ولا رفعة للأمة العربية إلا بالتضامن والوحدة والتآزر''· ويتذكر في هذا الصدد مقولة سموه رحمه الله ''النفط ليس أغلى من الدم العربي''· العين ويتطرق الشيخ سالم بن مسلم بن حم في حديثه للعلاقة الحميمة التي ربطت بين زايد المؤسس والباني وبين العين منذ سنوات الصبا والشباب ويكشف عن مظاهــــر الحيـــاة الشاقــــة في ذلـــــك الوقت ''فــــلا وجـــود للكهرباء والمدارس والطرقات والمستشفيات ''· ويسترجع أيام العين عندما كان لا يوجد بالمكان إلا أربع سيارات قائلا: في البداية لم نعرف سوى أربع سيارات الأولى عند المرحوم الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان والثانية عند المرحوم الشيخ محمد بن خليفة آل نهيان والثالثة عند المرحوم الشيخ هزاع بن سلطان آل نهيان والرابعة عند المرحوم الشيخ زايد، كما لم نعرف طرق الإسفلت المعبدة الموجودة بكثرة في هذه الأيام، وكان يأمرنا الشيخ زايد بجمع أغصان الأشجار اليابسة ومرابيع الخشب ووضعها بجانب بعضها البعض فوق المناطق الرملية الوعرة حتى تمر السيارات فوقها مسرعة ولا تغرز في الرمل· القنص والفروسية وأكد أن الشيخ زايد كان مولعا بالقنص والصيد وكان يعشق رحلات القنص في ربوع الإمارات وخارجها '' فقد كان زايد قناصا بارعا يهوى الصيد بالصقور ويمضي فصل الشتاء في القنص وأحب الصقور لقلبه·الحر والشاهين وينظم مع رفاقه رحلات للصيد والقنص يعود بعدها إلى أبوظبي أو العين·وأضاف: كان فارسا مغوارا يحب ركوب الإبل والخيل وحتى في شهر رمضان كان يركب الخيل ويذهب للقنص وهو صائم·ومضى يقول: علمنا زايد أدق تفاصيل وأسرار الطيور وعرفنا منه أن الحر أقدر في القنص من الشاهين على الرغم أن الشاهين أسرع· وقال: كان زايد لا يعتبر رحلات الصيد والقنص للترفية فقط بل كان يعتبرها للعمل ولا تخلو رحلة القنص من جلوسه إلى الناس والتحدث معهم بكل صراحة حول كل ما يدور في أذهانهم ويستمع إلى رغباتهم وتطلعاتهم بصدر رحب·وأضاف: منذ بدأ عهده أيقن أبناء وطنه وأمته أنهم إزاء حاكم استثنائي تلخصت فيه كل معاني الإنسانية وهي معان صارت أساسا راسخا لمسيرته الطويلة وكان فقيد الوطن بحق نصيرا للإنسانية وتعدت إنسانيته الإمارات التي غمرها حبا وعطاء لتصل إلى شتى بقاع الدنيا ونقش أسمه بأحرف من نور ليس في التاريخ فحسب ولكن في قلوب البسطاء والمحتاجين الذين مد إليهم يد العون والمساعدة فأقام لهم دور العبادة والمستشفيات والمؤسسات الخيرية التي بدلت حياتهم من معاناة وكرب إلى هناء وعز · الأولويات أكد بن حم أن أولويات زايد كانت إقامة المدارس والمساكن والخدمات الطبية وإنشاء المطارات والموانئ وشق الطرقات وبناء الجسور وانقلبت الإمارات التي كانت في أحضان الرمال قبل أن يأتي زايد إلى أكبر ورشة عمل في كل اتجاه وأصبح هدير الآلات في كل مكان وانتقل آلاف الأهالي من منازل العريش والطين إلى البيوت الصحية النظيفة وامتدت الطرق الحديثة فوق رمال الصحراء ودخلت المياه العذبة والكهرباء إلى كل بيت وانتقل التعليم من نظام الكتاتيب إلى المدارس العصرية وانتشرت المدارس على اختلاف مراحلها في كل بقعة من البلاد وفتحت عشرات الفصول الجديدة لمحو أمية من فاتهم قطار التعليم وبدأت العيادات في تقديم خدماتها الطبية للبدو في الصحراء بعد أن حرموا من الرعاية الصحية طويلا ونجحت المسيرة في تعويض قرون من التخلف والجمود· وتابع ''كان يسير على قدميه في وهج الصيف اللاهب وفي مواقع غزيرة الرمال يتابع سير العمل في المشروعات ليصنع من الصحراء جنة''·وأضاف بن حم: كان الشيخ زايد يتابع كل صغيرة وكبيرة ولا يترك أمرا إلا بت فيه وفي جعبته حل لكل معضلة· وعندما طالت يد التعمير جزيرة صير بني ياس تذمر العمال من طبيعة الجزيرة وكثرة انتشار الزواحف بها وتوقفوا عن العمل خوفا من الزواحف ولبعدها من المستشفيات وعندما وصل الخبر للشيخ زايد أمر بصرف مكافآت تشجيعية لهم فتحول إضرابهم عن العمل إلى عزيمة وإصرار من أجل الإمساك بالزواحف الموجودة وتنظيف الجزيرة منها لدرجة أن العمال تركوا أعمالهم وهبوا لتنظيف الجزيرة·ومضى يقول ''كانت أبوظبي والعين وكل شبر في الإمارات يستأثر بجل اهتمامه وخدم الإمارات بإخلاص وجد· كل فعل يفعله كان طيبا ويسر القلب ويسعد النظر''· تاريخ حافل قال بن حم في ختام حديثه : لابد أن نعترف أنه من الصعب علينا أن نسطر كل ما يجيش في صدورنا وصدور كل المحبين لزايد الخير فللرجل تاريخ حافل بأسطر نيرة ومضيئة ومسيرة عطاء تمتد آثارها ومعالمها على طول وعرض ساحة الوطن العربي وبلدان إسلامية كثيرة وله في وطنه ثمار جهد وتعب متواصل حققت نهضة عملاقة يتباهى بها أبناء الإمارات ويواصلون مع قائدهم دروب نمائهم وعزتهم· الرحلة من أبو ظبي إلى العين قال بن حم: كانت رحلتنا من العين إلى أبوظبي تستغرق ما بين 5 إلى 6 أيام على الإبل وقبل وصولنا لأبوظبي تبدأ رحلة جديدة وطويلة اسمها رحلة الانتظار أمام الخور فإذا رأينا أن منسوب الماء زاد في الخور والماء ارتفع ننتظر حتى ييبس الخور ويجف الماء خاصة عند غياب القمر فإذا قل منسوب الماء وانخفض عن مستوى بطن الركاب جاءنا الفرج ونبدأ رحلة عبوره بالإبل· من جانب آخر قال: زمن أول يحضر لنا عدد قليل من أهالي أبوظبي المقتدرين في الصيف للمقيظ والهرب من حرارة ورطوبة الساحل والتمتع بأكل الرطب تحت ظلال النخيل الباردة وأذكر عندما حكم زايد زاد عدد الأهالي الذين حضروا للعين بصورة ملحوظة وهل علينا الأهالي من كل حدب وصوب في الدولة لأن الكل أصبح مقتدرا بفضل الله ثم بفضل زايد·وأضاف: ظل هذا حالنا حتى جاءت الثروة والمعدات وتعدل كل شيء إلى الأحسن وبدأ زايد يهتم بالمنطقة فعرفنا أول مستشفى وهو مستشفى :كندي'' الذي يسمى الآن ''الواحة'' ويقع جنوب مدينة العين· وأوضح أن الشيخ زايد حقق في العين طفرة عمرانية هائلة، ومعجزة خضراء أثارت دهشة الخبراء والمراقبين في مختلف أنحاء العالم· زرع القيم قال بن حم : ''زايد لم يزرع الصحراء فحسب بل زرع فينا الفضائل والمكارم وغرس الحب والعطاء فحصد العرفان والوفاء''·وفي هذا الصدد قال: من أهم المسائل التي كان زايد يوليها اهتمامه الأول مسألة توفير المياه حيث أن شح المياه وقلة مصادرها وندرتها وما يتبعها من مشاكل بين الأهالي كانت الهاجس الأول عند زايد فبادر إلى عمل كل ما في وسعه ليجعل الماء ينساب بوفرة وبدأ بإصلاح الافلاج القديمة المهملة وأهتم بحفر المزيد من الافلاج الجديدة لتفي بالغرض المطلوب وقد كان فلج ''الصاروج'' أولها والذي استوجب حفره جهدا كبيرا وسنوات عديدة كان خلالها زايد أول المشاركين بالحفر وضحى بوقته واقفا بيننا ولم يبخل بماله وأفكاره وتعليماته ليرشدنا إلى المسار الصحيح للفلج وتكللت أعماله بالنجاح وتدفقت المياه غزيرة من فلج الصاروج وغيره من الافلاج لينساب الماء عبر السواقي بين المزارع ويصل إلى القاصي والداني، الغني والفقير،ومن هنا بدأت الخضرة والحياة تدب كما لم تكن من قبل مؤذنة ببداية عهد جديد مع الخصب والنماء· العدل قال بن حم : عندما حكم زايد استراح الناس وشعرنا بالأمان الذي بثه بين جميع القبائل التي عدل زايد أمورها بالعدل والأمان وأصبحنا نعيش بروح الأسرة الواحدة فالعدالة تسود الجميع وزايد هو أب الجميع يستقبلنا ويجلس معنا تحت ظلال شجرة خارج قصر المويجعي وأعلن منذ توليه مقاليد الحكم تسخير الثروات من أجل بناء تقدم الوطن ورفع مستوى معيشة المواطنين· ويرجع بن حم بالذاكرة إلى عام 1974 أثناء انعقاد مؤتمر القمة الإسلامي الثاني في مدينة لاهور الباكستانية قائلا: كان الشيخ زايد يرأس وفد الدولة وأثناء جلوسنا في إحدى زوايا ردهات المؤتمر تقدم صحفي بريطاني واقترب من الشيخ زايد محاولا الوصول إليه لإجراء حديث معه وبينما حاول الحرس منعه من ذلك شاهد الشيخ زايد هذا الموقف وطلب من الحرس السماح للصحفي بالاقتراب وأمره بالجلوس بجواره مستفسرا عن رغبته وحاجته إلا أن الصحفي بادره بسؤال قائلا: معروف عن سموكم ترفيه الشعب فتغدق عليهم المال والكماليات والممتلكات وتوفر لهم الخدمات والسكن الفاخر والرعاية الصحية والتعليم مجانا بدون أي مقابل حتى ولو كان رمزيا·فما هو رد سموكم؟ يضيف: شعرنا بصعوبة الإجابة وبدأ كل واحد منا يفكر في إجابة للسؤال الصعب ولكن الشيخ زايد بادرنا جميعا بالإجابة وكأنها حاضرة في ذهنه منذ زمن بعيد وعلى الفور وبدون تردد سأل الصحفي: هل أنت متزوج؟·وهل لديك أطفال؟ وهل تتكفل بعلاج وتعليم أبنائك وتوفر لهم الخدمات الضرورية؟· فأجابه بنعم· وهنا أقترب الشيخ زايد منه قليلا وكأنه يهمس في أذنه وأجابه قائلا: أنا عندي يقين راسخ أن شعب الإمارات هم جميعا أبنائي وأنا الأب المسؤول عن توفير كل احتياجاتهم ومستلزماتهم الضرورية مثلما توفر أنت حاجات أبنائك· وأنهى إجابته بالقول ''اللي ما يربي عياله في حياته متى يربيهم''· وهنا ذهلنا جميعا برد زايد وإجاباته المحكمة بمن فيهم الصحفي البريطاني الذي ابتسم ابتسامة خفيفة وانسحب بهدوء·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©