الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قناعة الأمر الواقع

20 نوفمبر 2010 20:37
قد نستطيع فرض أمر ما بمنطق وسياسة الأمر الواقع، ولكن هذا الأمر سيذهب أدراج الرياح، بمجرد زوال أدوات الضغط والفرض، بل يمكن أن يأتي بنتائج عكسية، تخالف إرادتنا، ورغبتنا، وتكون وبالاً علينا. الإقناع بالحجة الواضحة البيّنة، هو الطريق الأمثل، للوصول للآخر، وقد أوتي العرب منذ القدم الكثير من القدرة على الإقناع ، والاقتناع في الوقت نفسه، فهم يسمعون الآخر، ويقتنعون بحججه ما دامت مقبولة عقلياً ومنطقياً، ولا يجدون غضاضة في الاعتراف بالخطأ حين يخطئون. ويحفل التاريخ بمواقف تؤكد أهمية الإقناع في رسوخ المفاهيم، فها هو النجاشي ملك الحبشة يستقبل المهاجرين من المسلمين، ويستمع إليهم، ويرفض أن يردهم قبل أن يسمع حجتهم، وأخبر وفد قريش المطارد، بأنه سيستمع لهم أولاً، واستمع للمهاجرين، ورد هدايا قريش، بعدما أجار المهاجرين المسلمين. حين تمر القناعات بطريق العقل ترسخ وتتمكن من القلوب، والأذهان، فتصبح مبدأ للإنسان يتمسك به ويكون مستعداً للتضحية من أجله، بأغلى ما يملك. والحوار المقنع حوار راق أدبياً وأخلاقياً، وقد ابتدأت رسالة الإسلام بالإقناع فأراد الخالق البيان والتوضيح سبيلاً للإقناع «اقرأ باسم ربك، الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم»العلق1-5. وقد حفل كتاب الله تعالى بالحوارات التي كانت طريقاً من طرق الإقناع لما أُتي بالهُرمزان أسيراً إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قيل له: يا أمير المؤمنين، هذا زعيم العجم، وصاحب رُستم، فقال له عمر رضي الله عنه: أعرِض عليك الإسلام نُصحاً لك في عاجلك وآجلك. فقال: إنما أعتقد ما أنا عليه، ولا أرغب في الإسلام رهبةً. فدعا عمر بالسيف، فلما همّ بقتله، قال: يا أمير المؤمنين، شربة من ماء هي أفضل من قتلي على الظمأ، فأمر له بشربة من ماء، فلما أخذها الهُرمزان قال: يا أمير المؤمنين، أنا آمِن حتى أشربها؟ قال: نعم، فرمى بها، وقال: الوفاء - يا أمير المؤمنين - نور أبلج! قال: صدقت! لك التوقف عنك، والنظر فيك، ارفعوا عنه السيف! فقال: يا أمير المؤمنين، الآن أشهدُ أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، وما جاء به حق من عنده. فقال عمر: أسلمتَ خير إسلام، فما أخّرك؟ قال: كرهت أن يُظنّ بي أني إنما أسلمت خوفاً من السيف، ثم أمر ببِرّه وإكرامه! الشافعي: قالوا سكتّ وقد خوصمت قلتُ لهم إنَّ الجـــــوابَ لبــابِ الشــرِّ مفتــاحُ والصمَّتُ عن جاهلٍ أو أحمـقٍ شـرفُ وفيه أيـضاً لصـــونِ العـرضِ إصـلاحُ أما تَرَى الأُسْدَ تُخْشى وهْي صَــامِتة ٌ؟ والكلـــبُ يخـسى لعمــري وهو نباحُ ويقول ابن نباتة المصري: مرآتــــــك العقــــل كــل وقــــت تريـــك مــن نفســـــك الخفايـــا فــلا تحكـــم هــــــواك فيهــــــا إنّ الهــــوى يصــــــــدئ المرايــا إسماعيل ديب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©