الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العربية أولاً.. والأجنبية ثانياً

العربية أولاً.. والأجنبية ثانياً
10 سبتمبر 2014 01:09
تنامى في السنوات الأخيرة اهتمام الأسر بإلحاق أبنائهم بالمدارس الخاصة، وتحديداً تلك التي تعتمد مناهج انجليزية ومدرسين أجانب، سعياً من أولياء الأمور لاكتساب أولادهم لغة إنجليزية جيدة، يستطيعون من خلالها ضمان مستقبلهم الجامعي والوظيفي والحياتي، الذي يتطلب إجادة لغة العصر من وجهة نظرهم. وهذا يشكل خطراً عظيماً على هويتنا الوطنية، فكل أمة تعتز بحضارتها وثقافتها وبلغتها بطبيعة الحال، فاللغة مكون أساسي لهوية الأمة تجمع الألسنة والقلوب والعقول، واعتزاز الأمم الأخرى بلغاتها رد عملي على من يدعي ارتباط التقدم بالتخلي عن لغتنا وهويتنا، فدول كألمانيا واليابان وكوريا وغيرها هي دول متقدمة، ورغم ذلك متمسكة بلغاتها ويتم التدريس فيها باللغة الوطنية الأم. وفي هذه المقالة لا أطالب الآباء والأمهات بعدم تعليم اللغة الإنجليزية لأولادهم، بل ألا يكون ذلك على حساب لغتنا العربية التي يجب أن تكون في مقدمة أولوياتنا التربوية، فعلم ابنك وابنتك العربية أولاً وباستمرار، ثم احرص على اللغات الأخرى إن أردت. إن أهمية الشيء تدفع الإنسان إلى العناية به، خاصةً إن كان يرتبط بتلبية حاجة أو تحقيق مصلحة، فعندما تنتشر قناعة عامة في المجتمع بأن من يجيد اللغة الانجليزية ستكون فرصته أقوى في الحياة، من حيث التخصص الدراسي والمنصب الوظيفي وأيضاً في مواقف الحياة المختلفة كالسفر والتسوق، فإنها تؤدي إلى زيادة الاهتمام بها والانكباب عليها، فهل هناك دافع قوي يجعل الناس تتقبل اللغة العربية وتقبل عليها؟ الجواب نعم، والدافع الأساسي هو فهم القرآن والسنة، فكلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم باللغة العربية، ومن أراد أن يتعلم أحكام الشريعة فلابد أن يكون ملماً بالقدر الكافي من العربية، هذا الدافع الأساسي لكل مسلم لتعلم العربية الفصحى. إننا بحاجة لغرس الحب والاعتزاز والاقتناع والتقدير نحو اللغة العربية، وهناك أيضاً دوافع أخرى نحو هذا الاتجاه، منها أن اللغة العربية غنية بالمفردات والأساليب، وتتصف بقوة المبنى والمعنى، وبجمال التعبير ودقته، وهي لغة لما يقارب 300 مليون نسمة. كما أن التوقعات تشير إلى أن العربية ستنتشر عالمياً في المرحلة القادمة، فهناك الكثير من البرامج والمشروعات الضخمة لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، وتنظم أيضاً مؤتمرات بهذا الشأن، وتجرى العديد من الدراسات والبحوث، كما أن تزايد أعداد المهتدين لدين الإسلام وحرصهم على تعلم العربية من الأمور التي تجعلنا نتفاءل بمستقبل اللغة العربية. على الصعيد المحلي نجد اهتماماً مباشراً من قيادتنا الرشيدة بالحفاظ على الهوية الوطنية بشكل عام، وتعزيز حضور اللغة العربية وتمكينها بشكل خاص، فتجد العديد من المبادرات والأنشطة، وتتم الكثير من المناقشات والمطالبات، ولكننا في نظري بحاجة إلى خطة واضحة المعالم لتمكين اللغة العربية رسمياً ومجتمعياً، فعندما يكون العمل– أي عمل– مدروساً ومخططاً تكون فاعليته أكبر، وفرصة نجاحه أوفر. إن النتائج المأمولة والمستقبل المنشود هو أن ينتقل المجتمع إلى حالة فضلى مع «العربية»، يستسيغ فيها الاستماع إليها ويفهم معانيها بوضوح ويتقبل حضورها في شتى المجالات، ويكون الفرد قادراً على التحدث والكتابة بها بكل سلاسة ودون أخطاء مخلة، وفي اعتقادي أن هذا هو الهدف الواقعي للمرحلة الحالية فليس المطلوب أن يكون الجميع فطاحل وعباقرة في اللغة العربية بقدر ما هو مطلوب أن يجيد القدر العقول منها. كما أن الجزء الثاني من مستهدفات تمكين العربية هو الاستخدامات الرسمية، وأعني أن تفعل كلغة رسمية للبلاد في التعليم والعمل والإعلام. إن نشر اللغة العربية في أوساط الناطقين بغيرها كالمسلمين الجدد أو المتطلعين لتعلم ثقافات ولغات جديدة، سيساعد كثيراً على الثقة بالذات وسيسرع التمكين على الصعيد المجتمعي، وهنا نلفت إلى أهمية التمسك باللغة السليمة الصحيحة في التعاملات اليومية مع أفراد الجاليات الآسيوية من العمال الذين تتكرر تعاملاتنا معهم. لقد أثبتت التجارب أن من يريد دفع الجماهير نحو اتجاه معين فمن المهم اتباع أسلوب التحفيز، ولهذا يجب العناية باستحداث جوائز ومسابقات للإبداعات اللغوية حتى تؤدي دور التشجيع للشباب والمجتمع ككل، ولكن يبقى ربط إجادة الفصحى بفرص عملية وحياتية أكبر حافز للاهتمام بها، وتبقى قوة الأمة العلمية والإنتاجية حجر الأساس في التمكين العالمي للغة العربية. سليمان أحمد الظهوري- عجمان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©