السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

80 ألف دولار لفصل روائي بخط مارك توين.. و50 ألفاً من الإصدارات الفرنسية تتحول إلى كتب إلكترونية

80 ألف دولار لفصل روائي بخط مارك توين.. و50 ألفاً من الإصدارات الفرنسية تتحول إلى كتب إلكترونية
20 نوفمبر 2010 22:54
تناقلت وكالات الأنباء في اليومين الاخيرين خبرين ذي دلالات خاصة يحسن بنا التوقف عندهما طويلاً، الخبر الأول مفاده أن فصلاً من رواية «متشرد في الخارج» للمؤلف الأميركي مارك توين، حقق رقماً قياسياً في مزاد خصص لكتب قيمة ومخطوطات في الولايات المتحدة الأميركية، حيث بيع الفصل بمبلغ 79,300 دولار أميركي وأن مقالاً مدرسياً، كتبه الروائي أرنست هيمنجواي خلال دراسته الثانوية بيع بمبلغ 7320 دولارا، فيما بيعت وثيقة لشركة بوتوماك وقع عليها جورج واشنطن بنحو 9670 دولاراً. ورغم أن المزاد ضم وثائق عليها توقيعات أدباء ومبدعين مشاهير مثل ليو تولستوي وبوريس باسترناك واوجستي رودن وهنري ماتيس لم يأت الخبر على ذكر بـ «كم» بيعت، إلا أنه في حد ذاته حمل رسالة واضحة عن الاهمية التي يحظى بها المبدع في تلك الديار والعناية التي يحظى بها منتوجه الإبداعي حياً وميتاً، في حين بالكاد نحتفي نحن بمبدعينا عند موتهم. أما الخبر الثاني فهو إعلان مجموعة جوجل الأميركية ودار «هاشيت» الفرنسية للنشر عن توقيع مذكرة تفاهم حول شروط قيام جوجل بتحويل اصدارات «هاشيت» التي تملك حقوقها الى كتب رقمية. خبران ربما لا يعنيان شيئاً للبعض، اللهم إلا صلاحيتهما ليكونا خبراً تتناقله وسائل الإعلام، فمن المألوف في الغرب عموماً أن يحظى الأدب والفن والإبداع بأشكاله كافة بالاهتمام والتقدير والتثمين ليس المعنوي فقط، بل والمادي أيضاً. ولا يسع المرء إلا أن يشعر بالحسرة أمام أخبار كهذه، وتكفي مقارنة بسيطة لكي يجد المرء نماذج لا تعد ولا تحصى على ما يتمتع به الأدباء والمفكرون والمبدعون في الغرب من تقدير وعناية واهتمام، في مقابل ما «يحظى» به المبدع العربي من إهمال وتغييب في المجمل. لكن الخبر يكتسب أهمية خاصة بالنسبة إلينا نحن العرب، عندما نعلم أن «الاتفاق النشري» يشمل 40 إلى 50 ألفاً من الإصدارات التي لم تعد متوفرة حالياً. أكثر من ذلك، أن الاتفاق ليس حصرياً وأنه يمكن أن يشمل كل الكتاب الفرنسيين الذين يرغبون في ذلك، أي في تحويل كتبهم إلى كتب إلكترونية. المدة الزمنية المقررة لإنجاز العمل هي الأشهر الستة المقبلة (تماماً كما يحدث في اتفاقاتنا!)، ستة أشهر فقط تكفي هناك لإنجاز عمل من هذا النوع، ولا عجب في ذلك، ففي غضون الأعوام الستة الماضية قامت جوجل بتحويل أكثر من 12 مليون إصدار في العالم الى كتب رقمية، أي بواقع مليوني إصدار لكل سنة، فماذا عن إصداراتنا نحن؟ ماذا عن أمهات كتبـ (نا)؟ ماذا عن الكنوز الإبداعية والمكتبات التي لا تجد من يعتني بها؟ ماذا عن حجم وجودنا أصلاً - ناهيك عن نوعيته - على الإنترنت؟ أسئلة كثيرة، جارحة وممضة تثب إلى العقل كلما قرأ المرء خبراً من هذا النوع، لا يملك أمامه سوى الحسرة على الحال العربية. بالطبع، لا يتوقع المرء أن يكون في العالم العربي هذا النوع من الاهتمام لأسباب كثيرة بعضها يتعلق بالمبدعين أنفسهم، وبمستوى ما ينتجونه من إبداع، فالمبدع العربي (إلا في استثناءات نادرة) لا يكاد ينتج فكراً نوعياً أو يقدم إسهامات فلسفية مهمة روائياً أو اجتراحات وفتوحات مغايرة نقدياً كما هي الحال مع (غالبية) الشعراء والروائيين والنقاد في الغرب. والفاقة التي يعانيها المبدع العربي ليست فاقة مادية فقط بل و«فاقة إبداعية» أيضاً، وفي ظل هذه الحال يبدو خبراً عن مبدع عربي من طراز الخبر المتعلق بمارك مارك توين أو هيمنجواي أو غيرهما، أشبه بالخيال العلمي. لكن كل ذلك لا يمنع من أن الأمل بأن يحظى المبدع العربي بقليل من التقدير، وأن تجد إبداعاته بعض الاهتمام. أما جوجل فغنية عن التعريف، وأما مارك توين، الكاتب الأميركي الشهير بسخريته، فهو «صمويل لانغورن كليمنس» (Samuel Langhorne Clemens‏) ولد في 30 نوفمبر 1835 وتوفي في 21 أبريل 1910. وعرف برواياته «مغامرات هكلبيري فين» (1884) التي وصفت بأنها «الرواية الأميركية العظيمة» ومغامرات «توم سوير» (1876). وقد نقلت عنه الكثير من الأقوال المأثورة والساخرة، وكان صديقاً للعديد من الرؤساء والفنانين ورجال الصناعة وأفراد الأسر المالكة الأوروبية، ووصف بعد وفاته بأنه «أعظم الساخرين الأميركيين في عصره»، كما لقبه وليم فوكنر بـ «أبو الأدب الأميركي». بدأ توين كصبي في مطبعة، ثم في صف الحروف (typesetting‏) وكتابة المقالات و«الاسكتشات» الساخرة لجريدة هانيبال، التي كان يملكها شقيقه أوريون، ثم قائداً لسفينة بخارية، ولما اندلعت الحرب الأهلية الأميركية سنة 1861 وتوقفت الملاحة في نهر المسيسيبي التحق بشقيقه أوريون الذي عين سنة 1861 سكرتيراً لجيمس ناي حاكم منطقة نيفادا وارتحلا إلى الغرب في عربة عبرت بهما منطقة السهول العظمى وجبال روكي زارا خلالها مجتمع المورمون في مدينة سولت ليك سيتي، وهي التجربة التي استلهم منها توين كتابه «الحياة الخشنة» (Roughing It‏) وكانت مصدر إلهام له في كتابة مجموعته القصصية المسماة «الضفدعة النطاطة المحتفى بها القادمة من مقاطعة كالافيراس»، ثم عمل في مناجم الفضة في ولاية نيفادا، ثم وجد عملاً في جريدة «تيريتوريال إنتربرايز» (المشروع الإقليمي) التي استخدم فيها لأول مرة اسمه الأدبي الشهير «مارك توين» عندما ذيَّل إحدى مقالاته بهذا التوقيع في 3 فبراير 1863. وانتقل سنة 1864 الى سان فرانسيسكو حيث استمر في ممارسة العمل الصحفي، وهناك التقى بعض الكتاب من أمثال بريت هارت وأرتيموس وورد ودان ديكويل. حقق توين أول نجاحاته الأدبية عندما نشر قصته الطويلة «الضفدعة النطاطة المحتفى بها القادمة من مقاطعة كالافيراس» في جريدة «نيويورك ساترداي برس» في 18 نوفمبر 1865، وهي القصة التي لفتت الأنظار إليه. وفي العام التالي، سافر إلى جزر ساندويتش (هاواي الحالية) للعمل مراسلاً لجريدة «ساكرامنتو يونيون»، وقد حظيت القصص التي كتبها عن تلك الرحلات بشعبية كبيرة واتخذ منها مارك توين مادة محاضراته الأولى... ثم توالت رحلاته وكتبه ومنها: كتاب «الأبرياء في الخارج»، مغامرات توم سوير، والأمير والفقير، و«الحياة على المسيسيبي»، ومغامرات هكلبيري فين و«يانكي من كونيكتيكت في بلاط الملك آرثر» و«متشرد في الخارج» وغيرها... وفي سنة 1906 بدأ توين ينشر سيرته الذاتية في جريدة «نورث أميركان ريفيو»، وفي سنة 1907 منحته جامعة أكسفورد درجة الدكتوراه الفخرية في الآداب. وقد ذُكر أن توين قال ذات يوم: «لقد جئت إلى هذا العالم مع مذنب هالي سنة 1835، وها هو قادم ثانية العام القادم، وأنا أتوقع أن أذهب معه..». ولقد صدقت نبوءته؛ إذ توفي بأزمة قلبية في ريدنج بولاية كونيكتيكت في الثاني من أبريل 1910، بعد يوم واحد فقط من اقتراب المذنب من الأرض.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©