السبت 11 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قلق تايواني من سياسة الصين في هونج كونج!

9 سبتمبر 2014 22:52
نوح فيلدمان أستاذ القانون الدستوري والدولي في جامعة هارفارد أعلنت الصين في الآونة الأخيرة أنه يتعين موافقتها على الزعماء المنتخبين لهونج كونج في المستقبل. ويجب أن تهتم تايوان أكثر من هونج كونج نفسها بفحوى الإعلان والرسالة التي ينقلها لأنه يؤثر على تايوان وعبر المنطقة. وهونج كونج ليست مجرد كيان فريد فحسب داخل الصين خاضع نظرياً لنظام الحكم وفق مبدأ «بلد واحد ونظامان»، بل قد تمثل نموذجاً أولياً تستطيع تايوان أن تقيس عليه ما يمكنها توقعه إذا زادت الهيمنة الصينية على الجزيرة التي تدعي حق السيادة عليها. ورسالة الصين لهونج كونج تضع الديمقراطيين التايوانيين في مأزق استراتيجي صعب في مسعاهم لتأمين مستقبلهم. والإعلان الصيني له أيضاً عواقب على الجهود الأميركية للشراكة مع الحلفاء الآسيويين الذين يتقاربون مع الصين اقتصادياً كل يوم من الصين. والسياسة الرسمية للصين تجاه تايوان تشي بالسعي لإعادة إدماج الجزيرة في سيادة الصين القارية. وعندما تحدثت الصين رسمياً عما قد يحدث عند اتحاد تايوان مع الصين القارية، طرحت نموذج «بلد واحد ونظامين» الذي تبنته في هونج كونج بعد إعلان سيادتها عليها بعد استقلال الجزيرة عن الإمبراطورية البريطانية عام 1997. والإعلان الصيني ليس مجرد خطابة. فرغم أن تايوان كيان مستقل وديمقراطي ورأسمالية نشطة، إلا أن هويتها الصينية تمثل بنداً أساسياً في عقيدة قيادة الحزب الشيوعي الصيني وأيضاً لكثير من الصينيين العاديين. والأساس القومي للحق في ملكية الجزيرة يجعل تايوان قضية رمزية مهمة للحزب. وعمل كثيرون من المدافعين عن الديمقراطية الذين يتخذون من هونج كونج مقراً على الحفاظ على درجة من حرية التعبير واستقلال القضاء وتوسيع نطاق الديمقراطية الانتخابية. لكن الصين رفضت الانتخابات الحرة وأحدث إعلان يوضح أن هذا الرفض دائم فعلياً. والمرشحون لمنصب كبير المديرين التنفيذيين وهو أعلى منصب في هونج كونج يتعين أن توافق عليهم بكين قياساً على «حب البلاد وحب هونج كونج» لضمان وجود قيادة صديقة للحزب الشيوعي في المستقبل المنظور. والرسالة الموجهة للديمقراطيين التايوانيين واضحة ومفادها أن الصين لن تجري تجارب في الحريات الانتخابية في الكيانات التابعة لها. والصين تعرف أن تايوان سترصد تصرفاتها في هونج كونج، وبالتالي ستستنتج أن فوائد تقييد الديمقراطية تفوق أي كلفة قد تتكبدها الجزيرة في سبيل تمسكها بوجهة نظرها الخاصة. ومن وجهة نظر الصين، يمكن معرفة سبب خطورة الديمقراطية الانتخابية في هونج كونج. فإذا حققت الانتخابات نجاحاً على مستوى صغير في هونج كونج، فسيشتد عود نشطاء الديمقراطية في الصين. وربما يعتقد التايوانيون المتفائلون أن وضعهم سيكون مختلفاً عن هونج كونج إذا أصبحوا جزءاً من الصين. فعدد سكان تايوان أكبر بكثير من هونج كونج. وعلى خلاف هونج كونج التي كانت مستعمر سابقة تابعة للتاج البريطاني دون ديمقراطية انتخابية كاملة، أقامت تايوان على مهل مؤسسات ديمقراطية سياسية كاملة التكوين. لكن أيا من هذا لن يحمي تايوان من أن تلقى مصير هونج كونج. فحجم تايوان يجعلها أكثر تهديدا للأعراف السياسية في الصين القارية. ومؤسساتها القائمة تشكل تناقضاً واضحاً لحكم الحزب الشيوعي وهو غير مقبول. والعلم بأن الديمقراطية لا يمكن الحفاظ عليها في ظل الحكم الصيني يضع الديمقراطيين في تايوان في مأزق صعب. أيجب عليهم السعي لإعلان الاستقلال رسميا الآن وهو ما قد يستفز الصين إلى الدخول في مواجهة لكنه يكشف في نفس الوقت إذا ما كانت الولايات المتحدة ستقف معهم؟ أم يجب عليهم أن يتجنبوا إغضاب الصين والتمسك بأمل استمرار الوضع القائم لأطول وقت ممكن أملا في أن تصبح الحكومات الصينية في المستقبل إما أقل قومية أو أكثر ديمقراطية؟ وأحدث تطور متعلق بهونج كونج يعزز حجة المغامرة بالسعي للاستقلال. وتشير الصين إلى أنها لن تنشر الديمقراطية أثناء قيادة شي. وهذا يعني أن القومية- أو ما يقول شي إنه «الحلم الصيني»- ستظل مصدراً مهماً للشرعية وأنه في غضون عشر سنوات لن تزيد الصين إلا إصراراً على الأرجح على أن تكون تايوان صينية. وفي نفس الوقت، يتزايد توجه الولايات المتحدة إلى العزلة فيما يبدو. ومع مرور الوقت قد يصبح الجمهور الأميركي أقل رغبة في الوقوف في وجه الصين لمصلحة تايوان. ومثل هذا الضعف التدريجي في الحسم الأميركي يمثل سبباً آخر لأن يسعى الديمقراطيون في تايوان إلى السعي لإعلان الاستقلال الآن. أما الولايات المتحدة نفسها فيجب أن ترى في رسالة الصين فرصة عليها انتهازها. تايوان تعزز علاقاتها الاقتصادية بالصين وكذلك تفعل كوريا الجنوبية واليابان، ومن المهم للغاية إذن أن توضح الولايات المتحدة على وجه الدقة الأسباب التي تجعل هذه الدول أفضل حالا في ظل الحماية العسكرية الأميركية عما ستكون عليه في ظل نفوذ الصين المهتمة بالشؤون الاقتصادية. وحتى الآن، أثار التوجه القومي الصيني وخاصة في البحار المحيطة بالبلاد هواجس اليابان وكوريا الجنوبية. وطريقة الحكم الصيني غير الديمقراطي الذي انتقل إلى هونج كونج وربما ينتقل يوما ما إلى تايوان يمثل سببا آخر مهما في إثارة مخاوف اليابان وكوريا الجنوبية من الصين. ورغم كل العيوب التي شابت الهيمنة الأميركية في المنطقة، ففي ظل هذه الهيمنة ذاتها أصبحت كوريا الجنوبية واليابان دولتين غنيتين وأيضاً نظامين ديمقراطيين بعد السنوات التي تلت الحرب العالمية الثانية. والهيمنة الصينية تهدد ما تحقق، ويجدر بالولايات المتحدة ألا تترك حلفاءها الآسيويين ينسون هذا. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©