الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العنصرية الجديدة.. وإنكار التمييز

9 سبتمبر 2014 22:52
جاميل بويي واشنطن هل تعلمون أن «مايكل براون» الشاب الأسود الذي أدى مقتله على يد شرطي أبيض إلى اندلاع تظاهرات غاضبة في بلدة بولاية ميسوري، كان عضواً في إحدى العصابات الإجرامية وله سجل حافل بالجرائم، ودأب على سرقة المتاجر والقتل؟ وهل تعرفون أنه عندما أطلق الضابط «دارين ويلسون» النار على «براون» لم يكن يستخدم «قوة مفرطة» وإنما كان يُدافع عن حياته؟ وهل تدرون أن «براون» شق حاجب «ويلسون» بينما كان يحاول إخراج سلاحه، وقُتل بينما كان يهاجم الضابط ليوجه له ضربة أخرى؟ إذا راودكم الشك في ذلك كله، فاعلموا أنكم لم تفقدوا صوابكم! فلا شيء حقيقي في هذه الرواية. وليس ثمة دليل على أن «براون» كان عضواً في عصابة تمارس العنف، ولا برهان على أنه كان يقترف خطأ فادحاً. وكصبي لم تتم إدانته في أي جرم ولم توجه له اتهامات بعد بلوغه سن الرشد. وعلى رغم نقل «ويلسون» إلى المستشفى بعد مواجهته مع «براون» لكنه لم يعان أية إصابات، وحاجبه المشقوق ليس سوى خرافة! ولكن إذا تابعتم المواقع الإلكترونية مثل «إندبندنت جورنال رفيو»، ونقبتم في وسائل الإعلام اليمينية أو استكشفتم عالم الصفحات المؤيدة لـ«دارين ويلسون»، ستجدون أن هناك كثيراً من الناس يشترون الوهم. ويرفضون الصورة السائدة عن «براون» أنه مراهق عادي كان يبحث عن هويته ويحاول استكشاف حياته وفق معتقداته وأفعاله وعثراته. ويعتقدون أنه كان «مجبولاً على الإجرام»، وينظرون إلى «ويلسون» على أنه بطل. أو مثلما يقول أحد مناصري ذلك الضابط أثناء إحدى المظاهرات المؤيدة له: «سنرى جميعاً في نهاية المطاف أن إطلاق النار كان مبرراً، وأن القتل كان عادلاً». ونعرف السبب في أن عائلة «براون» سرعان ما قدمت الصورة المحبوبة لفقيدها، فمثل أي والدين في مكانهما، أرادا أن يرى العالم ابنهما كما يرونه.. شاباً شريفاً لم يستحق الموت. والسؤال الآن للطرف الآخر: لماذا تهاجمون سمعة «مايكل براون»؟ وعلى أية حال، لو أن الهدف هو نظرة موضوعية، فلا ينبغي النظر إلى «براون» و«ويلسون» كفردين، فقد كان من الممكن أن يصبح «براون» «غاندي آخر» أو ربما كان سيتحول إلى «مفجر جديد للطائرات والجامعات». وكل ما يهم في القضية هو ماذا حدث خلال «اللحظات القصيرة» في شوارع «فيرجسون» بولاية ميسوري الأميركية. وفي الوقت ذاته، لا ينبغي أن نندهش من الهجمات على «براون»، فنحن نعلم من كافة أنواع الجرائم أن الناس يميلون إلى توجيه أصابع الاتهام إلى الضحية، ولعل ذلك هو ما نلاحظه في حالات قتل الشباب السود على أيدي أشخاص من ذوي البشرة البيضاء سواء أكانوا أفراد شرطة أو غير ذلك في ظروف غامضة. وفي عام 1955، اختطف كل من «روي بريانت» و«جيه دبليو ويليام» المراهق «إيميت تيل» الذي كان يبلغ من العمر 14 عاماً بعدما قيل إنه تعرض إلى زوجة «بريانت» البيضاء في بقالتهما في «ميسيسبي»، وبعدما تمت تبرئتهما من قبل هيئة قضاة جميعها من الرجال ذوي البشرة البيضاء، أخبرا قصتهما إلى الروائي الأميركي «برادفورد هوي»، وقال أحدهما: «إنه أظهر لي صورة فتاة بيضاء، وتفاخر بعلاقته بها، ووجدت صور ثلاث فتيات قبل أن أحرقها». وقد أغضب ذلك المراقبين من ذوي البشرة السوداء، فرد «أوليف آدمز» الذي ألف كتاباً عن الحادثة بعنوان: «قنبلة موقوتة تتعرض لها مسيسبي» في عام 1956، بأن إقحام قصة الصديقة البيضاء ليس سوى دعاية خبيثة تهدف إلى إدراج الضحية «إيميت تيل» ضمن فئة المعتدين، التي كثيراً ما يوصم بها ذوي البشرة السوداء. وأضاف: «لكنها محاولة واضحة لتعظيم الجريمة كي تلائم العقوبة». ولا يوجد شك في أن هناك انطباعات اجتماعية خاطئة، وعندما يرى الناس أشخاصاً سود، يطلقون التفكير لعنانهم بشأن الجرائم، ويكون الرابط الإدراكي قوياً لدرجة أن بعض الناس يختلقون «دليلاً» لتبرير قتله، وهو أمر ليس مقصوراً على المحافظين، ومن غير العادل أن نقول عكس ذلك. ومن الجدير بالذكر أن نشير إلى أن الأصوات المرتفعة في تلك الأحداث تضم شخصيات مثل «روش لايمباف» و«بير أوريلي» اللذين ينكران خطورة العنصرية. ويرفض «أوريلي» في ركنه الإعلامي وجود حالات تمييز عنصري في نظام العدالة الجنائية، قائلاً «إنها مشكلة ثقافية في مناطق الأقليات، وينكر أن هناك أي نوع من المحاباة المنهجية للبيض». وبالنسبة لمناهضي مكافحة العنصرية، تعتبر اتهامات العنصرية مبعث قلق أكبر من أي تمييز أو تحامل ضد السود والأقليات الأخرى، فعلى رغم أنهم لا يؤيدون العنصرية، لكنهم يرون أنها غير ملائمة بشكل كبير للحياة المعاصرة، وأي مشكلات في مجتمعات الأقليات من وجهة نظرهم تكون ذات صلة بخلل ثقافي، وليس عدم المساواة على أساس عنصري. وعلاوة على ذلك يعتقدون أنه إذا وجدت مشكلة عنصرية في الولايات المتحدة، فهي ليست ضد الأقليات وإنما ضد أصحاب البشرة البيضاء». يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©