الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الولايات المتحدة … وحدود التأثير على مصر

الولايات المتحدة … وحدود التأثير على مصر
21 أغسطس 2013 23:42
المقاربة الحذرة التي تتبناها إدارة أوباما تجاه مصر، والمراجعة التي تقوم بها في الكواليس لكل برنامج من برامج المساعدات العسكرية الأميركية لمصر تشير إلى أنها تبحث عن طريقة ما للحفاظ على تأثيرها لدى القادة العسكريين الجدد في البلاد. غير أن ذلك التأثير تقلص وتضاءل في وقت يسعى الجيش إلى تحقيق أهدافه السياسية الداخلية بكل عزم وتصميم، كما يقول محللون إقليميون. ويضيف بعضهم أن الجهود الأميركية الحذرة الرامية للحفاظ على استراتيجية أمنية إقليمية تقوم على مصر منذ عقود ربما لن تؤدي إلا إلى تشجيع جنرالات مصر على المضي قدماً في مخططاتهم. وهم يعلمون أن الولايات المتحدة تحتاج لمصر أكثر مما تحتاج مصر للولايات المتحدة. وفي هذا الإطار، يقول «بريان كاتوليس»، محلل مصالح الأمن القومي الأميركي في الشرق الأوسط بـ»مركز التقدم الأميركي» في واشنطن: «إن مقاربة الإدارة الحذرة والتدريجية لا تؤدي إلا إلى تكريس الفكرة في أذهان الجنرالات» بأنهم يستطيعون المضي قدماً على طريق القمع «الخطير جدا»، الذي اختاروه على اعتبار أن أميركا تثمِّن كثيرا استقرار مصر، ولن تستطيع الانفصال عنها. ويقول «كاتوليس» إن رفض الرئيس أوباما قطع الـ1?6 مليار دولار من المساعدات العسكرية في معظمها لمصر بشكل علني يذكِّره بمشهد من فيلم «بروك باك ماونتن»، حيث يقول أحد رعاة البقر لزميله: «إنني لا أعرف كيف أتركك». ويضيف كاتوليس قائلا: «إن أوباما يقول بأفعاله إن الولايات المتحدة لا تعرف كيف تترك مصر والجنرالات يلاحظون ذلك». هذه المقاربة المترددة للإدارة وأجوبتها غير الواضحة على أسئلة حول السياسة الأميركية تجاه مصر يبدو أنها غذت حالة الارتباك والالتباس يوم الثلاثاء الماضي حول ما إن كانت الولايات المتحدة قد أوقفت المساعدات العسكرية في الواقع. ففي يوم الثلاثاء الماضي، نُقل عن مساعد للسيناتور «باتريك ليهي»، الديمقراطي من ولاية فيرمونت الذي يدعو إلى تعليق المساعدات العسكرية، قوله إن الإدارة أخبرت لجنة العمليات الخارجية التي يرأسها ليهي بأن «نقل المساعدات العسكرية قد أُوقف». ولكن المساعد، ديفيد كارل، يقول إن التعليق «لا يمثل بالضرورة السياسة الرسمية»، حسب وكالة أسوشييتد برس، وإنه «ليس ثمة مؤشر على المدة التي سيدومها». ومن جانبهم، نفى مسؤولو الإدارة أي مزاعم بشأن وقف المساعدات، حيث شدد المتحدث باسم «البنتاجون» جورج ليتل على أنه «ليس ثمة أي قرار بوقف أو تعليق المساعدات المخصصة لمصر». وفي وزارة الخارجية الأميركية، قالت نائبة المتحدث الرسمي باسم الوزارة ماري هارف يوم الثلاثاء الماضي: «إننا لم نتخذ قراراً بوقف المساعدات عن مصر، نقطة». وفي غضون ذلك، خطط أوباما لعقد اجتماع على مستوى الحكومة بعد ظهر الثلاثاء الماضي تمت خلاله مناقشة مسألة المساعدات الأميركية لمصر، حسب مسؤولين. وفي الوقت الراهن، تنكب الإدارة على إعادة النظر في تسليم مصر عشر طائرات هيلوكوبتر هجومية من طراز أباتشي – كان مقررة هذا الشهر -، وفي تسليم «معدات» لاحقاً لتجميع دبابات مدرعة. وفي هذا الإطار، أخبرت وزارة الخارجية الأميركية لجان لكونجرس بأن هذه الحزمات من المعدات العسكرية المقررة وغيرها هي حاليا «موضوع مراجعة». والواقع أن الإدارة تقوم بمراجعتين، حسب هارف: «مراجعة قانونية» لبرامج المساعدات التي قد يتم حدها بموجب القانون الأميركي الذي يمنع المساعدة العسكرية في حالة «انقلاب عسكري» على حكومة منتخَبة ديمقراطياً؛ و»مراجعة واسعة» للسياسة الأميركية تجاه مصر وما إن كان ينبغي مواصلة المساعدات بالنظر إلى الظروف الميدانية في مصر والمصالح القومية الأميركية. ويشار هنا إلى أن إدارة أوباما كانت أوقفت تسليم طائرات حربية من طراز إف 16 لمصر، وأن الرئيس أعلن الجمعة عن إلغاء مناورات عسكرية أميركية مصرية مشتركة كان مقررا لها شهر سبتمبر المقبل. غير أنه يظل من غير الواضح نوع التأثير الذي تمنحه مثل هذه الخطوات، التي ترقى لتوبيخ لحكام مصر العسكريين، للولايات المتحدة، وخاصة أن التوبيخات المحدودة الأولى لمصر ومراجعة السياسة الأميركية الأكبر تجاهها تأتي في وقت تعهد فيه آخرون في المنطقة - ومنهم شركاء للولايات المتحدة مثل السعودية والكويت وإسرائيل- بتعويض أي مساعدات تُفقد، وأي تراجع في التعاون العسكري مع مصر نتيجة حملتها ضد «الإخوان». والواقع أن الأعمال الأخيرة للحكام العسكريين – مثل توقيف مرشد الإخوان المسلمين يوم الثلاثاء الماضي، والاستعدادات لحظر منظمة لم يُسمح لها بالمشاركة في الانتخابات سوى منذ خلع الرئيس السابق حسني مبارك – تشير بوضوح إلى شركاء مصر الخارجيين الذين تصغي إليهم القيادة. غير أن ذلك شيء تعرفه إدارة أوباما، كما يقول «كاتوليس» من مركز التقدم الأميركي. ذلك أن «لا أحد في الإدارة الأميركية يعتقد أن أيا من الأعمال التي قمنا بها، أو الأعمال التي من المرجح أن نقوم بها، سيكون لها تأثير كبير على الوضع السياسي الداخلي»، كما يقول. هذا الرأي يذكِّر ببعض من التصريحات الصريحة القليلة التي صدرت عن مسؤولين من الإدارة الأميركية، ومن ذلك وزير الدفاع تشاك هاجل، الذي قال يوم الثلاثاء: «إن قدرتنا على التأثير على النتيجة في مصر محدودة»، مضيفا «الأمر يعود للشعب المصري... ذلك أن ترتيب الأمور سيكون من مسؤوليته». ويقول كاتوليس في هذا الصدد: «إن إدارة أوباما ليست واهمة وتدرك أن «وقف كل المساعدات لن يزيد من احتمال عودة مصر .. إلى طريق الديمقراطية». والواقع أن ما يحرك ردَّ الإدارة الحذر جدا على ما يجري في مصر هو تقييمٌ براجماتي بأن مراجعة من القمة إلى القاعدة للعلاقات مع مصر يمكن أن يكون له تأثير كبير على مصالح الأمن القومي الأميركي في منطقة مهمة وحساسة من العالم. ويقول كاتوليس في هذا الصدد: «إنهم قلقون بشأن استراتيجية أمنية إقليمية اعتمدت عليها الولايات المتحدة لوقت طويل - وبشأن إلى أي مدى تعتمد تلك الاستراتيجية على العلاقة التعاونية التي تجمعنا بالجيش المصري منذ عقود». وإذا كان الحذر بخصوص القرارات التي يمكن أن تغيِّر بشكل مهم أمن منطقة حساسة أمر يمكن تفهمه، فإن كاتوليس يرى أن الولايات المتحدة تحتاج أيضاً إلى بحث ودراسة أي قيمة سيشكلها شريكٌ يختار طريقاً داخلياً صدامياً وينحدر إلى الفوضى بالنسبة لمصالح الأمن القومي الأميركي إذ يقول: «إذا اتبع الجيش المصري مساراً يفضي إلى الفوضى، فكيف سيكون تصميمه وقدرته على التعاطي مع شيء مثل المجموعات الإرهابية التي تستفيد من الوضع لتوسيع أنشطتها؟». واشنطن ‎هاورد لافرانشي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©