الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الرجل اللعوب!

21 نوفمبر 2010 20:37
المشكلة عزيزي الدكتور: تخرجت قبل عشرين عاماً، وبلغت العقد الرابع من العمر، وأعمل في إدارة عدد من مشاريعي الخاصة. وأحمد الله على ما حققت من نجاح في هذا المجال، لكنني بكل صراحة أواجه مشكلة كبيرة عندما أقرر إكمال نصف ديني بالزواج، فهناك طبيعة عملي، تتطلب تنقلي الدائم بين العديد من الأمكنة، والدول، والمدن، واحتكاكي بكثير من الثقافات والمجتمعات، وإتاحة الكثير من الفرص للتعارف والتقارب، إلا أن عدم الاستقرار إلى جانب مشكلة أخرى تواجهني عند اختيار شريكة الحياة. لقد أعجبت بأكثر من فتاة، وأتممت الخطبة أكثر من مرة، إلا أن كل التجارب التي مررت بها لم تكلل بالنجاح، وانتهت سريعاً بالفشل، ليس لسبب سوى أنني كنت أشعر بعد الخطبة بأنني بحاجة إلى زوجة أكثر جمالاً مما هي عليه خطيبتي، أو سرعان ما أفكر بالارتباط بفتاة جميلة وجذابة أراها في مكان عام، أو من خلال احتفال، أو لقاء يجمعني بالمعارف والأصدقاء حتى ولو كان ذلك يكلفني التضحية بخطيبتي دون التفكير في أي عواقب أو التزامات تترتب على ذلك، مما جعلني أفقد أموالاً كبيرة ما بين مستلزمات الخطبة، وحفلاتها، وهداياها، وسفرياتها، والخسارة الكبرى أنني اكتشفت بلوغي الأربعين من العمر دون زواج حتى الآن، وعندما أخلد لنفسي وأفكر فيما أريد، وما هي المرأة التي يجب أن تروق لي ويستمر إعجابي بها، وأتزوجها؟ لا أستطع، وكلما رأيت فتاة جميلة أقارنها بغيرها، وقد أكتشف أنها الأجمل، أو في بعض الجوانب، لكنني سريع الملل والتقلب، وأخشى أن تمر الأيام والسنين دون زواج، فهل من نصيحة أو تفسير لذلك؟ وكيف يكون بإمكاني اتخاذ قرار الزواج دون تردد، ودون أن أغير رأيي في من أختار؟ منتصر ع.ف. النصيحة إنك بالفعل تمر بمشكلة أزمة كبيرة، ولا أبالغ إن صارحتك بخطورة الأمر، وعدم إمكانك التخلص من هذه الحالة بمفردك دون مساعدة استشاري نفسي حاذق، لدراسة تاريخ الشخصية، والسيرة الذاتية، وتشخيص مواطن الخلل في ذاتك، ومن ثم مساعدتك، وليس هناك ما يعيب في ذلك. فمن الواضح أن هناك تأثيراً لظروف التنشئة الاجتماعية، والخبرات الذاتية، وظروف عملك، وبحث أبعاد مظاهر انعدام الثقة أو اهتزازها في ذاتك وفي اختياراتك، وسرعة ترددك وتقلب واضطراب مزاجك، وتشخيص حالة الملل المرضي الذي ينتابك، والحاجة إلى التعرف على مكونات ذاتك حتى تستطيع تحديد ما تريد على وجه اليقين. إن كلامي هنا عن أولويات الاختيار، ومقاييس الجمال، وترتيبه بين المحطات التي حددتها الشريعة السمحاء، وغير ذلك من كلام لن يكون مقبولاً، أو مفيداً بدرجة كافية في حالتك هذه، لكن ما يبشر بالخير أنك بدأت- وإن جاءت متأخرة كثيراً- تشعر بالمشكلة، وهذا مؤشر يدعو للتفاؤل. ولكن دعني أساعدك بتوضيح قد يكون مفيداً في حالتك هذه، ويفيدك من جانب آخر في فهم أمور هي بالتأكيد خافية عنك، عن المرأة وجمالها. هناك قول شائع ينتشر بين أوساط الفتيات مفاده أن الرجل يبحث دائماً عن المرأة الجميلة، وهذا غير صحيح في بعض من جوانبه، فالجمال ليس هو المقياس الأساسي لدى عدد كبير من الرجال عندما يفتشون عن روح هذا الجمال، وغالباً نجد أن هذا القول عبارة عن تهمة أنثوية دفاعية، فالفتاة تميل إلى تفسير أي رفض رجولي لها على أنه نقص في أنوثتها وجمالها، وهذا التفسير أحادي، إذ لا يمكن أن ننكر عناصر الجذب الأخرى في التقريب بين الشريكين، وما الجمال الذي تبحث عنه سوى عنصر واحد فقط من بين هذه العناصر. باختصار شديد، إن رغبة الرجل في الفتاة الجميلة غالباً ما ترتبط بتركيبته النفسية، وإن وجد نوع من اضطراب الإعجاب، أو القناعة أو الإشباع، أو ما يعرف باضطراب الإرضاء، وأيضاٍ ما يعرف بعقدة “البلاي بوي” أو “الرجل اللعوب”، التي تعكس أيضاً عدم اكتمال نضج الرجل، وفيها تكون المرأة الجميلة الحسناء الأكثر جذباً وإغراء ولفتاً للانتباه، ومع الحصول على الاستجابات السريعة سواء بالزواج أو بالمتعة العارضة، سرعان ما تزول محفزات الاستثارة لديه، ومن ثم يبحث من جديد عن مثير آخر جديد. علينا أن ندرك عندما نناقش إشكالية الجمال بشتى أشكاله وأصنافه وأنواعه أن ندرك أنه ليس هناك جمال مطلق، وإنما هناك ما يعرف بالجمال النسبي، ومن ثم نتفهم المثل الفرنسي الشهير”لا توجد امرأة غير جميلة، ولكن هناك امرأة لا تعرف كيف تجعل نفسها كذلك”، وهذا ما يساعدنا على تفسير سعي كل أنثى إلى إبراز جمالها بطريقتها الخاصة، ووفق ثقافتها، ولكل أسلوبها، وتختلف تأثيرات هذا الجمال، وهذا الأسلوب من شخص لآخر، ومن أنثى لأخرى، وحتى لنفس الأنثى من وقت لآخر. كما أن هناك خطأ شائعاً مفاده أن الرجل يفقد اتزانه أمام المرأة صارخة الجمال، وهذا غير صحيح، فالجمال عنصر جذب، وليس عنصر خلل، فإذا شعر بأنه يريد هذه المرأة، عليه أن يفكر في الثمن المادي أو المعنوي الذي يدفعه، ومن ثم فإن فقد توازنه، واختلت معاييره، إذن هو يدور في فلك نموذج “ليليتا” ويقتضي الأمر البحث عن علاج سلوكي لإصلاح الخلل في ذاته. لا ينبغي أن ننساق خلف مقولة “المرأة الجميلة تدير الرؤوس”، فالمثل السويدي يقول: “إذا التقيت بامرأة جميلة جداً.. أو بشعة جداً، فحدثها عن ذكائها”، وهذا يعني ضرورة أن يفرق الرجل بين العلاقات العابرة التي ترضي تخيلاته وهواماته ورغباته العارضة، وبين العلاقة التي تهدف إلى إقامة تعايش إنساني حيث يتحول الجمال ويتراجع إلى مراتب ثانوية، وهو ما أقرته الشريعة وحكمتها الخالدة. ولعل ما نراه من زوال وانطفاء طغيان الجمال وأثره عند كثير من النساء عندما يتحدثن، أو نراهن يأكلن، أو عندما نشتَمّ رائحتهن، أو نرصد تصرفاتهن، ونتعجب كثيراً عندما نشاهد جميلة الجميلات متيمة برجل قبيح، والعكس صحيح عندما نشاهد رجلاً وسيماً وجميلاً وأنيقاً يهيم حباً وشغفاً بامرأة يراها الآخرون بشعة ودميمة، وإلا لما قالوا: “مرآة الحب.. عمياء”. لا تنس.. ولا تتردد في مراجعة استشاري نفسي متخصص في أسرع وقت، وإن شاء الله سيساعدك في حل مشكلتك.. مع أطيب تمنياتنا.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©