الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قرارات مرسي... تعزيز القبضة على السلطة

قرارات مرسي... تعزيز القبضة على السلطة
14 أغسطس 2012
أقال الرئيس المصري محمد مرسي أكبر قائدين عسكريين أول من أمس الأحد، في حركة مثيرة لانتزاع السلطة من القوات المسلحة، وتهميش كبار المسؤولين الذين ما زالوا متبقين من حقبة الرئيس السابق حسني مبارك. وباستغلال أجواء ما بعد هجوم خطير وقع على إحدى نقاط حرس الحدود المصرية في شمال سيناء، عين مرسي وزير دفاع جديداً وقائداً عاماً للقوات المسلحة، كما قام بإجراء تغييرات إضافية في عدد من القيادات الكبيرة الأخرى. كما أعلن الرئيس أيضاً أنه قد علق العمل بالإعلان الدستوري المكمل الذي أعلنه القادة العسكريون عشيه الانتخابات الرئاسية الذي حصلوا بموجبه على سلطات واسعة وحدّوا كثيراً من سلطات الرئاسة. وعلى رغم أن القادة العسكريين قد تنحوا بهدوء يوم الأحد، إلا أن المحللين يقولون إن هذه الخطوة يمكن أن تؤدي إلى ردة فعل مضادة، وتسهم في مزيد من الاستقطاب في أمة يبدي كثيرون فيها ارتياباً في نوايا أول رئيس إسلامي للبلاد. "هذه لحظة كبرى من لحظات التحول السياسي في تاريخ مصر" كان هذا هو ما قالته زينب أبو المجد، أستاذة التاريخ بالجامعة الأميركية في القاهرة والمتخصصة في دراسة تاريخ المؤسسة العسكرية. وأضافت "أبو المجد": "الآن استطيع القول إن الدولة قد باتت دولة الإخوان المسلمين رسمياً بعد أن تمكنوا من السيطرة على كافة مؤسسات الدولة تماماً". وقد حظي انتخاب مرسي رئيساً للجمهورية في يونيو الماضي بالثناء من قبل بعض القوى السياسية باعتباره أول رئيس مدني يتولى حكم البلاد بعد ستة عقود كاملة من حكم قادة عسكريين أوتوقراطيين. ولكن الجهود التي قام بها المجلس الأعلى للقوات المسلحة لتعزيز سلطات الجيش واسعة النطاق من خلال مناورات قانونية بدت وكأنها تهيئ المسرح لتولي رئيس ضعيف. وإقصاء المشير محمد حسين طنطاوي -وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة المصرية- ونائبه رئيس الأركان الفريق سامي عنان، يوحي بأن "الإخوان المسلمين" يرغبون في التحرك على نحو أسرع وبدرجة أكبر من الثقة في السيطرة على كافة المؤسسات الرئاسية، وبأكثر مما توقع معظم المحللين. وفي كلمة متلفزة له مساء الأحد قال مرسي إن قراراته لم يكن المقصود منها "إحراج" أي شخص أو مؤسسة، وأنه يريد من رجال القوات المسلحة "أن يكرسوا أنفسهم لمهمتهم المقدسة وهي حماية الوطن" . وعين مرسي في ذات اليوم -الأحد -المستشار محمود مكي نائباً لرئيس الجمهورية. وهذا التعيين يمكن أن يزيد من قدرة مرسي على التصدي للتحديات والقضايا القانونية التي يمكن أن تحدد اتجاه الانتقال الديمقراطي في مصر. وإقالة طنطاوي تبعد من المشهد مفاوضاً رئيسياً للولايات المتحدة في بلد يتلقى عشرات المليارات من الدولارات في صورة مساعدات عسكرية مقابل المحافظة على السلام مع إسرائيل. وقد بدت هذه الخطوة وكأنها فاجأت وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا وقادة البنتاجون، وخصوصاً على ضوء أن "بانيتا" كان قد قام بزيارة لمصر منذ أسبوعين، وعاد منها برؤية مؤداها أن طنطاوي ومرسي يتعاونان معاً بشكل جيد، ويعملان من أجل تحقيق نفس الغايات -كما جاء في تصريح له عقب عودته من الزيارة. وعين مرسي الفريق عبدالفتاح السيسي وزيراً للدفاع وقائداً عاماً للقوات المسلحة. ومن المعروف أن الفريق السيسي الذي رقاه مرسي إلى رتبة فريق أول كان عضواً في المجلس الأعلى للقوات المسلحة بصفته مديراً للاستخبارات العسكرية. وكان السيسي قد لفت الأنظار إليه بعد أن قال لوفد من "منظمة العفو الدولية" إن الجيش قد أجرى "اختبارات عذرية" على المحتجزات من المتظاهرات أثناء الثورة العام الماضي، وإن الهدف من إجراء تلك الاختبارات كان حماية جنود الجيش من أي اتهامات بالاغتصاب قد توجهها تلك الفتيات إليهم بعد الإفراج عنهن. وتعهد السيسي في ذلك الوقت أمام وفد المنظمة بعدم تكرار مثل تلك الاختبارات. في نفس اليوم أيضاً أصدر مرسي قراراً بإحالة قادة القوات الجوية وقوات الدفاع الجوي والقوات البحرية للتقاعد كذلك. ووصف قادة "الإخوان" الخطوات التي اتخذها مرسي بأنها خطوات منطقية لرئيس جديد وعد ببداية جديدة وانقطاع مع ماضي مصر السلطوي. وقال محمود حسين الأمين العام لجماعة "الإخوان المسلمين" في تصريح له مساء الأحد إن الخطوات التي اتخذها مرسي في ذلك اليوم جاءت بعد سلسلة من الاجتماعات عالية المستوى التي عقدت عقب الهجوم الذي وقع على وحدة حرس الحدود المصرية في شمال سيناء. ويقول المحللون وقياديون في جماعة "الإخوان المسلمين" إن ذلك الهجوم قد أتاح لمرسي الفرصة لإجراء تغييرات واسعة النطاق في صفوف القيادات العليا في الجيش، لم يكن من الممكن إجراؤها في الظروف العادية من دون مقاومة شديدة من أعضاء الحرس القديم. ولم يكن واضحاً يوم الأحد ما إذا كان بعض القادة العسكريين سيعارضون الخطوات التي اتخذها مرسي أم لا. يقول ميخائيل حنا خبير الشؤون المصرية في "سنشري فاونديشن": "إن السؤال الكبير الآن هو: هل حدث شرخ في الجيش؟ صحيح أن هناك انقسامات في المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ولكن لم يكن لها أي تأثير على آليات اتخاذ القرار في المجلس، ولا أعتقد أن أحداً قد شق الصف". وبقيامه بإلغاء الإعلان الدستوري المكمل الذي كان قد منح العسكريين سلطة من دون قيود على الأمور العسكرية، فإن مرسي يكون بذلك قد وضع ثقل مسؤولية الحكم بالكامل على كاهله، وذلك بعد مرور شهر على توليه الحكم، لم يكن من الواضح فيه بالنسبة للمصريين ما إذا كان الرجل هو الذي يدير البلاد حقاً. ولكن بعض المحللين الآخرين حذروا من أن تلك الإجراءات قد تؤدي إلى وقوع اضطرابات. وحذر شادي حامد الخبير بمركز بروكنجز بالدوحة من أنه "من المبكر الإعلان أن مرسي قد حقق انتصاراً، فما زال بإمكان الدولة العميقة الانتقام -مشيراً إلى بقايا نظام مبارك- كما أن فرص حدوث ردة فعل مناوئة تعتمد على حقيقة هي: "كم من تلك الإجراءات التي اتخذها مرسي تم التفاوض بشأنه مسبقاً". أرنستوا لوندونو القاهرة ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©