الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اليونان: حملة واسعة ضد المهاجرين

14 أغسطس 2012
تقوم السلطات اليونانية في الوقت الحالي بعملية لتوقيف الآلاف ممن يشتبه في أنهم مهاجرون غير قانونيين، وذلك ضمن حملة ترحيل واسعة النطاق تروم من تنظيمها إلى محاربة ما شبهه أحد المسؤولين الحكوميين اليونانيين بغزو تعرضت له البلاد في مرحلة سحيقة ترجع إلى ما قبل التاريخ. وحقيقة الأمر أن اليونان كثيراً ما مثلت نقطة الدخول المفضلة إلى دول الاتحاد الأوروبي بالنسبة للمهاجرين غير الشرعيين القادمين بصفة خاصة من آسيا وإفريقيا والباحثين عن فرص لحياة أفضل في الغرب. غير أن المشاكل الاقتصادية الحادة التي تتخبط فيها اليونان منذ بداية الأزمة المالية العالمية، وما ترتب عليها من تفش واسع لمعضلة البطالة، وإفلاس الشركات وإغلاق المصانع... أدت هذه المشاكل إلى تفاقم الوضع حيث أصبح أكثر سوءاً من أي وقت مضى. وفي هذا الإطار، فقد أعلنت القيادة العامة للشرطة اليونانية يوم الاثنين الماضي أن نحو ستة آلاف شخص تم اعتقالهم خلال عطلة نهاية الأسبوع في العاصمة أثينا، وذلك في إطار عملية ضخمة، سميت على نحو غريب ومفارق باسم آلهة الكرم وحسن الضيافة عند الإغريق القدامى، وهي زيوس زينيوس. وقد شوهد ضباط الشرطة اليونانية عبر مدينة أثينا وهم يقومون بتوقيف أشخاص، معظمهم من الأفارقة والآسيويين (كما توضح سحناتهم)، في الشوارع من أجل التحقق من هوياتهم واعتقال بعضهم ممن كانوا مخالفين لقوانين الهجرة والإقامة. وكان معظمهم يُعتقلون لوقت قصير فقط، غير أن نحو 1600 شخص تم توقيفهم بتهمة دخول اليونان بطريقة غير قانونية، ثم تم إرسالهم إلى مراكز احتجاز في انتظار ترحيلهم إلى بلدانهم أو البلدان التي قدموا منها. وفي رد فعلها على هذه الحملة ضد الأجانب، انتقدت بعض أحزاب المعارضة اليسارية عملية زيوس زينيوس التي تستهدف المهاجرين غير الشرعيين؛ هذا في حين عبر مكتب المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة عن قلقه وخشيته من إمكانية أن يتسبب ذلك في إبعاد مهاجرين من بلدان تمزقها الحروب الأهلية وكذلك طالبي اللجوء السياسي الحقيقيين من حق الحماية والإقامة. ومن الجدير بالذكر في هذا الإطار أن التقديرات تشير إلى أن نحو 100 ألف مهاجر غير شرعي يتسللون إلى اليونان كل عام، وذلك عبر تركيا المجاورة في أغلب الحالات. كما تذكر تلك التقديرات أن ما يصل إلى مليون مهاجر غير شرعي يعتقد أنهم يعيشون على الأراضي اليونانية، والتي يبلغ عدد سكانها رسمياً نحو عشرة ملايين نسمة. وهذا التدفق المنفلت للمهاجرين غير الشرعيين، والذين يقيمون ضمن أوضاع غير قانونية، يأتي متزامناً مع ارتفاع ملحوظ في معدلات الجريمة خلال الآونة الأخيرة، مما أعطى فرصة لصعود كبير أحرزه في الاونة الأخيرة حزب سياسي يميني معروف باستعماله خطاباً مناهضاً ومعادياً للمهاجرين. فحزب "الفجر الذهبي" اليمني المتطرف، والذي كان حتى وقت قريب غير معروف ولا يحظى بأي قبول في الحياة السياسية اليونانية، استطاع الحصول على قرابة 7 في المئة من إجمال أصوات المقترعين في الانتخابات البرلمانية قبل ستة أسابيع. كما يشار هنا إلى أن بعض الأحزاب الرئيسية أيضاً تعهدت بكبح تدفقات المهاجرين ومكافحة الهجرة الوافدة إلى اليونان. وقال وزير النظام العام "نيكوس دِندياس" يوم الاثنين الماضي إن عملية توقيف المهاجرين غير الشرعيين ستستمر دون توقف، مجادلاً في هذا الخصوص بأن دخولهم غير المقيد إلى البلاد أوصل اقتصاد اليونان إلى "حافة الانهيار". وقال دِندياس لقناة "سكاي" التلفزيونية الخاصة: "إن البلاد بصدد الضياع"، مضيفاً "أن ما يحدث الآن هو أكبر غزو لليونان على الإطلاق خلال تاريخها. ذلك أنه منذ غزو الدُّوريين قبل نحو 3 آلاف سنة، فإن البلاد لم تعرف أبداً مثل هذا التدفق الهائل عليها من قبل المهاجرين". والجدير بالذكر في هذا الصدد أن القصص القديمة ربطت غزو القبائل الدُّورية التي تتحدث الإغريقية مع نهاية العصر المسيني، وإن كان المؤرخون يعتقدون أن الحضارة المسينية سقطت بسبب اضطرابات مالية واجتماعية عرفتها في ذلك الوقت. وقال دندياس إن المهاجرين غير الشرعيين الذين تم توقيفهم سيتم احتجازهم بشكل مؤقت وإلى حين في مبان تابعة لأكاديمية الشرطة في شمال اليونان، تغلق أبوابها في فصل الصيف، وكذلك في مركز اعتقال يقع خارج العاصمة أثينا. وزعم الوزير أنه بنهاية هذا العام، ستتمكن اليونان من اعتقال ما يصل إلى 10 آلاف مهاجر غير شرعي على أراضيها. كما قال في هذا الصدد: "أياً يكن الشخص الذي يتم توقيفه ضمن هذه الحملة، فإنه سيحتجز ويتم ترحيله نحو بلده". وبدوره قال المكتب اليوناني للمفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة إنه إذا كان لدى اليونان الحق في كبح تدفق المهاجرين، فإنها ينبغي أن تعمل على ضمان ألا يتسبب ذلك في أي معاناة للمجموعات الضعيفة والهشة. وفي هذا السياق، قال بيتروس ماستاكاس، مسؤول الحماية في مكتب المفوضية العليا للاجئين في أثينا: "إن الأشخاص الذين يحتاجون إلى الحماية حقاً يجب أن يكونوا قادرين على طلبها ومن ثم السماح لهم بالبقاء". وأضاف ماستاكاس يقول: "إنه من الصعب جداً، بل من المستحيل تقريباً، أن يطلب طالبو اللجوء وضع الحماية، ونحن قلقون من أن يكون من بين الأشخاص الذين تم توقيفهم أفراد يرغبون في الحماية ولكنهم لم يستطيعوا تقديم طلباتهم لأن الوصول إلى السلطات المهنية بات مستحيلاً على بعضهم في ظل الحملة الحالية". نيكولاس بافيتيس أثينا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©