الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

في دائرة الشبهات!

في دائرة الشبهات!
10 سبتمبر 2014 21:20
* هناك ثقافة مريضة ومختلّة عقلياً تحكم العالم والمؤشر يأخذ بالظاهر من المعلومات * أيرلندا «البلد الصالح» الأول في العالم. . وأميركا في المرتبة (21) وروسيا (95). . ولكلٍّ سبب * ألمانيا في المرتبة 13 لأنها تتاجر بالسلاح. . فماذا عن تجارة إسرائيل بالسلاح * علينا الاهتمام بمثل هذه النقاشات العالمية خاصة أننا عانينا من جور تصنيفات الاستشراق الباطلة ------ أطلق سيمون انهولت (الرجل الذي صنف العالم عام 2005 وفق مؤشر دعاه بـ (مؤشر ماركات الدول Nation Brand Index) في كتابه (Brand America) أحدث مشروع له*، وهو موقع إلكتروني تصنيفي دعاه بمؤشر (البلد الصالح Good country Index) ليتم قياس مدى مساهمة كل بلد على هذا الكوكب في العمل للمصلحة العامة للإنسانية. وهو يأمل، حسب قوله، في أن يكون ما يقدمه «ورقة التوازن الوطني» التي ستلهم الحكومات العمل بقدر أقل من الأنانية وأن تكف عن التصرف وكأنها تعيش على جزيرة منعزلة وأن تنطلق بالتفكير بشكل مترابط مع العالم. ----- لا غبار على ما يطلقه المستشار «انهولت» من معايير موضوعية في ظاهرها النبيل، لكن النتائج التي يخلص إليها تدعو للانتباه وأخذ الموضوع على محمل الدراسة والاستبصار النوعي. كباحث في الدراسات الاستقصائية الدولية ومستشار السياسات الدولية الذي يساعد الحكومات الوطنية والإقليمية والمدن لكسب وضع وسمعة أفضل، من خلال تغيير طريقة سلوك هذه الدول والشعوب والمدن، يستخدم سيمون انهولت المدى الواسع من المعطيات والمعلومات المتوفرة من منظمة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى، في ابتكار هذا المؤشر ليكون بمثابة ميزان يظهر من مجرد النظر إليه ان كانت البلد/ الدولة تعمل للإنسانية أو أنها عبء على هذا الكوكب، أو ما بين بين. معايير مختلفة كانت فكرته وحلمه أن يبتكر مؤشراً يدل على الأمم الصالحة بمعايير تختلف عما يتبناه العالم اليوم. وأنها، أي أن الأمم الصالحة، ليست بالضرورة هي الدول الكبرى الثرية التي تعيش الرفاهية، بل على العكس تماماً، يمكن لدولة تعيش في عسرة وضيق ما أن تكون من خيرة الأمم وأصلحها. وقد كان في الدراسة 125 دولة من أنحاء العالم. مؤشر« البلد الصالح» هو واحد من سلسلة من المشاريع تم إطلاقها خلال الأشهر الماضية من أجل السنوات المقبلة لبدء النقاش العالمي حول واقع البلدان، ولبدء السؤال، هل الحكومات فيها موجودة لخدمة مصالح السياسيين والشركات وبعض مواطنيها، الخاصة، أم أنها تعمل بجد في سبيل البشرية جمعاء والكوكب كله؟ النقاش أمر بالغ الأهمية، لأنه إذا خلص إلى الجواب الأول فهذا يعني أننا في العالم جميعاً في ورطة عميقة. لا يقيس مؤشر البلد الصالح ما تقوم به الدولة في الداخل (هكذا يصرح ولكنه لا يطبق هذا في تقييماته)، ليس لأن هذه الأمور غير مهمة بالطبع، ولكن لأن هناك الكثير من الدراسات الاستقصائية الخاصة بذلك وتقوم بالفعل بعملها، وما الهدف من ابتكار المؤشر إلا لبدء مناقشة عالمية حول كيف يمكن للبلدان تحقيق التوازن بين واجبها نحو مواطنيها وبين مسؤوليتها نحو العالم الأوسع، لأن هذا أمر ضروري لمستقبل البشرية ولصحة كوكبنا. والمبدأ في حد ذاته نبيل، فالبشر اليوم بحاجة ماسة إلى أن تكون بلدان العالم صالحة والتي لن تصبح كذلك، على حد رأي انهولت، إلا من خلال مطالبتها بذلك، مطالبة القادة، الشركات، المجتمعات، وبالطبع مطالبة أنفسنا أولاً لأن العالم لم يعد كما كان من قبل. شرور العولمة العولمة، يقول أنهولت، المعجزة التي مكنتنا من الانتقال بأجسامنا وعقولنا وكلماتنا وصورنا وأفكارنا بالتعليم والتعلم في مختلف أنحاء كوكب الأرض بشكل أسرع وأرخص من أي وقت مضى. العولمة التي جلبت الكثير من الشر، وجلبت معها الكثير من الخير أيضاً. على سبيل المثال، كانت قضية أن يعطي بنك في شمال أميركا قرضاً كبيراً لبعض الناس ولا يتمكن هؤلاء من رد القرض للبنك، قبل ثلاثين عاماً، أمر سيئ على المقرض والمقترض، ولكن لم يكن أحد ليتخيل أن أمراً كهذا سيجعل النظام الاقتصادي العالمي ينهار لمدة ما يقارب العقد من الزمن. إذاً، تلك هي الآثار الجانبية غير المتوقعة للعولمة، أن تصبح المشاكل التي تدعى بالمشاكل المحلية اليوم ذات عواقب في كل أنحاء العالم. . . وهذا بالذات ما يستدعي تغييراً عميقاً في الرؤية على المستوى الدولي. إذا نظرنا الى الجانب السلبي من العولمة، فإنها تبدو في الحقيقة ساحقة في بعض الأحيان. جميع التحديات الكبرى التي نواجهها اليوم، مثل تغير المناخ، حقوق الإنسان، العوامل الديموغرافية، الإرهاب، الأوبئة، الاتجار بالمخدرات، العبودية البشرية وانقراض الأنواع، و. . . و. . . و. . . هي من آثارها بشكل أو بآخر، ونحن لم ننجز أي تقدم معتبر في مواجهة تحدياتها المريعة. لقد أخذت العولمة العالم على حين غرة بسرعة اكتساحها، وكان العالم في غاية البطء في الرد على ذلك. . . وهو الآن تحت رحمة كونه ضحية لمشاكلها. رافقت حملة الترويج للعولمة فكرة أن العالم سيتحول إلى قرية كونية كبيرة، وراحت الدول العظمى تبشر ببركات هذا الانفتاح على القرية الكونية، ولكن الغريب بالموضوع أنه حكومات تلك الدول ما زالت قائمة ولم تتخل عن سلطتها ولم تتوجه بالسعي للاندماج مع الدول الأخرى! أليس ذلك بأمر غريب؟ يتساءل «سيمون أنهولت»: لماذا يتباطأ العالم جدا في تحقيق هذا الخطوة؟ هناك، بطبيعة الحال، عدد من الأسباب، ولكن ربما كان السبب الرئيسي أن الأمم على الأرض ما زالت تنظم نفسها «كنوع» بنفس الطريقة التي كانت ننتظم فيها قبل 200 أو 300 سنة«. المشكلة الأساسية التي يطرحها انهولت ويتحدث عنها لوسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، هي أن جميع تلك الدول تنظر إلى الداخل، أي إلى نفسها، وبأنانية مفرطة. ويصور أن طريقة عمل عقول السياسيين في أي دولة هي مثل طريقة عمل المجهر، النظر الى الداخل بتفاصيله الخاصة به، وليست مثل عمل التلسكوب الذي يعطيك المشهد الكوني الكلي الشامل. . مازال هؤلاء السياسيون يعملون ويتحركون ويتصرفون وكأن كل منهم يعيش في جزيرة منعزلة، سعيدة تماما بانعزالها وباستقلالها الذي يفصلها عن الدول الأخرى وكأنها على كوكب خاص بها وحدها في مدار خاص بها تماما. هذه هي المشكلة وراء تنافس الدول ضد بعضها البعض ووراء اقتتالها الدائم ومحاولاتها القضاء على بعضها البعض. وحتى وإن لم يكن هناك اقتتال، سيكون التنافس القاتل الذي تحاول فيها الواحدة طعن الأخرى في مقتل. من جهة أخرى هناك اعتقاد بين الحكومات أن جدول الأعمال المحلي وجدول الأعمال الدولي يتضاربان ويتنافيان مع بعضهما البعض دائماً. كل دولة تعمل جاهدة على حل المشاكل الداخلية بكل إبداع فتقدم حلولاً سريعة فعالة، وتجتهد لدرجة أنها تقارن ما تراه بحلول الآخرين من غيرها من الدول في العالم، فقط من أجل أن تصل إلى أنسبها. ولكن لا يتم التعامل مع جدول الأعمال الدولي بنفس الروح، بل ترجح دائماً كفة المصلحة الخاصة التي ستتحقق على حساب مصالح الآخرين، وهذا في النهاية لا يجلب إلا التعاسة والشقاء على المدى الطويل، وما زالت، وإلى الآن، رؤية العالم قاصرة عن تبين هذه الحقيقة. يقول سيمون: «ومن الواضح أن هذا ليس بجيد، وأن العالم بأمس الحاجة إلى تغييره، وإلى إيجاد طرق لتشجيع الدول على بدء العمل معا بشكل أفضل، ولقد أثبتت الإنسانية أنها قادرة على تحقيق تقدم غير عادي إن كانت تعمل معاً وتحاول جاهدة لإنجاح هذا التعاون بالفعل. عندما تنتخب الشعوب الحكومات أو عندما تقبل الشعوب بالحكومات الموجودة، فهي لا تريد منها إلا أن تقودها إلى النماء والازدهار والتنافس الملهم المحفز، وتريد منها الشفافية والعدالة. . . الخ، لكن هذا كله لن يتحقق حتى لو كانت النوايا حثيثة باتجاهه، ما لم يكن هناك عزف متوازن ومنسجم في أوركسترا تضمها وباقي العالم». ثقافة مريضة ما زالت هناك ثقافة مريضة تحكم العالم. فالمختلّ عقلياً يفتقر إلى القدرة على التعاطف مع غيره من البشر. وعندما لا ترى حكومات الدول غيرها من البشر، بل إنها لا تنظر إليهم ولا تراهم بشرا بالأبعاد العميقة للرؤية، بشر لهم أهدافهم وطموحاتهم، فهذا هو الثقافة المختلة بعينها. في الواقع، معظمنا على كوكب الأرض لا نملك القدرة الجيدة على التعاطف. بالطبع نحن نتقنه عندما يكون الأمر متعلقاً بشعوب تشبهنا في المأكل والمشرب والكلام والمشي والصلاة واللبس، ولكن عندما يتعلق الأمر بالناس الذين لا يفعلون تماما كما نفعل في كل تلك الأمور، فإننا نراهم وكأنهم عبارة عن قصاصات من ورق. الشعوب الغربية وساستها لا يرون شعوب العالم إلا وكأنها قصاصات ورقية». ويتساءل: «لماذا لا يمكننا جعل ساستنا يغيرون تفكيرهم وأداءهم؟ لماذا لا يمكن أن نطالبهم بهذا؟ «جعل الناس تتغير» مهمة في غاية الصعوبة وطريقها مليء بالعقبات والعثرات، وعلينا أن نقر بأننا نوع من الكائنات محافظ بطبيعته. نحن لا نحب التغيير، بل نخشاه أيضاً». يقول انهولت إنه ينبغي أن نتساءل ما هو الشيء الذي يحفز الاهتمام التلقائي ويشجع، ليس فقط الساسة بل جميعنا، لنبدأ التفكير بطريقة غيرية، لننظر إلى الصورة الكبيرة على الأقل من آن لآخر. في عام 2005، قمت بعمل دراسة على ما يسمى مؤشر العلامات التجارية، وكانت دراسة واسعة النطاق، وكانت استطلاعات الرأي على عينة كبيرة جدا من سكان العالم، وهي عينة تمثل نحو 70 في المئة من سكان الكوكب، وبدأنا نسألهم سلسلة من الأسئلة عن كيفية رؤيتهم البلدان الأخرى. ونما مؤشر العلامات التجارية على مر السنين، ليصبح قاعدة بيانات كبيرة جدا. ومن خلاله كان أول تصنيف تحليلي لبلدان العالم «كماركات». وأعطي كل بلد في العالم ماركة معينة وفق ما يراها العالم عليه من خلال ست نقاط هي: السياسة الخارجية والداخلية للبلد، الثقافة والتراث، الشعب، السياحة، ماركات الصادرات، الاستثمار والهجرة. وترتبط كل تلك العوامل ببعضها بعضا لتكون «الرسالة» التي ترسلها البلد عن نفسها، وتكون نتيجة تراكم هذه العوامل على مر السنين «ماركة» للبلد تعرف بها». يضيف سيمون: «اكتشفت أن الحكومات التي تطلب استشارتي ونصيحتي، حريصة جدا على معرفة مكانتها في العالم. تعتمد البلدان بشكل كبير على سمعتها من أجل البقاء والازدهار عالمياً. إذا كانت صورة إيجابية، مثل ألمانيا أو السويد أو سويسرا، فإن كل شيء سهل وكل شيء في متناول يد الناس. ويكون بإمكانها الحصول على المزيد من السياح، والمزيد من المستثمرين. وتبيع المنتجات الخاصة بها بسعر أعلى، ويتم استقبال مواطنيها في دول العالم بكل احترام. أما من ناحية أخرى، إذا كانت الدولة ضعيفة جدا أو ذات صورة سلبية، سيكون كل شيء صعب الحدوث أو صعب المنال. من هذا المنطلق تهتم الحكومات اهتماماً شديداً بصورة بلادها، لأن هذا ما يحدث فرقاً كبيراً في حجم النماء والثراء الذي تعد بها هذه الحكومات مواطنيها دائما». ظن سيمون إلى وقت قريب أن الحصول على قاعدة بيانات عملاقة يمكن أن تسهل عليه العمل في بحثه واستقصاءاته عن سبب تفضيل شعوب الأرض لبلد أو أكثر عن باقي بلاد العالم، وهذا ما قاده إلى قاعدة بيانات متداخلة تماما. لكنه خرج بنتيجة مذهلة! إن الناس لا يعجبون بالدول لأنها في المقام الأول ثرية أو قوية، ناجحة، أو لأنها حديثة، متقدمة من الناحية التكنولوجية. لقد كان الجواب المثير للدهشة. أن العالم يفضل البلد الصالح. ما الذي تعنيه «الصالح» برأيه؟ الدول الصالحة (كما يقول سيمون) هي التي تسهم بتقديم شيء للعالم الذي نعيش فيه، التي تجعل هذا العالم بشكل واقعي أكثر أمنا أو أفضل أو أغنى أو أكثر عدلاً. هذا يعني أنه إن أرادت دولة ما أن تصبح دولة صالحة، تحتاج إلى القيام بفعل الخير. إن كانت تحب بيع المزيد من المنتجات، والحصول على المزيد من الاستثمارات، وأن تصبح أكثر قدرة على المنافسة، فهي بحاجة للبدء في أن تحسن التصرف والسلوك، لأنه هو السبب الذي يجعل العالم يحترمها ويثق بالقيام بالتجارة معها. عندما يقول سيمون إن البلد صالح، فهو لا يقصد من الناحية الأخلاقية، بل يقصد أن هذا البلد يعطي للبشرية ببساطة أكثر من أي بلد آخر، وأنه يهتم حكومة وشعبا ببقية العالم وله الخيال والشجاعة للتفكير بالآخرين والتوقف عن التفكير بأنانية، والتوقف عن التسبب بالأذى بكل أشكاله للدول الأخرى. «قد يتمنى المرء أن يعيش في بلد غني، ولكن هذا يعني العيش في بلد ينمو بسرعة تنافسية طاحنة، أما أن تتمنى أن تعيش في بلد صالح فهذا ما سيكون جيدا للاستمتاع بإنسانيتك وفرصة وجودك في الحياة». في حياتنا كبشر دائما نسعى لأن نكون أفضل من الآخرين، وهذا نابع من حاجة دماغية بدائية للمحافظة على البقاء، فكان البقاء للأصلح. وانتقلت حاجة الإنسان لحماية نفسه كمجموعة قادرة على التكاثر والبقاء على قيد الحياة، عبر الأجيال في جيناته، لذلك بقي الإنسان مبرمجاً على شعوره بالحاجة إلى الفوز وأن يكون الأفضل، الأفضل في المدرسة الأفضل في العمل، الأفضل في عيون الآخرين، الأفضل على مؤشر عالمي. مفارقات تثير الشكوك استخدم «سيمون أنهولت» 35 من مجموعات البيانات، التي أنشأتها الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والوكالات الدولية الأخرى لتتبع ما تقدمه البلدان. ويتم تصنيف الدول، وفق هذا المؤشر الجديد، عبر سبع فئات وفقا لمساهمتها في: العلوم والتكنولوجيا، والثقافة والسلام والأمن الدوليين، النظام العالمي، مناخ الكوكب، والرخاء والمساواة، وصحة ورفاه البشرية. وكانت المعلومات تشتمل على استقصاءات بشأن حرية الصحافة، استضافة اللاجئين، كمية الأسلحة المصدرة وعدد الحائزين على جائزة نوبل. ويقول انهولت إن هدفه ليس إطلاق أحكام أخلاقية مع أو ضد الدول، بل الهدف هو الدخول في حوار حول دور الدول في السياق العالمي. إلا أن نتائج هذا المؤشر مثيرة للدهشة والاستغراب والجدل، وتثير أيضاً أسئلة استفهام في أحيان كثيرة، فكيف له وهو الذي عرف البلد الصالح من ضمن ما عرفه أنه ليس البلد الذي يحافظ على الأمان والسلام لمواطنيه ولكنه لا يعيش بسلام مع جيرانه، أو أنه لا يساهم في المحافظة على السلام والأمن في البلدان الأخرى التي تمر بصعوبات ما، كيف له هذا وهو يظهر دولة مثل إسرائيل على أنها في ترتيب عالمي لا بأس به نسبياً في مساهمتها في خدمة البشرية وهي الدولة العنصرية المستعمرة التي سرقت بلدا من أهله وارتكبت وترتكب كل أنواع الاعتداءات والقهر ضد أبنائه. وحين يأخذ المؤشر بالظاهر من المعلومات فقط عبر القنوات الإنسانية الدولية، ويتجاهل السياسات الخفية للدول التي تؤدي بالعالم إلى الفقر والمجاعات والحروب والفوضى والدمار، يثير هذا استغرابنا على الأقل، وشكوكنا بفعالية ونزاهة هذا المؤشر. رغم أن الاستقصاء لم يعط الولايات المتحدة إلا رقم 21 في التصنيف، ذاكرا أن هذا يعود إلى تدخلها المدمر في دول العالم، مثل العراق وأفغانستان ومساهمتها الأساسية في الفوضى التي تسود الشرق الأوسط اليوم، لكنه يعطي روسيا رقم 95 ذاكرا السبب بأنه تدخلها في سوريا مؤخرا. وهو يثني على مساهمات الهند التكنولوجية والعلمية ولكنه يعطيها الرقم 81 بسبب الطبقية واللا مساواة الدينية، بينما التعامل العنصري في إسرائيل يتم على أساس ديني. ولا أفهم لماذا يعطي أيرلندا الرقم 1 لمساهمته في الصالح العالمي بينما يعطي ألمانيا الرقم 13 قائلا إنه رغم مساهمة ألمانيا بتقديم المساعدات للعالم عبر الأمم المتحدة إلا أنها متورطة في تجارة السلاح، إذاً ماذا عن تجارة إسرائيل في السلاح ومساهمتها في تدمير الأمن والسلام في الشرق الوسط؟ انه يعطي كينيا الرقم 26 لمساهمتها بالشأن العام العالمي! وماذا عن الدول المانحة لأكبر مساعدات للدول الفقيرة؟ لذلك ينبغي أن تثير مثل هذه النتائج اهتمامنا في دول العالم العربي، وان لا ندير ظهورنا لما يدور من مثل هذه النقاشات العالمية على ساحات الإعلام الدولية، خاصة أننا في الشرق الأوسط عانينا ما عانيناه من جور تصنيفات الاستشراق الباطلة في الماضي وإلى اليوم. مثل هذه التصنيفات، وان ادعت الموضوعية، إلا أنها على الأقل لا تستند على معطيات حقيقية، رغم أننا لا ننكر أنها واقعية، لكن نصف الحقيقة لا يعطي صورة صحيحة. لا ننكر أن الواقع المتردي للعالم العربي في بعض أجزائه، المنهار في أجزاء أخرى حاليا لا يعطينا فرصة للرد بفعالية، ولكننا كمواطنين نملك الحق في إدراك وفهم كل ما يدور في العالم حولنا. كلمة أخيرة، لقد أثارت مؤشرات «سيمون انهولت» وتصنيفاته الحديثة، ضجة إعلامية كبيرة على مستوى الدول والسياسة، كل ما أرجوه أن تكون بريئة الأهداف فعلاً. --------- *- تم جمع وتصنيف ما قاله «سيمون انهولت» عن مشروعه الحديث جداً إطلاق الموقع الالكتروني لتصنيف «البلاد الصالحة»، والذي لم يوثق في كتاب ولم تحسم نتائجه النهائية بعد، من على مواقع الصحافة العالمية وشبكات التواصل الاجتماعي عبر أحاديث له في مقابلات أجراها، وتم انتقاء أفكاره الرئيسية من الكم الكبير مما وفرته الشبكة العنكبوتية عن هذا الحدث.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©