الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«نفيسة العلم».. شخصية بارزة في الفقه وأثرها طيب بالدعوة

22 أغسطس 2013 20:47
أحمد مراد (القاهرة) -كانت السيدة نفيسة من الشخصيات البارزة في ميدان الفقه، ومن الذين أثروا الدعوة الإسلامية بآثارها الطيبة، وكانوا في حياتهم وبعد وفاتهم مصابيح هداية. هي بنت حسن الأنور بن الإمام زيد الأبلج بن الإمام الحسن بن الإمام علي بن أبي طالب، ولدت رضي الله عنها بمكة سنة 145 هجرية، ونشأت نشأة نبوية في بيت الله الحرام، وعندما دخلت سنتها الخامسة ذهبت في صحبة والدها إلى المدينة المنورة. وأخذ أبوها يلقّنها ما تحتاجه من أمور دينها ودنياها، وكانت تسمع من شيوخ المسجد النبوي ما يلقونه من علوم الفقه والحديث، حتى حصلت على لقب «نفيسة العلم» قبل أن تصل لسن الزواج، ورغب فيها شباب آل البيت، فكان أبوها يردهم رداً جميلاً إلى أن أتاها «إسحاق المؤتمن» ابن جعفر الصادق رضي الله عنه، وتزوجا في بيت أبيه، وبزواجهما اجتمع نور الحسن والحسين، وأصبحت السيدة نفيسة كريمة الدارين، وأنجبت لإسحاق ولداً وبنتاً هما القاسم وأم كلثوم، وكانت وهي في المدينة لا تفارق حرم جدها صلى الله عليه وسلم قارئة، ذاكرة، باكية، راكعة، ساجدة ضارعة، داعية. استقبال أهل مصر وكانت السيدة نفيسة تحفظ القرآن وتفسره ويؤمها الناس ليسمعوا تفسيرها، وكانت تدعو الله قائلة: «إلهي يسر لي زيارة قبر خليلك إبراهيم» فاستجاب الله لها، وزارت هي وزوجها قبر الخليل. ثم رحلا إلى مصر في رمضان عام 193 هجرية في عهد هارون الرشيد، وفي العريش أقصى شمال مصر الشرقي استقبلها أهل مصر بالتكبير والتهليل وخرجت الهوادج والخيول تحوطها وزوجها، حتى نزلا بدار كبير التجار وقتها جمال الدين عبد الله الجصاص، وكانت داراً رحيبة، فأخذ يقبل عليها الناس يلتمسون منها العلم، حتى ازدحم وقتها، وكادت تنشغل عما اعتادت عليه من العبادات، فخرجت على الناس قائلة: «إني كنت قد اعتزمت المقام عندكم، غير أني امرأة ضعيفة، وقد تكاثر حولي الناس فشغلوني عن أورادي، وجمع زاد معادي، وقد زاد حنيني إلى روضة جدي المصطفى ففزع الناس لقولها، وأبوا عليها رحيلها، حتى تدخَّل الوالي السري بن الحكم وقال لها: يا ابنة رسول الله إني كفيل بإزالة ما تشكين منه، ووهبها داراً واسعة، ثم حدد موعداً يومين أسبوعيّاً يزورها الناس فيهما طلباً للعلم والنصيحة، لتتفرغ هي للعبادة بقية الأسبوع، فرضيت وبقيت. إغاثة الناس وكان الأمراء يعرفون قدرها وقدرتها على توجيه عامة الناس، بل دفعهم للثورة في الحق إن احتاج الأمر، حتى أن أحد الأمراء قبض أعوانه على رجل من العامة ليعذبوه فبينما هو سائر معهم، مرَّ بدار السيدة نفيسة فصاح مستجيراً بها، فدعت له بالخلاص قائلة: حجب الله عنك أبصار الظالمين. ولما وصل الأعوان بالرجل بين يدي الأمير، قالوا له: إنه مرَّ بالسيدة نفيسة، فاستجار بها وسألها الدعاء فدعت، له بخلاصه، فقال الأمير: أو بلغ من ظلمي هذا يا رب؟ إني تائب إليك واستغفرك؟ وصرف الأمير الرجل، ثم جمع ماله وتصدق ببعضه على الفقراء والمساكين . ويذكر القرماني في تاريخه أن السيدة نفيسة قادت ثورة الناس على ابن طولون لمّا استغاثوا بها من ظلمه، وكتبت ورقة فلما علمت بمرور موكبه خرجت إليه، فلما رآها نزل عن فرسه، فأعطته الرقعة التي كتبتها وفيها: ملكتم فأسرتم، وقدرتم فقهرتم، وخولتم ففسقتم، وردت إليكم الأرزاق فقطعتم، هذا وقد علمتم أن سهام الأسحار نفاذة غير مخطئة لا سيّما من قلوب أوجعتموها، وأكباد جوعتموها، وأجساد عريتموها، فمحال أن يموت المظلوم ويبقى الظالم، اعملوا ما شئتم فإنَّا إلى الله متظلمون، وسيعلم الذين ظلموا أيَّ منقلب ينقلبون. حلقات العلم يقول القرماني: فعدل من بعدها ابن طولون لوقته!. ولمَّا وفد الإمام الشافعي إلى مصر، وتوثقت صلته بالسيدة نفيسة، واعتاد أن يزورها وهو في طريقه إلى حلقات درسه في مسجد الفسطاط، وفي طريق عودته إلى داره، وكان يصلي بها التراويح في مسجدها في شهر رمضان، وكلما ذهب إليها سألها الدعاء، حتى إذا مرض كان يرسل إليها من يُقرئها السلام. وأوصى الشافعي أن تصلي عليه السيدة نفيسة في جنازته، فمرت الجنازة بدارها، حين وفاته عام وصلًّت عليه إنفاذاً لوصيته. ومرضت السيدة نفيسة بعد أن قامت بمصر سبع سنين، فكتبت إلى زوجها إسحاق المؤتمن كتاباً، وحفرت قبرها بيدها في بيتها، فكانت تنزل فيه وتصلَّي كثيراً، فقرأت فيه مائة وتسعين ختمة، حتى توفيت سنة 208هـ .
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©