السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

محمد بن زايد يشهد محاضرة للشيخ مشاري العفاسي

محمد بن زايد يشهد محاضرة للشيخ مشاري العفاسي
14 أغسطس 2012
شهد الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة وسمو الشيخ راشد بن سعود بن راشد المعلا ولي عهد أم القيوين ومعالي محمد أحمد المر رئيس المجلس الوطني الاتحادي ليلة أمس بقصر البطين المحاضرة الأخيرة من سلسلة المحاضرات الرمضانية لمجلس محمد بن زايد. وكانت المحاضرة حول القراءات العشر وأثرها في حياة المسلمين وألقاها فضيلة الشيخ مشاري راشد العفاسي المطيري إمام وخطيب المسجد الكبير في الكويت. حضر المحاضرة سمو الشيخ سرور بن محمد آل نهيان والفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية وسمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شئون الرئاسة وسمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية ومعالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التعليم العالي والبحث العلمي ومعالي الشيخ سلطان بن طحنون آل نهيان رئيس هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة وعدد من الشيوخ والوزراء والسفراء وعلماء الدين والمهتمين. وبدأ فضيلة الشيخ العفاسي بتلاوة آي من سورة طه ثم الدعاء بالمغفرة والرحمة والعتق من النار للمسلمين الصائمين وأن يوسع الله في رزقهم ويصرف عنهم كل بلاء وأن يعفو عنهم وذلك كمدخل للمحاضرة حول القراءات العشر وإشكالاتها المتداخلة مع علم التجويد والأحرف السبعة التي نزل بها القرآن وعلاقتها بحياة المسلم اليومية. ثم قدم فضيلته لموضوع المحاضرة مشيرا إلى أن "سبب نزول القرآن بلغة قريش يعود إلى أن القبائل العربية كانت تلتقي قبل الإسلام في مكة للحج والتجارة وقول الشعر والتفاخر بالأنساب الأمر الذي جعل قريشا تحتك احتكاكا مباشرا بهذه القبائل وبغيرها من الأجناس المجاورة وتستفيد بالتالي من هذا الوضع الديني والتجاري والأدبي واللغوي وبذلك أصبحت لغتها الأفضل والأفصح." وأكد المحاضر عدم وجود أي تعارض لجهة لغة القرآن العربية أي لغة قريش التي تحتوي على كلمات أجنبية تم تعريبها مثل كلمة "مشكاة" ذلك لأن اللغة عبارة عن أصوات واصطلاحات يتفق عليها الناس في رقعة جغرافية محددة. وأشار إلى أن النبي المصطفى محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم عندما كان يعرض عليه سيدنا جبريل عليه السلام القرآن بحرف واحد -أي بلهجة واحدة من لهجات شتى للعرب لا يتكلمونها كلهم- يطلب منه التخفيف على أمته فكان يقرأ له بحرف آخر أي بلهجة أخرى أو لسان من لهجات العرب وألسنتهم فيقول له زدني حتى اكتمل نزول القرآن بسبعة أحرف بمعنى التغاير أو الاختلاف في القراءة تخفيفا على الأمة. وذكر المحاضر عددا من الأمثلة على هذه القراءات التي لم يألفها بعض الصحابة رضوان الله عليهم مثل سيدنا عمر بن الخطاب الذي أنكر قراءة هشام الحكيم لبعض سور القرآن واحتكم معه إلى الرسول فقال عليه الصلاة والسلام بعد أن سمع قراءة كل منهما "هكذا نزلت وهكذا نزلت" أي كما قرأها كل منهما. وأكد الشيخ العفاسي أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا لا يفضلون حرفا على حرف ولا رواية على أخرى لأنها نزلت هكذا من عند الله وبالتالي لا يجوز التفضيل أو القول أن هذا الحرف أبلغ من ذاك أو أن هذه الرواية أفضل من تلك. وتحدث المحاضر عن الفرق بين الأحرف والقراءات مؤكدا أن الخلاف هو في التنوع لا في التضاد واستشهد بما قاله الصحابي عبد الله بن مسعود من أن الفرق بين الأحرف مثلما هو الفرق بين قولك هلم أو أقبل أو تعال فكلها كلمات تؤدي نفس المعنى وإن باختلافات بسيطة. وأضاف أنه فيما يتعلق بالقراءات العشر، فإن لها صفة مخصوصة وشروطا أهمها صحة السند وموافقة اللغة العربية ولو بوجه واحد وموافقة الرسم العثماني نسبة إلى الخليفة عثمان بن عفان بينما لا يتوفر هذا الشرط الأخير بالنسبة للأحرف السبعة. ثم تحدث عن عملية جمع القرآن وكتابته مشيرا إلى أنها بدأت حين تزايد قتل القراء في حروب الردة ما جعل الصحابة يتفقون على تكليف أعلم الصحابة "زيد بن ثابت" بجمعه في مصحف واحد بسبب الخوف من موت القراء ولتوحيد أمر المسلمين في هذا الجانب وبذلك انتشر القرآن في الأمصار. وبين أنه تم جمع القرآن من صدور الحفاظ ومن الصحف حتى عهد الخليفة ذي النورين حيث اعتمد الرسم العثماني وأحرقت المصاحف الأخرى مضيفا أن القراءة لها صفة مخصوصة حيث أن زيدا قال "إن القراءة سنة متبعة يأخذها الآخر عن الأول فاقرأوا القرآن كما علمتموه" وفي رواية "كما نزل". واستطرد فضيلة الشيخ العفاسي مستشهدا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم "خذوا القرآن من أربعة" وسماهم وهم عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وسالم مولى أبي حذيفة ومعاذ بن جبل. وأشار إلى رواية أخرى ضمت أبا موسى الأشعري وعلي وعثمان وغيرهم مشيرا إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم صرح بالأربعة الأول لدرايتهم بالتجويد وطرق الأداء حيث أن عبد الله بن مسعود على سبيل المثال يقرأ "طه ما انزلنا عليك القرآن لتشقى" بالإمالة المخففة وذلك كما أقرأه الرسول صلى الله عليه وسلم. ولحظ المحاضر دقة القراء عند تلاوة القرآن الكريم واهتمامهم بالطريقة اللازمة للقراءة وخاصة فيما يتعلق بالمدود كما في الآية "إنما الصدقات للفقراء والمسكين" حيث لابد هنا من المد في قراءة كلمة الفقراء كما نزلت من الله إلى نبيه الكريم. وأكد فضيلته في ختام المحاضرة أنه ينبغي على المسلم إذن الاهتمام والدراية بالتجويد ومعرفة القراءات العشر لأنها رويت هكذا كما أنزلت من عند الله تعالى مشيرا إلى القراء العشرة التابعين وتابعي التابعين كابن عامر الدمشقي الذي أدرك أبا الدرداء في دمشق حيث كان يشرف بنفسه على حلقات التحفيظ. وفي ختام المحاضرة، طرح على فضيلته عدد من الأسئلة وتلا بعض القراءات حيث ذكر أن القراء سكنوا مكة والمدينة والكوفة والبصرة ودمشق وأن أصول هذه القراءات تعود إلى هذه الأمكنة وتنسب إليها لاشتهار هؤلاء المقرئين فيها. وبين أن لغة أهل مكة مثلا يغلبها الفتح أو الإمالة أي أنهم يميلون إلى فتح الألف المنقلب عن ياء وقرأ "والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى" بهذه الطريقة وقال أنه كلما اتجهنا شمالا وجدنا الإمالة في القراءة وهي أنواع ثلاثة: فالإمالة الصغرى موجودة ما بين القصيم وبلاد الشام والكبرى موجودة حاليا في لبنان بينما شملت قراءة حفص الكوفي إمالة واحدة فقط في الآية "بسم الله مجريها ومرساها". وبين أن المنتشر من القراءات حاليا ثلاث هي قراءة عاصم الكوفي برواية حفص وهي منتشرة في الخليج والشام والعراق ولدى عامة المسلمين وقراءة نافع المدني في المنطقة الممتدة من ليبيا إلى موريتانيا حيث انتقل نافع بفقهه إلى هناك وحيث يتواجد المذهب المالكي أما الثالثة فهي قراءة أبي عمرو البصري في السودان والصومال وجيبوتي. وقال إن الخلاف يكون في الإمالة أو في التنقيط كما في الآية "إذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا" التي يقرأها البعض "فتثبتوا". وفي رد على سؤال حول الأنغام والألحان، قال المحاضر إن العرب التقت بأناس كثيرين وأخذت منهم أطايب الكلام والعبارات وكذلك الأنغام والألحان التي أصبحت عربية حيث استخدمت في الأشعار والقصائد وبذلك صارت اللغة العربية أغنى وأثرى من اللغات الأخرى في الألحان والمقامات التي يبلغ عددها تسعة كالنهاوند والبياتي والرست والصبا والحجاز الذي يستخدمه مؤذنو الحرم المكي في الأذان. وأضاف المحاضر أن أغلب القراء أخذوا هذه المقامات وقرأوا بنغم من هذه النغمات على شيوخهم وفق ضوابط الأداء والتجويد مدللا على ذلك ببعض الافعال الثلاثية الصحيحة التي لا يضبط البعض تشكيلها عند القراءة. ورد على سؤال حول إمكانية أن يقرأ الإمام بعض القراءات العشر حين يؤم المصلين مؤكدا أنه لابد من تنبيه المصلين قبلا كي لا يستنكر بعضهم عليه ذلك مضيفا أنه لا تجوز القراءة بالقراءات الأربع الشاذة وإنما يمكن الاستفادة منها في تدريس الفقه لأنها روايات عن بعض الصحابة. وحول سؤال عن ضرورة معرفة القراءات العشر أو الاكتفاء بالتجويد، أكد فضيلة الشيخ العفاسي أنه لابد اولا من حفظ القرآن ثم إتقانه من خلال أحد المشايخ كي يتم ضبط الأداء والتجويد وبعد ذلك يمكن الذهاب إلى القراءات. وفي رده على سؤال، قال فضيلته إنه ليس على مراكز تحفيظ القرآن تدريس القراءات العشر إلا إذا أحسن الطلاب حفظ القرآن أولا ثم أبدوا استعدادا لدراسة القراءات مشيرا إلى أن الخلاف في القراءات يكون بين الفرش أي فرش الحروف وبين الأصول أي أصول التجويد وقواعده العامة كالمد والإمالة كما عند حمزة والكسائي في الكوفة بينما لا إمالة عند البعض الآخر مثل ابن كثير في مكة. ورد فضيلته على سؤال آخر حول وجوب حفظ المتون كالشاطبية - وهي ألف بيت من الشعر- مؤكدا أن الإمام الشاطبي خدم علم القراءات الذي عم الأرض وأنه لابد من حفظ الشاطبية مشيرا إلى أن مشايخ آخرين غيره قاموا بمثل ما قام به وأسسوا معهدا للقراءات في مصر وكلية للقرآن الكريم في المملكة العربية السعودية وغيرها. وفي الختام، قام فضيلة الشيخ العفاسي بتلاوة سورة الفاتحة بصوت شجي عذب أثار إعجاب واستحسان ورضا الحضور.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©