الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

زكاة الفطر طهرة وكفارة للأخطاء وتكريس لمبادئ التكافل الاجتماعي

زكاة الفطر طهرة وكفارة للأخطاء وتكريس لمبادئ التكافل الاجتماعي
25 أغسطس 2011 23:15
لقد شرع الله تعالى الإنفاق في عدد كبير من المناسبات، ومنه ما جعله واجباً وفرضاً كزكاة المال التي يجب أن تدفع في كل عام مرة واحدة، ومن الإنفاق الواجب أيضاً زكاة الفطر وتسمى كذلك بصدقة الفطر، وهي مقرونة بشهر رمضان وتتعلق بالصيام وقد فرضت في السنة الثانية للهجرة في نفس العام الذي فرض فيه صيام شهر رمضان، ومن خصوصياتها أنها مفروضة على الأشخاص وليس على الأموال كزكاة المال. إن هذه الأنواع المتعددة من وجوه الإنفاق تدل وتؤكد أن هدف الإسلام من ذلك هو شد أواصر المجتمع، وإرساء مبدأ التكافل والتعاضد المالي والاجتماعي بين أبنائه، وكذلك لتحقيق هدف اقتصادي مهم جدا وهو تدوير حركة المال بما يحقق حركة اقتصادية دائمة بين شرائح المجتمع، فيحرك الأسواق وينشط عمليات البيع والشراء. ولقد اتفق العلماء على أن زكاة الفطر واجبة على كل مسلم، فقد روى ابن عمر رضي الله عنه: “إن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان صاعاً من تمر أو من شعير”. حكمة الزكاة وإن الحكمة من فرضها بينها رسول الله عليه الصلاة والسلام في قوله: (إنها طهرة للصائم وإطعام للمسكين). فمن جانب تكون جبراً للخلل أو النقائص وكفارة للأخطاء التي ارتكبها الصائم في شهر رمضان، مثل اللغو والرفث وغير ذلك من التصرفات التي ندر أن يسلم الإنسان من الوقوع فيها حتى ولو كان صائماً. ومن جانب آخر هي مساعدة للفقراء والمساكين وهم على أبواب عيد وأيام فرح، فينجبر بها خاطرهم وتسر قلوبهم، وتسد حاجتهم وتفرج كربهم، فيدخل العيد ومن المفروض أن لا يكون فيه مسلم لا يملك طعاماً أو ثياباً أو نفقة له ولأولاده. لذلك كان الأمر النبوي بإيجابها على كل مسلم ومسلمة، على الصغير والكبير، الغني والفقير، من يملك نصاباً ومن لا يملك، ليؤكد بتعميمها أن الإسلام يريد القيام بحركة إنفاق عامة مستنفراً كافة أفراد المجتمع للمشاركة جميعاً وبدون استثناء في تحقيق التكافل والتضامن والتآخي، ولكي يساهم الجميع في بلسمة جراح وكفكفة دموع الفقراء والمحتاجين والأيتام. ولا شك في أن هذه العملية الكبرى لتحريك المال الفردي في فترة زمنية محددة لها منافع اقتصادية واجتماعية وأخلاقية، فهي تنمي في الفرد صفات الجود والكرم والعطاء، وتقوي المشاعر، وتعود على الإنفاق من غير انتظار الأجر أو المقابل. وزكاة الفطر يدفعها الرجل عن نفسه وعن جميع أهل بيته ممن يعولهم وينفق عليهم، وكذلك للزوجة أن تخرجها عن نفسها، ويشترط فقط أن يملك المسلم يوم إخراجها ما يكفيه من قوت وطعام له ولأهل بيته، وكذلك لا يمنع وجود دين في ذمته من إخراجها إلا أن كان الدين حالاً يجب تأديته الآن، أما إن كان مقسطاً أو مؤجلاً فلا يمنع ذلك من إخراج زكاة الفطر. توقيتها يجب إخراج زكاة الفطر قبل صلاة العيد، وقبل أن يصعد الإمام على المنبر لأداء خطبتي العيد، وذلك لتحقيق الفائدة المرجوة منها بما يمكن الفقير من تأمين حاجاته قبل العيد، وأن تأخير أدائها إلى ما بعد صلاة العيد يسقط قيمتها ولا تعد تسمى زكاة الفطر، بل أنها تحسب لصاحبها على أنها صدقة عادية لا ترقى إلى مستوى الواجب، وأن أخرها بغير عذر فهو آثم. وعلى المسلم وهو يدفع زكاة الفطر أن يرجو بذلك الثواب والأجر من الله تعالى فقط، منتظراً منه سبحانه أن يضاعف له الأجر والثواب والعطاء الذي قال عن عظيم ثواب الإنفاق في سبيله (مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم). وعليه أيضاً أن يعتقد أنه بأدائه لهذا الواجب يقوم بتزكية نفسه ورقيها، لأن الزكاة إنما سميت بهذا الاسم لأنها تزكي نفس المسلم من صفات الشح والبخل، وتزكي ماله فتطهره مما قد يكون تعلق به من شوائب الكسب، وتنميه وتزيده وتحفظه وتحميه، وهي أيضاً تزكي المجتمع من الحاجة والفقر والعوز، والزكاة تزكي النفوس من التحاسد والجشع والطمع بما في يد الآخرين. ومن أجل أن يتحقق كل ما ذكرناه من فضائل وفوائد يجب على المزكي والمتصدق والمنفق مراعاة الشروط والآداب التالية، حتى يكون عمله مقبولاً وصدقته متقبلة، وخوفاً من أن يضيع ثوابه وترد عليه زكاته، وهي: - أن لا يمن بإنفاقه وعطائه على الفقير، فيسبب له بذلك أذى نفسي ومعنوي. - أن لا يتعالى ويتكبر عليه حال دفعه للزكاة، فيشعر الفقير بالمهانة والمذلة، وأن لا يشهر به بين الناس بأن يتحدث بإعطائه الزكاة والصدقة. يقول الله تعالى: (لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى). - أن يدفع من طيب كسبه وخالص ماله، ويقدم أحسن الأنواع والأصناف التي يحبها، إن كان ما يريد تقديمه طعاماً أو ثياباً، ويتحرى الحلال الصرف ليقدمه لله تعالى، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً) ويقول الله تعالى: (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون). - أن يختار لدفع زكاته الأقرب فالأقرب، فيبدأ بمن تربطه معهم صلة الرحم من الفقراء، فإن لم يجد فليبحث في جيرانه ثم بعد ذلك في أصدقائه ومعارفه، فإن لم يجد فبعامة المسلمين، والصالحين منهم أولى بزكاته. - أن لا ينخدع ببعض المظاهر فيظن أن الفقير هو من يكون وسخ الثياب وقذر الهيئة ورث المنظر، فيحكم عندها بفقره، بل علينا أن نتأكد من أن هناك عائلات وأشخاصاً حالهم مبني على الستر والتخفي، لا يظهرون حاجتهم ولا يدل مظهرهم على الفقر، ولا يسألون الناس الحافاً، (يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف)، فليبحث عنهم فهم أولى بالعطاء والمساعدة. هشام يحيى خليفة مظهر حضاري هكذا يتبين لنا أن زكاة الفطر مظهر حضاري وبلورة لحقيقة التكافل الاجتماعي، وقد شرعها الله تعالى لتحقيق معاني الألفة والمحبة بين المسلمين وخاصة عند الضرورات الاجتماعية والحاجات الاقتصادية، ولا يمنع تحديدها بمبلغ معين من أن يزاد عليه، فمقدارها هو الحد الأدنى المطلوب والواجب، أما الإنفاق في سبيل الله ومساعدة الفقراء والمساكين فلا حد له، وبقدر ما تكون زكاة الفطر سبباً في تفريج كرب الفقير، بقدر ما تعود على منفقها من الخير والفضل من الله تعالى، ففي الحديث القدسي يقول رب العزة سبحانه: (يا ابن آدم انفق أنفق عليك)
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©