الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مشاهدون ينتقدون ظهور الممثلين في أكثر من شخصية في الموسم الواحد

مشاهدون ينتقدون ظهور الممثلين في أكثر من شخصية في الموسم الواحد
25 أغسطس 2011 23:24
في مقدم لائحة المستلزمات التي تفترضها النجومية تأتي الموافقة على أن الزيادة تكافئ النقصان، وأن مشاركة الممثل في أكثر من دور تمثيلي خلال موسم واحد ليست مساعدة بالضرورة على تكريس تألقه، بل قد تترك أثراً معاكساً، حيث لا يعود بوسع المتلقي الفصل بين الشخصيات المتنوعة، بغض النظر عن درجة الإقناع التي يبلغها متقمصوها، البراعة في التمثيل تهدف في ذروتها إلى دفع المشاهد لأن يتناسى كونه في حضرة موقف تشخيصي، والاندماج مع الحدث بوصفه واقعياً أو قريباً من ذلك، تناوب الشخصية نفسها على أكثر من دور في فترة زمنية واحدة لا يخدم هذه الفكرة. وإن كان يعزز مساحة الحضور أمام صاحبها. في الفورة الدرامية التي يشهدها الموسم الرمضاني الحالي ثمة تخمة مشهدية واضحة لدى بعض الممثلين، هناك من تجاوزت أدواره الثلاثة متنوعة بين درامي وكوميدي ومختلط، ليس التكيف مع ثلاث شخصيات متفرعة من الملامح نفسها متيسراً دوماً، على الأرجح أن الممثلين المعنيين يدركون ذلك، لكنهم يتعاملون مع الموقف وفق مبدأ: «أن يضر أفضل من أن يفوت».. قبول الجمهور بعيداً عما يثار في سياق المقاربات المماثلة من كلام عن شللية فنية تدني جماعة وتقصي أخرى من الممثلين، بما يجعل الأسماء نفسها موزعة على أعمال شتى، فإن الأساس يبقى، كما تقدم، في حيازة قبول الجمهور بوصفه صاحب الكلمة الفصل، وهو قد يعجب بممثل ما في دور ما، لكنه غالباً يجد صعوبة في إقناع نفسه بمنطقية كون هذا الشخص مشتتاً على عدة شخصيات متناقضة تفصل بينهم كبسة زر من جهاز التحكم. قد يرى البعض، ربما لأنه يرغب في ذلك، أن الأمر يعكس براعة لدى الممثل، ويمنحه صفة التنوع والشمولية، لكن ذلك يصح في حالة الاختبار التي يخضع لها المبتدئون، اما المحترفون من أهل الدراما فالمفروض أنهم تجاوزوا هذه المرحلة، وصاروا معنيين بقضية النوع أكثر من حكاية الكم، كثيرة هي الأسماء التي أمكن لعدد قليل من الأدوار التمثيلية أن يكرسها أعلاماً في عالم التمثيل، وأكثر منها تلك التي كان حضورها المكثف على الشاشات مرادفاً ومكملاً ومبرراً لغيابها. الإخلاص للشخصية يقول يوسف ابراهيم «مدرس» إنه لا يستطيع منع نفسه من إجراء مقارنات بين دورين لممثل واحد، خاصة إذا كان يتابع العملين في أوقات متقاربة، مما يفسد متعة الانسجام، ليكون عليه في المحصلة التخلي عن مشاهدة أحد المسلسلين والإبقاء على الآخر حرصاً على الحبكة الدرامية التي انجذب نحوها أكثر. ويضيف: يخطئ الممثلون، ومن يقفون وراءهم، إذا ظنوا أن بوسع المشاهد أن يكون متجرداً إلى حدود الفصل الكلي بين الشخصية الدرامية وصاحبها، فإذا أرادوا ذلك، عليهم أن يبدوا صدقية من بدهيات شروطها الإخلاص للشخصية المجسدة، وهذا ما يستدعي التزاماً بدور واحد في مجال زمني محدد. هي لعبة بدورها، تشير سلوى الخطيب التي تصف نفسها بمدمنة الدراما، إلى أنها تشعر أحياناً بما يشبه الضياع في متاهة الأدوار المختلفة التي يؤديها ممثلون محددون، ولا تملك بداً من التساؤل: هل هذا الممثل الذي يبدو في منتهى الكاريكاتورية هنا هو نفسه الذي يظهر قمة في الرصانة هناك؟! المشكلة أن المسافة الزمنية الفاصلة بين هنا وهناك تكاد تكون معدومة.. ومثل هذا السؤال لا يحتمل، وفق الخطيب، أكثر من إجابة واحدة: هي لعبة تمثيلية ليس إلا! لا تنفي سلوى، رداً على سؤال، أن الأمر في جوهره أقرب إلى اللعبة، وبالتالي ليس من الضرورة التشدد في محاكمة التداعيات الناجمة عنه، لكنها تؤكد في المقابل أن اللعبة نفسها لها قواعد. ومن شأن أي خروج عنها أن يجعلها مفتقدة للمعنى، هكذا لا يعود الأمر تشدداً بل حرصاً على الهدف الذي تسعى العملية الدرامية نحوه، والتصويب في هذا الشأن هو أحد واجبات المشاهد وليس حقاً فقط، ف»علينا أن لا ننسى أننا نقف في الجهة المقابلة من الشاشة، ومن موقعنا وحده يمكن تحديد الخطأ والصواب». استعراض عضلات ليس بعيداً عما سبق، يقول د. غسان سابا، طبيب، إن المشاهد يعرض بيع عقله أحياناً على العمل التلفزيوني، أي أنه يندمج معه لدرجة التخلي عن المساءلة التقليدية، والتنازل عن حقه في النقد. لكن العمل نفسه والقيمين عليه يرفضون الصفقة، ويلزمون المتلقي الباحث عن فرصة للخروج من دائرة الأسئلة بالعودة إليها مجدداً، وإجراء المقارنات بين الشخصيات المختلفة للممثل الواحد. يستدرك محدثنا قائلاً: قد يكون بعضهم متمكناً في منح كل شخصية خصوصيتها المستحقة، وهو أمر يحسب له على صعيد الأداء، لكنني بصفتي مشاهداً لا أميل لممارسة مهام اللجنة الفاحصة، كل ما أطمح إليه عمل درامي يقنعني ويحقق لي متعة المشاهدة وفائدة الاستنتاج، أما الاختبارات واستعراض العضلات فليس مكانها هنا. سؤال الإقناع توافق ريما قبلان، ربة منزل، على أن الإشكالية جديرة بالنقاش، لكنها تحذر من خطوة التعميم، فبعض الممثلين يتميزون بمهارة تبرر لهم تنوع الإطلالة دون أن يتعرض رصيدهم للاهتزاز، والسؤال، حسب رأيها، ليس ما إذا كان الأمر مشروعاً من حيث المبدأ، بل هو يتعلق بقدرة الممثل على الإقناع إلى درجة تجعل المشاهد ينسى اسمه الحقيقي، ويتذكر دوره التمثيلي فقط. تأكيداً لوجهة نظرها تحيل ريما إلى أدوار تلبست أصحابها بحيث صاروا يعرفون بها، «العكيد أبو شهاب» مثلاً أصبح صفة ملازمة ومعبرة عن رجل الحارة القوي، أما سامر المصري في ثياب معاصرة فشخص آخر مختلف تماماً. لكن ماذا لو اختار المصري أن يمثل دوراً هزلياً بالتزامن مع وجود شخصية «أبوشهاب» قيد العرض التلفزيوني، ألن يتسبب ذلك بإرباك له وللشخصية وللممثلين؟! تبدو قبلان مصرة على موقفها، وإن أبدت بعض التردد: « أعتقد أنه سيكون بوسع المشاهد الفصل بين الشخصيتين، وسيتعامل مع كل منهما بوصفها مستقلة عن الأخرى.. والأمر على العموم مرتبط بمدى المهارة التي تجرى تأدية الدورين من خلالها». مراعاة مزاجية المشاهدين تميل فيروز شكري، إعلامية، إلى مقاربة المسألة من جانب مغاير قائلة: علينا أن لا ننسى أن الدراما العربية صار لديها طابعها الموسمي، فكل الأعمال المميزة يجري عرضها في شهر رمضان، والبديهي في هذه الحالة أن يطل بعض الممثلين في أدوار متعددة هي بالنسبة لهم أعمال عام كامل، وليس منطقياً أن نطالب ممثلاً ناجحاً بالاكتفاء بعمل واحد سنوياً لمراعاة مزاجية المشاهدين.. كلام شكري يطوي على حجة دامغة دون ريب، لكنه لا ينفي وجود الخلل بل يحيل المسؤولية عنه إلى جهات أخرى غير الممثل، أما مزاجية المشاهدين فهي أحد حقوقهم المشروعة.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©