الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خالد الجلاف: الخط العربي هوية وفلسفة وثقافة

خالد الجلاف: الخط العربي هوية وفلسفة وثقافة
28 فبراير 2009 22:12
فضلاً عن قداسته المكتسبة من كونه يحمل لغة القرآن الكريم، وإضافة إلى كونه الصورة المعبرة عن الكلمة العربية المحتفية برونقها الأخاذ، يعتبر الحرف العربي أحد مجالات الإبداع الفنية، حيث يمارس الفنانون في سياقه تميزاً صارخاً، مستندين إلى خصوصية الأبعاد الجمالية التي يتضمنها الخط العربي، وينفرد بها عن سائر لغات الدنيا· الخط العربي يحتضن فن وتصميم الكتابة المتشكلة من الحروف، وهو يقترن بالزخرفة ويزين المساجد والقصور، ويستعمل في نسخ القرآن الكريم، وقد شهد إقبالا كبيرا من المسلمين في الماضي، ولا يزال اليوم يعبر عما يخالج النفس ومكنوناتها، محلقاً في فضاءات المعارض، و معبراً عن ذائقة فنية متسامية، هي اختزال لمجموعة أحاسيس ومشاعر تؤرخ لحظة إبداعية ما· هذا ما يؤكد عليه الخطاط خالد علي الجلاف، الذي يرسم لوحاته الفنية بخطوط عربية، وقد مارس ذلك لمدة تفوق ثلاثة عقود، وهو مدير سابق بإدارة الجودة والتطوير بدائرة الصحة والخدمات الطبية، ويعمل حاليا استشاري الجودة في نفس الدائرة، وبعد ثلاثين سنة من العمل يقيم معرضه الشخصي الأول تحت شعار ''رحلة في تاريخ الخط العربي''، وذلك في متحف الشارقة للخط· رحلة الخط العربي يحكي عن بدايته مع الخط، وعوالمه التي لا تنتهي في الزمان أو المكان، ويقول خالد علي الجلاف إنَّه يمارس الخط كهواية يعبر من خلالها إلى عالم السمو والرقي الوجداني بعيداً عن قهر الواقع وغضبه، وقد يعبِّر بها عن آمال وفرحة وسعادة اللحظة، ويتحدث عن الخط وعن بداياته الأولى: ''الخط بالنسبة لي حياة وثقافة وكيان وهوية، وهو صديق مقرب، كلما اختليت بنفسي أجدني أمسك بالقلم وأناجيه، أصمم لوحاتي، التي أعتبرها أجزاء من كياني، وكل لوحة لها قصة معينة وتعبر عن لحظة معينة، لا أرسم اعتباطاً، لكن لكل واحدة منها ذكرى ومعنى، واللوحة ليست إشباعا أو إمتاعا للآخرين بقدر ما تعبر عن الذات وعن المشاعر، واختيار النصوص له دلالات كبيرة عندي، هي تعكس مشاعر ومواقف في داخلي· وفي معرضي الشخصي الأول عرضت عدة لوحات فيها الكثير من التنوع والتجارب، حيث تعبر كل واحدة عن مرحلة من مراحل عمري، وتختصر تجارب أثرت في حياة لوحاتي، وأعتبرها رحلة عمر مع الخط الذي بدأت أمارسه منذ السنوات الأولى من عمري، وذلك في المرحلة الإعدادية، وقد تبلورت موهبتي في ذلك الوقت على يد الفنان الكبير عبد القادر الريس، الذي أعتبره من أفضل الرسامين في منطقة الخليج، وهو من له الفضل في تشكيل فكري ورقي موهبتي، فقد نبهني لموهبتي، وكذا لجريدة الاتحاد الفضل في صقل موهبتي، حيث كان هناك يعمل خطاط اسمه الأستاذ حمام، وكنت أقلد خطوطه دائماً· غيّرت حياتي الفنية وفي 1980 وفد إلى الدولة خطاط مشهور من العراق وهو الأستاذ نزار الدوري، وهو من تلاميذ الخطاط هاشم البغدادي الذي يعتبر عراب الخط العربي وعلماً من أعلامه، ويرجع له الفضل في تعليمي أصول الخط العربي السليمة، واستخدام أدواته الصحيحة، وأذكر أنه أهداني مجموعة من أجود أنواع القصب الذي يستخدم في الكتابة، هنا بدأت أتعرف على الخط بشكل أكبر وأكثر تعمقاً، وبعد أن دخلت الجامعة شاركت في معرض بجامعة الإمارات بإشراف الأستاذ عزيز الخاني وذلك سنة ،1984 وعلى ضوء ذلك شاركت بأول معرض لجامعات الخليج العربي الذي نظم بالكويت بنفس السنة، وهنا صار احتكاكي مع طلاب الجامعات، وكان خطاطو العراق الأفضل بينهم، وبعد تخرجي من الجامعة، شاركت في معرض لموظفي دائرة الصحة والخدمات الطبية وشمل الكثير من الفنون من ضمنهم التصوير الفوتوغرافي، والتشكيل والخط العربي، وفي سنة 1990 انضممت لجمعية الإمارات للفنون التشكيلية وبدأت أشارك في المعارض السنوية التي تنظمها سواء داخل الدولة أو خارجها، ومثلت الدولة في كثير من الملتقيات في كل من الكويت وسلطنة عمان والمغرب وإسبانيا والنمسا وفرنسا وغيرها من الدول·· وكانت كل معارضي تلاقي القبول وتحظى بإعجاب الجميع· هذه المعارض تتيح لنا الفرصة بأن نكون جنبا إلى جنب مع كبار الخطاطين والفنانين مثل اللبناني وجيه نحلة، وكثير من عمالقة هذا الفن، وفي هذه المرحلة بدأت الاهتمام بالجانب الآخر في فن الخط العربي، وهو البحث عن أسراره وسبر أغواره، وبدأت أكتب في مجال الخط، وكنت أبحث عن رموز هذا الفن والتقيت بهم من مختلف بلدان العالم حيث أسافر للقاء بهم، وقد ساهمت في إصدار ''مجلة الخطاط'' التي صدر منها عددان فقط، ولم يكتب لها الاستمرار، وبعد ذلك رأت النور مجلة أخرى هي مجلة ''حروف عربية''، التي ساهمت في تأسيسها، وتصدر عن ندوة الثقافة والعلوم بدبي، وهي ملاذ محبي هذا الفن في كل أنحاء العالم، ونفتخر بأنها تصدر من دولة الإمارات· افتقدت لوحة عزيزة يذكر الجلاف بحسرة كبيرة فقدانه لوحة عزيزة عنده، ويقول عن سر ذلك: ''أفتقد لوحة كنت نسجتها وسميتها 6 ضرب،1 ساهمت بها في معرض بدولة الكويت، وقد سبق أن أوصيت بعدم بيعها وحرصت على أن تعود لحوزتي بعد انتهاء المعرض، لكنها بيعت خلال الفترة الأولى منه، وتحمل هذه اللوحة جزئيات وملامح من لوحات كنت أهديتها أو تم بيعها، وهذه كانت بمثابة تذكار ما فقدت من مجموع اللوحات، وكانت من أجمل لوحاتي، وهي اليوم موجودة بالمجلس الوطني للثقافة والفنون بدولة الكويت، وتنتابني رغبة شديدة في زيارة هذا المجلس لرؤية هذه اللوحة لكن أجدني لا أتمتع بالجرأة الكافية لذلك''· الخط الكوفي عالمي يؤكد خالد الجلاف ولعه بكل أنواع الخطوط العربية ويقول: ''أنا عاشق للخط الكوفي بأنواعه، ربما يعود ذلك لعزوف أغلب الخطاطين عن استخدامه، وهو يعتبر من الخطوط اليابسة ويتناسب مع ميولي التشكيلية، بحيث أستطيع أن أدمج اللوحة الخطية مع الجرافيك والرسم التشكيلي في لوحة واحدة، وهو الخط الوحيد الذي يتيح لي هذه الإمكانية لما فيه من مرونة، ولا أنفي أني عاشق كذلك لخط الثلث، والديواني جلي، والخط الفارسي، إضافة إلى النسخ الذي أمتع به ناظري كلما جلست أقرأ القرآن الكريم، وهو الخط المستعمل في نسخ المصحف الشريف''· ويضيف: ''الخط بالنسبة لي هوية لابد أن يعود الاهتمام به ضمن منظومة الاهتمام بالثقافة العربية، والخط العربي ينفر بجمالياته من بين كل الخطوط، تفنن الخطاط العربي في إبداع واختراع خطوط جديدة، وربما كان منشأ كل منها والغرض من استخدامها سببا في التسمية، حيث نقول الخط الكوفي نسبة للكوفة، والمغربي نسبة للمغرب، والأندلسي نسبة للأندلس، والنسخ يرجع لكونه ينسخ به القرآن الكريم، والثلث لأن يكتب بثلث القلم، والديواني لأنه اشتهر باستخدامه في دواوين الخلفاء العثمانيين وهكذا··· ويسترسل الجلاف موصِّفاً: ''اللوحة الخطية لوحة فنية الهدف منها إظهار بعض المشاعر والأحاسيس، فعندما أكون بحاجة للتعبير عما يخالجني ألجأ للقلم واللوحة، أخط عليها كل مشاعري، وقد يحصل أن تحضرني فكرة معينة للوحة ما أخطها بداية ولا أنفذها في شكلها النهائي إلا بعد صفاء ذهني، وقد أخط الفكرة على قصاصة ورق في مطعم أو على متن الطائرة، أو أي مكان يسمح لي بالانفراد بنفسي والاختلاء بها، أحتفظ بها لتكون بداية لوحة جديدة، وتنتظر فقط الوقت الملائم لترى النور، أبحث عن التميز وأتجاوز المألوف أبتكر ولا أتقيد بنصوص معينة، وأذكر هنا لوحة كانت من أولى اللوحات التي تم اقتناؤها في المعرض الأخير الذي أقمته بالشارقة وكانت تحمل الأبيات التالية: جزى الله الشدائد كل خير وإن كانت تغصّصني بريقي وما شكري لها إلا لأني عرفت بها عدوي من صديقي
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©