الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

الناس كلهم يرجعون لآدم وحواء

28 ديسمبر 2017 22:00
أحمد محمد (القاهرة) قال ثابت بن قيس لرجل لم يفسح له، ابن فلانة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من الذاكر فلانة؟»، فقام ثابت، فقال: أنا يا رسول الله، فقال: «انظر في وجوه القوم»، فنظر، فقال: «ما رأيت يا ثابت؟»، فقال: رأيت أبيض وأحمر وأسود، قال: «فإنك لا تفضلهم إلا في الدين والتقوى»، فأنزل الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى? وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)، «سورة الحجرات: الآية 13». وقال مقاتل: لما كان يوم فتح مكة، أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، بلالاً حتى أذن على ظهر الكعبة، فقال عتاب بن أسيد بن أبي العيس: الحمد لله الذي قبض أبي حتى لم ير هذا اليوم، وقال الحارث بن هشام: أما وجد محمد غير هذا الغراب الأسود مؤذناً؟!، وقال سهيل بن عمرو: إن يرد الله شيئاً يغيره، وقال أبو سفيان: إني لا أقول شيئاً أخاف أن يخبر به رب السماء، فأتى جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بما قالوا، فدعاهم وسألهم عما قالوا، فأقروا، فأنزل الله تعالى هذه الآية، وزجرهم عن التفاخر بالأنساب والتكاثر بالأموال والإزراء بالفقراء. قال الإمام السعدي، يخبر تعالى أنه خلق بني آدم، من أصل واحد، وجنس واحد، وكلهم من ذكر وأنثى، ويرجعون جميعهم إلى آدم وحواء، ولكن الله بث منهما رجالاً كثيراً ونساء، وفرقهم، وجعلهم شعوباً وقبائل، صغاراً وكباراً، وذلك لأجل أن يتعارفوا، فإنهم لو استقل كل واحد منهم بنفسه، لم يحصل بذلك التعارف الذي يترتب عليه التناصر والتعاون، والتوارث، والقيام بحقوق الأقارب، ولكن الله جعلهم شعوباً وقبائل، لأجل أن تحصل هذه الأمور وغيرها، ولكن الكرم بالتقوى، فأكرمهم عند الله أتقاهم، وهو أكثرهم طاعة وانكفافاً عن المعاصي، لا أكثرهم قرابة وقوماً، ولا أشرفهم نسباً، والله تعالى عليم خبير، يعلم من يقوم منهم بتقواه ظاهراً وباطناً، ممن يقوم بذلك، ظاهراً لا باطناً، فيجازي كلاً بما يستحق، وفي هذه الآية دليل على أن معرفة الأنساب، مطلوبة مشروعة، لأن الله جعلهم شعوباً وقبائل، لأجل ذلك. وقال برهان الدين البقاعي في «نظم الدرر»: لما ذكر سبحانه الأخوة الدينية تذكيراً بالعاطف الموجب للإكرام، المانع من الانتقام، ونهى عن أمور يجر إليها الإعجاب بالنفس من جهة التعظيم بالآباء والعراقة في النسب العالي، أسقط ذلك مبيناً أن لا نسب إلا ما يثمره الإيمان الذي بدأ به من التقوى، وعبر بما يدل على الذبذبة والاضطراب إشارة إلى سفول رتبة من افتخر بالنسب، وإلى أن من لم يتعظ بما مضى فيعلو عن رتبة الذين آمنوا فقد سفل سفولاً عظيماً، يا أيها الناس، كافة المؤمن وغيره، إنا خلقناكم، أوجدناكم من العدم، على ما أنتم عليه من المقادير في صوركم وما أنتم عليه من التشعب الذي يفوق الحصر، وأخرجنا كل واحد منكم من ذكر وأنثى، لا مزية لأحد منكم في ذلك على آخر، ولا فخر في نسب. وجعلناكم شعوباً لتعارفوا، ليعرف الإنسان من يقاربه في النسب ليصل من رحمه ما يحق له، لا لتواصفوا وتفاخروا، ولتتقوا الله في أقاربكم وذوي أرحامكم، إن أكرمكم أيها المتفاخرون عند الله أتقاكم، والأتقى لا يفتخر على غيره، وأكرم الكرم التقوى، وهو مجمع الفضائل الإنسانية، وتثبت الكمالات وتنفي النقائص. وقال ابن الجوزي في «زاد المسير»: فأما المراد بالذكر والأنثى، فآدم وحواء، والمعنى: إنكم تتساوون في النسب، وهذا زجر عن التفاخر بالأنساب، فأما الشعوب، فهي جمع شعب، وهو الحي العظيم، لتعارفوا ليعرف بعضكم بعضاً في قرب النسب وبعده، والمعنى جعلناكم كذلك لتعارفوا، لا لتفاخروا، ثم أعلمهم أن أرفعهم عنده منزلة أتقاهم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©