الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إسرائيل ومسلسل تهجير الفلسطينيين

15 أغسطس 2012
أندريه هاكل رام الله كانت نبرة خالد جابرين وهو يتحدث عن مستقبل قريته وعائلته في الضفة الغربية متحمسة، لكنها أيضاً مفعمة بالحزن، رغم أن اللحظة التي يخشاها- وهي عندما سيطرد مع عائلته من قريته ويهدم منزله-ما زالت تفصله عنها عدة أشهر على الأرجح، متسائلا بأسى "ماذا يمكنني أن أفعل عندما يأتي الجيش الإسرائيلي لإخلائي من البيت؟ هم عادة يأتون ليلاً بالجرافات عندما يكون الأبناء نياماً، ثم الأسوأ أننا لا نعرف إلى أين نذهب؟". وتابع جابرين الذي تحدث إلينا الأسبوع الماضي من بلدة "يطا" في الضفة الغربية قائلاً "أعتقد أنـه أمامنا ثلاثـة إلى أربعة أشهر قبل أن يطردونا من منازلنا"، لكن بعد يومين على لقائنا به أرسل الجيش الإسرائيلي إشارة واضحة إلى قرية "جينبا" التي يقطنها جابرين والمهددة بطرد سكانها عندما أمر الأهالي بإخلاء منازلهم لساعـة واحدة لتصوير المكان. وتعتبر قرية "جينبا" التي تضم حوالي 1500 فلسطيني واحدة من بين ثماني قرى أخرى في التلال الجنوبية للخليل سيتم قريباً إجلاء الفلسطينيين عنها بعد مصادرتها لأغراض عسكرية تتمثل تحديداً في إقامة منطقة تدريب عسكري لإطلاق النيران، وكان وزير الدفاع الإسرائيلي قد توجه في الشهر الماضي بطلب إلى المحكمة العليا الإسرائيلية لإعطاء الضوء الأخضر للجيش كي يباشر عملية إجلاء السكان وهدم البيوت، وهو ما سيمهد الطريق لطرد السكان الفلسطينيين من قريتهم التي سكنوا فيها لأجيال عدة. فبعض أهالي تلك المناطق التي تريد إسرائيل مصادرتها يعيشون في خيم تقليدية، أو كهوف، وهم يفعلون ذلك إما طوعاً، أو لأنهم عجزوا عن الحصول على تراخيص بناء، وقد استمر الفلسطينيون في العيش بالمنطقة دون إزعاج حتى عام 1999 عندما صدرت أوامر الإخلاء واضطر 700 فلسطيني للمغادرة، وما تلا ذلك كانت جهود وساطة فاشلة ومحاولات لم تكلل بالنجاح من قبل السكان ومنظمات حقوقية ناشدت المحكمة العليا الإسرائيلية لوقف قرار الإخلاء دون جدوى، لكن ذلك لم يحل دون استمرار الفلسطينيين في قراهم رغم صدور الأمر بالإخلاء، بحيث استمرت الإجراءات القانونية والنزاعات المعروضة أمام المحاكم لاثنتي عشرة سنة متواصلة إلى ما قبل شهر تقريباً عندما ضغط الجيش الإسرائيلي على المحكمة العليا للموافقة على هدم المنازل وطرد الفلسطينيين. وفي بيان صادر عن وزارة الدفاع الإسرائيلية، أنكر المسؤولون فيها ما جاء في شكاوى الفلسطينيين الذين رفعوا دعاوى أمام المحكمة العليا، وفيما انتقدت المنظمات الإنسانية والاتحاد الأوروبي خطط الإجلاء المرتقبة تصر إسرائيل من جانبها على أن المناطق المزمع إفراغها يحتاجها الجيش للتدريب بالنظر إلى طبيعتها الطوبوغرافية الفريدة وقيمتها الأمنية الخاصة. ويُذكر أن المساحات التدريبية المسماة مناطق إطلاق النار تشكل 18 في المئة تقريباً من إجمالي مساحة الضفة الغربية، وحوالي 45 في المئة من عمليات الهدم التي تقوم بها السلطات الإسرائيلية للمباني والمنازل الفلسطينية، وذلك حسب إحصاءات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية. ويجدر التذكير أيضاً بأن الضفة الغربية مقسمة إلى مناطق ثلاث: المنطقة (أ) الخاضعة لإدارة فلسطينية كاملة، والمنطقة (ب) الواقعة تحت الإدارة المشتركة للسلطة الفلسطينية وإسرائيل، ثم المنطقة (ج) الخاضعة بالكامل لإسرائيل. وبالنسبة للفلسطينيين الذين يعيشون في المنطقة (ج) والبالغ عددهم 150 ألف مقارنة بحوالي 300 ألف إسرائيلي فإنهم يجدون صعوبة كبرى في الحصول على تراخيص البناء في المنطقة، ولذلك هم لا يستطيعون إثبات وجودهم كسكان شرعيين لغياب منازل لهم، هذا علماً أن المنطقة (ج) تمثل 60 في المئة من إجمالي الضفة الغربية. ورغم ضغط الاتحاد الأوروبي على إسرائيل للسماح للفلسطينيين ببناء منازل في المنطقة وإصراره على تسوية أوضاعهم تظل السلطات الإسرائيلية مصرة على سياستها القائمة على تهجير الفلسطينيين من أراضيهم ومنعهم من بناء بيوت لهم ولأسرهم في المنطقة المذكورة.وفي بيان أصدره الاتحاد الأوروبي عقب زيارة قام بها دبلوماسيون أوروبيون إلى قرية "جينبا" في الضفة الغربية قال الاتحاد "إن النية المعلن عنها من قبل وزارة الدفاع الإسرائيلية بحرمان الفلسطينيين من سكن دائم في المناطق المخصصة للتدريبات العسكرية، وبالتالي إخلاء ثماني قرى فلسطينية يترتب عليه تهجير 1800 فرد، وهو ما يعارض التزامات إسرائيل الدولية وواجباتها في الضفة الغربية باعتبارها قوة محتلة". وفي السياق ذاته يقول حافظ حوراني الذي ينسق اللجان الشعبية الفلسطينية في الخليل الجنوبي إن عمليات هدم المنازل وإجلاء الفلسطينيين منها هي محاولة إسرائيلية لتهجير الفلسطينيين من المنطقة (ج) إلى مراكز سكنية أخرى في المنطقتين (أ) و(ب) اللتين تشرف عليهما السلطة الفلسطينية، والمشكلة، يضيف حوراني، أن السكان المطرودين هم من المزارعين الكادحين المرتبطين برعاية الماشية والأرض ويصعب عليهم الاندماج في حياة المدنية التي تريد لهم إسرائيل الانتقال إليها. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©