الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ضربة لـ التعايش

28 فبراير 2009 22:21
عندما أُسست روضة الأطفال ''هاجر'' التي تعتمد نظاماً تعليمياً ثنائي اللغة كان الغرض منها أن تكون شرنقة تحمي الأطفال في إسرائيل من الاغتراب العرقي الذي يعيشه الأهالي في الخارج، لكن حتى هذا المكان الذي تغلب عليه البراءة وقيم العيش المشترك بين الأطفال اليهود والعرب لم ينجُ من الانقسامات القديمة التي تعمقت أكثر بين الطرفين بعد حرب غزة· وتصف هذا الوضع ''سهى فرحات'' متحدثة عن ابنتها ''عندما عادت ابنتي في اليوم الأول للحرب من الروضة أخبرتني أنهم لعبوا لعبة الحرب بين إسرائيل وغزة''· وفي محاولة من إدارة المدرسة لتجاوز المشاعر السلبية الناتجة عن الصراع الدائر في غزة، تم استدعاء أولياء الأمور من الجانبين لحضور اجتماع موحد ومناقشة الوضع، إلا أنه وبالنظر إلى الأجواء المتشنجة لم يحضر سوى عدد قليل من الأهالي· ويبدو أن الجماعات التي تركز على التعايش بين اليهود والعرب وتدافع عن قيم التسامح والاختلاف بدأت تستشعر النتائج المترتبة عن الحرب في غزة وتأثيرها على الجهود المبذولة في هذا الإطار، إذ رغم الالتزام المبدئي بنبذ العنف والعيش جنباً إلى جنب تعترض محاولات إيجاد أرضية سياسية مشتركة العديد من الصعوبات· وتعبر عن هذه الصعوبات ''ديبرا ماتياس'' إحدى الأمهات التي ترسل أطفالها إلى روضة ''هاجر'' قائلة ''لم أكن ضد الحرب في غزة لأني أعتقد بأنه من حقنا الدفاع عن أنفسنا، لكن لم يكن بوسعي التعبير عن ذلك علانية''، مضيفة ''أنا لا أظن بأن مدرسة مختلطة ستغير العالم، إلا أني أريد لأطفالي أن يكونوا منفتحين على الآخر وأن يعرفوا البيئة المعقدة التي يعيشون فيها''· وفي ظل النظام التعليمي القائم على التفرقة في إسرائيل بين العرب واليهود تشكل روضة ''هاجر'' جزءا من شبكة تضم أربع مدارس أخرى تمولها المنظمة التعليمية غير الربحية ''يدا في يد''، التي تروج لقيم التعايش المشترك وتعتمد نظاماً يدمج بين اللغتين العربية والعبرية في نفس المنظومة دون تمييز· وتزدان جدران المدرسة بصور وكتابات أنجزها الأطفال باللغتين معاً، لكن من دون إغفال الاعتبارات الأمنية والحرص على سلامة الأطفال مثل تثبيت جرس للإنذار تحسباً لأي صاروخ قد يقترب من المدرسة، وهي الصواريخ ذاتها التي أرغمت المدارس في محيط مدينة ''بئر السبع'' على إغلاف أبوابها طيلة 22 يوماً التي دامتها الحرب كما دفعت بالعديد من العائلات إلى مغادرة المدينة واللجوء عند أقاربهم في مناطق أخرى· وبعد عودة الأطفال إلى المدرسة عقب انتهاء الحرب فوجئ المدرسون بانفصال الأطفال عن بعضهم بعضا خلال فترة الاستراحة وانعزال كل مجموعة لوحدها، لكن بدلًا من انهيار نظام التعايش المشترك كما كان يخشى البعض، ازدادت لحمة الأهالي وحرصوا أكثر على تحصين مكتسباتهم ضد قرارات الساسة التي يدفع ثمنها الناس العاديون· وفي هذا الإطار بادر أهالي الأطفال اليهود إلى دعوة نظرائهم العرب، وبالمثل قام الأخيرون بتوجيه دعوات للأهالي اليهود· والحقيقة أن الرغبة في العيش المشترك لم تقتصر على روضة ''هاجر''، بل امتدت أيضاً إلى مجموعات أخرى مثل تلك التي شكلها مجموعة من الشباب اليهود والعرب في يافا وتل أبيب الذين تعاونوا معاً طيلة السنوات الثلاث الماضية لإصدار مجلة مشتركة تعنى بشؤون الشباب تؤطرها منظمة ''نافذة للسلام''، التي دعت بعد حرب غزة لاجتماع يضم العرب واليهود من أجل تدارس الوضع والخروج بخلاصات تحول دون تدهور العلاقات بين الطرفين· وعن هذا الاجتماع تقول ''حنا ويتزمان''، المنسقة في المنظمة ''لقد واجهتنا بعض الصعوبات في عقد اجتماع مشترك إلى درجة أن أحد الشبان اليهود أغرته عائلته بالمال حتى يتغيب عن الاجتماع، لكن مع ذلك نجحنا في عقد الاجتماع لأننا نؤمن بالتواصل ودوره في كسر الجليد بين العرب واليهود''· وبالإضافة إلى القيود التي تفرضها إسرائيل على الحركة من الضفة الغربية إلى داخل المدن الإسرائيلية للحؤول دون التواصل بين الفلسطينيين واليهود تبقى تهمة التعامل مع العدو جاهزة لتقذف في وجه كل من يُشاهد وهو يناقش الطرف الآخر· جوشوا ميتنيك -إسرائيل ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©