السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

محمد بن زايد يشهد محاضرة في القراءات العشر لمشاري العفاسي

محمد بن زايد يشهد محاضرة في القراءات العشر لمشاري العفاسي
15 أغسطس 2012
شهد الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وسمو الشيخ راشد بن سعود المعلا ولي عهد أم القيوين، ومعالي محمد أحمد المر رئيس المجلس الوطني الاتحادي، ليلة أمس، بقصر البطين، المحاضرة الأخيرة من سلسلة المحاضرات الرمضانية لمجلس محمد بن زايد، حول القراءات العشر وأثرها في حياة المسلمين، ألقاها فضيلة الشيخ مشاري راشد العفاسي المطيري إمام وخطيب المسجد الكبير في الكويت. حضر المحاضرة، سمو الشيخ سرور بن محمد آل نهيان، والفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، وسمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، وسمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، ومعالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التعليم العالي والبحث العلمي، ومعالي الشيخ سلطان بن طحنون آل نهيان رئيس هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، وعدد من الشيوخ والوزراء والسفراء وعلماء الدين والمهتمين. وبدأ العفاسي محاضرته بتلاوة آيات من سورة طه، ثم الدعاء بالمغفرة والرحمة والعتق من النار للمسلمين الصائمين، وأن يوسع الله في رزقهم ويصرف عنهم كل بلاء وأن يعفو عنهم، وذلك كمدخل للمحاضرة، حول القراءات العشر وإشكالاتها المتداخلة مع علم التجويد والأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، وعلاقتها بحياة المسلم اليومية. وقال بعد ذلك إن الله أنزل القرآن الكريم بلغة العرب الذين يمتلكون البيان واللغة الجزلة والفصاحة، حيث كانت العرب تجتمع كل عام في مكة، وبالتحديد عند قريش وذلك قبل الإسلام، يقصدون بيت الله الحرام للحج أو للتجارة، وبسبب ذلك الاختلاط من العرب والعجم، فقد استطاعت قريش أن تنتقي أطايب الكلم وأجزل العبارات، حيث كانوا يتبارون في مجالسهم بالشعر والفصاحة، إضافة إلى سوق عكاظ الشهير الذي كان مقصداً للشعراء من مختلف أنحاء البلدان آنذاك. وأشار العفاسي خلال المحاضرة إلى أن القرآن نزل “بلسان عربي مبين” وقد تضمن كتاب الله أسماء أعجمية كثيرة، من فارسية، وسريانية، وعبرية، ويونانية، وحبشية، وغيرها من أمثال الكلمات التالية: أباريق، إبراهيم، استبرق، إنجيل، ماعون، مشكاة، ونحو ذلك من الكلمات، مشيراً إلى أن ذلك لا يمثل تعارضاً مع الآيات الكريمة التي ورد فيها بأنه بلسان العرب. وأشار الى أن التوافق والتداخل والاشتراك بين اللغات في بعض الكلمات، أمر شائع ومعروف ومألوف، وهو أمر قد قرره دارسو علم اللغات أنفسهم قديماً وحديثاً. فاللغة العبرية تشتمل على عدد غير قليل من الكلمات التي أصلها عربي، ومع ذلك لا يقال عن الناطق بتلك اللغة إنه لا يتكلم العبرية، وكذلك الشأن في اللغة التركية، إذ تحتوي على العديد من المفردات التي أصلها عربي، ومع ذلك لم يقل أحد عنها: إنها ليست لغة تركية، وأيضاً فإن اللغة السريانية، تعد عند علماء اللسانيات شقيقة اللغة العربية في مجموعة اللغات السامية، وهي تشترك مع العربية في كلمات وعبارات وقواعد واشتقاقات كثيرة، ليس هذا مكان الخوض فيها. ثم قدم فضيلته لموضوع المحاضرة، مشيراً إلى أن سبب نزول القرآن بلغة قريش يعود إلى أن القبائل العربية كانت تلتقي قبل الإسلام في مكة للحج والتجارة وقول الشعر والتفاخر بالأنساب، الأمر الذي جعل قريشاً تحتك احتكاكاً مباشراً بهذه القبائل وبغيرها من الأجناس المجاورة، وتستفيد بالتالي من هذا الوضع الديني والتجاري والأدبي واللغوي، وبذلك أصبحت لغتها الأفضل والأفصح. كما أشار إلى أن النبي المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم عندما كان يعرض عليه سيدنا جبريل عليه السلام القرآن بحرف واحد، أي بلهجة واحدة من لهجات العرب، يطلب منه التخفيف على أمته، فكان يقرأ له بحرف آخر أي بلهجة أخرى أو لسان من لهجات العرب وألسنتهم، فيقول له زدني حتى اكتمل نزول القرآن بسبعة أحرف، بمعنى التغاير أو الاختلاف في القراءة تخفيفاً على الأمة. وذكر المحاضر عدداً من الأمثلة على هذه القراءات التي لم يألفها بعض الصحابة رضوان الله عليهم، مثل سيدنا عمر بن الخطاب الذي أنكر قراءة هشام الحكيم لبعض سور القرآن الكريم، واحتكم معه إلى الرسول، فقال عليه الصلاة والسلام بعد أن سمع قراءة كل منهما (هكذا نزلت، وهكذا نزلت) أي كما قرأها كل منهما. وأكد المحاضر العفاسي أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا لا يفضلون حرفاً على حرف ولا رواية على أخرى، لأنها نزلت هكذا من عند الله، وبالتالي لا يجوز التفضيل أو القول إن هذا الحرف أبلغ من ذاك أو أن هذه الرواية أفضل من تلك. وتحدث عن الفرق بين الأحرف والقراءات، مؤكداً أن الخلاف هو في التنوع لا في التضاد، واستشهد بما قاله الصحابي عبد الله بن مسعود من أن الفرق بين الأحرف مثلما هو الفرق بين قولك هلم أو اقبل أو تعال، فكلها كلمات تؤدي المعنى نفسه وإن باختلافات بسيطة. وأضاف أنه فيما يتعلق بالقراءات العشر، فإن لها صفة مخصوصة وشروطاً أهمها صحة السند وموافقة اللغة العربية ولو بوجه واحد وموافقة الرسم العثماني نسبة إلى الخليفة عثمان بن عفان، بينما لا يتوافر هذا الشرط الأخير بالنسبة للأحرف السبعة. ثم تحدث عن عملية جمع القرآن وكتابته، مشيراً إلى أنها بدأت حين تزايد قتل القراء في حروب الردة، ما جعل الصحابة يتفقون على تكليف أعلم الصحابة (زيد بن ثابت) بجمعه في مصحف واحد بسبب الخوف من موت القراء، ولتوحيد أمر المسلمين في هذا الجانب وبذلك انتشر القرآن في الأمصار. وبين أنه تم جمع القرآن من صدور الحفاظ، ومن الصحف حتى عهد الخليفة ذي النورين، حيث اعتمد الرسم العثماني وأحرقت المصاحف الأخرى، مضيفاً أن القراءة لها صفة مخصوصة، حيث إن زيداً قال “إن القراءة سنة متبعة يأخذها الآخر عن الأول فأقرأوا القرآن كما علمتموه” وفي رواية “كما نزل”. واستطرد فضيلة المحاضر الشيخ العفاسي مستشهداً بقول الرسول صلى الله عليه وسلم “خذوا القرآن من أربعة”، وسماهم وهم عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وسالم مولى أبي حذيفة ومعاذ بن جبل. وأشار إلى رواية أخرى ضمت أبا موسى الأشعري وعلي وعثمان وغيرهم، مشيراً إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم صرح بالأربعة الأوائل لدرايتهم بالتجويد وطرق الأداء، حيث إن عبد الله بن مسعود على سبيل المثال يقرأ “طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى” بالإمالة المخففة وذلك كما أقراه الرسول صلى الله عليه وسلم. ولاحظ المحاضر دقة القراء عند تلاوة القرآن الكريم واهتمامهم بالطريقة اللازمة للقراءة، خاصة فيما يتعلق بالمدود كما في الآية (إنما الصدقات للفقراء والمسكين...)، حيث لابد هنا من المد في قراءة كلمة الفقراء كما نزلت من الله إلى نبيه الكريم. وأكد فضيلته في ختام المحاضرة، أنه ينبغي على المسلم إذن الاهتمام والدراية بالتجويد ومعرفة القراءات العشر لأنها رويت هكذا كما أنزلت من عند الله تعالى، مشيراً إلى القراء العشرة التابعين وتابعي التابعين كابن عامر الدمشقي الذي أدرك أبي الدرداء في دمشق، حيث كان يشرف بنفسه على حلقات التحفيظ. وفي ختام المحاضرة، طرح على فضيلته عدد من الاسئلة وتلا بعض القراءات، حيث ذكر أن القراء سكنوا مكة والمدينة والكوفة والبصرة ودمشق وأن أصول هذه القراءات تعود إلى هذه الأمكنة وتنسب إليها لاشتهار هؤلاء المقرئين فيها. وبين أن لغة أهل مكة مثلاً يغلبها الفتح أو الإمالة، أي أنهم يميلون إلى فتح الألف المنقلب عن ياء، وقرأ (والنجم اذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى) بهذه الطريقة، وقال إنه كلما اتجهنا شمالاً وجدنا الإمالة في القراءة وهي أنواع ثلاثة: فالإمالة الصغرى موجودة بين القصيم وبلاد الشام، والكبرى موجودة حالياً في لبنان، بينما شملت قراءة حفص الكوفي إمالة واحدة فقط في الآية “بسم الله مجريها ومرساها”. وبين أن المنتشر من القراءات حالياً ثلاث: هي قراءة عاصم الكوفي برواية حفص وهي منتشرة في الخليج والشام والعراق ولدى عامة المسلمين، وقراءة نافع المدني في المنطقة الممتدة من ليبيا إلى موريتانيا، حيث انتقل نافع بفقهه إلى هناك، وحيث يوجد المذهب المالكي، أما الثالثة فهي قراءة أبي عمرو البصري في السودان والصومال وجيبوتي، وقال إن الخلاف يكون في الإمالة أو في التنقيط كما في الآية (اذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا) التي يقرأها البعض “فتثبتوا”. وفي رد على سؤال حول الأنغام والألحان، قال المحاضر إن العرب التقت بأناس كثيرين وأخذت منهم أطايب الكلام والعبارات، وكذلك الأنغام والألحان التي أصبحت عربية، حيث استخدمت في الأشعار والقصائد وبذلك صارت اللغة العربية أغنى وأثرى من اللغات الأخرى في الألحان والمقامات التي يبلغ عددها تسعة، كالنهاوند والبياتي والرست والصبا والحجاز الذي يستخدمه مؤذنو الحرم المكي في الأذان. وأضاف أن أغلب القراء أخذوا هذه المقامات وقرأوا بنغم من هذه النغمات على شيوخهم وفق ضوابط الأداء والتجويد. ورداً على سؤال حول إمكانية أن يقرأ الإمام بعض القراءات العشر حين يؤم المصلين، مؤكداً أنه لا بد من تنبيه المصلين قبلاً كي لا يستنكر بعضهم عليه ذلك، مضيفاً أنه لا تجوز القراءة بالقراءات الأربع الشاذة وإنما يمكن الاستفادة منها في تدريس الفقه لأنها روايات عن بعض الصحابة. وحول سؤال عن ضرورة معرفة القراءات العشر أو الاكتفاء بالتجويد، أكد فضيلة الشيخ العفاسي أنه لا بد أولاً من حفظ القرآن ثم إتقانه من خلال أحد المشايخ كي يتم ضبط الأداء والتجويد وبعد ذلك يمكن الذهاب إلى القراءات. كما رد فضيلته على سؤال آخر حول وجوب حفظ المتون كالشاطبية - وهي ألف بيت من الشعر- مؤكداً أن الإمام الشاطبي خدم علم القراءات الذي عم الأرض وأنه لا بد من حفظ الشاطبية، مشيراً إلى أن مشايخ آخرين غيره قاموا بمثل ما قام به وأسسوا معهداً للقراءات في مصر وكلية للقرآن الكريم في المملكة العربية السعودية وغيرها. المحاضر مشاري العفاسي إمام وخطيب المسجد الكبير بالكويت، وله قناة العفاسي الفضائية، قارئ القرآن الكريم، ومنشد ديني يتمتع بصوت عذب وقوة في التحكم بطبقات الصوت وروعة في الأداء. له العديد من الإصدارات التي انتشرت في الوطن العربي والعالم الإسلامي. درس القراءات العشر والتفسير في كلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©