الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عيال بربروسا

عيال بربروسا
23 أغسطس 2013 20:49
(1) لا داعي للتفاصيل، فالتاريخ والتأريخ ليس هدفنا، فقد كان الإمبراطور الألماني الذي أعاد إحياء الإمبراطورية الرومانية المقدسة، هو فريدريك الأول، وقد قضى الرجل معظم حياته في إيطاليا، لأنه كان يحتاج إلى المال الذي لا يمكن جمعه، إلا في المدن، حيث الحركة التجارية والأموال المتداولة. كانت ألمانيا في ذلك الزمان في أسوأ حالاتها، إذ كان الفلاحون معظمهم يعملون بالعبودية والسخرة عند سادة إقطاعيين همج، والتبادل التجاري يقتصر، في معظمه، على نظام المقايضة. وقد سمى الإيطاليون فريدريك الأول بـ (بربروسا)، وهذا هو الاسم الذي اشتهر به الرجل وطغى على اسمه الألماني، وتعني الكلمة (اللحية الحمراء الملتهبة مثل النار)، وعلى عادة الفرسان الذين يريدون إرضاء البابوات الذين ينصبونهم ويمنحونهم الشرعية، فقد خرج الرجل في حملة صليبية على بلادنا عام 1189 بمشاركة ملك انجلترا ريتشارد قلب الأسد، والملك الفرنسي فيليب، وقد اختار بربروسا السفر في البر للوصول إلى بيت المقدس. يا فرحة ما تمّت، فقد غرق بربروسا في أحد الأنهار في آسيا الصغرى ومات، وانتهت أسطورته. ما إلنا بطولة السيرة، فقد نشب صراع في ألمانيا على خلافة بربروسا، إذ فضل البعض ابن بربروسا الأصغر (فيليب) بينما كانت مجموعات أخرى تسعى لتنصيب أوتو وهو من عائلة إقطاعية أخرى (أسرة ويلف)، فاشتد الصراع وانتشر في الإمبراطورية الرومانية المقدسة. في إيطاليا، انقسم الناس إلى فئتين متنافستين: جماعة فيليب وجماعة أوتو، وانعكس على العلاقات الاجتماعية كافة، وكان كل شخص يتنافس مع جاره، ينتظر حتى يختار جاره الجماعة التي يفضلها ليختار الجماعة الأخرى، على سبيل المداقرة.. ويا ما سقط ضحايا في ذلك الصراع الطويل الطويل. كان الصراع طويلاً وطويلاً، لدرجة أنه استمر لعقود طويلة حتى بعد وفاة فيليب وأوتو، وتسلم حفيد بربروسا فريدريك الثاني عرش الإمبراطورية. وهذا هو بيت القصيد في الموضوع ... أن يستمر الصراع، حتى بعد زوال مبرراته بعقود. هل تذكركم هذه السالفة بصراعات مشابهة في العالم العربي؟؟؟ (2) جاء رجل إلى ستاد رياضي قبل بدء المباراة بدقائق، فكان الستاد ممتلئاً تماماً، لكنه لاحظ فراغاً بعيداً في الأعلى، فركض إليه ليجد كرسياً فارغاً .. يا للهول .. يا للروعة. وبداعي التأدب سال الرجل الجالس في المقعد المجاور، إذا كان المقعد محجوزاً أم بلا صاحب، فقال الرجل له أنه يستطيع الجلوس. جلس الرجل، وقد بقيت أقل من دقيقة على دخول اللاعبين، فانتابه الفضول حول سبب وجود المقعد الفارغ، فسأل الرجل عن الموضوع فقال له: - في الواقع لقد حجزت أنا المقعد ودفعت التذكرة. - لكنه فارغ .. هل حجزته لمجرد الجلوس بجانب مقعد فارغ؟ - لا أبداً .. حجزته لزوجتي العزيزة. - ولماذا لم تحضر زوجتك؟ - لقد ماتت اليوم. - ولماذا إذن لم تحضر معك أحد الأقارب أو الأصدقاء؟ - حاولت .. لكنهم مشغولون جميعاً في ترتيب أمور الجنازة - جنازة من؟ - جنازة زوجتي طبعاً. نرجع لموضوعنا .. فقد قالها محمود درويش: «ندعو لأندلس إن حوصرت حلب»، وهي عادة عربية متأصلة في الهروب من القضايا الحقيقية إلى قضايا متوفاة منذ قرون، لكننا لا نشعر بأي تناقض في الموضوع، ففي حين كانت فلسطين بحاجة إلى كل يد، قاتلنا في أفغانستان، والفلبين، والبوسنة، والشيشان، وبورما، وشاركنا في كل قضايا الكون، وما نزال .. عدا قضيتنا. هل الأمر مجرد مصادفة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ يوسف غيشان ghishan@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©