الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحج مدرسة لتربية النفس على الأخلاق الفاضلة معالجات إسلامية

الحج مدرسة لتربية النفس على الأخلاق الفاضلة معالجات إسلامية
11 سبتمبر 2014 21:35
الحمد لله الذي أنعم علينا بالإسلام، وشرح صدورنا للإيمان، والصلاة والسلام على سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد:- يقول الله تعالى في كتابه الكريم: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَابِ)، «سورة البقرة، الآية 197». جاء في كتاب صفوة التفاسير للصابوني في تفسير الآية السابقة: (الحج أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ)، أي وقت الحج هو تلك الأشهر المعروفة بين الناس، وهي: شوال وذو القعدة وعشرٌ من ذي الحجة (فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحج)، أي من ألزم نفسه الحجَّ بالإحرام والتلبية (فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الحج)، أي لا يقرب النساء ولا يستمتع بهن فإنه مقبل على الله قاصد لرضاه، فعليه أن يترك الشهوات، وأن يترك المعاصي والجدال والخصام مع الرفقاء (وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ الله)، أي وما تقدموا لأنفسكم من خير يجازيكم عليه الله خير الجزاء (وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزاد التقوى)، أي تزودوا لآخرتكم بالتقوى فإنها خير زاد (وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَابِ)، أي خافون واتقوا عقابي يا ذوي العقول والأفهام»، (صفوة التفاسير للصابوني 1/129). إن الحج مدرسة مهمة لتربية النفس على الأخلاق الفاضلة، حيث يتربى المرء على هذه الصفات الكريمة والأخلاق النبيلة. لذلك يجب عليك أخي الحاج أن تتحلى بالأخلاق الفاضلة، فقد مدح الله نبينا الكريم - صلى الله عليه وسلم - بقوله: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)، «سورة القلم، الآية 4»، كما يجب عليك أن تكون رحيماً بإخوانك، هيّناً ليّناً معهم، لقوله تعالى: (وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ)، «سورة الحجر، الآية 88»، فاحرص - أخي الحاج - على ملاطفة زملائك، والإحسان إليهم، وتجنب كل ما يؤذيهم ويسيء إليهم، فالله سبحانه وتعالى حَرَّم عليكم الرفث والفسوق والجدال، حيث إنك - أخي الحاج - تعيش في ظلال أيام مباركة طيبة، وتؤدي شعيرة عظيمة من شعائر الإسلام ألا وهي شعيرة الحج. ومن المعلوم أنه كلما أقبلَ موسم الحج وشهوره الكريمة،حَنَّت قلوب المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها إلى بيت الله العتيق، لتأدية فريضة الحج، ولمشاهدة الأرض المباركة، وليطوفوا بالكعبة المشرفة، ولزيارة المدينة المنورة على ساكنها - أفضل الصلاة والسلام-. ولقد رأيتُ - وموسم الحج قد أقبل - أن أساهم بقلمي المتواضع في بعض التوجيهات أُسْديها لأحبائي ضيوف الرحمن، فإذا أردتَ أخي الحاج: أن يكون حجك مبروراً ليصدق عليه قول الرسول الأكرم - صلى الله عليه وسلم - (الْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلا الْجَنَّةُ)، (أخرجه الشيخان)، فعليك أن تتأدب بآداب الحج وواجباته وهي كثيرة، وحسبك أن نذكر منها: الإخلاص هو أساس قبول الأعمال، فالله سبحانه وتعالى لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً له، فلا ينبغي لك وأنت تمتثل أمر ربك، وتحرص على طاعته أن يكون حجك لغرض الدنيا، بل اجعله خالصاً لوجهه الكريم امتثالاً لقوله تعالى (فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ)، «سورة الزمر، الآية 2». التوبة يجب على كل مسلم بصفة عامة أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى من جميع المعاصي والآثام، ومن نوى الحج أو العمرة بصفة خاصة، لقوله تعالى: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، «سورة النور، الآية 31»، فنحن بشر نُخَطئ وَنُصيب للحديث: «لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللّهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ اللّهَ، فَيَغْفِرُ لَهُمْ»، (أخرجه مسلم). ومن فضل الله سبحانه وتعالى علينا أن فتح باب التوبة على مصراعيه لكل أوّاب، فهو يغفر الذنوب جميعاً، كما في قوله سبحانه وتعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)، «سورة الزمر، الآية 53». قضاء الديون عليك قبل أن تبرح دارك وتذهب إلى ضيافة الله، ألاّ تحمل على ظهرك أثقالاً، فاقض دينك، وأعط كل ذي حق حقه، وإذا كان عندك وديعة فسلمها لأصحابها، لتبرأ ذمتك قبل توجهك لأداء الحج لقوله تعالى: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا)، «سورة النساء، الآية 58». - الوصية: من السنّة كتابة الوصية قبل سفرك لأداء الحج والعمرة، فاكتب وصيتك وأَشهِد عليها، فقد جاء في الحديث الشريف: «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصَى فِيهِ، يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلاَّ وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ»، (أخرجه مسلم)، كما يجب عليك أن توصي أهلك بتقوى الله، والسير على هدى نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم-. ردُّ المظالم يجب على الإنسان أن يؤدي الحقوق لأصحابها، فحقوق العباد تنتهي برد الحقوق لأهلها، أو بالإبراء «وهي المسامحة القلبية الصادقة»، لذلك إن كان لأحد عندك مظلمة، فلا تسافرْ قبل أن تُبَرِّئ ذمتك منها، فإن كنتَ ظلمتَهْ في مال فردّه إليه، وإن كنتَ ظلمتَهْ في عرضه من غيبة ونحوها فاستبرئه منها، واستغفر الله لنفسك ولأصحاب الحقوق عليك. - تعلم أحكام الحج والعمرة: وعليك أخي الحاج أن تتعلم مناسك الحج والعمرة، فالحج فريضة كالصلاة والصيام والزكاة، لابُدَّ من معرفة أحكامه الشرعية بالتفصيل، حتى تؤدي هذه الشعيرة كما أداها رسولنا - صلى الله عليه وسلم - القائل: (لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ)، «أخرجه مسلم». حِلُّ المال يجب أن تكون النفقة من المال الحلال الطيب حتى يقبل الله حجك أو عمرتك، لما ورد في الحديث الشريف: «الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّماءِ يا رَبُّ. . يا رَبُّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِّيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لَهُ) (أخرجه مسلم). وداع الأهل والأحبة عليك أن تودع أهلك وجيرانك وأحبابك قبل سفرك، وأن تقول لهم عند سفرك ما ورد عن نبينا - صلى الله عليه وسلم-: «أسْتَوْدِعُكم اللهَ الذِي لا تَضِيعُ وَدَائِعُه»، (أخرجه ابن السني)، وعليك أن تعدّ نفقة من تلزمك نفقته عن مدة غيابك حتى ترجع إليهم، كما يستحب صلاة ركعتين في منزلك قبل سفرك. - الرفيق الصالح وعليك أن تلتمس لرحلتك رفيقاً تنتفع بصحبته، فيعينك على مشقة السفر وَيُذَكِّرك بطاعة الله، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلْ»، (أخرجه الترمذي)، ولقوله - صلى الله عليه وسلم - أيضاً: «لا تُصَاحِبْ إِلاَّ مُؤْمِنًا، وَلا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلاَّ تَقِيٌّ»، (أخرجه الترمذي). الدعاء عليك أن تُكثر من التسبيح والتكبير والتلبية والدعاء خصوصاً عند تَغيُّر الأحوال، من هبوط أو صعود أو إقبال في ليل أو نهار، والأفضل الدعاء الوارد، لقوله - صلى الله عليه وسلم-: «الْحُجَّاجُ وَالْعُمَّارُ وَفْدُ اللَّهِ، إِنْ دَعَوْهُ أَجَابَهُمْ، وَإِنِ اسْتَغْفَرُوهُ غَفَرَ لَهُمْ»، (أخرجه النسائي). نسأل الله تعالى للحجاج الكرام حجاً مبروراً، وذنباً مغفوراً، وسعياً مشكوراً، وتجارة لن تبور.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©