الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كلينتون وأعباء «المأزق المزدوج»!

17 أكتوبر 2016 10:03
نعلم الآن أن «جلوريا ستاينم» و«مادلين أولبرايت» لا تعتقدان في الواقع أن أي شخص ينبغي أن يصوت لهيلاري كلينتون لمجرد أنها امرأة. فهل هذا يعني أننا يمكن أن ننسى «جندر» كلينتون؟ لا أعتقد ذلك. بيد أننا نواجه سؤالًا أكثر دقة وتعقيداً وأكثر صعوبة من السؤال الدارج «هل أعطي صوتي لها لأنها امرأة؟» فبدلاً من ذلك، يمكن أن يكون السؤال «هل يمكنني التأكد من أنني أحكم على المرشح بدقة، نظراً للمأزق المزدوج الذي يواجه كل السيدات في مناصب السلطة؟». فالسيدات اللائي يترشحن لتولي مناصب، كما هي الحال مع معظم السيدات اللائي هن في السلطة، يواجهن هذين المطلبين: أن تكون قائدة جيدة! وأن تكون امرأة جيدة! وفي حين أن الصفات المتوقعة للقائد الجيد (القوة والثقة والصرامة أحياناً) تشبه الصفات التي نتوقعها في رجل جيد، إلا أنها على النقيض مما نتوقعه في امرأة جيدة (أن تكون لطيفة وناكرة للذات وعاطفية ولكن ليست صارمة). وبالتالي، فإن المأزق المزدوج: إذا كانت المرشحة -أو المديرة- تتحدث أو تتصرف بالأساليب التي نتوقعها من امرأة، فهي تخاطر بأن يُنظر إليها على أنها غير واثقة أو حتى غير ذات كفاءة. ولكن إذا كانت تتحدث أو تتصرف بالأساليب المتوقعة من القائد، فعلى الأرجح سيُنظر إليها باعتبارها عدوانية جداً وستكون محل أحكام -وصفات- أخرى سلبية لا حصر لها، يمكن أن تنطبق فقط على النساء. وعلى سبيل المثال، فإن أي شخص يسعى لتولي منصب عام، خاصة إن كان من أعلى المناصب، يجب أن يكون طموحاً، ولكن هذه الكلمة نادراً ما تثار تجاه المـرشحين الذكور لأنها أمر مفروغ منه. والطموح هو أمر مثير للإعجاب بالنسبة للرجل، ولكنه غير مقبول -وفي الواقع، مخيف تماماً- من وجهة نظر البعض، حين يتعلق الأمر بالمرأة. وعلى سبيل المثال ابحث عن «بيرني ساندرز الطموح» على شبكة الإنترنت وستجد عناوين الصحف عن «الخطط الطموحة» للمرشح. وجرّب الشيء نفسه مع دونالد ترامب، وستجد ما يشير إلى «خطته الطموحة للترحيل» و«تطويراته العقارية الطموحة». وعندما يتم استخدام الكلمة لوصف ترامب نفسه، فإنها تكون إيجابية، كما هي الحال في «إن ترامب فخور وطموح، ويسعى إلى التفوق»! ولكن إذا اقترنت هذه الكلمة باسم هيلاري كلينتون، فسيتمخض البحث عن عناوين تتهمها بـ«الطموح العاري» و«الطموح الجامح» و«الطموحات عديمة الرحمة» وأنها «طموحة سيكولوجياً»! وفي محاكاة ساخرة، كشف الموقع الإلكتروني الساخر «ذا أونيون» الظلم والعبثية في تشويه صورة مرشح من خلال عناوين مثل: «إن هيلاري كلينتون طموحة أكثر من اللازم لأن تكون أول سيدة تتولى الرئاسة». وقد أشارت «روبين لاكوف»، عالمة اللغويات التي كانت أول من عرف ما نسميه هنا «المأزق المزدوج» في كتابها الذي صدر عام 1975 تحت عنوان «اللغة ومكان المرأة»، إلى أنها تمثل الانطباعات المستمرة لكلينتون كشخص زائف وغير جدير بالثقة! إننا نطور هذه الانطباعات ذهنياً، كما تشير «لاكوف»، عندما لا يتحدث الناس ولا يتصرفون كما ينبغي، بالنظر إلى من هم وماذا نعرف عنهم! وفي حالة كلينتون، كما تفسر «لاكوف»، فهي تأتي تحديداً من حقيقة أن لديها خصائص، مثل الصلابة، نحتاج إليها في أي مرشح، بيد أن هذا ليس مطلوباً بالدرجة الأولى في امرأة. ولعل أصعب شـيء فـي «المأزق الـمزدوج» هو أنه يعمـل بشــكل غير ملحــوظ، مثل طلقات من مسـدس كاتم للصـــوت. «ولا علاقة له بالنوع»، كما سمعت مؤخراً عن كلينتون «إن الأمر مجرد أنها تشعر بالحماس». وقد نصحها ناقد آخر بأن عليها «أن تتوقف عن الصياح». كيف يمكن سماع صوت مرشح وسط جلبة هتاف الحشود من دون أن يصرخ؟ هذه التعليقات تأتي من امرأة. هل تشعر بالدهشة؟ لا. إن النساء على الأرجح يتصرفن بهذه الطريقة. وكل هذا يساعد على إجابة السؤال الذي ركزت عليه «ستاينم» و«ألبرايت»: لماذا لا تتدفق الشابات (أو بتعبير أكثر دقة، لماذا لا تتدفق الشابات من البيض) لتأييد أول امرأة تترشح للرئاسة؟ إن «المأزق المزدوج» يقلل من شعبيتها بين النساء في مواقع السلطة، وكذلك الأمر مع أولئك اللائي لم يصلن إلى مثل هذه المناصب ولا يشعرن بثقلها. وربما يعتقدون أنه عندما يحين الوقت، فإن الحكم في السباق سيكون منصفاً ويستند على المؤهلات. والآن أعتقد أن على الناخبين من الأعمار كافة أن يسألوا عما إذا كانت العدسة التي يرون كلينتون من خلالها مظلمة بفعل هذه القوى غير المرئية والصور النمطية واسعة الانتشار. ولكي يتأكدوا من أنهم يرون بوضوح، فهم بحاجة إلى فهم -وتصحيح- اختلالات «المأزق المزدوج». *أستاذة اللغويات بجامعة جورج تاون ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©