الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العالم ظلم وظلمات قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم

16 أغسطس 2012
القاهرة (الاتحاد) - في القرنين السادس والسابع الميلاديين كان الناس في ضلالة عمياء، وجاهلية جهلاء، والعالم يموج بألوان مختلفة من الشرك والظلم والتخلف والانحدار والبعد عن الفطرة والتردي في درب الشيطان، فلا يوجد إلا أحجار منحوتة، ورسوم، وأعمدة وأبنية. أجمع المؤرخون عامة على أن العالم الإنساني قاطبة، والعالم العربي خاصة كان يعيش في دياجير ظلام الظلم والجهل، وظلمات الطغيان والاستبداد، العالم فوضى يأكل بعضه بعضاً، وقد ساد الظلم وفشا الفجور وكثرت الآثام والشرور. فها هي دولة الروم العظيمة مترامية الأطراف منقسمة إلى قسمين الروم الغربية وعاصمتها روما، والروم الشرقية وعاصمتها القسطنطينية، والتي كانت تحمل لواء النصرانية في العالم، وبينهما تنازع عقائدي، حيث المذهب الكاثوليكي والمذهب الأرثوذكسي، ومن الناحية الأخلاقية أصيبت الدولة بانحلال جسيم، لم يقل عنه الانحلال الاجتماعي، والذي تبدى في المفارقة الكبيرة بين الطبقات، من السادة والعبيد. أما دولة الفرس فقد شهدت فساداً حضارياً بكل المقاييس إذ كانوا يعبدون النار، ويقدسون ملوكهم الأكاسرة، معتقدين أن الدماء الإلهية تسري فيهم، كما فشا الفساد الأخلاقي وانقسم المجتمع إلى سبع طبقات اجتماعية من الأكاسرة إلى العبيد. وكانت أوروبا في صراعات وحروب مستمرة، بعيدة عن النظافة والأخلاق، انتشر بينهم الظلم والاضطهاد، وكان بعضهم يحرقون الإنسان بعد موته، ويأتون بنسائه فيقتلونهن ويدفنونهن معه، خيمت سحائب الظلام، واكتنفتها حروب ومعارك وحشية وضارية، كانت أوروبا في هذه الحقبة بمعزل عن الحضارة، لا تعرف عن العالم، ولا يعرف العالم المتمدن عنها إلا قليلا. وكذلك كان الوضع في الصين، حيث بها ثلاث ديانات، وقد تحول بوذا مع مرور الوقت من حكيم ومشرع وضعي إلى معبود لبعضهم على مدى السنين. وأما الهند، فقد كثرت فيها المعبودات والآلهة، فهم يعبدون أي شيء من الكواكب إلى المعادن والحيوانات، كما ظهر النظام الطبقي الجائر، يحرقون الزوجة مع زوجها عندما يموت ويدفنونها معه. بين آسيا وإفريقيا وأوروبا انتشر اليهود، فشت بين أممهم أخلاق الخنوع عند الضعف، والبطش عند الغلبة، والقسوة والأثرة، وأكل المال بغير الحق، والجشع وتعاطي الربا والنفاق، والصد عن سبيل الله وبهذا الانحطاط النفسي والفساد الاجتماعي عُزلوا عن الأمم. استحكم العداء بين اليهود والنصارى، وكان من القسوة والضراوة بما لم يعرف أو يحدث على الأرض في ممالك الحيوانات، يوقعون ببعضهم ويتحينون الفرص، ويهدمون ما وقع تحت أيديهم من معابد، ويقتلون ما وصلت إليه سيوفهم من أرواح. وعلى عراقة حضارتها وكثرة خيراتها، فإن مصر قد طُحنت في عهد الرومان بين استبداد سياسي، واستغلال اقتصادي، واضطهاد ديني ففي مجال السياسة لم يكن لها من أمرها شيء، وفي مجال الاقتصاد لم تعرف عنها روما سوى أنها شاة حلوب تستنزف مواردها، وتمتص دمها وبالجملة لم تعرف مصر النصرانية في عهد روما المسيحية إلا أشد الشقاء، وأقسى العذاب. حول الاحتلال الروماني مصر إلى مخزن غلال يمد الإمبراطورية الرومانية بالغذاء، وفرض على المصريين ضرائب كثيرة، وعانت مصر في عهدهم تخلفاً اجتماعياً واقتصادياً وعلمياً، بل كان الرومان يعذبون من يختلف عنهم من المصريين في المعتقد الديني المذهبي. ولم يكن العرب أحسن حالاً من هذه الأمم، فقد بدل لهم عمرو بن لحي الخزاعي ديانة إبراهيم الخليل التي كانوا يدينون بها، ونشر الشرك بين أهل مكة وخارجها، وبانتشار الوثنية بين العرب كثرت الخرافات الدينية التي أثرت في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية. أحوال القبائل داخل الجزيرة العربية مفككة الأوصال، تغلب عليها النزعة القبلية والطبيعة العنصرية وقد حكم الفرس العراق، وغلبت الروم على بلاد الشام، والأحباش على اليمن، وهذه الأقطار العربية انحطاطاً لا مزيد عليه، ومورست معها ألوان مختلفة من الظلم والاستبداد والقهر والعبودية. كانت أحوال العرب الاجتماعية في الحضيض الأسفل من الضعف، يُغير بعضهم على بعض فيقتل ويسبي، كان لديهم العديد من الأوثان والأصنام التي عبدوها من دون الله، لكنهم حافظوا على جملة من الأخلاق تميزوا بها عن سائر الأمم حينئذ كالوفاء بالعهد وعزة النفس، والعزيمة وإباء الضيم والنخوة والمروءة والشجاعة والكرم. في ظل هذه الظروف جاءت بعثة سيدنا محمد «صلى الله عليه وسلم».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©