الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأزمة السورية... واحتمال تكرار التجربة الليبية

الأزمة السورية... واحتمال تكرار التجربة الليبية
23 أغسطس 2013 23:49
هوارد لافرانشي محلل سياسي أميركي تدفع الدعوات الصادرة عن فرنسا وبريطانيا وباقي القوى الغربية لاعتماد القوة ضد النظام السوري عقب المزاعم عن استخدام السلاح الكيماوي على نطاق واسع، إلى عقد مقارنات مع ما جرى قبل عامين عندما تدخل الغرب في ليبيا، حينها قررت الولايات المتحدة «القيادة من الخلف» فيما قامت قوات حلف شمال الأطلسي بإسقاط معمر القذافي. لكن وبصرف النظر عن اللغة المستخدمة من القوى الداعية للتدخل العسكري فإنه من غير المرجح، حسب العديد من المحللين والدبلوماسيين الدوليين والمحليين، أن تكتفي أميركا بدور الداعم في حال قرر الغرب التدخل، هذا ناهيك عن إجماع القوى الغربية على أن أي تدخل لن يتم ما لم تظهر أدلة دامغة تثبت استخدام قوات الأسد للسلاح الكيماوي لضرب مناطق بالقرب من دمشق. بل حتى في حال ظهرت الأدلة، وهو احتمال صعب المنال، تستدعي تعقيدات الوضع السوري وضرورات تحقيق النتائج العسكرية السريعة مشاركة فعالة للولايات المتحدة تتولى فيها القيادة. ويضيف المحللون أنه رغم الخطوط الحمراء التي رسمها أوباما في العام الماضي بشأن استخدام السلاح الكيماوي في سوريا، لا أحد يتوقع أن تعمد الولايات المتحدة إلى تدخل واسع في سوريا مهما كانت الظروف والملابسات، وهو ما يؤكده «تشارلز كوبتشان»، الخبير في العلاقات الأطلسية بمجلس العلاقات الخارجية بواشنطن، قائلاً «لو حصل تدخل عسكري في سوريا ستعلب أميركا دور القائد وستكون في المقدمة وليس الخلف»، لا سيما وأن القوى الأوروبية الرئيسية وهي فرنسا وبريطانيا لا تتوافر على إمكانات لقيادة التدخل العسكري، فسوريا أبعد جغرافياً من ليبيا، كما أن التعقيدات الإقليمية والدولية تستدعي اضطلاع الولايات المتحدة بقيادة أي تحرك عسكري. ورغم تأكيد «كوبتشان» أن «احتمالات تكرار ما جرى في ليبيا غير مطروحة حالياً»، لم يمنع ذلك فرنسا وبريطانيا من تبني موقف أكثر حزماً وصرامة إزاء الصراع المستفحل في سوريا. هذه القوة في المواقف تجلت يوم الخميس الماضي عندما طالب وزير الخارجية الفرنسي، «لورو فابيوس»، «برد فعل قوي» لو ثبت استخدام السلاح الكيماوي من قبل النظام السوري لتنضم تركيا أيضاً إلى الدعوات المطالبة بالتحرك الفوري، قائلة «إن جميع الخطوط الحمراء تم تجاوزها» من قبل الأسد في حربه ضد الثوار الذين يسعون إلى الإطاحة به، فيما حذرت بريطانيا أنه «لا يمكن استبعاد أي خيار»، مؤكدة في الوقت نفسه أن «الحل السياسي» للصراع في سوريا يبقى أفضل من غيره، هذه المواقف المتقدمة للقوى الأوروبية والإقليمية تجاه الأزمة السورية ليست جديدة يقول كوبتشان الذي يعمل أيضاً أستاذاً للعلاقات الدولية بجامعة جورج تاون الأميركية، قائلاً «لقد دافعت كل من بريطانيا وفرنسا عن فكرة تسليح المعارضة، لكن في النهاية تنحصر تلك المواقف في الجانب الخطابي». ومع ذلك سارعت الولايات المتحدة هذه المرة إلى الانضمام إلى فرنسا وبريطانيا و34 دولة أخرى حول العالم لمطالبة الأمم المتحدة بإرسال فريق التحقيق الموجود أصلاً في سوريا إلى مواقع الهجوم للتحقيق في مزاعم استخدام غاز السارين الذي تتوافر منه سوريا على مخزون كبير، حيث دعا البيت الأبيض يوم الخميس الفائت سوريا بالسماح للفريق الأممي «الوصول الفوري وغير المقيد للأماكن المشتبه فيها»، لكن الإدارة الأميركية تحاشت استخدام لغة التدخل العسكري التي تبنتها فرنسا وبريطانيا. وبالتزامن مع ذلك أكدت وزارة الخارجية الأميركية على لسان المتحدثة باسمها، جين بساكي، أن الرئيس أوباما وجه إلى وكالات الاستخبارات التحقق مما إذا كان النظام في سوريا استخدم سلاحاً كيماوياً، مضيفة أنه في حال ثبت استخدام تلك الأسلحة فإن أمام الرئيس مجموعة من الخيارات. ومن جانبها أحبطت كل من روسيا والصين اللتين تدعمان الأسد محاولة مجلس الأمن الدولي إصدار بيان يدعو الأمم المتحدة لإجراء «تحقيق فوري» لكشف حقيقة الهجمات الأخيرة التي يقول الثوار إنها خلفت 1300 قتيل بينهم أطفال ونساء. وبدلاً من التحقيق اكتفى البيان المخفف الصادر عن مجلس الأمن بالتعبير عن رغبة المجتمع الدولي في كشف ما جرى خلال الهجوم الذي اعتبر ما جرى «تصعيداً لافتاً في الصراع السوري»، وقد خاطبت الأمم المتحدة رسمياً سورياً مطالبة إياها بالسماح لفريقها المتواجد فوق ترابها بالتحقيق في ملابسات الهجوم. لكن الوصول إلى الحقيقة لن يكون سهلاً، حسب خبراء الأسلحة، فرغم ما تشير إليه الصور ومقاطع الفيديو من تعرض الضحايا لمواد كيماوية، يقول الخبراء إن العلاج الخاطئ للأعراض من خلال بعض المضادات الحيوية قد يؤدي إلى الموت بدل الهجوم نفسه الذي قد لا يكون ناتجاً عن السلاح الكيماوي، يضاف إلى ذلك أن مواصلة قصف قوات الأسد للمناطق التي يُعتقد بأنها تعرضت لغازات سامة يجعلها خارج نطاق التفتيش، هذا فضلاً عن تدمير الأدلة التي يمكن جمعها من المكان. وفي جميع الأحوال يقول المراقبون إنه حتى لو كشفت أدلة تثبت استخدام الأسد للسلاح الكيماوي لن يكون رد الفعل الغربي بنفس درجة التدخل في ليبيا. هذا الأمر يوضحه كوبتشان قائلاً «لم تكن نتائج التدخل الغربي في ليبيا واضحة وإيجابية في جميع الأحوال، إذ رغم الإطاحة بنظام القذافي ما زالت ليبيا تعيش على وقع الاضطرابات، ولم تنس الولايات المتحدة مقتل أحد دبلوماسييها في بنغازي، ناهيك عن تحول البلاد إلى مصدر للأسلحة وممر لوصولها إلى الدول المجاورة وزعزعة استقرارها مثلما حدث في مالي التي اضطرت فرنسا لاحقاً للتدخل لمنع سقوطها في أيدي الجماعات المتطرفة». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©