الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كوريا الشمالية: صور من معتقلات الرعب

23 أغسطس 2013 23:50
تشيكو هارلان سيئول- جلسوا واحداً تلو الآخر إلى جانب علم الأمم المتحدة، بعضهم تماسك وبعضهم بكى، وأحدهم استخدم اليد اليسرى ليسيطر بها على اليمنى المرتعشة. وسردوا قصصاً عن شبكة كوريا الشمالية الوحشية لمعسكرات احتجاز المجرمين والمعارضين السياسيين، وأدلتهم فيما يروون مادية: حروق في الظهر وندوب في الرؤوس، وأجساد أنهكها التعذيب بسبب أفعال بسيطة لا ترقى إلى مستوى الجرائم إلا في كوريا الشمالية. وقد أفاضوا في وصف عمليات إجهاض بالإكراه وإعدام علني وأعمال شنيعة متواصلة من التجويع والعبث بأعصاب المحتجزين مارسها حراس السجن الذين كان المحتجزون يحتاجون لتصريح منهم حتى لاصطياد وأكل الجرذان المنتشرة في المعتقلات. وقال أحد المعارضين المعتقلين ويدعى «شين دونج-هايوك» إن الحراس عندما يكونون في مزاج حسن يوافقون، وإذا أرادوا الترفيه، أجبروا السجناء على أكل الجرذان حية! وتحدث معارضون من قبل عن معاناتهم، ولكن ربما تكون هذه هي المرة الأولى التي تُسرد فيها القصص في قاعة جامعية للمحاضرات في وسط مدينة سيئول، وكان لقصصهم غرض جديد -وهو أن تكون شهادة في تحقيق للأمم المتحدة بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في كوريا الشمالية. وفي الآونة الأخيرة، وصفت «نافي بيلاي» مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان هذه الانتهاكات بأنها بلا مثيل، وقالت إن الاهتمام الدولي «تأخر طويلاً» وخاصة أن الانتهاكات استمرت دون هوادة في ظل حكم الزعيم الكوري الشمالي الحالي كيم يونج أون. وقد أنشئت لجنة التحقيق المؤلفة من ثلاثة أعضاء في مارس ومنحت عاماً لإتمام تقريرها. ولكن سلسلة القصص هذه التي تستغرق روايتها أسبوعاً من جلسات الاستماع العلنية في سيئول تشكل لب عملها، وهو تحقيق قانوني تحول إلى مسرح رعب. وفي وقت لاحق هذا الأسبوع ستجري اللجنة مقابلات مع شهود عن انتهاكات أخرى مزعومة لحقوق الإنسان في كوريا الشمالية تتضمن الخطف المنهجي للأجانب في البلاد خلال ستينيات وسبعينيات القرن الماضي. وقال مسؤولون من الأمم المتحدة إن التحقيق قد يساعد في إثبات ما إذا كان زعماء كوريا الشمالية ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية. ولكن في المدى القصير تستهدف جلسات الاستماع هذه التي تذاع على الإنترنت أيضاً تعزيز الوعي العالمي بشأن تلك الدولة البوليسية التي سجنت ما بين 150 و200 ألف شخص في معسكرات أشغال شاقة بحجم مدينة معزولة عن العالم في المنطقة الجبلية من البلاد. وتفيد تقارير من منظمات غير حكومية أن كوريا الشمالية تقدم في هذه المعسكرات طعاماً لا يسد جوع المعتقلين، وتنهكهم عملاً ليصبحوا على حافة الموت، وتقلص كمية الطعام عندما لا يحسنون العمل. ويتعرض الكوريون الشماليون للسجن إذا انتقدوا القيادة، أو شاهدوا محتوى على أقراص مدمجة مصنوعة في الخارج، أو تركوا التراب يتراكم على صورة زعيم أو حاولوا الفرار من البلاد. ولا يُحاكم كثيرون منهم ولا يحظون بفرصة استئناف الحكم. وقال ناجون إن المرء قد يقتل في المعسكرات لمجرد محاولته البقاء على قيد الحياة، وإن الإعدام العلني يحدث بشكل شبه منتظم، ربما مرتين في العام كوسيلة لإبقاء السجناء الآخرين في حالة توتر. وقال أحد الناجين، ويدعى «كيم أونتشول»، إنه رأى سجيناً يعدم لأنه كان يستخرج حبة بطاطا من حقل. وأُعدم آخر لأنه أكل عشباً. وقد وصل جيونج كوانج-إيل إلى واحد من هذه المعسكرات يعرف باسم «يودوك» أو معسكر 15 بعد أن ارتكب جريمة ثم اعترف بجريمة أكبر. فقد كان يبرم صفقات تجارية في أواخر تسعينيات القرن الماضي مع كوريين جنوبيين في الصين بموجب عمله كتاجر -وهذا ما اعتبره النظام الكوري الشمالي تواطؤاً مع الأعداء! وعندما واجهه ضباط الأمن الكوريون الشماليون بأدلة، نفى جيونج في البداية مزاعمهم الأخرى بأنه جاسوس لكوريا الجنوبية. وقال جيونج إنه قد أنفق وقتاً مديداً من الشهور العشرة التالية مصفد اليدين معلقاً بعيداً عن الأرض في وضع تعذيب يعرف باسم «الحمامة» كي يعترف بغير ذلك. وأثناء هذه الفترة فقد 85 رطلاً من وزنه. وفي الأخير اعترف جيونج بغير الحقيقة كي ينجو بحياته. وقال نشطاء إنه قد انتهى به المطاف في واحد من أكبر معتقلات كوريا الشمالية فيه نحو 50 ألف سجين مكتوب على بوابة مدخله «لنضحِّ بحياتنا لحماية القيادة الثورية للزعيم العزيز كيم يونج إيل». وظل هناك لثلاث سنوات قبل الإفراج عنه. وأثناء الجلسة، عرض صورة بالأقمار الصناعية على الكمبيوتر لمعسكر «يودوك» ووصف معالمه للجنة الأمم المتحدة. وحدد مساكن الحراس وقاعة الاجتماعات التي تعقد فيها فصول تعليم الأيديولوجية. ووصف موقع السياج الكهربائي الذي يصدر عنه الشرر مع سقوط المطر. وذكر بستاناً وأيضاً زنازين انفرادية يُرسل إليها السجناء إذا حاولوا الأكل من فاكهته. وسأل أعضاء اللجنة الشهود أسئلة شخصية غالباً كي يقصوا مآسيهم الخاصة، ولكنهم تبعوا ذلك بأسئلة أخرى أيضاً في سعي لتأكيد الأدلة عن المناطق والشهود الذين وصفوهم. وسأل مايكل كيربي القاضي الأسترالي ورئيس اللجنة مشيراً إلى صورة بالأقمار الصناعية «هل هذا المعسكر يشتهر باسم معسكر 15؟». وقال جيونج: نعم. وسأل كيربي «وإذا سمحت كوريا الشمالية بإجراء تفتيش هل ستقدم لنا معلومات مفصلة عن هذا المعسكر؟». وأجاب جيونج بـ«نعم» مرة أخرى. ولكن «كيم» الذي سجن في «يودوك» قال إنه أجبر على التعهد بعدم إفشاء سر المعسكر قبل الإفراج عنه. ينشر بترتيب مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©