السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تهديدات شافيز النفطية··· سيفٌ من ورق

تهديدات شافيز النفطية··· سيفٌ من ورق
18 فبراير 2008 23:45
نشرت صفحة إعلانية كاملة بصحيفة ''ألتيماس نوتسيا'' الفنزويلية اليومية صورة لشركة ''إكسون موبيل'' تظهر قطرات من النفط وقد تغير لونها تدريجياً من الأسود الداكن في أعلى الصفحة، لينتهي إلى اللون الأحمر في أسفلها، والهدف وراء الرسم كما هو واضح، القول إن شركة ''إكسون موبيل'' تحيل النفط إلى دماء، وقد كتبت بجانب الصورة عبارة ''لن يمر هذا''، وفي الصحيفة نفسها نشر يوم الثلاثاء الماضي، عنوان رئيسي عن أن شركة ''بدافسا'' النفطية الحكومية تواصل استعداداتها لرد الصاع صاعين إلى شركة ''إكسون موبيل''· لكن وعلى رغم هذه التهديدات النارية، تثور الشكوك حول مدى قدرة الحكومة الفنزويلية على المضي قدماً في حربها المعلنة هذه ضد الشركة النفطية الأميركية العملاقة، إلى مدى أبعد من حدود حرب الشعارات والتهديدات والوعيد، فمع ما نرى من ندرة الموارد النفطية الآن، قلما تلجأ شركة نفطية إلى خوض مواجهة مكشوفة وشرسة مع دولة غنية بالاحتياطيات النفطية مثلما هو حال فنزويلا، لكن وما أن تمكنت فنزويلا من بسط سيطرتها على اثنين من أكبر استثمارات ''إكسون موبيل'' حتى أعلنت هذه الأخيرة خروجها عن صفقة الشراكة، ودفعت بخلافها مع فنزويلا إلى قاعات التحكيم القضائي، ثم أعلنت الشركة في الأسبوع الماضي حصولها على ثلاثة أوامر قضائية دولية بتجميد ما تصل قيمته إلى 12 مليار دولار من الأصول المملوكة لكل من فنزويلا وشركتها الحكومية ''بدافسا''· وبالإضافة إلى تلك الأوامر القضائية، أصدرت محكمة جزائية أخرى في ولاية نيويورك، أمراً بتجميد نحو 300 مليون دولار، وقد أصبح ذلـــك الأمر نافذاً سلفاً· جاءت استجابة الرئيس ''هوجو شافيز'' لهذه الأوامر القضائية بالتهديد بقطع صادرات بلاده النفطية اليومية إلى الولايات المتحدة الأميركية -يصل حجمها الى 1,3 مليون برميل خام- غير أنه لم يخط خطوة فعلية حتى الآن نحو تنفيذ هذا التهديد، والسبب أنه بحاجة إلى العملاء والمستثمرين، بقدر ما يحتاج العالم كله إلى منتجات النفط· فالنفط يشكل نسبة 90 في المئة من قيمة صادرات فنزويلا، و50 في المائة من إجمالي العائدات الحكومية، وتعد الولايات المتحدة الأميركية أكبر سوق خارجي لصادرات فنزويلا من النفط الخام، الذي قلما تتحمس الدول الأخرى لاستيراده بسبب ضعف نوعيته ومصاعب تصفيته· هذا ما دعا ''ديفيد جولدوين'' -المستشار والأستاذ الرئيسي المشارك بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية- إلى القول: ''سوف تواجه فنزويلا مصاعب كبيرة في إيجاد عملاء بديلين لها للولايات المتحدة، فعلى رغم أن المتوقع هو أن تتمكن غالبية المصافي الجديدة التي يجري تصنيعها الآن، من تصفية النوع الثقيل من خام النفط، إلا أنه لا يتوفر منها عدد كاف حتى الآن''· وكما سبق القول، فإن فنزويلا نفسها بحاجة ماسة إلى العملاء والمستثمرين الأجانب في مواردها النفطية· فقد انخفضت معدلات إنتاجها من النفط بنسبة 20 في المائة، منذ أن سرحت شركة ''بدافسا'' الآلاف من مهندسيها إثر تنظيمهم إضراباً عن العمل قبل خمس سنوات، والأكثر من ذلك أن حقول منطقة ''أورينوكو'' النفطية الجديدة، في أمس الحاجة لمستثمرين أجانب حتى يصبح إنتاج هذه الحقول ممكناً بفضل التكنولوجيا المتقدمة التي يوفرها هؤلاء المستثمرون، في سبيل التغلب على المصاعب الجيولوجية المحيطة باستخراج النفط من جوف الصخور الصلبة المغلفة له· وعند الأخذ بجميع هذه العوامل والمصاعب، فربما يكون ''شافيز'' قد أخطأ التقدير والحساب في إعلانه عن خوض حرب نفطية مع الولايات المتحدة، اعتماداً على اعتقاده بضخامة الاحتياطيات النفطية لبلاده،· بل لعل ''شافيز'' قد أخطأ الحساب أيضاً في توقعه قبول شركات النفط الأجنبية بالشروط القاسية التي يحاول فرضها عليها، في وقت شهدت فيه أسعار النفط ارتفاعاً كبيراً سلفاً· وبحسب وثائق المحكمة، فقد أبرمت شركة ''إكسون موبيل'' الأميركية تعاقداً باستثمار المزيد من حقول النفط الثقيل في منطقة حزام ''أورينوكو'' النفطي، تمتد فترته إلى 35 عاماً· وكانت حينها أسعـــار النفط العالمية منخفضة للغايــــة، حيث لم يتجاوز برميل الخام 10 دولارات، وعليــــه حصلـــت هــــذه الشركـــة وغيرهـــا من الشركات الأجنبية الأخرى، على تخفيضات ضريبية وحوافز أخرى قدمتها لها الحكومة الفنزويلية، وبالنتيجة تمكنت شركة ''إكسون'' من شراء نظيرتها ''موبيل'' في عام ·1998 غير أن ''شافيز'' قرر في فبراير الجاري، أن تخصص نسبة فائدة قدرها 60 في المائة من عائدات حقول ''أورينوكو'' لصالح شركة ''بدافسا'' الفنزويلية، بدلاً من نسبة الـ42 في المائة سابقاً، ومنح الشركات الأجنبية مهلـــة أربعـــة أشهر فحســب لقبول شرطه الجديد هذا، وبينما أذعنــت شركة ''شيفرون'' وغيرها، رفضت الشرط شركة ''إكسون موبيل'' التي حملت الأمر إلى القضاء· والسؤال: هل تكون سياسات كراكاس النفطية الوطنيــة بكــل هذا الغباء إلى حد إخراجهـــا لفنزويلا من السوق العالمية، على رغم بلوغ احتياطياتها النفطية نحو 300 مليار برميل؟! ستيفن مفسون كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©