إعداد: أنور إبراهيم
هو الأسد الكاميروني الهداف الخطير بعد اعتزال الأسد العجوز روجيه ميلا، يحلم بأن يستمر في الملاعب لعشر أو خمسة عشر عاماً أخرى·· ترك بصمته واضحة على أداء ناديه ومنتخب بلاده، ووضح جلياً الفارق في غيابه عن صفوف برشلونة منذ إصابته في غضروف الركبة اليمنى يوم 27 سبتمبر الماضي خلال لقاء فريقه ضد فيردر بريمن الألماني في دوري الأبطال الأوروبي، وما أعقب ذلك من جراحة تبعده عن الملاعب - حسب كلام الأطباء - خمسة أشهر كاملة على الأقل، ويعيش صامويل ايتو منذ الإصابة في شقته الفاخرة بأحد الأحياء الراقية في مدينة برشلونة، وفي هذه الشقة التي تحتل طابقا بأكمله يستقبل ايتو زائريه من اللاعبين سواء زملاءه في برشلونة أو أصدقاءه من لاعبي الفرق الأخرى، وأيضا مسؤولي النادي الكاتالوني وعلى رأسهم خوان لابورتا رئيس النادي، ومازال ايتو يتناول الكثير من العقاقير والمسكنات لتخفيف آلام الإصابة، ورغم شدة الألم إلا أنه يعيش في حالة سلام مع نفسه راضيا بقضاء الله وقدره، بل ولا يخفي أحيانا سعادته لكونه وجد أخيرا وقتا طويلا يخلد فيه إلى الراحة بعد أكثر من ثلاث سنوات تقريبا، يكاد يكون قد لعب خلالها بصورة شبه متواصلة سواء في المسابقات المحلية في إسبانيا أو في دوري الأبطال الأوروبي، أو مع المنتخب في تصفيات كأس العالم وكأس الأمم الأفريقية وغيرها من المباريات الودية، وأيضا تلك التي يلعبها فريق برشلونة من وقت إلى آخر في الفترات التي يفترض أنها إجازات·
ولأن صامويل ايتو واحد من أفضل نجوم كرة القدم في العالم وأحد المرشحين الكبار للفوز بجائزة الكرة الذهبية الأوروبية وأيضا الكرة الذهبية الأفريقية، وشعبيته تجاوزت حدود إسبانيا والقارة السمراء، فقد حرصت مجلة ''فرانس فوتبول'' الفرنسية على زيارته في شقته الفاخرة في برشلونة فكان اللقاء مزيجا من الحوار معه والتحقيق في حالة إصابته وما يفعله من نشاط، وهو الذي لم يكن يجد يوما للراحة عندما كان يواصل المباريات والتدريبات يوميا، ويعترف ايتو بأن الأطباء أبلغوه في غرفة خلع الملابس في ألمانيا بعد الإصابة أنه سيغيب شهرين أو ثلاثة على أقصى تقدير، ولكنهم عندما وصلوا إلى برشلونة اعترفوا له بأنه لن يلعب قبل خمسة أشهر، وتمر الساعات والأيام ثقيلة على ايتو وهو لا يجد ما يفعله سوى النوم ولأي عدد من الساعات وفي أي وقت أو مشاهدة التلفزيون، ورغم أن شهيته للأكل أصبحت مفتوحة أكثر إلا أنه لا يأكل كثيرا، وتمضي الأيام بالنسبة له على وتيرة واحدة·· زيارات دورية للأطباء وللزملاء في برشلونة، وتليفونات ليلا ونهارا من كل مكان في العالم·
وأكثر ما يجعل ايتو سعيدا في ظروف إصابته هذه هوأنه بات أكثر قربا من أفراد أسرته· واصدقائه وان كان قد حرص على الا يذكر احدا منهم بالاسم، ويمر الاطباء عليه كل صباح للاطمئنان وتجديد التعليمات له ومتابعة التئام الجرح بعد العملية وهم على اية حال متفائلون بقدرته على البدء في برنامج التأهيل البدني بين يوم وآخر·· ويقول ايتو: انني اتعامل مع هذه الاصابة بصبر وان كنت اعترف بأنني اشتاق بشدة لكرة القدم·· نعم اشعر بأنني عاجز وغير قادر على ان افعل شيئا بعد ان كنت العب يوميا·· فالكرة حياتي·
وايتو حريص على مشاهدة المباريات الخاصة ببرشلونة بشكل منتظم رغم ان الاطباء طلبوا منه تجنب ذلك بقدر الامكان·· وبالفعل يحاول الهداف الكاميروني ان يكون معتدلا، ولكن الأمر يبدو صعبا عليه ويقول: أنا مشجع ولكن يجب ان اتوخى الحذر حتى اخرج من هذا النفق المظلم، الأمر يحتاج الى وقت وقد تبدو المدة طويلة فعلا (خمسة اشهر على الاقل) ولكن لقد مر منها بالفعل اسابيع عديدة·
وهذه الراحة الاجبارية التي يعيشها ايتو تجعله يفكر فيما يمكن ان يحدث له ولكنه لا يتخيل على الاطلاق فكرة الاعتزال مثلا، ويعلق على ذلك قائلا: انني اتطلع للعب لفترة طويلة قادمة والاستفادة الى اقصى درجة من حياتي كلاعب كرة قدم·· على الاقل عشر سنوات أو خمسة عشر عاما·· نعم مثلما فعل روجيه ميلا! وبعدها سيكون عندي من وقت الفراغ ما يكفي لكي اعيش على ذكرياتي·
ويضيف ايتو قائلا: انني أتقبل هذه المحنة بقدر من الفلسفة·· صحيح ان الابتعاد عن الملاعب لفترة طويلة من الوقت ليس شيئا محببا للنفس، الا انني اقول لنفسي: انها مجرد حادث في مشواري الكروي وهناك اشياء اخطر من ذلك وأسوأ، وايتو متفائل بالعودة افضل مما كان وبعد فترة اقل من تلك التي حددها له الاطباء ويقول: المراحل المهمة في الدوري الاسباني او دوري الابطال الاوروبي ستبدأ اعتبارا من الربيع القادم وتحديدا في شهر مارس القادم، وسأكون وقتها قد شفيت تماما، ولكنه استدرك قائلا بلهجة يغلفها الحزن والخوف: اذا حرمتني هذه الاصابة من لعب نهائي دوري الابطال مثلا لو وصلنا الى هذه المرحلة او ابعدتني عن اللقاءات الحاسمة والمصيرية في الدوري الاسباني، فسوف اظل نادما طوال حياتي·
ويكشف ايتو النقاب عن ان هذه الاصابة هي اول اصابة خطيرة يتعرض لها خلال مشواره الكروي ويعلق قائلا: انني راضي تماما عما كتبه الله لي·
ولأن ايتو يتحلى بالايمان والتصميم والارادة، فإن رهانه على العودة الى الملاعب افضل مما كان ليس مستحيلا، بل هو قادر على ان يحصل على لقب الهداف ايضا·· ويعلق ايتو قائلا: فعلا اتمنى العودة قبل الموعد الذي حدده لي الاطباء ولكنني لن اتعجل، فالحذر مطلوب ولن اخاطر لأن أهم شيء أن تصبح ركبتي ''حديد'' واذا ما سارت الأمور على مايرام سأكون جاهزا لأهم مباريات الموسم، بل سأكون اكثر شوقا للعب من اللاعبين الآخرين، فقط اتمنى ان يكون فريقي في وضع يتيح له المنافسة على كل الألقاب، وسوف ألعب أنا كما كنت من قبل وكأن شيئا لم يحدث·
ويعلق مراسل المجلة في برشلونة على ما قاله ايتو بقوله: انه يحلم بصوت عال وفي غاية التفاؤل بالعودة أحسن مما كان·
وفي اطار هذه الزيارة الخاصة للنجم الكاميروني في شقته بمدينة برشلونة، حرص مراسل المجلة الفرنسية على ان يوجه اليه عددا من الاسئلة المباشرة كان اولها: هل تفكر في الكرة الذهبية التي ستعلن نتيجتها بعد اسابيع قليلة؟ فأجاب ايتو: لا استطيع ان اقول ما اذا كنت استحقها أم لا فالأمر لا يتوقف على شخص وانما على من سيقومون بالاختيار وما يعينني في المقام الأول هو ان ابذل ما في وسعي لخدمة فريقي·· فعندما نلعب ونقاتل في الملعب لا يفكر أي منا في مكافأة أو جائزة شخصية وانما نفكر في فوز فريقنا·
ولكن ايتو استدرك قائلا: ومع ذلك لو تم اختياري سأكون في غاية السعادة والسرور والفخر، وسأكون أسعد لاعب في العالم، ولكنني لست الوحيد الذي يتطلع للحصول عليها·
وعما اذا كان يخشى ان تكون اصابته عائقا أمام اختياره لهذه الجائزة قال ايتو: ما حققته قبل اصابتي يعطيني الأمل في امكانية الفوز ولكنني لست انا الذي يقول عن نفسه انني حققت اشياء جيدة هذا العام وانه لم ينقصني سوى شهرين فقط من السنة وما أعلمه ان مجلة ''فرانس فوتبول'' تمنح الجائزة على عام 2006 وليس موسم 2006/·2007
وسألته المجلة عن أبرز المنافسين على الفوز بهذه الجائزة، فقال ايتو: هناك نجوم كثيرون ولهذا اعتقد ان المنافسة ستكون ساخنة، وظني ان تيري هنري هو الاقرب وهو يحلم بها فعلا وهناك ايضا زملائي في برشلونة، ولاعبي المنتخب الايطالي·
وردا على سؤال حول ما اذا كان سيصاب بخيبة أمل واحباط اذا لم يحصل على هذه الجائزة، قال: نعم طبعا·· مثلي في ذلك مثل جميع اللاعبين الذين يسعون الى نيل هذا الشرف والذين لم يسبق لهم الحصول عليها·
عدد اليوم
