السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قلق أميركي من التغييرات في مصر

16 أغسطس 2012
كان رد الفعل المبدئي لإدارة أوباما على الأنباء التي أذيعت الأحد الماضي حول إطاحة جنرالات مصر من مناصبهم، هو القلق الشديد. فقد بدا الإعلان المفاجئ لتلك الأنباء، وكأنه مؤشر على أن أسوأ مخاوف واشنطن بشأن مسار الثورة المصرية، قد بدأت في التحقق. وكانت التطورات السياسية في مصر خلال العام الماضي قد تمت بسرعة شديدة لم يتمكن صناع السياسة الأميركيين من مجاراتها. وقد بدأ في ذلك الوقت أن الثابت الوحيد وسط التغيرات المتلاحقة هو وزير الدفاع ورئيس المجلس العسكري المشير طنطاوي الذي يشغل منصبه منذ مدة طويلة، والذي أدت إقالته في الأيام القليلة الماضية إلى تفاقم قلق واشنطن بشأن كم النفوذ الذي سيتبقى لها بعد أن شرع الرئيس الإسلامي محمد مرسي في تعزيز قبضته على السلطة. ومع قدوم الاثنين الماضي أطلقت الإدارة الأميركية زفرة ارتياح جماعية عندما تناهى إلى علمها أن وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة المصرية الجديد هو الفريق أول عبد الفتاح السيسي المعروف جيداً لدى المسؤولين الأميركيين، بأنه رجل يؤمن بـ"التعاون مع الولايات المتحدة والسلام مع الجيران"، كما جاء على لسان مسؤول كبير في الإدارة. وقال مسؤولون آخرون إن المؤسسة العسكرية قد أبدت قبولا بالتغييرات التي حدثت، وهو ما أحيطت به الولايات المتحدة علماً من خلال اللقاء الذي أجرته السفيرة الأميركية في القاهرة "آن باترسون" مع مسؤولين مصريين. وأكد هؤلاء المسؤولون (الأميركيون) أن الجنرال "مارتن دمبسي"، رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة، و "جون أو. برينانا" مستشار البيت الأبيض لشؤون مكافحة الإرهاب، قد التقيا بالفعل مع السيسي خلال زيارات قاما بها لمصر العام الماضي. وهكذا فإن ما بدا للوهلة الأولى لعبة سياسية خطرة لمرسي، بات يوصف الآن بأنه "تغيير بارع، جرى إخراجه بصورة جيدة للحرس القديم"، وهو تغيير وصفه مرسي نفسه بأنه "تغيير جيلي" مطلوب لضخ "دم جديد" في القيادة العسكرية المتقدمة في السن. ومن خلال بيانات متناسقة أصدر كل من البنتاجون، ووزارة الخارجية، والبيت الأبيض، تطمينات عامة تفيد بأنهم كانوا يتوقعون التغييرات". فقد قال مسؤول من البنتاجون رفض الإفصاح عن اسمه لمزيد من التوضيح لما جاء في البيانات: "كنا نعرف أن الانتقال من قيادة لأخرى قادم، لكننا لم نكن نعرف التوقيت على وجه الدقة". وبسؤال هذا المسؤول عن تقييمه للتطورات التي وقعت في مصر مؤخراً، قال "إنه من السذاجة البالغة أن يحاول أحد الآن إجراء هذا التقييم... لكن الصورة الكبيرة تدل على أنهم في مصر يمرون حالياً بلحظة انتقال مهمة". ويشار إلى أن الولايات المتحدة تعاملت بحذر مع حكومة مرسي وصممت على ألا تدع أي مطبات على طريق العلاقة، تتحول إلى عوائق وعراقيل. فعقب عودتها من زيارتها الأخيرة لمصر، أدلت هيلاري كلينتون بتصريح قالت فيه: "من واقع ملاحظتي لما يحدث في مصر، فإنني أدرك مدى الصعوبة التي تنطوي عليها مسألة البدء بالانطلاق في الطريق الصحيح... لكن مرسي والأخوان المسلمين قدموا تعهدات بشأن نوعية الدمج الذي ستعبر عنه الحكومة وتمثله... ونحن بانتظار أن نرى كيف سيقومون بتحويل تلك التعهدات إلى عمل". وخلال زيارته الأخيرة إلى مصر بدا وزير الدفاع الأميركي، ليون بانيتا، أقل حذراً من كلينتون في تصريحاته حيث قال: "بتُّ مقتنعاً بأن مرسي رجل مستقل التوجه وأنه رئيس لكل المصريين". وأثنى بانيتا على ما وصفه بـ"العلاقة الوثيقة بين مرسي وطنطاوي"، قائلا إن الرجلين "يعملان معاً من أجل تحقيق نفس الغايات". بعد تصريحه هذا بأسبوعين كان وزير الدفاع المصري قد ذهب. ورغم تقييمه المتفائل بصفة عامة للأحداث التي وقعت في مصر، فإن البنتاجون ما زالت تحاول جاهدة إدراك المغزى الحقيقي لإقالة قيادات الجيش. وأكد مسؤولو البنتاجون على أهمية العلاقة الوثيقة التي ربطت وزير الدفاع الجديد "السيسي" مع الولايات المتحدة بحكم منصبه السابق كمدير للاستخبارات العسكرية، والذي كان يتطلب منه المشاركة في المفاوضات مع واشنطن بشأن المعدات والتقنيات التي تُقدم للجيش المصري في إطار المعونة العسكرية البالغة 1.3 مليار دولار سنوياً. كما أبدت الولايات المتحدة ارتياحاً لتعيين عضو المجلس العسكري اللواء محمد العصار نائباً لوزير الدفاع حيث جربت العمل معه أيضاً، بحكم منصبه السابق كمسؤول عن تسليح الجيش المصري، والذي كان يجعله على اتصال وثيق مع الجانب الأميركي. وترى واشنطن، المتلهفة لتعزيز علاقاتها مع السيسي خلال الأسابيع القادمة، في الحملة العسكرية المصرية الحالية على البؤر الإرهابية في شبه جزيرة سيناء، والتي باتت أميركا تدرك بأنها تمثل تهديداً خطيراً ليس لمصر فحسب وإنما لإسرائيل أيضاً... ترى في هذه الحملة فرصةً جيدةً لتعزيز علاقتها مع الجيش المصري، وهو إدراك يجعلها تفكر حتماً في وضع تلك المسألة في صدارة أولوياتها خلال المرحلة القادمة. وتوقع مسؤول بالبنتاجون أن "يتحدث بانيتا مع وزير الدفاع المصري الجديد في القريب العاجل". وأضاف: "نحن لا نرى فيما حدث في مصر نقطة افتراق عن المسار السابق. وليس هناك ما يدعو للاستغراب من أن تأتي حكومة جديدة وتقوم بتعيين الأشخاص والقادة الذين ترتاح للتعامل معهم. فهذا شيء مألوف ومعتاد ويحدث في جميع الحكومات في كافة أنحاء العالم. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©