الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الموظف أسير متاعب العمل.. ووتيرة الإنتاج لاتعترف بآلامه

الموظف أسير متاعب العمل.. ووتيرة الإنتاج لاتعترف بآلامه
25 أغسطس 2013 13:16
تخضع طبيعة عمل أغلب الموظفين للجلوس إلى المكاتب لفترات طويلة، ومن ثم يعاني العديد منهم مشكلات ومتاعب الرقبة وفقرات الظهر والمفاصل. لكن وتيرة العمل لا تعترف بتلك الآلام، وسرعة الإنجاز تتطلب من العاملين في أي قطاع أن يبذلوا الجهد، ويسابقوا الزمن، من أجل تحقيق الأهداف المناطة بهم، والتي تساهم بشكل أو بآخر في الارتقاء بالمنظومة العملية داخل هذه المؤسسة أو تلك، فضلاً عن أن الكثير منهم يتضررون من عمل أجهزة التبريد المتواصل، وهو ما يؤثر على أدائهم الوظيفي. على الرغم من أن شكاوى العديد من الموظفين الصحية تتزايد يوماً بعد يوم، إلا أنه لا جديد في محيط حياتهم، وفي ظل هذه المعاناة خرجت العديد من الدراسات الغربية التي تشير إلى أن وجود صالات رياضية وأجهزة «جيمانزيوم» في مواقع العمل، تمنح الموظفين فرصة لاستعادة لياقتهم البدنية، وتقوى عضلاتهم في أوقات الراحة، بالإضافة إلى أن تجديد هواء قاعات العمل عن طريق النوافذ لفترات قصيرة في اليوم ثلاث مرات أو أكثر يساعد على اعتدال الحالة النفسية للعاملين. وأن الجلوس لساعات طويلة في الأماكن المبردة يؤدي إلى ارتفاع نسبة العدوان، ويؤدي إلى تزايد التوتر النفسي وارتفاع القلق لديهم. طريقة خاطئة يقول رئيس قسم تقويم العمود الفقري والعلاج الفيزيائي التأهيلي والمشكلات العظمية والعصبية والعضلية بمركز لوتس هوليستك الطبي في أبوظبي الدكتور علي عبد الهادي: « إن ما لا يدركه كثير من الناس أن الآلام التي تحدث عادة في الرأس والعينين، مصحوبة بتنميل الأطراف الأربعة العلوية والسفلية، لها علاقة مباشرة بمشكلات العمود الفقري التي تحدث عادة بسبب الجلوس ساعات طويلة أو من خلال الإفراط في استخدام الأجهزة اللوحية الحديثة لعدد متواصل من الساعات أيضاً بصورة يومية، فضلاً عن عدم ممارسة الرياضة. وما يتبع ذلك من الجلوس بطريقة خاطئة يؤثر بصورة مباشرة على العمود الفقري، كما أن الكثير من الأمراض مثل ضيق التنفس، والتعب الشديد وعدم القدرة الجنسية، والحركية ومشكلات الهضم والأجهزة الداخلية وغيرها، لها صلة مباشرة بالعمود الفقري. ومن أجل الحفاظ عليه، أوصي بالحركة المتصلة، والتمارين الرياضية، والجلوس بطريقة سليمة ولمدة قصيرة، وعدم الإسراف في استخدام التكنولوجيا الحديثة مثل الكمبيوتر والآيباد والوسائل الرقيمية كافة». الثقافة الطبية ويتابع الدكتور علي عبد الهادي: «من الضروري أن يَعْرض الإنسان نفسه على اختصاصي تقويم عمود فقري بين الحين والآخر، خصوصاً أصحاب الوظائف المكتبية، حتى وإن كانوا لا يشعرون بآلام في الظهر أو الرقبة بصورة دورية، كما أن الغذاء الصحي المتكامل مهم للغاية، بعيداً عن أساليب التخسيس القسرية، مع التقليل من المشروبات الغازية والمأكولات السريعة. ويلفت إلى أن العرب أكثر شعوب العالم ثقافة وحضارة، لكنهم مع الأسف غير مهتمين بالثقافة الطبية. ممارسة الرياضة ويوضح الدكتور عبد الهادي أنه من الضروري جداً أن يمارس الموظفون الرياضة إذا تطلب وجودهم داخل مقار العمل لساعات طويلة، وذلك عن طريق توفير صالة رياضية تشمل أجهزة طبية ورياضية تقوي عضلات الظهر والرقبة، وغيرها من الأجهزة التي تساعد على تأهيل الموظفين بدنياً، خاصة أنه من الممكن استثمار أوقات الراحة باستخدام هذه الأجهزة، كما هو سائد في بعض قطاعات العمل في أوروبا. ويحذر الدكتور عبد الهادي المرضى الذين يعانون مشكلات في العمود الفقري، من الاستسلام مباشرة إلى العمليات الجراحية، ومن ثم البحث عن طرق علاجية تبتعد تماماً عن العلاج بالمسكنات، ويشير إلى أنه لاحظ في أثناء وجوده بأميركا أن بعض المرضى يتعاطون جرعات مكثفة من أدوية المسكنات، حيث إن هذا النوع من العلاج وقتي ولا يؤدي إلى نتائج ملموسة، بل يسبب ?أعباءً كبيرة على أجهزة الجسم، ويعرض الكبد والكلى إلى مشكلات كبيرة، وبالنسبة لعمليات جراحة العمود الفقري والرقبة يرى أنها في في الغالب تترك آثاراً سلبية كثيرة، وقد يؤدي بعضها إلى حدوث شلل أو التهاب بكتيري وفيروسي بالنخاع الشوكي، ما يعني تعرض المريض إلى تدهور كبير في صحته،كما أن العمليات في أفضل حالاتها تترك آثاراً سلبية ولفترات طويلة جداً،مثل التمزق العضلي،والضعف العصبي، بالإضافة إلى أنها لا تعالج أبداً أسباب المشكلة المرضية، لكنها تبحث فقط في علاج أعراضها، والمريض الذي يخضع لعلمية جراحية واحدة فقط في العمود الفقري، سيضطر مستقبلاً إلى إجراء العملية نفسها، لأن المشكلة المرضية ازدادت سوءا». علاج طبيعي من بين الذين تعرضوا لمشكلات صحية في العمود الفقري السيد إبراهيم «38 سنة»، ويذكر أنه في لم يكن يشكو من أي آلام في في الظهر أو في الرقبة لكنه منذ ثلاث سنوات تقريباً شعر بعدم قدرته على الحركة بسبب شعوره بآلام في العمود الفقري، فاضطر إلى أخذ إجازة من عمله، وتوجه إلى طبيب أعصاب الذي بدوره أخضعه للأشعة، ويضيف: بعد صدور تقرير الأشعة طلب مني الطبيب عدم الجلوس لفترات طويلة ومن ثم ممارسة رياضة المشي، فضلاً أنه قرر لي جلسات علاج طبيعي، وأخبرني أنني أعاني «ديسك»، وأعطاني بعض أدوية المسكنات التي من المفترض أن أظل مداوماً على تعاطيها طوال عمري، لكنني لم تكن لديَّ قناعة بكل ما أخبرني به، لذا توجهت إلى طبيب متخصص في تقويم العمود الفقري، وحين اطلع على حالتي أخبرني بأن الفقرات سليمة، وكل ما في الأمر أنني محتاج إلى أن تعلم كيف أجلس بطريقة صحيحة أمام جهاز الكمبيوتر، فضلاً عن نصيحته لي بعدم الجلوس أكثر من 20 دقيقة في كل الأحوال. متاعب الكمبيوتر يقول حسن راشد «45 سنة»: «عملي يتطلب مني الجلوس إمام جهاز الكمبيوتر ما لا يقل عن 12 ساعة في اليوم، لذا أضطر للحضور إلى الشركة التي أعمل بها في الفترة الصباحية والمسائية، وبعد مرور أربعة أعوام على هذا النمط الجديد في حياتي، والذي لم أكن معتاداً عليه في كل الوظائف التي التحقت بها، أصبحت أشعر بآلام رهيبة في الرقبة والظهر حتى أن أبنائي كانوا يساعدونني في الحركة داخل البيت، وظللت علي هذه الحال إلى أن خضعت إلى جلسات علاج طبيعي مكثفة لمدة شهر ثم عدت إلى عملي، لكنني غيرت طريقتي الماضية في الجلوس أمام جهاز الكمبيوتر، وأصبحت أتحرك كل فترة في محيطي ثم أعاود الجلوس، فضلاً عن انتظامي في ممارسة الرياضة، لكنني لم أزل أعاني مشكلات صحية، خصوصاً في الفقرة القطنية، لذا فإنني محتاج على الدوام إلى مراجعة طبيب تقويم عمود فقري. برودة عالية أما فاطمة السماحي «33 عاماً» فاضطرت إلى ترك معطفها الشتوي في مقر عملها، بسبب البرودة العالية التي تسببها أجهزة التبريد، فضلاً عن أنها اشترت جورباً ليقي أطراف أصابعها من البرد، وترى أن هذه البرودة التي تتعرض لها بشكل يومي، وهي وزملاؤها في العمل غير مبررة، وتلفت إلى أن من المفترض أن تفصل هذه الأجهزة بين الحين والآخر، وتقول حين يستجيب لي بعض موظفي الأمن في أن يخفضوا درجات عمل أجهزة التبريد قليلاً، يذهب بعض الزملاء إليهم، ويطلب منهم أن يرفعوه إلى أقصى درجة، وتتعجب فاطمة السماحي من هذا التعنت الذي الذي يساهم في شعورها بالضيق، وتود لو أنه تم تهوية مقر عملها بشكل طبيعي عبر فتح النوافذ لو لدقائق معدودة، وتشير إلى أن الحظ يجانب الموظفين في كل شيء، فهم عرضة للإصابة بمشكلات العمود الفقري والاكتئاب بسبب الارتفاع المبالغ فيه لأجهزة التبريد. أمراض العصر يبين الدكتور نجيب بلفقية، أستاذ علم النفس بجامعة الإمارات، أن المشكلات الصحية لأفراد المجتمع تؤثر بدرجة كبير في نفسيتهم وبخاصة العاملين وتجعلهم عرضة للاكتئاب ومن ثم تولد لديهم مشاعر الإحباط، وتبث في أنفسهم أحاسيس سلبية، تجعلهم يظنون أنهم غير قادرين على مواصلة نشاطهم العملي بالكفاءة نفسها التي كانوا عليها قبل تعرضهم لبعض المشكلات الصحية ويلفت إلى أن أبرز المشكلات التي تواجه فئة الموظفين الذين يرتبطون بدوام مكتبي إن جاز التعبير، تتمثل في تعرضهم إلي الإصابة بآلام في الظهر والرقبة والمفاصل بسبب الجلوس ساعات طويلة في مكاتبهم، ويعد هذا النوع من المشكلات الصحية لمستحدثات العصر التقني الذي فرض تقاليده على المجتمعات والأفراد،فضلاً عن أن أغلب الموظفين تتكون لديهم رغبة عارمة تدعوهم للارتباط بالأجهزة اللوحية التي تؤثر بشكل عام على أجزاء مهمة بالجسم، مثل العمود الفقري، وما من شك في أن الحل الأمثل لهذه المشكلات يتوقف على مدى رغبة هؤلاء الموظفين في التقليل من فترات الجلوس ومحاولة مزاولة الرياضة، بالإضافة إلى أنه من المفترض أن توجد صالات رياضية ترفيهية بالمؤسسات والهيئات والشركات، من أجل رفع معنويات العاملين، ومن ثم تعويدهم على ممارسة أنشطة رياضية ولو لدقائق معدودة في أثناء العمل.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©