محمود خليل (دبي)
شهدت جرائم التحرش الجنسي بالأطفال انخفاضاً ملحوظاً في إمارة دبي خلال النصف الأول من العام الجاري، قياساً بالأعوام الثلاثة الماضية.
وعزا المقدم جمال سالم الجلاف نائب مدير الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية لشؤون الرقابة الجنائية هذا الانخفاض إلى حملات التوعية التي تقوم بها شرطة دبي لحماية الطفل من التعرض للتحرشات الجنسية وتعميم ثقافة الإبلاغ عن مثل هذه الجرائم وعدم السكوت عنها خوفاً من الفضيحة أو لحسابات أسرية، فضلاً عن إجراءاتها الأمنية التي تقوم بها لمكافحة هذا النوع من الجريمة والحزم الذي تبديه زاء مرتكبيها.
وقال لـ”الاتحاد”، إن الإحصائيات التي سجلتها مراكز الشرطة في دبي تؤكد تعرض 15 حدثاً وقاصراً وطفلاً للتحرش والاعتداء الجنسي خلال النصف الأول من العام الجاري، فيما بلغ عددهم العام الماضي 49، أما عام 2008 فبلغ عدد المجني عليهم 41.
وأفاد نائب مدير الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية لشؤون الرقابة الجنائية بأن عدد الذين تعرضوا لتحرش جنسي العام الماضي بلغ 19 ذكراً، و30 أنثى، مقابل 23 ذكراً معتدى عليه و29 أنثى في 2009، فيما سجل عام 2008 اعتداء على 24 ذكراً، و17 أنثى.
وأوضح أن الإحصائيات بينت أن الأشهر الستة الأولى من العام الجاري لم تشهد أي بلاغات عن تعرض أطفال وقصر وأحداث للاغتصاب، فيما شهد العام الماضي حادثة اغتصاب واحدة وبلاغين في عام 2009 ومثلها في عام 2008.
ودعا المقدم الجلاف أولياء الأمور إلى مراقبة أبنائهم في الحدائق العامة والأسواق، وتجنب احتكاكهم بالغرباء من العمال أو العاملين في محال “السوبر ماركت” في الأحياء السكنية؛ تجنباً لتعرضهم لأي مكروه أو تعد، كذلك يجب على الأهل أخذ الحيطة والحذر من ترك الأطفال بمفردهم مع المدرسين، حيث اعتادت بعض الأسر وضع الثقة الزائدة في المدرسين الخصوصيين، وترك الأبناء بمفردهم في غرفة مغلقة بحجة عدم الإزعاج ما ينتج عنه بعض الممارسات السلبية التي تصل إلى حد الاغتصاب.
وقال إن شرطة دبي تولي اهتماماً فائقاً لهذا النوع من الجرائم، وتتعامل بحسم مع البلاغات كافة التي تردها عن هذه الجريمة لتقديم مرتكبيها إلى العدالة بأسرع وقت ليناولوا عقابهم الذي يستحقونه.
ولفت إلى أن شرطة دبي خصصت في وقت سابق الرقم 2661228 -04 للإبلاغ عن التحرشات الجنسية بالأطفال، فيما تعتزم تخصيص أرقام سرية أخرى يستطيع من خلالها ضحايا تلك التحرشات وذووهم التواصل مع الجهات الأمنية، مشيراً إلى أن شرطة دبي تسير دوريات مدنية في الحدائق والمراكز التجارية والأماكن العامة كافة للتجمعات والشواطئ للكشف عن أي أفعال مخلة بالآداب أو أي سرقات تحدث في الازدحام. وقال العقيد جمال الجلاف، إن عدم الإبلاغ عن التحرشات التي تحدث للأطفال من قبل الأطفال أنفسهم، أو من قبل ذويهم، تجنباً للمشكلات أو الفضيحة، يساعد على تطورها إلى اعتداءات وجرائم جنسية ضدهم، إذ يعتبر هذا النوع من الجرائم مركز اهتمام رجال البحث والتحري، لكونه ذا أثر مدمر على الأطفال وذويهم.
وأوضح أن الأسباب الرئيسة وراء التحرش الجنسي تكمن في المرض النفسي المقترن بالشذوذ الجنسي، ووجود أصحاب النفوس الضعيفة الذين يسعون إلى إشباع رغباتهم بطرق منافية للدين والأخلاق والإنسانية. كما أن تعاطي المؤثرات العقلية كالمشروبات الكحولية والمخدرات والحبوب المخدرة، وأوضاع بعض العمالة في الدولة ووجودهم في مجمعات سكنية للعزاب، يزيد من وقوع مثل هذه الحالات.
واعتبر أن سوء التربية والتفكك الأسري وعدم وجود الوازع الأخلاقي أو الديني، عوامل مساعدة لارتكاب مثل هذه الجرائم، مشيراً إلى أن إدارته تسعى لمحاربة هذا النوع من الجرائم من خلال تكثيف جهود البحث والتحري عن مرتكبي هذه الجرائم، والقبض عليهم ومنعهم من تكرارها مستقبلاً، وتوعية الأسر بخطورتها، من خلال برامج توعية تقوم بها لجان مختصة تستهدف مجالس الآباء والطلبة في المدارس، والتوصية للجهات المختصة لتفعيل دور المدرسة وتنوير وتثقيف الطلاب وتوعيتهم حتى لا يقعوا في أيدي المجرمين وضعفاء النفوس، للحد من هذه الجرائم وإعداد برامج ودورات لشغل أوقات فراغ الطلاب بما يفيدهم ويبعدهم عن التفكير في ارتكاب أفعال غير سوية.
وقال نائب مدير التحريات، إن الأطفال عموماً أكثر ضحايا ظاهرة التحرش الجنسي في مختلف دول العالم، وقال إن الطفل يتعرض للتحرش في مختلف الأماكن سواء في المدرسة أو في البيت أو في الباص أو في الأماكن العامة.
واستطرد أن الطفل غالباً ما يتعرض للتحرش من قبل الأصدقاء أو الأشخاص القريبين في البيت أوالمعلم أو صاحب البقالة، كما قد يتعرض للاعتداء من قبل غرباء لا يعرفهم.
وقال إن ما يدعو للقلق في هذا الجانب أن كثيراً من جرائم التحرش الجنسي ترتكب ولا يتم الإبلاغ عنها ويتم تجاهل شكوى الأبناء من قبل الأهالي خاصة إذا ارتكبت من قبل شخص قريب وتتم تسويتها من قبل الأهالي، منوهاً بأن اتباع هذا العلاج الخاطئ لا يحمي الطفل، حيث تستباح براءة الأطفال، ويتم السكوت عليها مما يعرض الطفل لمختلف الأمراض النفسية كالقلق والانزواء.
وحول أسباب التحرش الجنسي بالأطفال في الأسرة لفت المقدم جمال سالم الجلاف نائب مدير الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية لشؤون الرقابة الجنائية بشرطة دبي إلى أن عينة البحث لإحدى الدراسات التي أجرتها شرطة دبي، حددت ذلك بجملة من الأسباب جاء على رأسها إهمال الوالدين في تنشئة أبنائهم والقنوات الفضائية التي تعرض أفلاما خليعة وجنسية، وترك الأطفال مع الخدم بالمنزل بمفردهم، ومنح الخدم ثقة زائدة والعهد إليهم برعاية الأطفال.
وتضمنت الدراسة كذلك أسباباً مثل عدم متابعة ورقابة الأطفال بشكل مستمر، وانشغال الأبوين عن الأبناء، والثقة الزائدة في الأقارب، وعدم إنصات الأب والأم للأبناء، ونوم الأطفال في غرف الخدم.