الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كسوة العيد تستنزف «بقايا» ميزانيات الأسر الجزائرية

كسوة العيد تستنزف «بقايا» ميزانيات الأسر الجزائرية
28 أغسطس 2011 01:17
تشهد الأسواق الجزائرية ومحال ملابس الأطفال هذه الأيام حركة دؤوبة لدى العائلات لاقتناء كسوة العيد لأطفالها، وتشتد الحركة أكثر في السهرات الرمضانية ويكثر الزحام، على الرغم من الشكاوى المتكررة للعائلات من الغلاء الفاحش لأسعار ملابس الصغار هذا العام مقارنة بالسنة الماضية. (الجزائر) - يعدّ اقتناء ملابس العيد عادة تتخذ طابعا إلزاميا لدى كل العائلات الجزائرية، ويندر أن تجد عائلة لا تكسو أطفالها في كل عيد فطر مهما اشتد بها الفقرُ والحاجة، وهناك عائلات تضطر إلى الاقتراض لاقتنائها، بحجة إسعاد أطفالها حتى لا يشعروا بالنقص اتجاه أقرانهم من العائلات الميسورة. عادة ملزمة يقول مصطفى عزوق (عامل) «أحياناً لا تكفي المبالغ القليلة المتبقية بحوزتي لكسوة أطفالي الثلاثة بعد أن تكون مصاريف رمضان قد أتت على ميزانيتي الهشة، فألجأ إلى الاقتراض، أنا لا أقبل أن يُحرم أبنائي من كسوة العيد ويشعرون بالحرمان والنقص والحزن في هذا اليوم وهم يشاهدون أقرانهم يرتدون أفضل الحلل ويفرحون ويمرحون». ونتيجة الإقبال المكثف لملايين العائلات على كسوة صغارها (هناك 10 ملايين طفل تقل أعمارهم عن 12 سنة بالجزائر إلى غاية 31 ديسمبر 2010 بموجب إحصائيات رسمية)، فإن أسعار ملابس الأطفال تشهد ارتفاعاً من سنة إلى أخرى، لأن رواجها مضمون، وتتهم العائلات التجارَ بانتهاز الفرصة لرفع الأسعار وتحقيق أرباح ضخمة على حساب ميزانياتها المحدودة، بينما يردّ التجار ارتفاع الأسعار إلى عوامل مختلفة، ومنها غلاؤها لدى تجار الجملة والكلفة العالية لاستيرادها والرسوم المرتفعة المفروضة عليها. إلى ذلك، يقول محمود رفاي، تاجر ملابس أطفال ونساء بسوق «ساحة الشهداء» بالجزائر العاصمة «أسعار الملابس في العام الماضي كانت معقولة، أما هذه السنة فقد التهبت بنسبة تزيد أحيانا عن 150 بالمائة، وهو ما لم يضرّ العائلات فحسب، بل أضر حتى بالتجار». ويوضح هذه النقطة قائلاً «في السابق كانت مبالغ قليلة تكفينا لاقتناء كمية معتبرة من الملابس، كانت 150 ألف دينار فقط (نحو 2100 دولار) تكفينا لاقتناء كمية معتبرة، والآن ننفق أكثر من 500 ألف دينار دون أن نشعر بأننا قد جلبنا شيئاً مهما». ويرجع رفاي السبب إلى ارتفاع الرسوم على استيراد الملابس خلافاً للسنوات الماضية، علماً أن أغلب المستوردين يقومون بجلب سلعهم من الصين وتايلاند وتركيا. الملابس السورية سمير هاروت، تاجرٌ آخر بنفس السوق متخصص في بيع ملابس الأطفال التي يجلبها من سوريا، فيوعز السبب إلى عامل آخر، وهو نقص السلعة مقارنة بالعام الماضي بسبب الصعوبات التي أصبح التجار يجدونها في دخول دمشق منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية بالبلد في مارس الماضي. ويقول «الكثير من تجار الحقيبة الذين تعوّدوا على جلب الملابس السورية في السنوات الماضية، أصبحوا يحجمون الآن ويتخوفون من دخول هذا البلد، فقلّ العرض وتزايد الطلب بسبب عشق الجزائريين لملابس الأطفال السورية، فكان من الطبيعي أن تلتهب الأسعار». ويضيف «تتراوح أسعار ملابس الذكور والإناث عندي ما بين 4,500 و5,200 دينار جزائري، وهي أسعار باهظة بالنسبة إلى العائلات محدودة الدخل، والتي تشكل الغالبية بالجزائر». ورغم ذلك، يقول شريكُه كمال بدّود إن «العائلات تفضل الملابس السورية للأطفال لأنها جذابة الشكل وذات جودة عالية وأكثر متانة من الملابس الصينية والتركية وغيرها، ويمكن ارتداؤها لثلاث سنوات وأكثر». ويضيف أن «الملابس السورية للأطفال أغلى من التركية وأفضل جودة، والعائلات تطلبها أكثر، ولذلك يحرص التجار على جلبها والمغامرة بالذهاب إلى سوريا من أجل اقتنائها، أما الملابس التركية فهي تتفوق حينما يتعلق الأمر بالكبار من الجنسين وليس الصغار». وفي محلّ رفاي، كانت إحدى السيدات تساوم الملابس السورية والصينية والتايلاندية والمحلية وفي آخر المطاف وقع اختيارها على لباس محلي يتكون من سروال وقميص لصغيرها تقي الدين (5 سنوات) ودفعت فيه 2,500 دينار، وتبرر أم تقي الدين اختيارها، قائلة «اللباس يناسب إمكاناتي المالية، وهو ذو نوعية مقبولة خلافاً للاعتقاد السائد بمحدودية نوعية الإنتاج المحلي». بينما دفعت عائلة أخرى ضِعف المبلغ لاقتناء ملابس سورية من محل هاروت «لأنها أكثر أناقة وجمالاً وتناسب بهجة العيد ورونقه». تنافسٌ وتفاخر تسعى العائلات حثيثاً للحصول على سلع جيدة ورخيصة، وقد بدأ السعي لاقتناء كسوة العيد لأطفالها منذ الأيام الأولى لرمضان قبل أن ترتفع أسعارُها قبيل حلول العيد لاشتداد الطلب عليها، ومع حلول العشر الأواخر من رمضان تشهد الأسواق والمحال التجارية الخاصة بالملابس حركة كثيفة وإقبالاً كبيراً للعائلات لمعاينة السلع المعروضة واقتناء ما يناسب إمكاناتها، وبخاصة في السهرات الليلية، إذ تغص الأسواق والمحال بالعائلات بعد صلاة التراويح. في هذا السياق، يقول إسماعيل بلبيض، صاحب محل ملابس «الجو حار في النهار والرجال مشغولون بالعمل والنساء بالمطبخ، وفي الليل تتدفق آلاف العائلات رفقة أطفالها لمعاينة السلع واقتناء ما يناسبها». ومع اتفاق الجميع على أن أسعار ملابس الأطفال باهظة في هذه السنة، إلا أن العائلات ألزمت نفسها باقتنائها لأطفالها مهما كان الثمن وفق العرف السائد، إلا أن بعض المتتبعين يرون في الأمر مناسبة للتباهي والتفاخر بارتداء أفضل الملابس، وهو أمرٌ يتكرر كل سنة، وإن كانت النتيجة القضاء على «بقايا» الميزانية المنهَكة أصلاً في رمضان والوصول إلى مرحلة العجز والاستدانة، ما يفاقم أكثر وضعية الكثير من العائلات لاسيما تلك التي تصرّ على تحضير تشكيلة متنوعة من حلويات العيد أيضاً، كما أن الدخول المدرسي على الأبواب ولم يعد يفصلنا عنه سوى بضعة عشر يوماً، وهو مناسبة أخرى تدق العظم، بعد أن أذابت كثرة المصاريف في رمضان الشحم، ونهش غلاءُ ملابس العيد اللحم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©