الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سبيل وكُتاب «الست صالحة» يجاور مقام السيدة زينب

سبيل وكُتاب «الست صالحة» يجاور مقام السيدة زينب
27 أغسطس 2011 23:29
مضت تلك السيدة من دون أن تترك سطراً واحداً مكتوباً عن أصلها أو حياتها غير اسمها «الست صالحة الحسناء» الذي سجلته على واجهة السبيل والكتاب المعروف باسمها إلى اليوم. ولولا ذلك النص التأسيسي لصدقنا علي باشا مبارك الذي نسب في كتابه الخطط التوفيقية بناء هذا السبيل لسيدة تعرف باسم «عائشة هانم». ويقع سبيل وكُتاب الست صالحة بأول شارع بورسعيد من جهة ميدان السيدة زينب بالقاهرة، ولكنه ضيف حديث نسبياً بهذا الموضع إذ تم نقله من مكانه الأصلي بشارع اللبودية بدرب الجماميز عند إجراء توسعة لهذا الدرب. أحمد الصاوي (القاهرة) - استحق مبنى الست صالحة هذا الاهتمام وتلك الرغبة في الحفاظ على كيانه المعماري لعدة أسباب، منها أنه ثاني أقدم سبيل شيدته امرأة في العصر العثماني، ولا يسبقه سوى سبيل وقف كلسن هانم. كما شيد على الطراز المملوكي وهو من الأسبلة ذات الكتاتيب التي شيدت كمنشأة مستقلة غير ملحقة بمنزل أو مسجد وبواجهتين حرتين،كانت إحداهما تطل على شارع اللبودية بخط درب الجماميز وهي اليوم تطل على شارع بورسعيد والثانية كانت تطل على درب الشمسي. وبالواجهة الشمالية الغربية يوجد المدخل الرئيسي للمبنى وهو عبارة عن دخلة مستطيلة يتوجها عقد مدائني ثلاثي له طاقية مقرنصة في جزئها السفلي، ومشعة في جزئها العلوي وبوسط الدخلة فتحة باب يغلق عليها فردة باب خشبي على جانبيه مصطبتان ويعلو فتحة الباب عتب مسطح فوقه عقد عاتق، وكلاهما يحتويان على بقايا زخارف هندسية محفورة في الحجر ويعلو ذلك شباك صغير مستطيل يتوجه صفان من المقرنصات، وكان على جانبيه عمودان صغيران فقدا بعد نقل المبنى. ويجاور كتلة المدخل لوح «الحجر المصاصة» المخصص لحصول الأهالي على المياه النقية عبر فتحتي مأخذ، ويعلو الحجر عقد عاتق ونفيس ثم منطقة مربعة منقوشة بوسطها صرة غائرة قليلاً ذات حواف مسننة تحيط بها في الأركان بقايا بلاطات خزفية يغلب عليها اللون الأزرق. ويلي الحجر المصاصة واجهة شباك السبيل والتي تبرز قليلاً في الشارع عن سمت جدران المدخل والحجر المصاصة، وقد شغل المعمار ناصيتها بعمودين صغيرين مدمجين. شباك التسبيل أما شباك التسبيل الذي يتوسط الواجهة فهو مغشى بحجاب من مصبعات نحاسية ترتكز على صف من العقود التي كانت توضع فوقها كيزان الشرب، وكان يتقدم هذا الشباك لوح رخامي مستطيل من أجل كيزان الشرب أيضاً ويرتكز هذا اللوح على كوابيل حجرية ما زالت باقية حتى اليوم أسفل الشباك. ويعلو الشباك عتب وعقد عاتق من صنجات حجرية مزررة، بينما غطيت بعض أجزاء النفيس ببلاطات من الخزف. وتنتهي واجهة السبيل من أعلاها بلوحة تأسيسية من الرخام تحتوي ستة أسطر نقرأ فيها: «منـازل عز حفـها السـعد والعلا» «لها من جنا رضــوان مجـد تاثلا» «لصالحة الحسناء سـيدة النسـا» سلالة أمجــاد تعالــوا عن المـلا» «لقد أنشــأت لله صهريـج أرخو» «به عود إقبال وخير مؤملا 1154» ويُشير هذا النص بوضوح إلى أن الست صالحة الحسناء أنشأت هذا السبيل «الصهريج» في عام 1154 هـ، وأنها من سلالة عائلة عريقة ولعلها من أبناء قادة العسكر الأتراك في مصر. والواجهة تحفل بالزخارف الهندسية المحفورة بدقة في الحجر، وقد أحاطت بها قنوات عريضة محفورة حفراً غائراً تعرف في مصطلح الوثائق المملوكية والعثمانية باسم «جفت لاعب». وفوق السبيل نجد واجهة الكُتاب أو مكتب تعليم الأطفال الأيتام، وهي تبرز قليلاً عن واجهة السبيل أسفل منها وهي تطل على الطريق ببائكة من عقدين لهما هيئة حدوة الفرس، ويرتكزان على عمود أوسط مستدير البدن وفي القسم الأسفل من البائكة يوجد درابزين من الخشب الخرط تعلوه قوائم خشبية تحصر فيما بينها أشكال عقود. وعلى يسار واجهة الكُتاب يوجد شباك مستطيل أعلى كتلة المدخل وقد غشي بحجاب من الخشب الخرط، وتتوج واجهة السبيل بقايا الرفرف الخشبي الذي كان يوفر الظل للطلاب ويقيهم أشعة الشمس بعد العصر حينما تميل الشمس لناحية الغرب. وللمبنى واجهة ثانية هي الواقعة في الناحية الشمالية الشرقية وبأسفلها شباك ثان للسبيل بأعلاه عتب وعقد عاتق، والنفيس هنا مغطى ببلاطات من الخزف وبأعلى ذلك لوحة تأسيسية ثانية من الرخام بها نقش كتابي يمكن أن نقرأ فيه: «مآثر بيـــد الأقـــدار قــد نشـــئت» «أمسى لها خازن الجـــنات معــترفا» تجـــر أثــــواب عـــز نحـــو صالحــة» «تروي عن المجد إحسانا لمن وصفا» «قالت وقد عاينــت للســعد أرخــه» «سبيل ماؤه للشـــاربين شــفا 1154» أما الواجهة الشمالية الشرقية للكتاب فتبدو ببائكتها المؤلفة من عقدين على شكل حدوة الفرس مشابهة تماما للواجهة الشمالية الغربية، فيما عدا أنها فقدت الكثير من زخارفها الحجرية المنقوشة بالزخارف الهندسية. ويستطيع زائر سبيل وكتاب الست صالحة الدخول من الباب إلى دهليز به درجتا سلم، يؤدي يمينا إلى سلم صاعد للكتاب ويساراً إلى حجرة التسبيل ثم يستمر الدهليز في الامتداد ليؤدي إلى ملاحق خلفية للسبيل. حجرة التسبيل ودخلة «الشادروان» حجرة التسبيل الواقعة بالدور الأرضي مستطيلة الأبعاد «5.60 متر طولاً و3.76م عرضاً» وبالضلع الشمالي الشرقي منها دخلة اتساعها 2م استخدمت كشباك للتسبيل تجاورها دخلة صغيرة كانت تستخدم كدولاب حائطي لحفظ أدوات المزملاتي المسؤول عن تقديم ماء الشرب للمارة الذين يقصدون السبيل. أما الضلع الجنوبي الشرقي فبه دخلة «الشادروان» مستطيلة الشكل والتي يبلغ اتساعها 80 سم يكتنفها عمودان مثمنان ويجاورها يمينا باب يؤدي إلى الملاحق الخلفية للسبيل. أما أرضية السبيل فمفروشة بالرخام المتعدد الأشكال والألوان ولكن الصهريج أو خزان الماء بهذا السبيل قد انهار وفقد كلياً. ويحتل كتاب الأطفال مساحة مستطيلة بالطابق الثاني ويطل على الطريق من جهتين بواسطة بائكتين وقد زود بغرفتين صغيرتين، إحداهما حجرة للمؤدب أما الثانية فربما كانت تستخدم كمرحاض للأطفال.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©