الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رقصة اللون.. رواية الضوء

رقصة اللون.. رواية الضوء
10 فبراير 2010 19:19
بمحاضرة ثرية في المضمون والجماليات عالجت موضوع “التجريد في الحركة” اختتمت شركة أبوظبي للتطوير والاستثمار برنامج محاضراتها التثقيفية الذي أقامته في إطار “جوجنهايم.. مسيرة متحف”، وتحدث فيها جون جي هانهارد المستشار في “نام جون بايك” للمحفوظات والاستشارات في فن السينما والإعلام في متحف “سميشونيان”. وتميزت المحاضرة التي أقيمت الخميس الفائت في “غاليري وان” في قصر الإمارات بالمناخ الجمالي الممتع الذي صنعته تعليقات المحاضر والعروض الفيلمية التي تتبعت حضور الحركة في الصورة الفيلمية وأفلام الصور المتحركة وفي أعمال “الفيديو آرت”. بعد أن تحدث المحاضر عن معروضات جوجنهايم وما تقدمه للمتلقي من معرفة ومتعة على صعيد تذوق العمل الفني، عرج على أهمية الفيلم في الإعلام والفن في هذا العصر. مؤكداً أن هذا يلقي على عاتق الفنان مسؤولية كبيرة في التعامل مع المفردات الفنية وابتكار طرق عرض تناسب الشاشة والإطار والمضمون الذي يحمله العمل. تحولات الصورة وفي محاولة للتأسيس التاريخي لموضوعه تتبع هانهارد التحولات والحركات التي عرفها هذا الفن، متحدثاً عن تاريخ الصورة التجريدية كما ظهرت في الأفلام السينمائية وأفلام الفيديو وفنون الميديا الحديثة. متناولاً تجربة هيلا ريباي أول مديرة في جوجنهايم في دعم الفن اللاموضوعي وأفلام الصور المتحركة، مسلطاً الضوء على أعمالها وإسهامها في تاريخ الفن. ودعم حديثه بعرض بعض النماذج التي تجسد مفهوم التجريد في الحركة كاشفاً عن دور الفنانين الذين اتجهوا إلى هذه النوعية من العمل الفني في خلق لغة بصرية جديدة في التعبير الإبداعي. وقال: “إن حركة الفنانين الحداثيين في القرن العشرين تميزت بالاستقلالية، وكانت طلائعية في اقتراحاتها واجتراحاتها الجمالية. لقد ساهم التكعيبيون والسورياليون والمستقبليون والراديكاليون بدور مركزي في تحول الفن من الاهتمام بالفكرة أو الموضوع إلى التعبير التجريدي، كذلك فعل الفنانون الذين أنجزوا الأعمال المفاهيمية والتركيبية وفنون ما بعد الحداثة”. لقد عمل مخرجو الأفلام بشغف، وكانوا مأخوذين بهذه الثقافة الأكثر جماهيرية وشعبية وهي الثقافة السينمائية أو ثقافة الصورة. ولا شك في أن تطور تصوير الأفلام من فيلم 16 مليمتر التي كانت تتم بكاميرا محمولة وأدوات صوت تعود إلى منتصف القرن، مكن المخرجين من العمل في استوديوهاتهم الخاصة وتحديث وتطوير أدوات تحقيق الفيلم”. ويرى هانهارت أن التصوير في أجواء حية وتنفيذ الموضوعات بأسلوب الرسوم المتحركة (أنيميشن) وسع آفاقهم في رسم الضوء واللون والملمس وأن الخامات المختلفة ساعدتهم على إنتاج مفردات جديدة للصورة. وأنها مارست دوراً كبيراً وكان لها تأثير عميق على اللغة البصرية في القرن العشرين، حيث تغلغلت الصورة في الرقص والمسرح والرسم والنحت والعمارة والشعر. كانت حصيلة هذه الحركات الطليعية، التي ضمت مخرجين متحمسين عملوا فرادى وجماعات، وأصدروا بيانات وكتبوا المقالات حول فنهم، عدداً من الأفلام الثقافية العميقة التي عرضت وانتشرت حول العالم. هذه الخلفية، يقول المحاضر، هي التي جعلت هيلا ريباي تهتم بالأشكال الجديدة من الأفلام خاصة الأفلام التجريدية، وأفلام الرسوم المتحركة. بالإضافة إلى رغبتها في جعل هذه التحولات والتطورات التي اجتذبت آمال العديد من المخرجين جزءاً من متحفها. وكان هاجس المخرجين، مثل كل المبدعين، دعم العمل الفني. ومع ذلك، كانت أفلامهم جزءاً من الأفلام التجارية والتسلوية. ومن المخرجين الذين عملت معهم ريباي: هانس ريتشر، اوسكار فيشنكر، فيكينغ ايجلنغ ونورمان ماكلارين. سيرة ضوئية حرص هانهارد على تقديم نماذج من الأفلام أوضح من خلالها كيف تعامل الفنانون مع الصورة المتحركة، وأبرز عبر العروض الشيقة كم أن اللون ثري، وكم يحمل من الدلالات، وكم يستطيع أن يبوح ويشكل خيال المتلقي. كانت حالات اللون تتوالى أمام عيوننا مدهشة وجميلة، تارة تعلو وأخرى تهبط، تتكور في المنتصف أو تتناثر على الأطراف. تحلق إلى السماء أو تغور في الأرض. تنقذف كما البركان أو تنثال في ليونة مثل نغمة موسيقية. تدور حول نفسها في حركات دورانية لا تهدأ ثم تأخذ شكل نهر يتدفق. كانت الأعمال بكل بساطة رقصة لونية متعددة الإيقاعات والانحناءات والالتفاتات، تساير إيقاع الموسيقى التي تصدح وبين الاثنين حالة من التمازج والتوحد أطلقت كلمات الإعجاب من الحضور أكثر من مرة. وفي تعليقاته الثرة على العروض الفيلمية ألقى المحاضر ضوءاً كاشفاً على الضوء واستخداماته، واللون وحركاته، وعلاقتهما بالإطار أو شاشة العرض متتبعاً مسيرة الضوء الذي بدا في بعض الأحيان مثل نقاط المطر، يسقط في حركة سريعة حيناً وبطيئة حيناً آخر. كان أبرز ما في العروض قدرتها على كسر نمطية الصورة ورؤيتنا لها، وقد مارست نوعاً من التحريك المثير للخيال إلى أقصى حد ممكن. طارحة عليه احتمالات جمالية لا محدودة، خاصة في نهوضها الحديث بتطور بعض وسائل الميديا وما حققته أعمال الفيديو آرت من اختراقات لمألوفية العمل الفني. بعض الفنانين استخدموا حتى انقطاع الصورة كعمل فني موظفين الخطوط التي تظهر على الشاشة في هذه الحالة لتقديم نظام من المعلومات الفنية التي تسعى إلى كسر الأساسيات في النظام الكلي. مثل المخلوقات الأسطورية بدت حركات اللون في بعض المقاطع، راسمة أشكالاً تجريدية مفارقة فيما شكلت الموسيقى خلفيات أو روادف لها لتبوح بما يمكن للون أن يقوله، وللحركة أن تفعله. هنا، كانت دوامة اللون تستعين بدوامة الموسيقى في حركة مستمرة، متتابعة، دورانية، متداخلة حتى ليكاد المرء يشعر أن الإيقاع الموسيقي ليس سوى إيقاع حركة الصورة نفسها
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©