إعداد - محمد عبد الرحيم:
على بعد مسافة 38 ميلاً بحريا من ميناء ''بوينا فينتورا'' في كولومبيا، تمكن القبطان لويس رودريجيز وطاقمه البحري من رؤية قارب صيد الأسماك ''جوزيه رودلفو'' وهو يبحر في مياه المحيط الهادي وسرعان ما تمكنت وحدة رجال المارينز المسلحة من السيطرة على المركب الخشبي والعودة به وسط أمواج البحر المتلاطم مع الاعتقاد بأنه يحمل احدى السلع المحظورة· إلا أن ما وجدوه ليس بضعة كيلوجرامات من الكوكايين أي الشحنة التي اعتادوا بشكل روتيني على اكتشافها وإنما مجموعة من الزعانف بالإضافة إلى عدد 14 من كلاب البحر النافقة وهي تستلقي على بركة من الرماد على ظهر المركب قبل أن يتم إنزال طاقم المركب من على السفينة اللوجستية التابعة للقوات البحرية الكولومبية وإحالتهم إلى التحقيق·
ويقول القبطان رودريجيز حسبما ورد في صحيفة ''فاينانشيال تايمز'': ''للأسف الشديد لم نتمكن من اتخاذ إجراء بشأن وجود هذه الكائنات البحرية على ظهر المركب لأن وجودها هنالك لا يمثل خرقاً للقوانين· ولكننا سنطلب منهم ايضاحات بشأن مسائل فنية بسبب عدم ارتدائهم لسترات النجاة أثناء ابحار المركب·· هذا كلما نستطيع فعله الآن حيال المشكلة!
وظلت قوة الواجب التابعة للبحرية الكولومبية في المحيط الباسيفيكي تكرس جل وقتها في عمليات التتبع الساخنة للمتاجرين في الكوكايين في أعالي البحار· أما الآن فقد أصبح يتعين عليها النضال في معركة جديدة تتمثل في الحرب غير المعلنة ضد التجارة المتنامية وغير المنظمة في زعانف الحيتان· ودرج القبطان رودريجيز مع طاقمه على تسيير الدوريات على طول المياه العميقة الزرقاء بالقرب من جزيرة مالبيلو الكولومبية حيث تحتشد كميات هائلة من حيتان كلاب البحر، وهي مهمة تتضمن مصاعب إضافية لخفر السواحل الكولومبية التي ظلت وبشكل غير رسمي تحارب في إحدى الجبهات التي تدعى جماعات المحافظة على الأنواع البحرية إنها أعمال تجارية عالمية تؤدي إلى مقتل أكثر من 100 مليون حوت في كل عام من أجل مقابلة الشهية الآسيوية المنفتحة على حساء زعانف الحيتان·· وهي أعمال تجارية مربحة تقدر قيمتها بنحو مليار دولار في كل عام على الأقل، ويقال إن عصابات ''الترياد'' الصينية متورطة فيها·
ويصل سعر طبق حساء زعنفة الحوت في أفخم المطاعم الصينية إلى 150 دولاراً بينما تباع الزعنفة الجافة في أسواق هونج كونج بمبلغ يصل الى 800 دولار للكيلوجرام، وتم اكتشاف بعض المسافرين والركاب الآسيويين في مطار بوغوتا وهم يدسون بعض زعانف الحيتان داخل حقائبهم وأمتعتهم الشخصية·
وأعرب علماء الأحياء البحرية مثل ساندرا بيسودو العاملة في هيئة الحدائق الوطنية الكولومبية مؤخراً عن مخاوفهم من انه ما لم يتم إيقاف هذه التجارة فإن أعدادا كبيرة من أنواع الحيتان سوف ينتهي بها المطاف الى الانقراض في غضون العقدين القادمين· وهي تقول ''ان البحار تتضمن أعدادا محدودة من الأسماك وفي غضون فترة الخمسة عشر عاماً الماضية اختفت 80 في المئة من أنواع الحيتان في المحيط الأطلسي ويمكن ان تحدث نفس المسألة في المحيط الباسيفيكي''·
وتقدر منظمة الأغذية والزراعة ''الفاو'' أن صيد الحيتان ارتفع من مقدار 272 ألف طن في عام 1950 إلى 670 ألف طن في عام ،1996 وتشير بعض الدراسات إلى أن هذا الرقم تضاعف حالياً·
وتعتبر الحيتان عاملاً حيوياً في استمرارية النظام الاحيائي في المحيط بسبب أنها تعمل بشكل طبيعي على تنظيم الكثافة السكانية للأسماك الأصغر حجماً وأيضاً أكثر تأثراً بالإفراط في عمليات الصيد· وكذلك فإن لحم الحيتان اقل قيمة غذائية مما يشجع صيادي الأسماك على اتباع طرق لقطع ونزع الزعانف قبل إلقاء الأسماك الكبيرة مرة أخرى في البحر بحيث تواجه خطر الموت لعدم قدرتها على السباحة· وتحتفظ كولومبيا بوحدة عسكرية صغيرة من خفر السواحل في جزيرة مالبيلو حيث ظلت تسير الدوريات طوال الشهر· إلا أن الضغوط الإضافية التي تهدف لردع الاعداد المتزايدة لصيادي الحيتان قد تم وضعها مؤخراً على عاتق قوات البحرية· ''الحكومة تحاول النيل منا بينما تنوي قوات البحرية منع الأشخاص من صيد الأسماك الذي يمثل رزقهم المعيشي اليومي'' كما يقول سانتانا الذي درج على شراء الزعانف بسعر 150 ألف بيزو ''65 دولاراً'' مقابل الكيلوجرام الواحد ويبيعها للمصدرين إلى الصين· أما بالنسبة إلى القوات البحرية فإن المعركة مستمرة على ما يبدو حيث يصر اندريه باتينو الجندي في القوات البحرية الذي تعود أن يقضي شهراً بأكمله في جزيرة ماكبيلو على أن حيتان كلاب البحر يجب المحافظة عليها في داخل مستعمراتها بدلاً من تقديمها في أطباق الحساء قبل أن يمضي قائلاً ''لقد رأيت المئات من الحيتان في أعماق البحر وهي لا تحاول مضايقة البشر ·· إنها حيوانات غريبة الطبع ولكنها رائعة الجمال ولا أعتقد أن هناك سبباً يدعو لقتلها''!
عدد اليوم
