الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المحرزي: صبيان الفريج ينتظرون رؤية هلال شوال لتسلم «العيدية»

المحرزي: صبيان الفريج ينتظرون رؤية هلال شوال لتسلم «العيدية»
17 أغسطس 2012
يفرح الصبيان كثيراً مع قرب نهاية الشهر الفضيل، ويبتهجون بقرب ظهور هلال العيد، حيث يفكر كل منهم بحصيلة ما سيجمعه من الأهل وأصدقائهم، ويسعد بـ«عيدية» تميزه بين أصاحبه، حيث يشتري ما يريد من حلوى وغيرها. وقال علي خميس المحرزي إن الشباب في الفريج كانوا يتجمعون عقب إعلان رؤية هلال العيد، حتى الساعات الأولى من صباح العيد، ثم ينصرفون إلى بيوتهم لارتداء الملابس الجديدة، ثم التجمع مرة ثانية، مشيراً إلى أن الأهل عودوهم على الصيام في سن مبكرة، رغم حرارة الجو، وعدم توافر أجهزة التكييف ووسائل الراحة والترفيه، فنشأت الأجيال السابقة وهي تتحلى بقوة الإرادة والعزيمة. استرجع علي خميس المحرزي شريط ذكرياته في مسافي بقوله، إنه رغم شح المياه حاليا في مسافي، إلا أنها لا تزال تتربع على عرش إنتاج المانجو وعشرات من أنواع الفواكه والخضراوات، وحتى أشجار الجوافة تسمى زيتوناً محليا، وهناك من نجح في زراعة القهوة، وفي كل صيف يتكرر المشهد ذاته، عندما تأتي قوافل المصطافين بعائلاتهم على الإبل في ذلك الزمن البعيد، لأن عين مسافي كانت تتدفق بالمياه الساخنة شتاء والدافئة صيفا، وكانت مياهاً عذبة، فتقضي العائلات الصيف تحت أشجار الليمون والمانجو والنخل، ويستحمون بالمياه المعدنية ويتزاورون مع أهل مسافي وكأنهم من أسرة واحدة، حيث يتبادلون الوجبات الغذائية ويتحاورون ويتسامرون معاً. وولد علي بن خميس بن علي المحرزي، وقت أن كانت مسافي رأس الخيمة، إحدى القرى البعيدة، التي يسير إليها الراكب على الإبل، حيث تسير القافلة أو الرجل مسافة ستة أيام ذهابا وإيابا من الشارقة أو دبي، ورغم ذلك كانت قبلة المصطافين من المناطق البعيدة لوفرة العيون والمياه المعدنية، حيث تستحق كما يقال «العنوة»، وهي من العناء في السير لأجل خاطر مدينة أو قرية أو شخص، حيث يتعنى الإنسان لمسافي ليجد كل الترحاب، من أهلها الذين لا يتركون القادم إليهم يبقى يوما واحداً دون أن يذهبوا إليه ويقضوا معه ساعات من النهار والليل، وكثيرا ما يصبح أولئك الرحالة ضيوفا وكل يوم هم بمنزل من منازل أهل مسافي. قصة طريفة ويحدثنا علي عن مسافي وأهلها: حدثت قصة طريفة في عام 1956، دخلت إلى مسافي أول سيارة، وعندما شاهدها الأهالي قادمة وسمعوا صوتها فر بعضهم إلى الجبال، وبقي رجال في مسافي كحرس وبعضهم وقف عند المنازل، وفي تلك الفترة كان الناس يجتمعون عادة في مكان عام ويطلق عليه سيل صالحة، وموقعة حاليا مكان المدرسة القديمة. ويكمل علي: تعلم أبي من جدي ركوب الخيل وكان من أشهر الرماة كما كان كثير الارتباط بالإبل، ولذلك امتهن والدي قيادة الإبل والقوافل، فكان يسافر على الإبل إلى الشارقة ودبي محملا بثمار المانجو أو الهمبا والرطب، وكان يؤجر تلك الإبل التي تعودت على الأسفار، لمن يرغب في السفر للتجارة بإنتاجه المحلي، ويكون هو قائدا لتلك القوافل لأنه يحفظ الطرق ومتمرس في قيادة القوافل، فكان يقضي ستة أيام في الطريق ذهابا وإيابا إلى مناطق الشارقة ومنها الحوية وعشيو. خطبة الجمعة ويتذكر علي أن شجرة مانجو ذات مذاق يشبه الشهد كانت توجد في مزرعتهم، وفي موسمها كان والده يحمل من ثمارها وكانا يسافران في ثاني سيارة دخلت إلى مسافي، وكانت لاندروفر جيب لمواطن من مسافي، ولذلك تعلم قيادة السيارة بسرعة، وكان في الخامسة عشرة من عمره، وفي معظم المواسم كان يصل قبل الفجر إلى إمارة دبي، ودخل إلى المدرسة عام 1964 وكان متفوقاً، مما أتاح له أن يكون أول طفل يخطب خطبة الجمعة برجال القرية، وكان لا يزال في الصف الثاني الابتدائي، وفي تلك الفترة لم تكن بيوت مسافي تعرف الأسوار، إلا تلك التي تحميها من البرد أو من وحوش الجبال سواء الذئاب أو الثعالب، ولذلك كان الجميع يشعرون وكأنهم أسرة واحدة، ولذلك فإن رمضان عندما يأتي كان يزيد من فرحة التلاقي اليومي بين أهل مسافي. وقال: بما أن الأهالي يتلاقون في كل يوم ويتناولون الإفطار الصباحي في الغالب مع بعضهم، خاصة أن من يملك مزرعة من الطبيعي أن يكون فيها منذ الصباح الباكر، لذلك عندما يصبح الوقت ضحى يجتمع الرجال على فطور واحد، وعادة ما يكون عند منزل أحدهم في الخارج، حيث لا كهرباء ولا ماء، لكن أجساد الناس قد اعتادت تلك المناخات، فهم لا يشعرون بشدة الحر، وفي الوقت ذاته تتفق النساء على التلاقي أمام بيت إحداهن لتناول الإفطار، وعندما يدخل شهر رجب فإن تلك اللقاءات يغلب عليها الحديث عن الاستعدادات، خاصة أن القوافل تسافر إلى المناطق المختلفة لبيع المنتجات المحلية، وشراء المواد الغذائية والكسوة التي ستكفي لمدة عام كامل، لأن الناس لا يخيطون ملابس كل شهرين أو كل شهر، إنما مرة أو مرتين في العام الواحد، لكن في الوقت ذاته يمارس الجميع أعمالهم مثل كل يوم، ويذهب الأطفال إلى المطوع لتعلم القرآن وحفظه، وفيما بعد أصبحت هناك المدارس. فريق الكشافة وقال المحرزي: كانت الأوقات التي أقضيها في لعب كرة القدم أو الكشافة، من الأوقات التي أدفع ثمنها باهظا كي أحصل عليها، حيث يتوجب علينا كأطفال أو شباب أن ننجز الكثير من الأعمال للأهل، وبالنسبة لي كنت أذهب مع والدي إلى المناطق المجاورة، التي لا تعتبر قريبة في تلك الأيام من أجل البيع والشراء، ومن المواقف التي حدثت لنا، عندما خرجنا من مسافي وتوجهنا إلى إمارة رأس الخيمة، للسلام على أحد الشخصيات المهمة كان معي فريق من الكشافة، وعند عودة الفريق تعرض إطار السيارة للتلف من قسوة الحجارة الجبلية، ولم يكن لدينا إطار احتياط لذلك سرنا على الأقدام إلى مسافي لمدة أربع ساعات، مشيراً إلى أن الحياة كانت لها نكهة خاصة رغم قسوتها، لأن العلاقات الاجتماعية كانت تسري عن الخاطر وتجلي الهموم، لأن الناس يتشاركون الأفراح والأحزان وحتى الواجبات والعمل. وأشار إلى أن نجاح الرجل في الماضي كان بسبب عون المرأة ووقوفها بجانبه، بغض النظر عن صفته كابن أو زوج أو شقيق أو والد، فقد كانت المرأة تفعل الكثير حتى أنها تستقبل الضيوف في غياب الزوج وتذبح بنفسها الذبيحة، وتحضر من الطعام ما يكفي قافلة، وأيضا كانت تساهم في تربية بنات جاراتها، فلا يصح أن ترى خطأ وتسكت عنه، ويحق لكل أم أن تفعل ذلك مع جميع بنات المنطقة، كما كان الرجل يفعل الشيء ذاته مع أبناء المنطقة، فإن وجد شابا أو صبيا في وقت إقامة الصلاة دعاه إلى الصلاة ومن يتأخر ينصحه، ولذلك كانت لرمضان نكهة الألفة وفرحة الصيام تعادلها فرحة الإفطار اليومي الجماعي. وعندما تخرج علي خميس من الابتدائية يتذكر أن من أنهوا الابتدائية كانوا خمسة، من أصل أحد عشر تلميذاً في المدرسة، وبعدها انتقل الناجحون إلى دبي للانتظام بالقسم التجاري في المدرسة الصناعية، وكان من ضمن المعلمين سالم الغماي الذي أصبح فيما بعد وكيل وزارة التربية والتعليم وسالم حكيم، وكانت الدراسة باللغة الإنجليزية، وأتذكر أن من الطلبة الذين كانوا زملاء دراسة في الثانوية الكثير من الشخصيات العامة، وبعد الثانوية كان لابد من السفر إلى بريطانيا لإكمال الدراسة في الهندسة، لكنه لم يكمل وعاد إلى مسافي ثم قدم للالتحاق بوظيفة في أبوظبي، لأن والد خاله كان يعمل في إحدى الجهات، وشجعه على أن يعمل ويدرس في الوقت ذاته، ودخل دورة وعاد لمقاعد الدراسة لأن شهادته الثانوية لم يكن يعترف بها، ثم قام بالانتساب إلى جامعة بيروت، وفي الوقت ذاته، كان يعمل، وسجل في كلية عسكرية، وتخرج ضابطاً. وخلال تلك الفترة الزمنية ما بين طلب العلم والعمل، لم يغفل عن الأهل وعن مسافي، وكل رمضان يوزع وقته بين إمارة دبي، حيث تزوج من بناتها، أو في مسافي، حيث يحب أبناءه أن يقضوا الكثير من الوقت، نظراً لروعة طبيعتها حيث كانت عبارة عن جبال، واليوم أصبحت مليئة بالمزارع الخاصة والفلل، ورغم الدراسة والعمل، بمجرد أن تم تأسيس نادي مسافي الرياضي كان من بين أعضائه الأوائل، كما ساهم في تأسيس جمعية مسافي النسائية، لأنه يؤمن بأن تأسيس المرأة هو تأسيس ورقي للوطن. وأضاف، كان للجمعية النسائية الأثر الكبير في تغيير جوانب كثيرة في شخصية المرأة نحو الأفضل، «وما زلت إلى اليوم أجد في نفسي حسرة على كل امرأة لم تتعلم، وعلى كل فتاة لم تنهي دراستها أو لم تعمل منذ عدة سنوات، كما قمت بجهود كبيرة لدعم مسافي من خلال التقدم بطلبات إلى القيادة الرشيدة، لإنشاء مكتب بريد ومستشفى ومحطة كهرباء. وقال، بعد أن تركت الوظيفة، عملت مدير الرخص التجارية في رأس الخيمة ثم مديرا للأشغال، وقمت بالتعاون مع أعيان المنطقة بترتيب الكثير من أوجه الحياة فيها كالمزارع والأسواق، وإزالة كل ما يشوه هذه المنطقة الجميلة حتى تصبح قبلة للسياح. ويخبرنا، بأنه تعلم من والده حب ركوب الخيل، والاهتمام بالهوايات الرجولية، لذا قام بإنشاء اسطبل لتربية الخيول وجلب الأحصنة، التي يتعلم عليها أبناؤه الفروسية، ويحرص على أن يقابل أبناؤه الضيوف، ويتعمد أن يجعلهم يستقبلون زواره، حتى إن كانوا في فترة الامتحانات النهائية، نظراً لأهمية هذا الجانب عند الأب، خصوصا الذي يحرص على أن يواجه أبناؤه الناس، كي يتعلموا الود والترحاب وكرم الضيافة، حيث إن الرجل يكره أن يكون بين أبنائه رجل يختبئ خجلاً، ويتهرب من الحوار والدردشة. إضاءة أشار علي المحرزي إلى أنه ربى أبناءه على عادة جميلة، فمنذ سنوات عدة يقومون بإفطار جماعي للصائمين خارج المنزل في دبي، وفي الوقت ذاته يتفق هو كل عام مع مطبخ شعبي في مسافي، لتجهيز إفطار جماعي للعمال في المزارع أو الشركات والمحال التجارية، ويتشارك مع أهل المنطقة في زيارة واستضافة المعاقين وكبار السن.
المصدر: رأس الخيمة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©