الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أخلاقيات الإعلام المعاصر بين التغيير الجذري والتمسك بالتبسيط

أخلاقيات الإعلام المعاصر بين التغيير الجذري والتمسك بالتبسيط
25 أغسطس 2013 20:40
بين من يذهب إلى تبسيط الأمور مؤيدا الاكتفاء بترك الصحافة تعمل على راحتها في العصر الإعلامي الجديد ثم التصحيح إن لزم الأمر، ومن يذهب إلى التنظير والفلسفة إلى أبعد الحدود، داعيا إلى تغيير جذري في عادات وقواعد العمل بما يواكب ثورة الإعلام، يُعتبر موضوع أخلاقيات الصحافة والإعلام من أكثر القضايا المهنية جدلا في اوساط ممارسي المهنة ومدرسيها والعديد من المعنيين. يبلغ الاختلاف في طريقة التعاطي مع أخلاقيات الإعلام في العصر الجديد وجوها عدة مثل إمكانية دفع المؤسسة الإعلامية أموالا للحصول على معلومات حصرية أم لا، ومثل السماح أو عدم السماح للصحفيين باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي؛ فالسياسة التحريرية لبعض المؤسسات الإعلامية تنصّ على عدم التسامح إطلاقا مع مسائل الرشوة والنزاهة فيما يختص بالمسائل المالية انطلاقا من احترام الجمهور، وتتشدد في هذا الاعتبار وتقدمه على سرعة نقل الأخبار والمعلومات، غير أن العديد من المؤسسات الإعلامية الأخرى لا ترى غضاضة في ذلك بل إن بعض مدارس الإعلام تدرس كيفية الحصول على المعلومات من موظفين بأي طرق كانت من أجل كشف الحقائق أو تسجيل سبق إعلامي. عدم التحيز من بين أكثر المسائل الشائكة في أخلاقيات الإعلام تبرز مسألة الحيادية التي تعني العدل والتوازن في عرض المحتوى وألا تكون لدى المشاركين في إعداد هذا المحتوى، أفرادا كانوا أم مؤسسات، أفكار مسبقة مؤيدة أو معادية لأي جهة معينة يأتي ذكرها في المواد الصحفية. ويترّدد هذا المعيار كثيرا على ألسنة الإعلاميين والمطالبين بدور أكثر مصداقية لوسائل الإعلام، لكن البعض يرى استحالة في تطبيق الحيادية التام على قاعدة أن لدى الصحفيين دائما وجهة نظر معينة تجاه ما يكتبونه. ولكن ذلك لا يمنع من نصائح حاضرة بقوة بهذا الصدد، ومنها ضرورة الترفع عن الآراء الشخصية وإن تعذر ذلك فإن إبداء موقف ذاتي هنا يمكن فقط من خلال إبراز التنوع في الرأي. ونظرا لصعوبة الحياد في الصحافة يعرب البعض من ذوي الخبرة أن عدم التحيز يتطلب الكثير من التدريبات والتوجيهات للصحفيين مع فهم دقيق لمعنى الحياد وكيفية تطبيقه. ويرى الصحفي ديفيد بروير، وهو مدير موقع الإعلام لمساعدة وسائل الإعلام (Media Helping Media) أن عدم التحيّز يعني توفر التوازن في القضايا والآراء وعكس مجموعة واسعة من الآراء واستكشاف وجهات نظر متعارضة وضمان عدم إغفال أي فكرة مهمّة من أن تمثّل. ويشدد بروير في مقال نشره على الموقع المذكور أن «علينا أيضاً أن نكون مستعدين للسماح بحق الرد. وفي سعينا لعدم التحيّز، علينا ألا نفترض أن الأكاديميين والصحفيين والمشاركين الآخرين، الذين أدخلوا في الموضوع ليوفروا التوازن والتعليق، هم في حدّ ذاتهم، محايدون»، كما يلفت الانتباه إلى أهمية التمييز بين الرأي والواقع. ويشير إلى أن «ليس من الضروري، لتمثيل كل حجة في كل مناسبة، أو لتوافر المساواة، أن يتوزع الوقت عينه لكل وجهة نظر. إن المناقشات السليمة في غرفة التحرير مع كبار الزملاء، ستساعد على صياغة سياسة معينة لكل حالة على حدة. ولا ينبغي أن يعاني الصحافي من ذلك وحده». أما بالنسبة للمناقشات عبر الإنترنت، فيدعو بروير إلى «حماية الجمهور من الاعتقاد بأن مؤسستنا الاعلامية تؤيد الآراء التي تجري مناقشتها من قبل المشاركين. ولذلك على الصحفيين عدم دعم أو تأييد أي من الآراء الشخصية أو الحملات الدعائية والتفريق بشكل واضح بين المحتوى الذي ننشره والمحتوى الذي أضيف من قبل الجمهور والإشارة بشكل واضح الى المصادر التي اعتمدناها». طرح راديكالي أصبح نطاق الاهتمام بأخلاقيات الإعلام أكثر اتساعا مع ظهور الإعلام الجديد ودخول أطراف جديدة ومؤثرة في المحتوى من عموم مستخدمي الشبكة من غير الإعلاميين. ويرى البعض أن ثورة الإعلام تقتضي ثورة في أخلاقيات الإعلام. من هؤلاء ستيفن وارد، هو أستاذ ومدير مركز جورج سي.. تيرنبول في بورتلاند، أوريجو، والمركز هو قاعدة بورتلاند من مدرسة الصحافة التابعة لجامعة ولاية أوريجون، وكان وارد، أول استاذ في لأخلاقيات الصحافة في المركز ومؤسسا لمركز أخلاقيات الصحافة في مدرسة الصحافة والاتصال الجماهيري في جامعة ويسكنسون- ماديسون. كما كان مدير مدرسة الدراسات العليا للصحافة في جامعة كولومبيا البريطانية في فانكوفر، كندا وهو الرئيس المؤسس للجنة الاستشارية لأخلاقيات الرابطة الكندية للصحفيين. وفي مقال له تحت عنوان «لماذا نحتاج تغييراً جوهريا في أخلاقيات الإعلام وليس العودة إلى القواعد الأساسية؟» في موقع «ميديا شيفت» لاحظ وارد أن «العديد من الناس يتقبلون حقيقة ثورة الإعلام ولكنهم ينكرون ما يستتبعه هذا الواقع، أي ثورة في اخلاقيات الإعلام. وعندما يتعلق الأمر بالأخلاقيات نصبح محافظين حتى لو كنا تقدميين في تعليمنا وممارستنا». وهو يطالب بممارسات جديدة تنسجم وتتواءم مع الوسائل الجديدة والرموز والقواعد الموجودة للأخلاقيات، مستنكرا تناول مبادئ الصحافة الحالية كأنها حقائق أبدية، ما يعني ظاهريا عدم وجود تغير في معناها، وتطبيقها أو أهميتها ونتائجها. ويشخص الواقع الحالي بالقول إن أخلاقيات الإعلام تمر الآن، مثل الإعلام بحالة اضطراب. ويوضح «للتعامل مع الاضطراب الحالي، نحتاج إلى أخلاقيات إعلام راديكالية وليس إعادة تدوير للقواعد الأساسية، نحتاج إلى إعادة اختراع أخلاقيات الإعلام من الأساس. والتقدم التدريجي والمجزّأ ليس كافيا». ثلاثة مجالات التغيير الجوهري في اخلاقيات الإعلام كما يراه وارد يتمثل في ثلاثة مجالات: رؤية جديدة لطبيعة أخلاقيات الإعلام، ثم أخلاقيات تطبيقية تحكم الممارسات الإعلامية، وثالثا أخلاقيات الإعلام العالمي، أي المبادئ والمعايير يجب أن تعرف أو تحدد عالمية الوسيلة الإعلامية من حيث الوصول إليها والتأثير بها. ويؤكد وارد أن «الأخلاقيات الإعلامية التي نتبناها تؤثر على كيفية رد فعلنا على الأسئلة الصعبة، ونحن في حاجة الى عقلية تسمح لنا بربط وتجسير القديم والجديد، للاحتفاظ بما هو قيم من الماضي وتقبل الطرق القيمة والجديدة للاتصال»، مشددا على أن الأخلاقيات الجديدة تتعلق بشكل أساسي بغرف الأخبار المتكاملة والمدمجة ومفاهيم جديدة في كيفية استخدام الصحفيين لوسائل الاعلام الاجتماعية وأن هذه الأخلاقيات يجب أن تعد نفسها بشكل جذري لعصر عالمي. في حين أن أخلاقيات الأمس كانت غير عالمية أو ضيقة وكانت مجموعة من القواعد لخدمة الجماهير المحلية، أو على الأكثر، خدمة أمة «ولكن اليوم، والصحافة تصل عبر الحدود. ودور الصحفي يحتاج إلى تفسير عالمي. نحن بحاجة إلى إعادة التفكير في الكيفية التي ينبغي تغطية وسائل الإعلام العالمية للقضايا العابرة للحدود من الحروب إلى تغير المناخ. وينبغي أن نكون جذريين في طرق الابتكار الأخلاقي، متوخين بذلك أخلاقيات إعلام عالمية لعالمنا المترابط». إلى ذلك، يقول وارد «إذا علمنا الطلاب انطلاقا من عقلية جذرية، نحن نقدم لهم خدمة. وإذا علمناهم من عقلية المحافظين فنحن نفعل لهم شرا. نحن بحاجة لمساعدة الجيل القادم، من صحفيين متعددي الوسائط على تطوير روايتهم الخاصة بهم والأطر الأخلاقية التدريجية لعالم الإعلام والتي ينطوي عليها مستقبلهم». نصائح لعدم الطرد يمتد الاختلاف في النظر لأخلاقيات الإعلام إلى استخدام وسائل التواصل الاجتماعي. وقبل نحو سنتين أعدت شبكة الصحفيين الدوليين مقالة تحت عنوان «5 تعليقات على تويتر تؤدي إلى طرد الصحفي من العمل». وقامت شبكة «بي.بي.سي.» البريطانية باستكمال وضع سياستها فيما يتعلّق بوسائل الاعلام الاجتماعية «اعترافاً منها بأن وسائل الاعلام الاجتماعية، من الممكن أن تتحول إلى ألغام للصحفيين». والشبكة نفسها لا تمانع بأن يكون للصحفيين العاملين فيها حسابات شخصية عبر تويتر وفيسبوك؛ ولكنها وضعت لائحة من ست نقاط أساسية لكيفية التدوين واستخدام الموقعين «من دون الوقوع في مأزق». وكان الكلام موجها خاصة للعاملين في الأخبار، وجاء في مقدمة اللائحة أن «هناك نقاطاً محددة يجب أن تأخذها في الاعتبار، ويمكن تلخيصها بجملة واحدة وهي «لا تقوموا بأمور غبية». وطالبت الشبكة العاملين، عبر ما أسمته «نص دليل استخدام الحسابات الشخصية في وسائل التواصل الاجتماعية» بعدم ذكر عملهم في بي بي سي في حساباتهم الشخصية وبالبقاء بعيداً عن السياسة وأي شيء من الممكن أن ينظر إليه على أنه تحيّز، وإخطار الإدارة في حال رغبوا في التدوين حول قضايا من الممكن أن ينظر إليها على أنها تضارب مصالح. كما تضمن توجيها من الشبكة حول كيفية معالجة الموظفين الأمور على حساباتهم الشخصية فور حدوث أخبار عاجلة، وأثناء عملهم على الحسابات الرسمية لوسائل الإعلام الاجتماعية التابعة للبي بي سي. وخلافا لهذه القيود كانت العديد من المؤسسات الإخبارية تدعو الموظفين فيها إلى تسخير وسائل الاعلام الاجتماعية لخدمتها، ومن تلك وكالة الاسوشيتد برس الأميركية، المعروفة بتشجيع صحفييها على دمج حساباتهم الشخصية، التي أنشأوها في مختلف وسائل الاعلام الاجتماعية، بالحسابات المهنية.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©