الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«ريحانة» الجزائرية تتخلص من أدرانها في «حمام تركي»

«ريحانة» الجزائرية تتخلص من أدرانها في «حمام تركي»
10 فبراير 2010 19:22
تعرض حاليّا في باريس مسرحيّة “في سنّي لا زلت أختبئ لأدخن سيجارة”، وهي من تأليف “ريحانة” (اسم فني مستعار) التي تظهر أيضا كممثلة، وإخراج فابيان شابوي، والممثّلات التّسع في المسرحيّة كلّهنّ نساء يظهرن بلباس خفيف وهنّ يغتسلن في حمّام تركي (حمام بخار) في الجزائر. فاطمة بطلة المسرحيّة هي صاحبة الحمّام التركي تتجاذب في المسرحية أطراف الحديث مع نساء زبونات لديها من مختلف الأعمار، ويحتدّ النّقاش بينهنّ عن شؤون الحياة اليوميّة في الجزائر اليوم، وكلّ واحدة تدلي بدلوها لتعبّر بحريّة عن آرائها الجريئة في الحياة والحبّ والسياسة والزواج والطلاق والاغتصاب، وكل ما له صلة بحياة النساء ومشاغلهن الكبيرة والصغيرة. يضحكن ويغضبن ويسردن قصصهن، ولكنّهن في هذا اليوم هنّ مشغولات بوضعيّة خاصة، فقد آوت إحداهنّ فتاة حملت من رجل غير متزوّجة به، كما أنّ إحدى العاملات في الحمام التركي والّتي تتولّى تمسيد الزّبونات وتنظيفهنّ مشغولة في حديث عن رغبتها الجامحة في أن تجد زوجا لها. ويتفرع الحديث ويتلون في أسلوب ساخر لاذع. والمسرحيّة الّتي فضّلت كاتبتها أن تؤلّفها باللّغة الفرنسيّة فيها استعراض لوضعيّة المرأة الجزائريّة اليوم، وسرد لمعاناتها من ظلم الرّجل والمجتمع لها، ومن خلال ذلك تنقد المؤلّفة في نصّها المسرحي الوضع السّياسي والفساد والعنف في بلدها الجزائر. وقد فسّرت كاتبة النّصّ اختيارها للحمّام التركي (حمّام البخار) مكانا للمسرحيّة، بأنّه المكان الّذي يتخلّص فيه الجسد من أدرانه، وبين سحب البخار فيه تسقط الأقنعة، ويحلو الحديث بدون رقيب. فالحمام التركي مكان مغلق ولكن الألسن تسرح في فضائه، وفيه عالم أنثوي يسوده الغموض والفتنة، ويخفي بين أسواره أسرارا وأخبارا، وهو ملتقى للنساء في المجتمعات التي لا يمكن للمرأة فيها ارتياد الأماكن العامة كالمقاهي أو الفنادق أو الأندية. جرأة وخلاصة المسرحيّة أنّ النّساء الجزائريّات اليوم نلن نصيبهنّ من التّعليم ولهن القدرة على إثبات ذاتهنّ وهن متسلّحات بالمعرفة والثّقافة والرّغبة في المساهمة في الحياة العامّة، ولكنهنّ بقين مكبّلات بالتّقاليد والقوانين الاجتماعية غير المنصفة. إنّهنّ يشعرن بأنّهنّ يقعن دائما ـ كلّما أردن النّهوض ـ تحت وطأة التّقاليد البالية التي تشدهن إلى الوراء. لم يكن ممكنا عرض هذه المسرحيّة في الجزائر لعدة اعتبارات، أولاً لظهور النساء في المسرحية بملابس خفيفة، وثانياً لجرأتها في نقد العادات والآراء الدّينيّة الخاطئة الّتي يتبنّاها بعض من يدعون أنّهم يفقهون في الدّين، وهم أبعد ما يكونون عن ذلك - وفق الحوار في المسرحية -. والمؤلّفة / الممثلة ريحانة عملت ممثلة ومخرجة في مدينة “بجاية” الجزائرية، كما عملت ايضا لصالح التلفزيون الجزائري ثم هاجرت إلى فرنسا منذ عشرة أعوام وفرّت من بطش المتطرّفين الّذين سبق أن هدّدوها بالقتل - على حد زعمها -. اعتداء وفي تطور لا يخلو من البعد الدرامي، تعرضت ريحانة مؤلفة المسرحية والممثلة فيها مؤخراً إلى اعتداء أثناء مرورها بأحد شوارع حي “بلفيل” بباريس، فقد اقترب منها شخصان ورشَّها أحدهما بالبنزين ورمى الثاني عليها سيجارة مشتعلة، والنية - كما تقول الممثلة - أن يتم حرقها حية، وقد فرّت ريحانة، وحاولت الاحتماء ببعض التجار في الحي الذي أغلب سكانه من العرب، ولكن لا أحد – حسب قولها - حماها من اللذين اعتديا عليها، واللذين فرّا دون أن تتمكّن من معرفتهما. لم تصب المؤلفة بأذى، إذ إن النار لم تشتعل فيها وأعلنت أنها تلقت قبل أيام من الاعتداء عليها تهديدات، وأنّ أشخاصا سبق أن شتموها في الشارع ونعتوها بـ “العاهرة”، مؤكدة أنّ هناك علاقة بين مسرحيتها التي تعرض حاليا في باريس وتشهد إقبالا خاصة من النساء الجزائريّات المهاجرات وبين الاعتداء الذي تعرضت له. وقالت ريحانة (45 عاما) أنّ ما ورد في المسرحيّة من حديث عن أوضاع المرأة الجزائرية هو عين الحقيقة كما سمعته من نساء جزائريات، وأنها تروي قصص نساء تعرّفت عليهن، وأنها لا تعمّم ما جاء في المسرحية على كل النساء الجزائريات. وقد شهدت حادثة الاعتداء على المؤلفة تطورات كبيرة، إذ وصل الأمر إلى حد أن الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الفرنسية أدان بشدة الاعتداء الذي وصفه بـ “الإجرامي” وامتدح المسرحية التي قال إنها تعالج بشجاعة أوضاع النساء اللاتي هن ضحية العادات البالية، كما أن وزير الثقافة الفرنسي فريدريك ميتران أدان بدوره محاولة حرق الممثلة برشها بالبنزين معبرا عن تضامنه مع الممثلة والمؤلفة، وتم تكليف فرقة خاصة بمقاومة الإرهاب للتحقيق في القضية سعيا للقبض على الجناة ومحاكمتهم، كما واصلت المؤلفة والممثلة ريحانة عرض مسرحيتها، معلنة أنها بذلك تريد أن تبين للمعتدين أنها لا تخافهم
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©