الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فيلم كوميدي يدعو للبكاء

فيلم كوميدي يدعو للبكاء
24 نوفمبر 2010 19:48
أعاد الفيلم السينمائي الجديد “عائلة مكي” نوعية من الأفلام كادت تختفي، فهو يعيد الى الأذهان أفلاما لا تنسى مثل “ام العروسة” و”الحفيد” و”امبراطورية ميم” و”عائلة زيزي” ويقدم نسخة عصرية لحياة شريحة كبيرة من الأسر المصرية التي تنتمي الى الطبقة المتوسطة بكل أزماتها ومشاكلها. دخل فيلم “عائلة مكي” سباق أفلام عيد الفطر بمجموعة من المواهب الجديدة معظمهم يسجل اسمه لأول مرة بطلا على الشريط السينمائي والفيلم قصة وسيناريو عمر جمال في تجربته الثانية بعد فيلم “أوقات فراغ” واخراج اكرم فريد وبطولة لبلبة واحمد فؤاد سليم ورجاء حسين وسامي مغاوري وضياء الميرغني وحسن حرب وعمرو عابد وايريني فادي وسيف الدين طارق والطفل محمد طلعت واللبنانية تيتيانا. يتناول الفيلم حياة أسرة بسيطة تقرر المشاركة في مسابقة لأحد البرامج التليفزيونية عن “الأسرة المثالية” وهو الاسم الأول للفيلم الذي تم تغييره ليصبح “عائلة مكي” الأكثر جاذبية تجاريا وتدور الأحداث في يومين معظمها داخل مسكن الأسرة، الأب احمد فؤاد سليم لواء في القوات المسلحة والأم لبلبة “مريم” سيدة محجبة مثل غالبية النساء وهي مديرة الشؤون القانونية بإحدى المصالح الحكومية، والأسرة تضم خمسة أبناء الكبير “مصطفى” (حسن حرب) ضابط شرطة حديث التخرج ويبدو انه لا يحب مهنته ويتمنى لو يمتلك مئة ألف جنيه ليتمكن من تقديم استقالته والثاني “ماجد معجزة” (عمرو عابد) طالب متعثر بكلية الهندسة و”ميادة” (ايريني فادي) طالبة الثانوي التي تبحث عن حبيب عبر النت وتشعر بمشاكل المراهقة ولا ترضى عن شكلها وتحلم بإجراء عملية تجميل أما الابن الرابع “مازن” (طارق سيف الدين) فهو مجنون بكرة القدم ويمر بمرحلة التحول التي يريد فيها إثبات رجولته وقوته من خلال الدخول في معارك مع زملائه ويستعين بأحد البلطجية ويعجب به ويراه رمزا للجدعنة واصغر أبناء الأسرة “مختار” (محمد طلعت) الذي يطلق على نفسه “ميكي” وعمره لا يتعدى 6 سنوات فهو طفل ذكي ولكنه بالغ الشقاوة ومتعته هي إلقاء البيض على المارة والسيارات اسفل شرفة المنزل، وتقيم مع الأسرة في نفس المنزل الجدة الكفيفة رجاء حسين. منذ البداية نجد الأم “لبلبة” منهكة بالعديد من الأعباء وتحاول ان تؤدي كل المطلوب منها على اكمل وجه فهي تمارس عملها بكفاءة وثقة وترعى والدتها الكفيفة وتهتم بمشاكل أبنائها المتعددة وتتحمل العديد من الضغوط بصبر وحكمة وتبدو دائما مرهقة منهكة بينما نرى دور الاب يقتصر على إملاء التعليمات والنصائح فهو يشعر بالخوف الشديد على ابنائه من ذلك القط الصغير الذي التقطوه واصبح يشاركهم الحياة ويصر على ان يذهب به الى الطبيب ليتأكد من خلوه من الأمراض حرصا على صحة ابنائه والمفارقة التي تبنى عليها الأحداث هي أن كلا من الاب والام يتصور أن أسرته مثالية فكلاهما يخلص قدر استطاعته في توفير الحياة الكريمة لهم. اما الابناء فكل منهم يمثل مشكلة وأزمة يعيشها المجتمع، الابن الاكبر “مصطفى” ضابط الشرطة سلوكه يتسم بالصبيانية ولا يشعر بالمسؤولية ونكتشف انه يوهم والدته بأن سيارتها معطلة بينما يقوم بفصل بطارية السيارة يوميا واعادتها بعد خروج والدته للعمل ليقضي بها مشاويره الخاصة ولا يتردد في دعوة صديقته الى منزله بعد تأكده من غياب الجميع عدا الجدة الكفيفة “رجاء حسين” التي أدت دورها ببراعة وتلقائية متميزة، بينما يفتخر الأب والأم بالابن الثاني “ماجد معجزة” الذي كان دائما متفوقا في دراسته والتحق بإحدى كليات الهندسة ويوهمهم بأنه بالسنة الرابعة فتكتشف الأم انه مازال بالسنة الثانية واعتذر لعامين متتاليين عن الامتحانات ويقضي وقته في لعب “البلاي ستيشن” والجلوس على المقاهي، وفي حجرة الابنة “ميادة” ترصد الكاميرا مشكلة العزلة والاحساس بافتقاد الاهتمام من فتاة في عمر المراهقة تبحث عن كلمة حب وتشعر بأنها تفتقد الجمال لانها ليس لها صديق مثل غيرها وعبر “الشات” تختار كل يوم حبيبا جديدا ولا تمانع في دعوة احدهم الى منزلها لمجرد أنها تحلم بأن يحتضنها بحنان، وبينما تتابع الأم مشاكل ابنها “ماجد” بعد أن اكتشفت انقطاعه عن الدراسة نرى “مازن” طالب الإعدادي وقد تعرض لمشاجرة مع زملائه بسبب مباراة كرة قدم تطورت الى معركة استعان فيها الطرفان بالبلطجية ولا تنتهي أحدات اليوم قبل ان تتلقى الأم اتصالا من مدرسة الابن الاصغر “ميكي” الذي أوهم زملاءه بوجود كنز اثري في فناء المدرسة فاندفع الجميع في اعمال الحفر والتنقيب عن الكنز. مما يجعل مديرة المدرسة تستدعي والدته لتبلغها بسلوك ابنها المخالف للتعليمات. ونرى الأم المنهكة بعد يوم طويل حافل بالعمل والمشاكل تنتقل بين جامعة الابن ومدارس الأبناء الثلاث لتكتشف أن الأبناء لم يذهبوا الى مدارسهم فقد فضلت الابنة “ميادة” العودة للمنزل بعد ان خرج الجميع لتتخفى من جدتها الكفيفة وتتواصل مع الشباب عبر الشات و”مازن” طالب الإعدادي قفز من سور المدرسة بعد الحصة الثانية لإحضار بلطجية يشاركونه المعركة مع زملائه ووسط تلك الأحداث تتلقى مكالمات من اسرة البرنامج التليفزيوني لتصوير الحلقة قبل الأخيرة في مسابقة الأسرة المثالية. وتكون المفارقة الأكبر في نهاية الفيلم عندما يطلب معد البرنامج من الأسرة دفع رشوة مالية قيمتها مئة ألف جنيه وهي قيمة الجائزة ويستعرض لهم المزايا المادية التي ستعود عليهم بعد الفوز بلقب “الأسرة المثالية” خاصة أن معظم المشاركين يدفعون. وكان من الممكن أن يكتفي الفيلم بهذه المفارقة لكنه أراد أن يدين تلك الأسرة بعد أن تعاطف معها المتفرج فتكون النهاية صورة فوتوغرافية يصحبها خبر إعلان فوز “عائلة ميكي” بالمسابقة مما يعني قبولهم دفع الرشوة. نجح السيناريست عمر جمال في طرح فكرة مثيرة وثرية وتناول مشاكل عصرية واقعية تعيشها معظم الأسر واستخدم لغة قريبة جدا من مفردات الشباب وان كانت جديدة على الشاشة وانتقد السيناريو العديد من الظواهر الاجتماعية خاصة تفشي الرشوة والفساد واستطاع المخرج اكرم فريد اعادة اكتشاف نفسه ليقدم صورة سينمائية مختلفة عن رصيده من الأفلام التجارية ويحسب له اختياره لفريق الممثلين وتحريكه لمجموعة من الوجوه الجديدة بينهم أطفال ليظهر أداؤهم متميزا، خاصة الطفل محمد طلعت “ميكي” كذلك حسن حرب وايريني فادي وطارق سيف الدين. أما أداء لبلبة فقد جاء ليؤكد انها قادرة على التعبير عن كل الانفعالات الظاهرة والباطنة والانتقال من حالة الى حالة بسلاسة وتلقائية. وبأسلوبه البارع قدم احمد فؤاد سليم دور الأب الرصين الذي لا يعرف الكثير عن أبنائه ويتصور انهم بالفعل أسرة مثالية أما رجاء حسين فقدمت اجمل أدوارها بأداء ناعم وصادق بعيدا عن المبالغة ولعب مهندس الديكور كمال مجدي دورا في تعزيز المصداقية بلمساته الذكية في اختيار الأثاث وديكورات منزل الأسرة الذي دارت فيه غالبية الأحداث وتنوعت الموسيقى التصويرية لعمرو اسماعيل لتواكب الأحداث الدرامية بتناغم ورشاقة. ونجح مدير التصوير رؤوف عبدالعزيز في إضافة الحيوية من خلال لقطات تلاحق فيها الكاميرا المحمولة الأبطال مما أعطى الصورة مساحة اكثر رحابة من جدران المنزل ورغم الجهد الذي بذلته المونتيرة مها رشدي في تحقيق الإيقاع المتوازن يظل المخرج شريكا مسؤولا عن افتقاد الدهشة والإثارة التي تثري الصورة السينمائية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©