السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ميشال هولبراك: العرب «وحوش»!

ميشال هولبراك: العرب «وحوش»!
24 نوفمبر 2010 19:50
فاز ميشال هولبراك بجائزة “غونكور” لعام 2010 عن روايته: “الخريطة والأراضي”، وهي أهمّ جائزة أدبية فرنسية، والكاتب الفائز معروف بعنفه اللفظي والجسدي أيضا، وهو يكنّ عداء سافرا للإسلام والمسلمين، واظهر في روايته “المنصّة” مستوى هابطا لما تضمنته من نفس تحريضي ضد العرب، وهو لا يترك فرصة في أحاديثه الصحفيّة أو رواياته أو كتاباته إلا وسخر من العرب ومن المسلمين والفلسطينيين، معتبرا بكل صلف ووقاحة: “إن الغرب هو حامل حضارة والعرب هم وحوش”، وفي مقطع من رواية “المنصة” يقول أحد شخوصه: “في كل مرة أتلقى فيها نبأ مقتل مسلح فلسطيني بالرصاص، أو طفل أو امرأة فلسطينية حامل في غزة، فإن شعورا بالغبطة كان دائما يغمرني”. هناك الكثير من رجال الفكر والثقافة في فرنسا تصدوا له وردوا عليه وهاجموه وفضحوه مثل جان فرانسوا باتريكولا الذي ألف كتابا عنوانه “ميشال هولباك او الاستفزاز الدائم” ووصفه فيه: “بأنه رجل مريض، وإنه قصبة في ريح، لا أصدقاء له وكل قوته في قبضة يده، لا يملك ناصية الكتابة. إنه تافه، حقير، كذاب ولكنه ناجح إعلاميا”، ولا بد من الإشارة إلى أن والدة هولباك تقاطعه وتعتبره ابنا عاقا بعد أن ادعى باطلا إنها ماتت، وشتمها في كتاب من تأليفه وعيّرها وفضح ما يدعيه أنها أسرارها، وقد ردت عليه في كتاب عنوانه: “البريئة” كشفت فيه زيفه وكذبه وشككت في موهبته الأدبية وقالت عنه “بأنه وصولي وانتهازي وأنه مستعد لفعل أي شيء ليصبح ثريا وشهيرا”. جدل ولقد أثار فوز هولباك بأهم جائزة أدبية فرنسية جدلا كبيرا في الأوساط الثقافية والفكرية، ورأى البعض إنه لا يستحقها وهو الذي سعى إليها ورشح نفسه لها مرات عديدة في السابق ولم ينلها، ومن بين أشد المعارضين لمنح الجائزة لهولباك الروائي المغربي المقيم بفرنسا الطاهر بن جلّون (66 عاما) والذي سبق أن فاز عام 1987 بجائزة “غونكور” عن روايته “اللّيلة المقدّسة”، وهو اليوم عضو في لجنة إسناد هذه الجائزة منذ عام 2006، وهو بالطبع لم يمنح صوته لفائدة هولباك بل إنه أعلن صراحة أنه أضاع ثلاثة أيام من عمره في مطالعة روايته وكان مجبرا على ذلك بصفته عضو لجنة تحكيم الجائزة ومطالب بمطالعة كل الروايات المترشحة لها، ووصف رواية هولباك بأنها “مجرد ثرثرة” وأنها تافهة، وهو رأي يشاركه الكثيرون فيه، ولكن هناك أيضا من انبرى مدافعا عن هولباك في سعي لابراز موهبته الأدبية. ثلاث نساء والحقيقة إن الكثيرين من الأدباء والمثقفين الفرنسيين يشتكون من منح الجائزة في سنوات سابقة إلى روائيين يكتبون باللغة الفرنسية ولكنهم ليسوا فرنسيين على غرار الطاهر بن جلون وأمين معلوف (يحملان الجنسية الفرنسية ويقيمان في فرنسا) وغيرهما كثير، ففي العام الماضي فازت ماري ندايMarie Ndiaye، وهي من أب سنغالي وأم فرنسيّة بجائزة “غونكور” لعام 2009 عن روايتها “ثلاث نساء قويّات”، والمؤلّفة (43 عاما) هي أول امرأة تفوز بهذه الجائزة الشّهيرة منذ عشرة أعوام، وماري نداي لها روايات سابقة، ولها أيضا مسرحيّات وقصص قصيرة، وروايتها الفائزة بالجائزة تروي قصّة ثلاث نساء: نورة امرأة في الأربعين من عمرها تعود إلى إفريقيا بعد سنوات من الإقامة والهجرة في فرنسا، والقصّة تدور حول علاقتها بوالدها واكتشافها لتحولات اجتماعية أذهلتها، وتصف نورة بلغة تجمع بين البساطة والشاعرية اللقاء الذي جمعها بوالدها بعد عودتها إلى السنغال من فرنسا، وتحلّل من خلال وصفها الدقيق شخصية والدها وما طرأ عليه من تغيير خلال سنوات غيابها عنه في فرنسا، ويتخلل كل ذلك سرد لبعض ذكرياتها يوم كانت فتاة مراهقة. وفي حديث نورة عن والدها تختلط عواطف الحبّ والثقة والإعجاب بالنقد، فوالدها كان رجلا معجبا بنفسه، ميسور الحال، وبيته يستقبل عددا كبيرا من أفراد الأسرة الموسعة. والرّوائيّة تقدّم صورة ـ من خلال نورة ووالدها ـ عن المعادلة بين الأصالة والمعاصرة، بذلك فإن كتابها هو بشكل ما عن الهويّة. أمّا المرأة الثّانية، “فانتا” فهي تدرس الفرنسيّة بـ”داكار”، ووجدت نفسها مجبرة على أن تسافر مع الرجل الّذي اقترنت به إلى فرنسا، والذي عجز عن تأمين حياة كريمة لها في المهجر، أما المرأة الثالثة واسمها “غادي” فهي أرملة شابة بدون دخل، حاولت الالتحاق بقريبة لها تقيم وتعمل في فرنسا، وتلاقي في رحلتها كلّ أنواع المشاكل والعذاب، والقاسم المشترك بين النساء الثلاث هو سعيهن للحفاظ على كرامتهن وصمودهن أمام الإهانات التي ألحقتها بهنّ الحياة والناس. مغازلة الغرب والحقيقة إن جائزة “غونكور” الأدبية ليست جائزة بريئة فقد تم منحها عام 2008 إلى عتيق رحيمي وهو أفغاني بقيم في باريس عن روايته: “حجر الصبر” وهي رواية تتحدث عن الحرب وضحاياها في أفغانستان على امتداد ثلاثة أجيال بأكملها، وربح الجائزة بالتصويت (7 أصوات ضد 3) والرواية الفائزة بالجائزة تروي قصة امرأة أفغانية معذبة، وهي جالسة عند فراش زوجها المريض المحتضر تبوح بغضبها وتكشف عن ألمها كزوجة مطيعة. ونجاح الرواية يمكن تفسيره بهذه الرغبة لدى الجمهور الغربي لفهم أفغانستان، فالوضع في أفغانستان خدم الرواية وخدم المؤلف، والسبب الثاني لنجاح هذه الرواية هو حاجة الفرنسيين لإعطاء نفس جديد للفرانكفونية وإبراز كتاب غير فرنسيين يبدعون أدبا باللغة الفرنسية، ورحيمي كتب روايته الفائزة باللغة الفرنسية في حين أن رواياته الثلاثة الأخرى ألفها بالفارسية. ولا يخفي الكاتب مواقفه السياسية، فهو ضد الشيوعية أو كما يسميه الرعب الأحمر، وضد طالبان، ولم يصرح إن كان مناصرا للنظام الحالي أم لا ولكن يظهر أنه من أنصاره، فهو يتعاون حاليا مع قناة تلفزيونية أفغانية خاصة. لقد كان عتيق رحيمي مجهولا ومغمورا ولا أحد يعرفه، فله في رصيده ثلاث روايات فقط ألفها بالفارسية، لكن فجأة وحال الحصول على جائزة “غونكور” صارشهيرا. والكاتب ـ كما يدعي ـ تعرّض للقمع بسبب مناصرته للنّظام الملكي وفر من أفغانستان إثر الهجوم السوفييتي على بلاده إلى الهند حيث تعلم السينما وتخصص في الأفلام الوثائقية، وكانت روايته الأولى التي تولى هو نفسه إخراجها للسينما هي: “أشجار ورماد” DES arbres et des cendres، وسبق أن تحصّل على جائزة أدبية في إيران مخصصة للآداب الأجنبية. وما فتئ رحيمي يكرر بأنه يقف عاجزا عن فهم تاريخ بلاده المعقد، ذاكرا أنه لما كان تلميذا بأحد معاهد كابول كان مدمنا على مطالعة الكتب الكلاسيكية والفارسية، ويغازل الفرنسيين بالقول إن حبه للغة الفرنسية يعود إلى فترة مراهقته عندما اكتشف ترجمة لكتاب: “البؤساء” لفيكتور هيجو، وأنه وجد في الرواية قدرة الكلمات على نقل الأفكار. ويواصل عتيق مغازلة الفرنسيين بالإشارة إلى إعجابه بالشاعر والفيلسوف الأفغاني سيد بهاء الدين مجروح الذي قال ـ في مقال له عنه ـ إنه تم اغتياله وهو في الستين من عمره ممن أسماهم بـ”الإسلاميين” عام 1988 وهو يصنفه كأكبر كاتب أفغاني معاصر، ويواصل عتيق التودد إلى الغرب بتبنيه الصورة التي يريدها من خلال إبراز الجوانب التي يبحث عنها من ذلك مثلا أنه أطنب في مقال له نشره بـ”المجلة الأدبية” الفرنسية في شرح ما فعله “مجروح” عندما جمع القصائد الشعبية للنساء الأفغانيات من البشتون، مؤكدا أن الأديب الأفغاني لم يفعل ذلك بدافع الانحياز إلى إثنية دون أخرى أو لغة دون أخرى، إنما ما يهمه هو إبرازه بجرأة أن هؤلاء النّسوة ـ مثل نساء العالم ـ لهن جسد مقموع ولكنه مليء بالرغبات، جسد يصرخ ضد قوانين الشرف مستشهدا ببيت لشاعرة من البشتون جاء به: “ضع شفتيك على شفتي وأترك لساني حرّا... ليحدثك في الحبّ”. سئل عتيق رحيمي إن كان محافظا على ديانته الإسلامية فأجاب بالحرف الواحد: “إني بوذيّ” وتملص من ديانته توددا للغرب وطمعا في المحافظة على المكانة التي أصبح يحظى بها بعد أن كان نكرة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©